المطران عطا الله حنا: المطالبة بوقف الحرب واجب إنساني وأخلاقي بالدرجة الأولى
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
قال المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس لدى لقائه مجموعة من أبناء الرعية الأرثوذكسية لدى زيارتهم لنهر الأردن (المغطس) وذلك بمناسبة عيد الغطاس، بأننا سعداء بوجودكم في هذا المكان المقدس، وان كنا نعيش أياما مليئة بالآلام والأحزان والمعاناة بسبب الاوضاع الراهنة وبسبب استمرار الحرب وإمكانية توسعها.
وأضاف “حنا”، باننا كنا ومازلنا وسنبقى دعاة سلام ومحبة واخوة رافضين لمظاهر العنف والقتل والحروب ونعتقد بأن الحروب انما هي تتناقض والارادة الالهية، فالله لم يخلق الانسان لكي يعيش في اوضاع الحروب والقتل والدمار بل لكي يعيش بهدوء وطمأنينة وسلام، ولذلك فإننا نرفع الدعاء في هذا المكان المقدس وفي هذا العيد المبارك من اجل ان تتوقف هذه الحرب سريعا حقنا للدماء ووقفا للدمار ومن اجل هذه البقعة المباركة من العالم ولكي ينعم شعبنا بسلام طال انتظاره.
وتابع “ حنا”: لسنا تابعين لاية جهة سياسية ولسنا في جيب احد ولا نسمح لاحد بأن يملي علينا ماذا يجب ان نقول وماذا يجب ان نفعل، فمواقفنا نابعة من قيمنا الايمانية والانسانية وعراقة وجودنا وانتماءنا لهذه الارض المقدسة.
وتابع، الفلسطينيون يستحقون الحرية مثل باقي شعوب العالم ولا يجوز ان نبقى في هذه الحالة من الالام والمعاناة والاحزان والدماء ومن الاهمية بمكان ان تتحقق العدالة في ارض غيبت عنها العدالة ولسنين طويلة لكي ينعم شعبنا الفلسطيني بحرية طال انتظارها.
وقال المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس، ان هذا النهر المقدس كما وكافة الاماكن المقدسة في بلادنا انما تذكرنا بعراقة وجودنا المسيحي فنحن لسنا جالية او اقلية او عابري سبيل في هذه الارض المباركة بل نحن ننتمي الى هذه الارض بكل جوارحنا وجذورنا عميقة في تربتها كشجرة الزيتون التي ترمز الى السلام ولكن جذورها العميقة في تربة هذه الارض انما تشير الى عراقة وجودنا واصالة انتماءنا في هذه البقعة المباركة من العالم.
وتابع: من هنا نبعث برسالة سلام ومحبة لكل شعوب الارض مطالبين اياهم بان يلتفتوا الى فلسطين وشعبها المظلوم وخاصة الى غزة المنكوبة فالمطالبة بوقف الحرب هي واجب اخلاقي وانساني بالدرجة الاولى.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ارثوذكس الاماكن المقدسة شجرة الزيتون فلسطينيون هذه الارض
إقرأ أيضاً:
حرب تجارية تُشعل العالم
حاتم الطائي
◄ الحرب التجارية الشعواء ستأكل الأخضر واليابس وسيكتوي الجميع بنيرانها
◄ خسائر تريليونية للشركات الأمريكية في أقل من 4 أسابيع
◄ سياسات ترامب المتطرفة تقضي على فكرة "العولمة الاقتصادية" والسوق المفتوح
لن تسلم أي دولة في العالم من نيران الحرب التجارية التي يُشعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويُخطئ من يظن أنَّه في منأى عن تداعيات مثل هذه السياسات الحمائية المتطرفة التي تنطلق من دوافع سياسية في الأساس، وليست اقتصادية، كما تزعم الإدارة الأمريكية الجديدة، إذ إنَّ جميع المؤشرات تُؤكد أن شظايا القصف المُتبادل في الحرب التجارية الجارية حاليًا بين أمريكا وعدد من دول العالم، وأهمها: الصين وكندا والمكسيك، ستطال كل الاقتصادات حول العالم، لا سيما وأن التقديرات تُشير إلى أنَّ النمو الاقتصادي العالمي قد ينخفض هذا العام فقط بنحو 0.75%، بينما ستفقد التجارة الدولية 3% من قيمتها.
قد يُجادل بعض الاقتصاديين في مصطلح "الحرب التجارية"، لكن المُؤكد أننا أمام أزمة اقتصادية تلوح في الأفق، بينما لم يتعافى الاقتصاد العالمي بصورة كاملة، بعد سنوات عجاف تسببت فيها جائحة كورونا والركود الذي ضرب أنحاء العالم. ومن المفارقات أنَّ هذه الحرب التجارية ليست وليدة اللحظة؛ بل كانت نيّة مُبيّتة لدى الرئيس الأمريكي خلال فترة ترشحه للانتخابات؛ حيث ظل يستخدم ورقة التهديد بالرسوم الجمركية لاكتساب المزيد من الأصوات، وخاصة الأصوات اليمينية، واستغل ذلك برفع شعار "أمريكا أولًا" و"لنجعل أمريكا عظيمة مُجددًا"، وهي شعارات منفصلة تمامًا عن الواقع الذي نعيشه اليوم، فالولايات المتحدة ليست مجرد دولة عادية في هذا العالم، بل إنها أكبر اقتصاد بقيمة لا تقل عن 28.7 تريليون دولار، وهو ما يمثل ربع الاقتصاد العالمي البالغ 110 تريليونات دولار، ولذا فإنَّ أي اهتزاز لهذا الاقتصاد يضر بالعالم من حوله.
ويكفي أن نعلم أنه منذ أن بدأ الرئيس ترامب شن حرب الرسوم الجمركية، تكبدت البورصة الأمريكية خسائر فاقت 5.5 تريليون دولار في أقل من 30 يومًا، والتوقعات تُرجِّح اضطرابات في الدورة الاقتصادية العالمية، وموجات من التقلبات في حركة التجارة العالمية، ولا ننسى أنه في المقابل أن الدول التي تتعرض لرسوم جمركية مرتفعة، سلسلة من الرسوم المضادة، من باب المعاملة بالمثل، وسنظل في دوامة من الرسوم والرسوم المضادة، حتى تضع هذه الحرب أزارها، ومرة أخرى سيلحق الضرر الجميع.
ترامب بطبيعته الشعبوية واليمينية المتطرفة، لن يتراجع عن فرض المزيد من الرسوم، خاصة وأنها تُحقق له أهدافه الأخرى، وتسمح له بتنفيذ أجندته، لكن من المدهش أن ترامب لا يعي بالدرجة الكافية أنَّ هذه الرسوم الجمركية سلاح ذو حدين، فهي من جهة قد تحقق له أهدافه أو تساعده في الضغط على خصومه، لكن من جهة أخرى، ستتسبب في موجة تضخم نتيجة ارتفاع أسعار الواردات من الدول المفروض عليها هذه الرسوم، ومن ثم انخفاض التضخم، وهذه عوامل ضارة للغاية بالاقتصاد الأمريكي ومن ثم الاقتصاد العالمي بالتبعية. لذلك ترامب لا يرى سوى بعين واحدة، وهي عين تركيع الخصوم وإذلالهم، لكن المؤكد أنَّ الدول الأخرى لن ترضخ لمثل هذه الضغوط الاقتصادية، فمثلا كل من كندا والمكسيك تُصدِّران إلى أمريكا سلعًا بما قيمته 893 مليار دولار، ومع فرض رسوم بنحو 25% فإن ثمة مخاطر اقتصادية وتجارية هائلة ستضُر بالاقتصاد الأمريكي الذي يعتمد على هذه الواردات في الكثير من الصناعات، علاوة على ما ستُحدثه من تضخم في الأسعار يكتوي به المستهلك الأمريكي.
مثل هذه السياسات الحمائية المتطرفة تتنافى تمامًا مع قواعد منظمة التجارة الدولية، وتتعارض مع النهج الرأسمالي الليبرالي الذي تجسده الولايات المتحدة الأمريكية، بل وكانت قائدة له، فضلًا عن تسبب مثل هذه الممارسات في نسف فكرة "العولمة الاقتصادية" واقتصادات السوق المفتوح، وتداعيات ذلك على النمو الاقتصادي في البلدان الأخرى.
ويبقى القول.. إنَّ العالم اليوم لن يحتمل تبعات مثل هذه الحرب التجارية الشعواء، لا سيما في ظل الظروف العصيبة التي تعصف بالكثير من المناطق والصراعات المشتعلة في أرجائه، والولايات المتحدة باعتبارها أكبر اقتصاد في العالم، يتعين عليها التحلي بالمسؤولية وتهدئة المخاوف العالمية؛ إذ لا ريب أنَّ الاقتصادي سيكون المتضرر الأكبر من تبعات هذه الحرب، وعلى الرئيس ترامب أن يُدرك أن سياسات فرض الأمر الواقع بالقوة المُتغطرِسة لن تُجدي نفعًا، ولن تُفيد أي طرف مهما كان، فما أحوجنا اليوم إلى التكاتف في مواجهة التحديات، والعمل المشترك من أجل خير البشرية والناس أجمعين.
رابط مختصر