حرب إسرائيل على غزّة وحرب إيران على جيرانها!
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
بعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على العدوان الإسرائيلي على غزّة، قرّر الحرس الثوري الإيراني الرد، لكنّه قام خلال الأسبوع المنصرم بقصف ثلاثة بلدان إسلامية هي العراق وسوريا وباكستان، مستخدماً صواريخ بالستية ومسيّرات انتحارية. وفي سياق تبريره لهذه الهجمات، قال الحرس الثوري إنّ الهجمات تأتي في إطار "محاسبة من تعرضوا لأمنها القومي"، مشيراً إلى الهجمات استهدفت ما وصفها بـ"مواقع تجسّسيّة وإرهابية معادية في المنطقة".
وزعمت إيران أنّها استهدفت مقّراً للإستخبارات الإسرائيلية (الموساد) في شمال العراق، وضربت أهدافا لجماعات إرهابية في سوريا وباكستان من بينها جماعة جيش العدل في إقليم سيستان بلوشستان داخل الأراضي الباكستانية. ودخلت الهند على معادلة التوتر الإيرانية ـ الباكستانية فيما بدا أنّه تأييد لضربات الحرس الثوري لأهداف داخل الأراضي الباكستانية.
أرادت إيران من خلال هذه الهجمات أن تستعرض عضلاتها وأوراقها، وأن ترسل رسائل في عدّة إتجاهات من بينها أنّ لديها صواريخ بالستية دقيقة وبعيدة المدى قادرة على ضرب أي مكان في المنطقة، وأن لديها الإرادة والعزيمة على إتخاذ قرار بمهاجمة أي مواقع في أي مكان في الإقليم حتى لو كانت داخل أراضي قوّة نووية، وأنّ لديها القدرة على التنفيذ دون تردّد. أنصار إيران إحتفوا بهذه الضربات وبقدرة إيران العسكرية فيما بدا انّه مهرجان دعائي إستجابة لضرورة الرد على الضغط الداخلية التي تتعرض لها إيران.
لكن التباهي الإيراني بهذه الهجمات وبقدرات إيران العسكرية سرعان ما تحوّل الى نقمة على طهران. إذ أثارت الهجمات التي نفّذها الحرس الثوري ردود فعل رسمية وشعبية ساخطة. ففي العراق، فنّد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي المزاعم الإيرانية مشيراً الى أنّه "لا أساس لها من الصحة". أمّا وزير الخارجية العراقية فقد ذهب أبعد من ذلك ليشير الى أنّ إيران لا تريد او لا تستطيع أن تضرب إسرائيل، لذا فهي تبحث عن كبش فداء أو ضحايا حولها، ولذلك قاموا بقصف إربيل. على المستوى الشعبي، برزت دعوات لمقاطعة إيران والبضائع الإيرانية.
في باكستان، أثارت الهجمات زوبعة من ردود الأفعال وسط ضغوط شعبية على الجيش للقيام بالرد على هذا الإستفزاز غير المبرر. تعدّي إيران على السيادة الباكستانية ودخول الهند على خط الأزمة أيضاً إستنفر المشاعر القومية. سكوت إسلام أباد كقوّة نووية على مثل هذا التعدّي سيُفهم من قبل الأصدقاء والخصوم على حد سواء على أنّه ضعف، وقد يفتح الباب أمام جميع الأطراف للتصعيد ضد باكستان.
التصعيد الإيراني مع هذه الدول في هذا التوقيت العصيب الذي يشهد حملة إسرائيلية غير مسبوقة على الفلسطينيين، ادىّ إلى تشتيت الإنتباه عن جرائم إسرائيل وإشغال الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي باحتمالات اندلاع حرب إقليمية أخرى.وبالفعل، قام الجيش الباكستاني في وقت مبكر من صباح اليوم التالي باستهداف مواقع داخل الأراضي الإيرانية من خلال صواريخ أرض-جو تمّ إطلاقها من مقاتلات باكستانية بعد رصد الأهداف المطلوب في العمق الإيراني باستخدام المسيّرات. وتعتبر هذه الواقعة الأولى من نوعها منذ الحرب العراقية- الإيرانية. اذ لم يسبق لأي دولة أن قصفت العمق الإيراني بعد العراق، مما ولدّ صدمة لدى الإيرانيين الذي توهّموا أنّ لطهران اليد العليا.
المغامرة الإيرانية مع باكستان وقصف كل من العراق وسوريا أدّى الى ردود فعل عكسية لم تكن في الحسبان. فالتصعيد الإيراني مع هذه الدول في هذا التوقيت العصيب الذي يشهد حملة إسرائيلية غير مسبوقة على الفلسطينيين، ادىّ إلى تشتيت الإنتباه عن جرائم إسرائيل وإشغال الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي باحتمالات اندلاع حرب إقليمية أخرى.
علاوةً على ذلك، فقد أظهر الرد الباكستاني داخل الأراضي الإيرانية أنّ منظومة الدفاع الإيرانية ركيكة وغير فاعلة، كما استدعى المناورة الإيرانية التي تهدف من خلالها الى التهرّب من مواجهة الخصوم الحقيقيين المفترضين في الوقت الذي تضرب فيه جيرانها. قد نسف الرد الباكستاني صورة "إيران العظمى" التي حاول الحرس الثوري الإيراني رسمها في الأذهان، وبالتالي أفرغ الرد الإيراني من مضمونه فضلا عن تقويض سردية الردع الإيرانية.
أمّا صورة إيران التي حاولت طهران تحسينها بعد العدوان الإسرائيلي على غزّة من خلال الإلتصاق بورقة المقاومة، فقد تدهورت هي الأخرى بعد العدوان على الدول الإسلامية الثلاث، وتخطّت الإطار المذهبي الى الإطار الأوسع، إذ أنّ شرائح واسعة من الشيعة في العراق وباكستان شعرت بالاهانة والإستفزاز من الموقف الإيراني ممّا أشعل الشعور القومي من جديد فضلاً عن الصورة الذهنيّة السيّئة أصلا عن صورة ودور إيران لدى غالبية المسلمين بعد دورها السيء السمعة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
الرد الباكستاني وضع إيران في موقف لا تُحسد عليه، وبدأ البعض يتساءل عن جدوى الهجمات التي شنتّها طهران على هذه الدول وعمّا إذا كان المقصود منها التهرّب من الإشتباك المباشر مع الدول التي من المفترض أنّ إيران في علاقة خصومة معها، أي إسرائيل والولايات المتّحدة.
من الواضح أنّ إيران وقعت في خطأ قاتل في الحسابات، وهذه ليست المرّة الأولى التي تفعل فيها ذلك، إذ أدّت أخطاء سابقة إلى خسائر موجعة لإيران وحلفائها كان من بينها العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006، وأيضا التصعيد الإيراني في الخليج عام 2019 والذي إنتهى بمقتل قاسم سليماني لاحقاً، فهل ستواصل إيران حساباتها الخاطئة؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيراني الباكستانية الرأي إيران باكستان علاقات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرس الثوری داخل الأراضی من خلال
إقرأ أيضاً:
احتمالات هجوم إسرائيل على النووي الإيراني تتزايد في 2025
رأت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن الهجوم الإسرائيلي المُحتمل على البرنامج النووي الإيراني قد يغير شكل الشرق الأوسط في 2025، مشيرة إلى أن الوضع تحول فجأة خلال 2024، وزاد احتمال ضرب إسرائيل المنشآت النووية إما عن طريق الغارات الجوية أو عن طريق عمليات للقوات الخاصة.
وقالت جيروزاليم بوست في تحليل إن الطريقة التي قد تهاجم بها إسرائيل البرنامج النووي وتدمره قد تغيرت خلال الأشهر التسعة الأخيرة. ولفتت إلى أنه قبل التاسع عشر من أبريل (نيسان)، كان الهجوم على البرنامج النووي الإيراني ممكناً من الناحية النظرية باستخدام قدرات إسرائيل الخفية للقضاء على أنظمة الرادار المضادة للطائرات المتطورة "إس 300" في إيران، تليها موجات من الضربات على مواقع رئيسية للبرنامج النووي.ويتمثل الهدف الإسرائيلي في تعطيل المنشأة الإيرانية "فوردو" تحت الأرض، وذلك من خلال إسقاط سلسلة من القنابل التي يبلغ وزنها 5 آلاف رطل، واحدة تلو الأخرى على المكان نفسه.
مَن تضرب إسرائيل أولاً ...الحوثيين أم إيران؟https://t.co/S9d7CLQD9f pic.twitter.com/8LkFYH5QWQ
— 24.ae (@20fourMedia) January 7, 2025البرنامج النووي غير محمي
وأشار الموقع إلى أنه على مدى الأشهر القليلة الماضية، ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو بأنه المسؤول عن تدمير سلاح الجو الإسرائيلي لأنظمة الرادار المضادة للطائرات "إس 300" الإيرانية، في التاسع عشر من أبريل (نيسان)، ثم تدمير بقية الأنظمة في السادس والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول)، وهذا يعني أنه في أي لحظة، قد تشن إسرائيل غارة جوية على البرنامج النووي، الذي لا يتمتع بأي حماية حقيقية ضد مثل هذه الضربات في الوقت الحالي.
وبعبارة أخرى، فإن ما كان ليُنظَر إليه قبل عام باعتباره مهمة محفوفة بالمخاطر، أصبح الآن أمراً أنجزء جزئياً بالفعل من وجهة نظر عسكرية.
3 فزاعات إيرانية
وتقول الصحيفة إن طهران كان لديها 3 طرق رئيسية غير مباشر لإخافة إسرائيل وإبعادها عن مهاجمة برنامجها النووي، عن طريق إطلاق حماس حزب الله الصواريخ، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ باليستية قوية وخطيرة بشكل غير عادي من إيران نفسها.
تحجيم الأذرع الإيرانية
ولكن في الوقت الحالي، فإن حماس وحزب الله مشوشان، وبالتالي التنظيمان غير قادران على مساعدة الإيرانيين، وأشارت الصحيفة إلى أن طهران بنفسها أطلقت 300 صاروخ باليستي على إسرائيل في دفعتين منفصلتين في 13 و14 أبريل (نيسان)، والأول من أكتوبر (تشرين الأول)، ولم تتمكن من إلحاق الضرر بالإسرائيليين أو بالقوة الجوية الإسرائيلية على الرغم من ضرب بعض القواعد الجوية غير المأهولة.
ووفقاً للصحيفة، تمكنت إسرائيل من إسقاط الغالبية العظمى من تهديدات النظام الإيراني بالصواريخ الباليستية، لذا، حتى قبل الانتخابات الأمريكية، لم يعد الهجوم على البرنامج النووي الإيراني يحمل أي قدر قريب من نفس المخاطر، أو فيما يتصل بالرد الكابوسي الذي قد يتوقعه المرء من طهران.
موقف دونالد ترامب
وتقول إنه خلال الحملة الانتخابية الأمريكية، دعا الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إسرائيل علناً إلى ضرب المواقع النووية الإيرانية، ومنذ إعلان فوزه، ورد أنه مستمر في دعم مثل هذه الضربة، إذا لم تتراجع طهران عن تقدمها النووي بشكل جدي، كما وصل الأمر إلى أن عدداً من التقارير رجحت أنه سوف يمنح إسرائيل أخيراً القدرة على اختراق المنشآت النووية.
وتابعت جيروزاليم بوست: "على الرغم من الطلبات المتكررة من جانب إسرائيل، لم يفعل ترامب ذلك في ولايته الأولى، وحتى لو لم يفعل ذلك في ولايته التالية، فإن دعمه القوي للهجوم يخفف عن إسرائيل قدراً كبيراً من المخاوف الدبلوماسية التي كانت لديها بشأن مثل هذه العملية من جانب إدارة بايدن".
ستقلب التجارة العالمية.. حكومة #ترامب تستعد لخطط تعريفات "عالمية"https://t.co/pmuoQ6Ruph pic.twitter.com/1x0eS9Qk0p
— 24.ae (@20fourMedia) January 7, 2025 وأشارت إلى أنه يمكن الاعتماد على إدارة ترامب الجديدة لتزويد إسرائيل بمظلة دفاعية من الصواريخ الباليستية الإيرانية في أعقاب مثل هذا الهجوم، في حين أن رد إدارة بايدن في مثل هذا السيناريو كان يحمل علامة استفهام.
واختتمت الصحيفة تحليلها قائلة إن "كل الأحداث منذ أبريل (نيسان)، وحتى الكشف الأسبوع الماضي عن عملية مصياف، لا تترك مجالًا للشك أنه إذا كانت إسرائيل تريد مهاجمة البرنامج النووي الإيراني، فيمكنها أن تفعل ذلك، بطرق متعددة".