هذا ما يفعله الذين لا يعملون ولا يتركون غيرهم يعمل
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
توقفت أوساط سياسية مراقبة طويلًا عند مدلولات البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وفيه ردّ مباشر على منتقدي المواقف التي يتخذها حيال الحرب الضروس التي تشنّها إسرائيل منذ أكثر من مئة يوم ضد قطاع غزة، فاعتبرت أن ما يقوم به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هو السير بين النقاط الساخنة والحساسة، التي قد تلهب الساحة الداخلية أكثر مما هي ملتهبة، وقد تؤثّر سلبًا على المساعي المبذولة من أجل تجنيب لبنان تجرّع كأسٍ أمرّ من العلقم، وهو بالكاد يستطيع أن يسيّر أموره اليومية بالحدّ الأدنى المطلوب في مثل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها، إذ لا يطلع صباح إلاّ ويواجه اللبنانيون مشكلة جديدة لم تكن لتخطر على بال أحد، فتُضاف إلى هذا الكمّ الهائل من المشاكل التي يعاني منها كل مواطن أينما كان، باستثناء أولئك الذين "لا شغلة لهم ولا عمل" سوى الانتقاد لمجرد الانتقاد، وهم "لا يرون القذى في عيونهم ويعيّرون غيرهم بالقشة التي في عيونهم"، فيدينون في الوقت الذي يجب أن يكونوا هم المدانون، وذلك لوقوفهم حائلًا دون المساهمة في إضاءة ولو شمعة واحدة في الظلام الدامس، بل يكتفون بأن يلعنوا الظلام، وهم إن استحوا ماتوا.
ليس أسهل على المرء من ألا يقوم بأي عمل، ويكتفي بمراقبة الناس، ولكن مصيره في النهاية أنه سيموت همًّا. فهو لا يعمل ولا يريد أن يعمل، وبالتالي لا يترك غيره يعمل، والأنكى من كل ذلك أنه يتوسط الطريق ولا يزيح من درب الذين يعملون أو يريدون أن يعملوا بما يقدّر لهم من إمكانات ووزنات يسعون إلى مضاعفتها، وليس إلى دفنها وعدم استثمارها، وذلك من خلال ما يرونه مناسبًا للتقليل من الأضرار، التي يمكن أن تنجم عن أي قرار أو موقف قد لا يصبّ في نهاية المطاف في خانة المصلحة الوطنية، التي تتخطّى بمفهومها العميق أنوف الذين لا يتطلعون إلى أبعد منها.
فأي موقف يمكن أن يُتخذ على المستوى الرسمي لا يُرتجل، بل يكون نتيجة ما تجمّع لدى من يحمل بصدره كل الصدمات من معطيات ومعلومات مستقاة مما يرده من تقارير ديبلوماسية من أكثر من مصدر خارجي ومحلي، وهو "لا يمكن إدراجه سوى في سياق موقف متكامل واضح المقصد والرؤية، وأي اجتزاء أو تشويه لهذا الموقف لا يلغي الحقيقة الثابتة بأن مدخل الحل لكل أزمات المنطقة، هو في ارساء الحل العادل للقضية الفلسطينية. وما نشهده من توترات متنقلة بين الاراضي الفلسطينية وجنوب لبنان والبحر الاحمر وغيرها من الاماكن، يؤكد صوابية ما حذر منه دولته على الدوام ومطالبته بشمولية الحل لكل الازمات"، كما جاء في بيان مكتب رئيس الحكومة الإعلامي.
فمن يرى روما من فوق ليس كمن يراها من تحت. فالذين هم تحت غير قادرين على رؤية ما يمكن أن تكشفه الرؤية الشاملة من كل الزوايا المخفية على الذين لم تُعطَ لهم إمكانية الرؤية "البانورامية" الشاملة والواسعة الأفق. وهم وإن انتقدوا من يحاول بكل الوسائل المتاحة والممكنة أن يجنّب بلده المزيد من المشاكل، وأن يبعد عن جميع اللبنانيين ما يقلقهم وما يثير مخاوفهم وهواجسهم، إنما ينتقدون في لاوعيهم تقصيرهم في تحمّل جزء من المسؤولية وعدم إلقائها بالكامل على غيرهم، وهم يعرفون أكثر من غيرهم وفي قرارة أنفسهم أن ما يُعمل على الصعيد الحكومي هو أفضل الممكن في ظروف غير اعتيادية وغير طبيعية.
والسكوت الذهبي لا يعني بالضرورة أن ليس لدى الرجل ما يقوله للذين لا يوجهون إليه سوى الانتقادات، بل سكوته هذا مستوحىً من قول الامام علي "ما جادلت جاهلًا إلاّ وغلبني". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
أعضاء في الكونغرس يعملون على مشاريع لحظر مبيعات الأسلحة الأمريكية للإمارات.. ما فرص نجاحها؟
منع الديمقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي جريجوري ميكس، مبيعات الأسلحة لدولة الإمارات، التي تعد شريكا رئيسيا في الشرق الأوسط، بسبب دورها المزعوم في الحرب الأهلية الجارية حاليا في السودان.
وذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن هذا المنع "تم بهدوء منذ أواخر العام الماضي"، إلا ميكس يخطط للكشف عن ذلك بشكل علني عندما يقدم مشروع قانون لـ"اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين يغذون الحرب في السودان".
وأوضحت الصحيفة أن "الإمارات اتُهمت على نطاق واسع من قبل جماعات حقوق الإنسان ومراقبي الصراع الخارجيين بتسليح وتمويل ميليشيا متهمة بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب في السودان سرا".
ويستطيع أي من كبار المشرعين الأربعة في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب فرض حظر على مبيعات الأسلحة، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان حظر ميكس قد منع بنشاط أي عمليات نقل أسلحة إلى أبو ظبي حتى الآن.
ومن غير الواضح ما إذا كان الرئيس دونالد ترامب سيلتزم بمثل هذا الحظر، ففي الشهر الماضي، أعلن عن بيع أسلحة بقيمة 7.4 مليار دولار لـ"إسرائيل" على الرغم من طلب ميكس بإيقاف البيع مؤقتًا حتى يتلقى مزيدا من المعلومات، وهو ما مثّل سابقة بشأن مراجعات الكونغرس لمبيعات الأسلحة الكبرى.
أسفرت الحرب الأهلية التي استمرت قرابة عامين في السودان عن مقتل ما يقدر بنحو 150 ألف شخص وتركت حوالي 30 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات غذائية وطبية. واتهمت الولايات المتحدة كلا الطرفين المتحاربين، الجيش السوداني أو ميليشيا قوات الدعم السريع، بارتكاب جرائم حرب وفظائع.
قبل وقت قصير من مغادرة الرئيس جو بايدن منصبه، قررت إدارته أن قوات الدعم السريع كانت ترتكب إبادة جماعية واتهمت القوات المسلحة السودانية باستخدام الأسلحة الكيميائية.
وأكدت الصحيفة أن "الحرب الأهلية في السودان أصبحت بمثابة حاضنة للقوى بالوكالة التي تتنافس على النفوذ، حيث تُتهم الإمارات بتسليح قوات الدعم السريع، بينما تتلقى القوات المسلحة السودانية الدعم من مصر والسعودية وإيران".
وذكرت أن "مشروع قانون ميكس يهدف إلى دفع الولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهود لإنهاء الصراع في السودان".
ونقلت عن ثلاثة مساعدين في الكونجرس مطلعين على الخطة تأكديهم أن هذا "يشمل منع نقل المعدات العسكرية الأمريكية إلى أي دولة تسلح أي من الجانبين في الحرب، كما يحدد مشروع القانون، الذي يحمل عنوان "قانون المشاركة الأمريكية في السلام السوداني"، خططًا لتعزيز العقوبات على الأطراف المتحاربة ويخصص التمويل لمبعوث خاص للسودان".
وبيّنت أن الطريق إلى أن يصبح مشروع قانون ميكس قانونا غير مؤكد؛ نظرا لسيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ، وحتى الآن لم تقل الإدارة الجديدة الكثير عن نهجها تجاه الحرب الأهلية في السودان.
ودعم الجمهوريون في مجلس الشيوخ ومجلس النواب قرارات ومشاريع قوانين تدين الحرب في السودان في الماضي، لكنهم لم يقدموا أي تشريع مهم بشأن الصراع منذ تولي ترامب منصبه.
ونهاية الأسبوع الماضي، رفعت الحكومة السودانية دعوى أمام أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، محكمة العدل الدولية، متهمة الإمارات بالتواطؤ في الإبادة الجماعية بسبب دعمها لقوات الدعم السريع.
ورد أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، على الاتهامات قائلا: "يجب أن تكون أولوية السودان وقف إطلاق النار في هذه الحرب السخيفة والمدمرة ومعالجة الكارثة الإنسانية الهائلة"، مضيفا أن القوات المسلحة السودانية كانت بدلاً من ذلك تجري "مناورات إعلامية ضعيفة لتبرير رفضها للسلام والمسار السياسي".
ويذكر أن مشروع ميكس ليس الوحيد الذي يفحص دور الإمارات في الحرب الأهلية في السودان، نظرا لأن السناتور كريس فان هولين، والنائبة سارة جاكوبس يعملان على تقديم تشريع منفصل خاص بهما بشأن هذه المسألة خلال الأسبوع الجاري.
وعلى عكس مشروع قانون ميكس، الذي يدعو إلى منع مبيعات الأسلحة لأي دولة متورطة في الصراع، فإن مشروع قانون فان هولين وجاكوبس يدعو صراحة إلى منع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات بسبب دعمها لقوات الدعم السريع.
وفي الأيام الأخيرة من ولايته، قال فان هولين وجاكوبس إن مسؤولي إدارة بايدن أكدوا لهما أن الإمارات كانت تزود المجموعة بالأسلحة، في تناقض مباشر مع التأكيدات التي قدمتها لواشنطن.
وقال جاكوبس: "بينما الإمارات العربية المتحدة شريك مهم في الشرق الأوسط، لا ينبغي لأمريكا أن تزود أي دولة تستفيد من فظائع قوات الدعم السريع بالأسلحة".
قرار رفض
وبخلاف عملية مراجعة مبيعات الأسلحة من قبل قادة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب والعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قال فان هولين في مقابلة إنه ينوي اتخاذ خطوة أخرى لمنع المبيعات، ستكون بتقديم قرار مشترك بالرفض، وهي وسيلة تشريعية يمكنها تجاوز قادة مجلس الشيوخ للحصول على تصويت تلقائي، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يمر في ظل أغلبية جمهورية.
لم يسبق لأي قرار رفض أن يُمرر في مجلس النواب والشيوخ وينجو من الفيتو الرئاسي، وقد أدت مثل هذه القرارات في بعض الأحيان إلى مناقشات ساخنة سلطت الضوء على مخاوف حقوق الإنسان واستياء المشرعين من مبيعات الأسلحة.
ولطالما كانت الإمارات مشتريا رئيسيا للأسلحة الأمريكية، في أكتوبر، أعلنت إدارة بايدن، على سبيل المثال، أنها وافقت على بيع محتمل لذخائر "GMLRS" و"ATACMS"، والدعم المرتبط بها، مقابل 1.2 مليار دولار.
وتصنع شركة لوكهيد مارتن الامريكية صواريخ نظام إطلاق الصواريخ المتعددة الموجهة (LMT.N)، مع إنتاج محرك الصواريخ الذي يعمل بالوقود الصلب للنظام، إضافة لتصعنيها أيضا صواريخ "ATACMS" طويلة المدى.
تسعى القرارات والتحركات الحالية في الكونغرس حديثًا إلى وقف عمليات البيع هذه بالتحديد.
ويذكر أن الرئيس السابق جو بايدن، اعترف هذا العام بالإمارات كشريك دفاعي رئيسي، وتستضيف الدولة الخليجية قاعدة الظفرة الجوية التي تضم طائرات عسكرية أمريكية وآلاف الأفراد الأمريكيين.
اتهم جيش السودان الإمارات العربية المتحدة بتقديم الأسلحة والدعم لقوات الدعم السريع في حرب السودان التي استمرت 17 شهرًا. وتنفي الدولة الخليجية هذه المزاعم. ووصف مراقبو عقوبات الأمم المتحدة الاتهامات بأن الإمارات العربية المتحدة قدمت دعمًا عسكريًا لقوات الدعم السريع بأنها ذات مصداقية.
ونفت الإمارات ضلوعها في الدعم العسكري لأي من الأحزاب المتنافسة في السودان.
اندلعت الحرب في نيسان/ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بشأن الانتقال إلى انتخابات حرة، حيث قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص. وقالت الأمم المتحدة إن ما يقرب من 25 مليون شخص - نصف سكان السودان - بحاجة إلى المساعدة، والمجاعة تلوح في الأفق وفر حوالي 8 ملايين شخص من منازلهم.
وقالت جاكوبس، التي التقت اللاجئين السودانيين على الحدود مع تشاد هذا العام، في بيان: "الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من أكبر الجهات الخارجية التي تغذي العنف في السودان، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة على وشك بيع أسلحة أخرى لها بقيمة 1.2 مليار دولار قد تنتهي في أيدي قوات الدعم السريع".