حتى التطبيع مع السعودية رفضته اسرائيل!
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
حتى التطبيع مع السعودية رفضته اسرائيل!
انقلبت الموازين، حتى جاء زمن ترفض فيه إسرائيل تطبيعا مع السعودية؟
كان يفترض أن يقبل نتنياهو بالاقتراح السعودي، ويدفع بهذا الاتجاه، خاصة أنه في موقع ضعف وليس موقع قوة، ليستمرّ في المناورة والابتزاز.
حاولت الإدارة الأميركية إنقاذ نفسها وإقناع نتنياهو وحكومته بضرورة تبنّي رؤية سياسية يتم بموجبها تبرير إيقاف الحرب على غزّة، والتوجه نحو تغيير قواعد اللعبة.
الأهم هو التساؤل عن تداعيات رفض إسرائيل على مستقبل الصراع الحالي، فمن شأن صمود المقاومة أن يزيد من اهتراء حكومة الحرب ويعرّضها للهجوم من خصومها.
قد تستمرّ الفاشية، ولن تؤدّي لسلام أو استقرار، ومآلها التفكّك والانهيار. لهذا، ينظر مؤرّخون إسرائيليون، بقلق شديد، لمستقبل إسرائيل، ويرون ما يحصل مقدّمات لنهاية الكيان.
رفض إسرائيل أجهض تحركا أميركيا لم يهدف لخدمة قضية فلسطين ووضع حد للعدوان على غزّة بل سيكون من تداعياته إدخال الفلسطينيين متاهة لن يجنوا منها إلا صراعات وأوهام.
ملخّص المقترح السعودي: تطبيع سريع بين السعودية وإسرائيل مقابل قيام دولة فلسطينية وسرّب بلينكن أن بن سلمان تعهّد بإعمار غزّة مع دول خليجية ودعم السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها.
* * *
انقلبت الموازين، حتى جاء زمن ترفض فيه إسرائيل تطبيعا مع السعودية؟ هذا ما حصل فعلا. إذ حاولت الإدارة الأميركية مرّة أخرى إنقاذ نفسها من خلال محاولة إقناع نتنياهو وحكومته بضرورة تبنّي رؤية سياسية يتم بموجبها تبرير إيقاف الحرب على قطاع غزّة، والتوجه نحو تغيير قواعد اللعبة.
ورغم هذه الرغبة الأميركية الضاغط والعاجلة، بقي الردّ الإسرائيلي متمسّكا برفض جميع الاقتراحات والإصرار على مواصلة الحرب حتى النهاية.
هرول وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، نحو تل أبيب يحمل معه مقترحا سعوديا مغرياً، من شأنه أن يفتح أفقا جديدا للطرفين. يتلخّص في المعادلة التالية: تطبيع سريع بين السعودية وإسرائيل مقابل قيام دولة فلسطينية. وسرّب الوزير أن ولي العهد، محمد بن سلمان، تعهّد، في هذا السياق، بإعادة إعمار غزّة مع دول خليجية أخرى، ودعم السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها.
صحيحٌ أن العمل على تطبيع العلاقات مع المملكة مشروع قائم منذ سنوات، وكاد يعلن عنه رسميا لولا هجوم 7 أكتوبر الذي أربك الحسابات وأعاد خلط الأوراق، ووضع الجميع أمام أولوياتٍ مختلفةٍ وشديدة التعقيد.
مع ذلك، لا تريد السعودية الإقدام على مثل هذه المغامرة الخطيرة بشكل مجاني ومن دون مقابل، فالذي ستقوم به غير مسبوق في التاريخ السياسي الإسلامي، ولم يكن واردا في أذهان مختلف الملوك والأمراء الذين تعاقبوا على الحكم في السعودية.
يكفي التذكير في هذا السياق بقول الملك فيصل "لو أجمع العرب على الاعتراف بوجود إسرائيل وعلى تقسيم فلسطين لن ندخل معهم في هذا الاتفاق". كان يؤمن ويرغب بزوال اسرائيل. أكد ذلك بكل وضوح وشجاعة في مرحلة تاريخية صعبة.
وبقطع النظر عن تضارب الروايات والتحليلات عن طبيعة القوى التي وقفت وراء اغتياله في 1975، فالأكيد أن مجموع المواقف والسياسات التي دافع عنها الرجل جعلت الغرب، وفي المقدمة الولايات المتحدة، يعملون بوسائل مختلفة على إزاحته بمختلف الطرق.
رفع الملك فيصل السقف عاليا، وجعل الاقتراب من المسألة الفلسطينية محفوفا بمخاطر كثيرة. في الأثناء، تغيرت مياه كثيرة داخل السعودية وفي المنطقة. وكان يفترض أن يقبل نتنياهو بالاقتراح السعودي، ويدفع، في هذا الاتجاه، خصوصا وأنه في موقع ضعف وليس موقع قوة، ليستمرّ في المناورة والابتزاز.
كان عليه أن يقدّر أن نزول المملكة، بثقليها السياسي والمالي، وخصوصا ثقلها الديني، سيشكّل تحولا جذريا في موازين القوى وفي عالم الرموز بكامل منطقة الشرق الأوسط.
لكن الرفض الإسرائيلي أجهض هذا التحرك الأميركي الذي لم يهدف إلى خدمة القضية الفلسطينية ووضع حد للعدوان على غزّة. على العكس، سيكون من تداعيات هذا المشروع إدخال الفلسطينيين في متاهة لن يجنوا من ورائها إلا مزيدا الصراعات والأوهام.
يستمرّ الحديث عن الحلول من دون الالتفات لوجود المقاومة التي استطاعت أن تصمد كل هذا الوقت. وهو عاملٌ لا يمكن لأي طرفٍ تجاهله أو إسقاطه من الحساب.
هي حركة تحرّر وطني، متجذّرة في الشعب، متعدّدة الفصائل، أسست هيئة تنسيق موحدة. هناك رهان على السلطة من أجل لجم المقاومة بالقوة، وهو ما تحاول إثباته عبر القيام باعتقالات واسعة للشباب المقاوم في الضفة الغربية.
ويعدّ ذلك لعبا بالنار في ظرفٍ حسّاس يتعرّض خلاله الفلسطينيون الى حرب إبادة، وهناك محكمة العدل الدولية في لاهاي تنظر، لأول مرّة، في أخطر قضية مرفوعة ضد إسرائيل.
ليس المهم البحث عن الأسباب الشخصية والسياسية لهذا الرفض الإسرائيلي للعرض السعودي، وإنما الأهم هو التساؤل عن تداعياته على مستقبل الصراع السياسي الحالي، فمن شأن صمود المقاومة أن يزيد من اهتراء حكومة الحرب ويعرّضها للهجوم من خصومها.
قد تستمرّ الفاشية، وفي النهاية لن تؤدّي إلى سلام أو استقرار، ومآلها التفكّك والانهيار. لهذا، ينظر المؤرّخون الإسرائيليون، بقلق شديد، إلى مستقبل إسرائيل، ويعتبر بعضهم ما يحصل مقدّمات لتهديد الكيان برمّته.
*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا السعودية إسرائيل التطبيع الفاشية المقاومة بن سلمان إعمار غزة الملك فيصل أنتوني بلينكن الدولة الفلسطينية قضية فلسطين مع السعودیة فی هذا
إقرأ أيضاً:
كاتب مصري يهاجم نخبة السعودية على خلفية التطبيع.. كيف ردّ أحد الأمراء؟
هاجم كاتب مصري النخبة السعودية على خلفية موقفهم من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
واتهم الكاتب سامح عسكر النخبة السعودية بأنها كانت تروج أن "الإسرائيليين طلاب سلام" وذلك إبان العدوان على غزة.
وقال عسكر في منشورات على حسابه بمنصة "إكس": "الإخوة الأشقاء في المملكة السعودية، عندما كنا ننتقد إسرائيل في عز حربها على غزة كانت أغلب النخبة منهم تقول (حرام عليكم، هؤلاء طلاب سلام، والعيب على الفلسطيني اللي مش عاوز سلام).. طب بعد تصريحات نتنياهو المسيئة للسعودية، والتي ينتهك فيها سيادة أرض المملكة (أزي الحال؟!)".
وأضاف: "قلنا أن إسرائيل لا تبحث عن مُطبّعين (كشركاء) ولكنها تبحث عن مطبعين (كخدم وموالي) فالذي يحكم في إسرائيل ليس تيارا علمانيا يؤمن بحقوق الإنسان، ولا بحقوق العرب التاريخية، ولا يؤمن بثقافة عربي بل يراها متخلفة إرهابية همجية..".
وتابع عسكر: "الذي يحكم إسرائيل هو اليمين الديني الصهيوني، والمدعوم دوليا من متطرفي الإنجيلية الغربية، وهؤلاء شديدوا الكراهية والاحتقار للعرب جميعا بمن فيهم السعوديين.. ويرون ضرورة إنشاء إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات والتي تستقطع هذه الدولة جزءا من شمال السعودية نظريا، وكل أراضي العرب من الشمال إلى الجنوب عمليا.. يعني تصريح نتنياهو بضرورة استقطاع جزء من السعودية لإقامة الدولة الفلسطينية، ليس مجرد رد على تصريحات الأمير بن سلمان، ولكنه مشروع ديني صهيوني كان يقال بالغرف المغلقة قبل 7 أكتوبر، وصار يقال بالعلن بعد تولي ترامب.."
وأضاف: "بس يا سيدي أمام النخبة السعودية خياران: إما الاستمرار في دعم إسرائيل بالسوشيال ميديا وتصويرهم كملائكة، وبالتالي فقدان استقلال المملكة وأراضيها.. وإما التصدي لمشروع نتنياهو وترامب الذي ينتهك أراضي المملكة، ويهين السعودية دوليا، وقتها سيخرج متطرفون يتهمون النخبة السعودية بأنهم شيعة إيرانيين، بالضبط كما يتهمون مثقفين مصر بنفس التهمة، فقط لأن نخبة مصر تجرأت وعارضت الكيان، وانتقدت عميلهم الجولاني في دمشق..!".
الأخوة الأشقاء في المملكة السعودية، عندما كنا ننتقد إسرائيل في عز حربها على #غزة كانت أغلب النخبة منهم تقول :
(حرام عليكم، هؤلاء طلاب سلام، والعيب على الفلسطيني اللي مش عاوز سلام)
طب بعد تصريحات نتنياهو المسيئة للسعودية، والتي ينتهك فيها سيادة أرض المملكة (أزي الحال ؟!)
قلنا…
ورد الأمير السعودي، عبدالرحمن بن مساعد بتدوينة على منصة "إكس": "بعيدًا عن أن الموقف الرسمي السعودي واضح وثابت ..عن أي نخبة تتحدث؟ وهلّا أتيتنا بأمثلة على (أغلب) النخبة التي قالت: (حرام عليكم، هؤلاء طلاب سلام، والعيب على الفلسطيني اللي مش عاوز سلام)، أعطني مثلًا واحدًا على أن أحدًا من النخبة السعودية قال عن اسرائيل هؤلاء طُلّاب سلام".
بعيدًا عن أن الموقف الرسمي السعودي واضح وثابت ..
عن أي نخبة تتحدث؟
وهلّا أتيتنا بأمثلة على (أغلب) النخبة التي قالت :(حرام عليكم، هؤلاء طلاب سلام، والعيب على الفلسطيني اللي مش عاوز سلام)، أعطني مثلًا واحدًا على أن أحدًا من النخبة السعودية قال عن اسرائيل هؤلاء طُلّاب سلام https://t.co/HokzuS2CTw
وفي تدوينة لاحقة أعاد الأمير السعودي نشر بيان وزارة الخارجية لبلاده والتي ردت فيها على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول "تهجير" الفلسطينيين.