في الحرب التي تدور في غزة، يوجد نوع من التوافق على أهمية تحييد حركة حماس، لكن لا يزال حاضرا عدم التوافق حول شكل القطاع ما بعد الحرب، وكيف يمكن إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر على إسرائيل، لم يجلب على الفلسطينيين سوى "الخراب"، ولكنه كشف فشل استراتيجية إسرائيل بـ"احتواء الصراع مع الفلسطينيين"، وأن مقترح الاستمرار بـ"الدولة الواحدة" قد لا يتخلص من التطرف الذي يغذي الصراع، وفي الوقت ذاته قد أصبح مسار "حل الدولتين" أقل قابلية للتطبيق، بحسب تحليل نشرته مجلة "فورين أفيرز".

ويؤكد التحليل أن تحقيق "السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يزال ممكنا"، بما يصل بالمنطقة إلى "عنف أقل"، مشيرا إلى أن هذا الأمر يحتاج إلى "إدارة فعّالة للصراع" والتي يجب أن تفضي إلى "حلول".

وهذه الحلول عليها أن تخفف من تغذية المخاوف لدى الطرفين "إذ يجب وقف النشاط الاستيطاني الإسرائيلي" وفي المقابل "توحيد غزة والضفة الغربية تدريجيا في ظل سلطية فلسطينية تتمتع بسلطة مدنية حقيقية".

ويشير التحليل إلى أن تحقيق ذلك قد يعني العمل بجدية مع جميع الأطراف لإحياء "احتمالات الاستقلال الفلسطيني" ضمن مسار حل الدولتين بحيث يتم "إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح".

ودعا الولايات المتحدة إلى "استخدام القوة الأميركية لتغيير مسار الأحداث في المنطقة.. بدلا من تسليم الوضع إلى المتطرفين والديناميكيات الدموية التي يشجعونها".

وينبغي على الأميركيين العمل مع الإسرائيليين والفلسطينيين "لإيجاد مستقبل أقل فظاعة"، إذ لا ينبغي العودة إلى "استراتيجيات احتواء الصراع التي مهدت الطريق لأحداث السابع من أكتوبر.. ولا المفاهيم المتهورة التي أصبحت رائجة في الغرب بشأن حل الدولة الواحدة" على حد تعبير المجلة.

كما أشار التحليل إلى أن الوضع في غزة بعد الحرب يحتاج إلى استخدام واشنطن نفوذها لدى "إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية ودول الخليج، للبدء في بناء وإعادة تشكيل مستقبل القطاع لتحكمه جهات فلسطينية علمانية".

وأفاد التحليل أن القادة الإسرائيليين والفلسطينيين الحاليين "غير قادرين على متابعة مثل هذه الاستراتيجيات بجدية"، وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قد أكد في تصريحات، الخميس، معارضته لمنح السيادة للفلسطينيين، ومعربا عن رفضه لمسار حل الدولتين الذي تسعى واشنطن إليه.

وناقش الرئيس الأميركي، جو بايدن، مع نتانياهو، الجمعة، ضرورة إقامة دولة فلسطينية، في أول اتصال بينهما منذ شهر وسط توتر بشأن مرحلة ما بعد حرب غزة، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، لصحفيين "ما زال الرئيس يؤمن بأفق حل الدولتين وإمكانيته. هو يدرك أن الأمر سيتطلب كثيرا من العمل الشاق".

وأضاف أن بايدن أبدى خلال محادثته مع نتانياهو "اقتناعه القوي بأن حل الدولتين ما زال المسار الصحيح للمضي قدما. وسنواصل طرح هذا الموقف".

وتابع كيربي "يمكن لأفضل الأصدقاء والحلفاء إجراء مناقشات صريحة ومباشرة كهذه، ونحن نفعل ذلك". وذكر أن الاتصال تطرق أيضا إلى الرهائن الأميركيين المحتجزين في غزة منذ هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل.

وكانت آخر مرة تحدث فيها بايدن ونتانياهو في 23 ديسمبر. وأثار عدم التواصل بينهما مذاك تساؤلات بشأن وجود خلاف.

كانت العلاقة بين الرجلين معقدة في الماضي، إذ ضغط بايدن العام الماضي على رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بشأن إصلاحات قضائية نظمت احتجاجات ضدها، وفق وكالة فرانس برس.

لكن بايدن وقف بقوة خلف إسرائيل، حتى أنه زارها بعد الهجوم وعانق نتانياهو علنا وتعهد بتقديم دعم أميركي كامل.

غير أن توترا جديدا ظهرت مذاك، مع ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإسرائيلي على غزة. وحذر بايدن من أن إسرائيل قد تفقد الدعم بسبب "القصف العشوائي" على القطاع.

نتانياهو ورفض "الدولة الفلسطينية".. كيف يؤثر على العلاقة مع واشنطن وجهود السلام؟ كشف إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الخميس، رفضه إقامة دولة فلسطينية عن حجم خلافه مع الإدارة الحالية في الولايات المتحدة، كما أظهر أيضًا أن أطرافا كثيرة في المنطقة يمكن اعتبارها في حالة انتظار سواء لما ستنتهي عليه الحرب في غزة أو ما ستسفر عنه الانتخابات الأميركية العام المقبل.

وتشعر الحكومة الإسرائيلية أيضا بغضب من المساعي الأميركية للتوصل إلى حل يتضمن إقامة دولة فلسطينية.

وذكر موقع أكسيوس الإخباري أن بايدن أنهى مكالمته الأخيرة مع نتانياهو في ديسمبر بشكل مفاجئ، وسط خلاف حول عائدات الضرائب الفلسطينية التي تحتفظ بها إسرائيل، بقوله: "هذه المحادثة انتهت".

وقال كيربي إن اتصال الجمعة لم يكن ردا مباشرا على تصريحات نتانياهو الخميس، وإنه كان يجري الإعداد له منذ بعض الوقت.

وصرح نتانياهو الخميس بأن بلاده "يجب أن تضمن السيطرة الأمنية على كل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن"، قائلا إنه أوضح ذلك "لأصدقاء إسرائيل الأميركيين".

وشدد نتانياهو على أن "هذا شرط ضروري ويتعارض مع فكرة السيادة (الفلسطينية)".

وفي تصريحات لاحقة أدلى بها الجمعة في البيت الأبيض، قال بايدن إن حل الدولتين ليس مستحيلا بوجود نتانياهو في السلطة. وأضاف "ثمة أنماط عدة لحلولٍ على أساس دولتَين"، متحدثا في هذا الإطار عن "بلدان أعضاء في الأمم المتحدة ليست لديها جيوشها الخاصة بها".

وتابع بايدن "أعتقد أن هناك طرقا لإنجاح هذا الأمر".

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، الأربعاء، إن إسرائيل لن تحصل على "أمن حقيقي" من دون المضي في طريق "يؤدي إلى دولة فلسطينية".

وخلال جولة في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، أكد بلينكن للسلطات الإسرائيلية أن الدول العربية، وبينها السعودية، ملتزمة المساعدة في إعادة إعمار غزة ومساعدة أي حكومة فلسطينية في المستقبل، شرط أن تمهد إسرائيل الطريق لإقامة دولة فلسطينية.

بعد تصريحات نتانياهو.. واشنطن تشدد على موقفها بشأن إقامة دولة فلسطينية أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الخميس، أن إسرائيل تواجه "تحديات صعبة" في الوقت الحالي، ردا على تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الذي رفض فكرة إقامة دولة فلسطينية، لكنه استدرك قائلا إن حل الدولتين يعد الأمثل أمام المشاكل على المدى القصير والطويل. 

لكن نتانياهو قال إن "رئيس الوزراء في إسرائيل يجب أن يكون قادرا على أن يقول لا، حتى لأفضل أصدقائنا".

اندلعت الحرب التي دمرت القطاع الفلسطيني وشردت أكثر من 80 في المئة من سكانه، إثر شن حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر أسفر عن مقتل 1200 شخصا، معظمهم مدنيون، بحسب الأرقام الرسمية.

كذلك، احتجز خلال الهجوم نحو 250 شخصا رهائن ونقلوا إلى غزة، وأطلق سراح حوالي 100 منهم خلال هدنة في نهاية نوفمبر. ووفق إسرائيل، لا يزال 132 منهم في غزة، ويعتقد أن 27 منهم لقوا حتفهم.

وردا على هجوم حماس، المصنفة إرهابية، تعهدت إسرائيل القضاء على الحركة التي تحكم غزة منذ عام 2007. ووفق وزارة الصحة التابعة لحماس، قتل حتى الآن في الغارات الإسرائيلية 24762 شخصا، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الإسرائیلیین والفلسطینیین رئیس الوزراء الإسرائیلی إقامة دولة فلسطینیة حل الدولتین لا یزال فی غزة

إقرأ أيضاً:

الملك عبدالله الثاني يستقبل أمين سر دولة الفاتيكان في قصر الحسينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقبل جلالة الملك عبدالله الثاني في قصر الحسينية، أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، الكاردينال بيترو بارولين، في زيارة رسمية تعكس عمق العلاقات بين المملكة الأردنية الهاشمية والفاتيكان، وقد حضر اللقاء عدد من كبار المسؤولين الأردنيين.


 وبحث جلالة الملك عبدالله الثاني مع الكاردينال بارولين سبل تعزيز التعاون بين الأردن والفاتيكان، بما في ذلك القضايا الدينية والإنسانية التي تهم المنطقة والعالم، وأهمية دعم جهود تعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما تم استعراض الأوضاع في القدس، وسبل الحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة، خاصة في ظل التوترات المتزايدة في المنطقة.

 و أكد جلالة الملك على دور الأردن بقيادة الهاشميين في حماية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، مشددًا على أهمية الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للمدينة، إضافة إلى تعزيز التعاون بين الأردن والفاتيكان في مجالات الحوار بين الأديان، والجهود المشتركة لتحقيق السلام العادل والشامل. 

من جانبه، أعرب الكاردينال بيترو بارولين عن تقديره للدور المهم الذي يقوم به الأردن في تعزيز السلام والحوار بين الأديان، وأثنى على الجهود الهاشمية في دعم حقوق الإنسان وحماية الأديان والمعتقدات. كما تناول اللقاء أهمية التعاون في مجالات التعليم والمساعدات الإنسانية، خصوصًا في ما يتعلق بالأوضاع الصعبة التي يعاني منها اللاجئون في المنطقة.


واختتم اللقاء بتأكيد الجانبين على ضرورة استمرار التنسيق المشترك بين الأردن والفاتيكان من أجل تعزيز الأمن والسلام، وتعميق الحوار بين الأديان، ودعم قيم التعايش السلمي.

مقالات مشابهة

  • بايدن: حشدنا 20 دولة لحماية السفن في البحر الأحمر 
  • النرويج تستضيف محادثات حول حل الدولتين في الشرق الأوسط
  • بايدن يؤكد لـ" نتانياهو" الحاجة لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة
  • واشنطن: بايدن يتحدث مع نتانياهو.. وصفقة الرهائن "قريبة جداً"
  • الملك عبدالله الثاني يستقبل أمين سر دولة الفاتيكان في قصر الحسينية
  • ما هي الكلمات التي غفرت لسيدنا آدم ذنبه؟ 21 كلمة تفتح لك الأبواب المغلقة
  • عائلات المحتجزين الإسرائيليين: الجنود يسقطون بلا جدوى ونتنياهو لا يزال يرفض إنهاء الحرب
  • مستوطنون في الضفة الغربية يقاضون إدارة بايدن بسبب العقوبات التي فرضتها
  • فجر السعيد خلف القضبان..قصة عرّابة التطبيع التي أغضبت أهل الكويت
  • بعد مرور 20 عاما من انفصال دولة جنوب السودان.. خيبة أمل أمريكية