شهد شهر يناير الجاري موقفين كشفا تناقض السياسة الإثيوبية وازدواجية معاييرها، حيث أعلنت إثيوبيا التزامها بسياسة "صين واحدة" في إشارة إلى رفض استقلال تايوان عن بكين، بينما قبل أيام قليلة وقعت مذكرة تفاهم مع أرض الصومال أو "صوماليلاند" وهي منطقة انفصالية تسعى للاستقلال عن الصومال، بغية الوصول إلى البحر الأحمر والحصول على منفذ بحري.


أيام قليلة كانت فاضحة وكاشفة للمواقف الإثيوبية مزدوجة المعايير في تعاملها مع الصومال والصين، حيث بدأ رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، العام الجاري بإثارة الجدل الكبير في القرن الأفريقي بتوقيع مذكرة تفاهم مع موسى بيهي عبدي رئيس صوماليلاند، والتي تنص على حصول أديس أبابا على ٢٠ كم من ساحل البحر الأحمر، ما عده الصومال تدخلا في شئونه الداخلية، وبعد أيام قليلة أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية التزامها بمبدأ "الصين واحدة" في إشارة إلى رفضها الاعتراف باستقلال تايوان.


وتزامن البيان الإثيوبي مع انتهاء الانتخابات الرئاسية في تايوان وإعلان فوز لاي تشينج تي في ١٣ يناير الجاري، والذي يتبنى سياسات مناوئة لبكين واستقلال تايوان عن الصين.


وأكد السفير ميليس عالم، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، أن إثيوبيا لديها دعم طويل الأمد لسياسة الصين الواحدة، وتحافظ على هذا الموقف باستمرار عبر مختلف الإدارات الحكومية، مشددا على أن هذا العنصر لا يتجزأ من سياسة أديس أبابا الخارجية التي لا تتزعزع مضيفا في تصريحات لوكالة الأنباء الإثيوبية: "موقفنا بشأن هذه القضية لم يتغير".


وأصدرت وزارة الخارجية الصومالية، بيانا أكدت فيه التزامها الثابت بسياسة "صين واحدة" موضحة: "تعترف الصومال بتايوان كجزء لا يتجزأ من جمهورية الصين الشعبية، بما يتماشى مع مبادئ سياستها الخارجية وميثاق الأمم المتحدة".


وشدد الصومال كذلك على دعوته إلى عدم التدخل في الشئون الداخلية لجميع الدول، مما يدل على تفانيه في تعزيز الوئام العالمي واحترام السيادة. 


وتنص مذكرة التفاهم على تمكين إثيوبيا من "تأمين الوصول إلى البحر وتنويع وصولها إلى الموانئ البحرية" وحصولها على ٢٠ كم من ساحل البحر الأحمر، في أرض الصومال، وأوضحت الحكومة الإثيوبية أن جزءًا من مذكرة التفاهم "يتضمن أحكامًا تتعلق بإجراء الحكومة الإثيوبية تقييمًا متعمقًا تجاه اتخاذ موقف بشأن جهود أرض الصومال للحصول على الاعتراف الدولي".


وفيما يتصل بموقف الصين من مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وصوماليلاند فإن الخارجية الصينية أعربت عن عن دعمها للحكومة الصومالية في حماية سيادتها وسلامة أراضيها، وأكد ماو نينج وجهة نظر الصين، حيث اعتبر أرض الصومال جزءًا من الصومال، وشجع دول المنطقة على معالجة الشئون الإقليمية من خلال الحوار الدبلوماسي من أجل التنمية المتبادلة والتعاون الودي.


على النقيض من ذلك، وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع المنطقة الانفصالية "أرض الصومال" في الأول من يناير الجاري تنص على حصول أديس أبابا على ٢٠ كم من ساحل البحر الأحمر، في مقابل اعترافها بالمنطقة الصومالية، لتصبح أول دولة أفريقية تعترف بها.


وفي هذا الإطار، عقدت جامعة الدولة العربية اجتماعا الأربعاء الماضي لمناقشة الأزمة بين الصومال وإثيوبيا، وأعلنت أتى ذلك، وندد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بمذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال ووصفها بأنها "انقلاب صارخ" على الثوابت العربية والأفريقية، ومخالفة واضحة للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية النافذة".


كما شدد «أبو الغيط» على رفض "أي اتفاقيات أو مذكرات تفاهم تخل أو تنتهك سيادة الدولة الصومالية".
وردت أديس أبابا برفض البيان العربي، وزعم السفير ميسجانو أريجا وزير الدولة بوزارة الخارجية الإثيوبية، أن بيان الجامعة العربية هو "محاولة للتدخل في الشئون الداخلية وسيادة إثيوبيا"، مضيفا أن بيان الجامعة العربية "غير مقبول" وأن "الأفارقة لديهم القدرة على حل مشاكلهم بأنفسهم"، ليظهر تناقض آخر في سياسة إثيوبيا حيث إنها من خالفت المواثيق والمبادئ المؤسسة للاتحاد الأفريقي بتوقيعها على مذكرة التفاهم مع صوماليلاند. 


وأكد نائب وزير الخارجية السابق، السفير علي الحفني، إلى أن مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال تخالف القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، حيث يمنع تدخل أي بلد عضو في الشئون الداخلية لدول أخرى، وينص على احترام حدود الدول المستقلة والدفاع عن سيادة الدول الأعضاء.


وشدد «الحفني»، في تصريحات سابقة لوكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ"، على ضرورة تكاتف بلدان القارة السمراء لإعلاء مبادئ الاتحاد الأفريقي ومنع أية تحركات أو إجراءات تهدد الأمن القومي لدول القارة.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: إثيوبيا بكين أبو الغيط أديس أبابا الصومال الصين أزمة تايوان مذکرة التفاهم البحر الأحمر أرض الصومال أدیس أبابا تفاهم مع

إقرأ أيضاً:

أستاذ علوم سياسية يوضح كيفية تطوير العلاقات الاقتصادية بين مصر وكينيا

أكد الدكتور إسماعيل ترك، أستاذ العلوم السياسية، أن حجم التبادل التجاري بين مصر وكينيا يبلغ 567 مليون دولار، وهو رقم متواضع نسبيًا، إلا أن كينيا تعد الشريك التجاري الأول لمصر في القارة الإفريقية، وذلك بفضل الروابط الاقتصادية التي تجمع البلدين ضمن تجمع الكوميسا، فضلًا عن الروابط الجغرافية التي يمثلها نهر النيل والانتماء المشترك للقارة الإفريقية.

وأضاف خلال مداخلة في برنامج "منتصف النهار"، المذاع عبر "القاهرة الإخبارية" وتقدمه الإعلامية هاجر جلال، أن مصر، باعتبارها دولة محورية في إفريقيا، لطالما لعبت دورًا قياديًا في حركات التنمية كما قادت سابقًا حركات التحرر.

وأشار إلى أن هناك أسسًا يمكن البناء عليها لتعزيز العلاقات المصرية الكينية، خاصة أن كينيا تتمتع بموقع استراتيجي في شرق إفريقيا، ولها حدود مباشرة مع إثيوبيا، الصومال، جنوب السودان، وتنزانيا.

وتابع، أن هذا الموقع الجغرافي يمنح مصر فرصة لتعزيز تعاونها مع كينيا لمواجهة العديد من التحديات التي تعاني منها القارة الإفريقية، سواء فيما يتعلق بالأمن في الصومال وجنوب السودان، أو قضايا الأمن المائي، وعلى رأسها سد النهضة، حيث تسعى مصر إلى التوصل لاتفاق دائم وعادل يحقق رضا جميع الأطراف.

واختتم ترك حديثه بالتأكيد على أن أهمية هذه الزيارة تكمن في وضع أسس واضحة تُمكن مصر من التحرك بفاعلية لمواجهة التحديات واستغلال الفرص الحقيقية لتعزيز التعاون المشترك مع كينيا.
 

مقالات مشابهة

  • حادث طائرة واشنطن يعيد للأذهان سقوط مروحية «بلاك هوك» في الصومال
  • تقرير: الصين تبني مركزا عسكريا ضخما غرب بكين للقيادة في زمن الحرب
  • تقرير: الصين تبني مركز عسكري ضخم غرب بكين للقيادة في زمن الحرب
  • "العربية" تدشن 3 رحلات أسبوعية مباشرة من الشارقة إلى أديس أبابا
  • وزارة الخارجية توقّع مذكرة تفاهم مع «ميديكلينيك الشرق الأوسط»
  • مقطع متداول يظهر تناقض إلهام الفضالة ..فيديو
  • الأمم المتحدة: أعمال الأونروا الإنسانية بغزة مستمرة وتلتزم بتقديم المساعدات
  • الأوراق المالية: مذكرة التفاهم مع مصر تهدف لتعزيز الأطر التنظيمية لأسواق المال
  • رئيس كوريا الجنوبية المؤقت يدعو لليقظة في ظل التشكك بسياسة ترامب الأمريكية
  • أستاذ علوم سياسية يوضح كيفية تطوير العلاقات الاقتصادية بين مصر وكينيا