اتصالات مشبوهة تسبق ضربات إسرائيلية على جنوب لبنان
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
كتبت " الشرق الاوسط": قبل أيام تلقّت أم حسين اتصالاً زعم المتصل فيه أنه من مصرف، وطلب حضور أحد أفراد العائلة لقبض مبلغ مالي، لكنها أبلغته بأنهم نزحوا من جنوب لبنان إلى بيروت. بعد وقت قصير، تعرّض الحي حيث منزلها في البلدة لقصف إسرائيلي، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».
بعد أكثر من 3 أشهر على المواجهات المستمرة عند الحدود بين «حزب الله» وإسرائيل، على وقع الحرب في غزة، يتلقى سكان من بلدات جنوبية عدّة، اتصالات مشبوهة من متحدثين بلهجة لبنانية، يدّعون خلالها أنهم من مؤسسات رسمية أو يقدّمون مساعدات أو يجرون إحصاءات للاستعلام حول عدد أفراد العائلة وأماكن وجودهم.
وفي بعض الأحيان، تعرّضت منازل عدة إثر هذه المكالمات لقصف إسرائيلي، وفق ما يؤكد سكان ومصدر أمني و«حزب الله».
ويروي حسن شقير، حفيد أم حسين (75 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن اتصالاً ورد إلى هاتف جده، من رقم لبناني بينما كان يأخذ قيلولة في 11 كانون الثاني الحالي في بيروت، بعد نزوحهم من مسقط رأسهم في بلدة الخيام على وقع استمرار القصف الإسرائيلي.
ويقول شقير: «ردّت جدتي على الاتصال، فسألها المتصل إذا كان هذا رقم جدي»، مضيفاً: «أبلغها بأنه من مصرف، وأن ثمة مبلغاً مالياً يتعين عليهم قبضه، ثم سألها... أنتم في الخيام أم في بيروت؟، لينتهي الاتصال بعدما أخبرته بأنهم في بيروت، من دون أن يخطر على بالها فوراً أنه لا يوجد حساب مصرفي لديهم أساساً».
بعد وقت قصير، تعرّضت بلدة الخيام لضربات إسرائيلية عدة، طال أحدها الحي حيث منزل العائلة، وفق ما يقول شقير.
وتكرّرت حوادث مماثلة خلال الأسابيع الأخيرة في جنوب لبنان، ما دفع «حزب الله»، اللبناني الموالي لإيران، إلى التحذير من سعي إسرائيل إلى «تحصيل معلومات عن المقاومة وأماكن وجود مجاهديها في قرى الجنوب» عبر الاتصال بالسكان.
ونبّه «حزب الله» إلى أن المتصل يحاول «استقاء معلومات حول أفراد عائلة المتصَل به وأماكن وجودهم، أو معطيات مختلفة تتعلق بالمحيط»، موضحاً: «يستغل العدو هذه المعلومات للتثبت من وضعية وجود الإخوة المجاهدين في بعض البيوت التي يعتزم استهدافها».
ولدى سؤالها عن الاتصالات، قالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي إنها «غير قادرة على الإجابة».
كاميرات وأجهزة تجسّس
وقال مصدر أمني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مخابرات الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي يتوليان التحقيق في الاتصالات المشبوهة التي ترد إلى لبنانيين من متصلين إسرائيليين يتمكّنون من اختراق شبكة الاتصالات اللبنانية.
وبحسب المصدر، فقد استخدمت إسرائيل هذا التكتيك مرات عدة قبل استهداف منازل يتحصّن فيها مقاتلون من «حزب الله»، ما أوقع قتلى في صفوفهم.
ويشير إلى ضربة طالت منزلاً في قرية بيت ياحون في 22 تشرين الثاني وأودت بخمسة مقاتلين من «حزب الله»، بينهم نجل رئيس كتلته البرلمانية محمّد رعد.
وبحسب المصدر، فقد تلقت صاحبة المنزل اتصالاً استفسر فيه المتصل عمّا اذا كانت العائلة في المنزل، ليتم استهدافه بعدها.
إلى جانب تحذيره السكان من مغبّة التجاوب مع الاتصالات المشبوهة، والمبادرة إلى الإبلاغ عنها، حذر «حزب الله» في بيان آخر، من اختراق إسرائيل كاميرات مدنية مثبّتة أمام المنازل والمتاجر والمؤسسات في القرى الحدودية «للاستفادة من المادة البصرية التي تؤمنها في جمع معلومات تتعلق بالمقاومة وحركة الإخوة المجاهدين؛ لاستهدافهم».
ودعاهم إلى فصلها عن الإنترنت «والمساهمة في إعماء العدو» عمّا يقوم به مقاتلوه في المنطقة.
ويروي أحد أبناء بلدة جنوبية، مقيم في بيروت، رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنه تلقى اتصالاً من مسؤول محلي في «حزب الله» طلب منه إطفاء كاميرات مثبتة في محيط منزله وفصلها عن شبكة الإنترنت للسبب ذاته. وقال إنه امتثل لطلبه.
ويقول «حزب الله» إن إسرائيل تلجأ إلى الاتصالات واختراق الكاميرات المدنية، بعدما تمكّن مقاتلوه من استهداف عشرات أجهزة التجسس وكاميرات المراقبة المثبتة على أبراج وفي مراكز عسكرية إسرائيلية على طول الحدود مع لبنان، منذ بدء التصعيد.
وأوقفت القوى الأمنية 3 لبنانيين بشبهات تجسس لعملهم لصالح شركات أميركية يُشتبه بارتباطها بإسرائيل. وقد تبيّن أنّ أحدهم أجرى «مسحاً لشبكات الإنترنت المنزلي» في الضاحية الجنوبية، وفق المصدر الأمني. وقد ضُبط بحوزة الموقوفين جهاز متطور بالغ الدقة.
«غير مشفرة»
يشرح مدير المحتوى الرقمي لدى منظمة «سمكس»، التي تُعنى بالحقوق الرقمية، عبد قطايا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنّ اختراق الاتصالات والكاميرات المدنية مردّه إلى أنّ البنية التحتية للاتصالات في لبنان تفتقر لأدنى مقومات الحماية.
ويوضح أنّ كاميرات المراقبة الخاصة، المستوردة بغالبيتها من الصين، تكون موصولة عبر الإنترنت ليتمكّن مالكها من مراقبتها عبر تطبيق يحمّله على هاتفه الجوال. وغالباً ما يكون الاتصال بالإنترنت والاتصالات الداخلية عبر الأرقام العادية والخلوية «غير مشفّر، وبالتالي تسهل عملية الاختراق».
وتمتلك إسرائيل، وفق قوله، «باعاً طويلاً في تقنيات التجسّس، ومعروف أن لديها قدرات اختراق كبيرة في لبنان تتخطى الاتصالات، لتشمل أجهزة ومناطيد وأعمدة استشعار».
وتعرّضت شاشات المغادرة والوصول في مطار بيروت الدولي وجرارات الحقائب في السابع من الشهر الحالي لاختراق سيبراني لم تتضح هوية الجهة التي نفذته.
وقال وزير الأشغال العامة والنقل حسن حمية حينها: «العمل جارٍ مع الأجهزة الأمنية؛ لأن الخبرات في الأمن السيبراني لا تملكها أي مؤسسة في الدولة اللبنانية».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: لـ وکالة الصحافة الفرنسیة حزب الله فی بیروت
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: إسرائيل تقصف ضاحية بيروت لتثبيت الردع لا ترميمه
قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن إسرائيل تريد منع حزب الله من استعادة توازنه والتأثير أيضا على بيئته الحاضنة، معتبرا قصف ضاحية بيروت الجنوبية قد يكون لأهداف استخباراتية بعيدة المدى.
جاء ذلك في تعليق حنا على القصف الإسرائيلي الذي استهدف مبنى بمنطقة الحدث في الضاحية الجنوبية اليوم الأحد، في حين نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن "حزب الله خزن أسلحة كبيرة ومهمة في الموقع المستهدف".
ولاحقا، أعلن الجيش الإسرائيلي أن طائرات حربية "دمرت بنية تحتية استخدمت لتخزين صواريخ دقيقة لحزب الله بالضاحية الجنوبية لبيروت".
تصاعد أعمدة الدخان إثر غارة إسرائيلية على مستودع بمنطقة الحدث عند الضاحية الجنوبية لبيروت#الأخبار pic.twitter.com/Y2tldVk0pq
— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 27, 2025
وأوضح حنا -في حديثه للجزيرة- أن استهداف الضاحية يعني استهداف معقل حزب الله، ومنع إعادة إعمارها، لافتا إلى أن الهدف قد يكون ثانويا من أجل تتبع أهداف استخباراتية إسرائيلية بعيدة المدى.
وحسب الخبير العسكري، فإن إسرائيل ترسل رسالة عبر هذا القصف "لتؤكد ما تملكه من معلومات استخباراتية أو تنفي ذلك مثل وجود شخصيات معينة"، مشيرا إلى أنها "ستراقب كيف ستتصرف هذه الشخصيات في هذه الحالة".
إعلانولخص حنا هذه العملية بـ"اختبار المنظومة"، واصفا إياها بـ"الرابحة لإسرائيل"، إضافة إلى كونها حربا إعلامية ونفسية إسرائيلية.
وتواصل إسرائيل -رغم سريان وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024- استهدافها جنوب لبنان بذريعة مهاجمة أهداف لحزب الله، إذ ارتكبت أكثر من 1342 خرقا، مما خلّف 117 قتيلا و362 جريحا على الأقل.
ووفق حنا، فإن إسرائيل تحاول التحكم بسماء لبنان وفرض سيطرتها عليه عبر قواعد اشتباك جديدة ترتكز على "البقاء في مواقع معينة في الجنوب، والتحليق والخروج متى تشاء من دون محاسبة".
وتؤكد تل أبيب بقصفها الضاحية الجنوبية أنها أمام "مرحلة جديدة عنوانها انتهاء عهد حزب الله وقياداته الوازنة" -حسب حنا- الذي قال إن جيش الاحتلال يحاول تثبيت الردع لا ترميمه.
التبرير الإسرائيليووصف الخبير العسكري التبرير الإسرائيلي بوجود أسلحة في الموقع المستهدف بـ"السخيف"، مرجعا ذلك إلى عدم وجود انفجارات متتابعة وغياب أضرار في المناطق المحيطة.
وأعرب عن قناعته بأن إمكانية عودة حزب الله إلى الحرب "صعبة" بسبب رغبته في الاهتمام بالبيئة الحاضنة وإعادة تأهيل نفسه، لافتا إلى أن القصف الإسرائيلي قد يحمل أهدافا غير عسكرية.
وحسب الخبير العسكري، فإن إسرائيل تستهدف دوائر حزب الله، وهي: القيادة والسيطرة، والبنية التحتية التي تشغل البعد العسكري، والوحدات العسكرية. ونجحت في ذلك إلى حد ما.
وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/أيلول 2024، مما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
وقد تنصل الجيش الإسرائيلي من استكمال انسحابه من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير/شباط الماضي -خلافا للاتفاق- إذ نفذ انسحابا جزئيا ويواصل احتلال 5 تلال لبنانية رئيسية، ضمن مناطق احتلها في الحرب الأخيرة.
إعلانكما شرعت إسرائيل أخيرا في إقامة شريط حدودي يمتد إلى كيلومتر واحد أو كيلومترين داخل أراضي لبنان.