عربي21:
2024-10-06@10:25:45 GMT

البحث عن حرب!

تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT

يبدو الجميع عالقاً في الحرب على غزة، لا أحد يستطيع أن يتخذ قراراً بالتراجع، أو يضع على الطاولة أي مبادرة قابلة للتطبيق، فنهاية الحرب تعني الإطاحة بالكثير من الرؤوس، وفي عالمٍ يتحسس فيه الجميع رأسه، من الصعب أن يتخذ أي قرار على أرضية العمل الإنساني، من أجل وقف المجزرة التي تجري في قطاع غزة.

تبدو إسرائيل الغريق الذي لا يخاف من البلل بعد أن عبرت الخطوط الحمر كلها، ولم يعد ثمة فارق جوهري بين 25 و30 أو حتى 50 ألف ضحية بين المدنيين، والعالم أصبح متآلفاً مع الأطفال المرتعشين من تحالف الجوع والبرد والخوف على أجسادهم الصغيرة، ولا تفجعه صورة الأطفال الذين يلتحقون بعالم الإعاقة من مداخل كثيرة، بتر الأطراف أوضحها، يمكن تحسسه وقياسه، ولكن داخل نفسيات الأطفال والمراهقين تتمدد الإعاقات النفسية، التي لا يمكن تحديد المدى الذي ستتوقف عنده.

في المقابل، لا تمتلك حماس أي استراتيجية تهدئة مناسبة، فهي لا تمتلك طاولة التفاوض، وليس من المؤكد أن تكون طرفاً في تفاوض حقيقي من ذلك النوع الذي يمكن أن ينهي الحرب، ولكنها في الوقت نفسه، لا يمكن أن تقنع بالعودة إلى المقاعد الخلفية، لتترك قراراتها عند أي جهة أخرى، بل لا يبدو أن أي جهة أخرى تريد أن تتولى المزيد من المسؤوليات نيابة عن حماس.

ما الحل؟ وما هي الاستراتيجية للخروج من المأزق؟

تتسوق إسرائيل في المنطقة بحثاً عن حرب، وعدم قدرتها على إنتاج حالة مواجهة مناسبة لخروجها من ورطة غزة،الخروج من حرب غزة المكلفة إلى حروب أخرى، وتحت ذلك يمكن الحديث عن استهداف الحوثيين في اليمن، وتواصل التحرش بحزب الله في لبنان، ويبدو أن إيران أدركت هذه اللعبة في مرحلة ما، والسعي المتواصل لأن تكون طرفاً في حرب تستطيع أن تسحب التوتر في حرب غزة، فالمطلوب هو دخول غزة في منعطف أوسع، يبرر انسحاباً إسرائيلياً من الرهان على أهداف غير واقعية مثل اقتلاع حماس، أو تفريغ القطاع، ويمكن ذلك من خلال التحجج بإعادة التمركز لمواجهة مخاطر وجودية أخرى، هكذا سيتم تسويق الأمر للداخل الإسرائيلي. يمكن لحرب أوسع ومختلف في فصولها واستراتيجياتها أن تحتفظ لنتنياهو بموقعه المفضل في قيادة الحكومة الإسرائيلية، خاصة هذه النسخة العصابية التي يمكن أن تشعل حرباً أهلية داخل إسرائيل، والشرط أن تكون هذه الحرب أقل كلفة من حرب غزة، لا تحمل أهدافاً طموحة، حرباً يمكن توصيفها بالحرب الدفاعية، الخدعة الإسرائيلية المفضلة، الدفاع! حسابات مدروسة وصعبة ومعقدة، وإن يكن من المبكر وصفها بالذكية أو المتهورة، جعلت إيران تنتهج الاستراتيجية نفسها، وتبدأ في عمليات عسكرية محدودة في العراق وسوريا، مع الضربة المفاجئة وغير المفهومة لباكستان على أرضية مطاردة جماعات مرتبطة باستقلال إقليم بلوشستان ذي الأغلبية السنية في إيران، وهو الإقليم الذي يقع الجزء الأكبر منه في باكستان. بالطبع، لا تمتلك إيران الرفاهية لنبش الصراعات في بلوشستان في هذه المرحلة، ولكن الرسالة واضحة، وتعني عدم البحث عن حلول وراء الصراع القائم في غزة، وإذا كانت إسرائيل تبحث عن حرب، فنحن نمتلك أيضاً خيارات كثيرة في انتقاء حروبنا، والواقع أنه لا أحد يريد أن يستورد نصيباً من الأزمة التي دخلت في مرحلة غير مسبوقة، مع الدعوى التي أطلقتها جنوب افريقيا في محكمة العدل الدولية، وهي الخطوة التي ستعيد تعريف الصراع في الشرق الأوسط، ولذلك تردد العديد من الدول في مقاربة هذه المسألة لأنها تتعامل مع طرف يمتلك الخبرة في العيش تحت حالة النبذ الدولي، وهو جنوب افريقيا نفسها.


تتسوق إسرائيل في المنطقة بحثاً عن حرب، وعدم قدرتها على إنتاج حالة مواجهة مناسبة لخروجها من ورطة غزة، سيجعل الهدف المتاح هو الضفة الغربية، بما يعني أن يتوزع الضغط على ساحتين، وأن يبدأ البحث عن حل في صفقة أبعد من الاشتباك المحرج الذي تمرغت فيها إسرائيل في الوحل ولم تعد قادرة على الخروج بمظهر وصورة تليق بما استثمرت في بنائه لعقود من الزمن، ويبدو أن السؤال عن الضفة الغربية لم يعد سؤالاً حول وقوع الاشتباكات الواسعة، أو الحرب في نسختها الثانية، ولكن حول التفاصيل، متى وكيف وأين؟ ما زالت إسرائيل تبحث عن حرب تجنبها التورط في مستنقع جديد، حرب دولية يمكن أن تستمر لسنوات في حالة حرب، تبادل قصف، ولكن من غير مواجهة كثيفة، ويجب أن يكون مقابلها بالطبع طرف يرحب بهذه الحرب، وما زالت إيران تستوصي بالصبر الإستراتيجي. حرب غزة لن تنتهي إلا بوجود تهديد آخر لإسرائيل يتيح الدوران للوراء، يفضل أن تكون حرباً أو حالة حرب خارج الحدود، ولكن المتاح، خاصة بعد عملية الاستهداف متعددة الفاعلين في رعنين، هو الحرب في الضفة الغربية، ويبدو أن إسرائيل ستحاول استهلاك الوقت قبل أن تلتقط هذه الورقة من على الطاولة، وترى ما الذي يختفي وراءها.

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة فلسطين غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة مقالات اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن تکون یمکن أن حرب غزة عن حرب

إقرأ أيضاً:

ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟ محاولات للفهم ..

 

ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟

محاولات للفهم ..

شمس الدين ضوالبيت

 

كتب الأستاذ أحمد عثمان عمر مقالاً مهماً في تقديري، حاول الإجابة فيه على هذا المسالة المحيرة. وللحقيقة كانت هذه واحدة من أكثر المسائل المثيرة للارتباك والحيرة، بعدما تكشفت لي من وسائط التواصل الاجتماعي عقب انقطاع طويل عنها أثناء وجودي في الخرطوم..

 

قال أحمد عثمان عمر إن الحجة الرئيسية لهؤلاء المثقفين التقدميين هي ان دعمهم للجيش في وجه المليشيا سيعيد الجيش للصف الوطني ويفك ارتباطه بالحركة الإسلامية، بما يسمح بالحفاظ على الدولة الوطنية ووحدتها وسلامة مؤسساتها. يصف الكاتب هذه الحجة بأنها (تسويق للوهم)، ويرد عليها بأن (محاولة استعادة الجيش المختطف للصف الوطني فشلت والحركة الجماهيرية في عنفوانها وقمة تقدمها لحظة الصعود الجماهيري خلال ثورة ديسمبر.. فكيف سيتسنى للحركة الجماهيرية استعادة الجيش المختطف للصف الوطني بدعمه خلال حرب صنعتها الحركة الإسلامية المختطفة له، وفي ظل انحسار حركة الجماهير وتفتتها؟ وكيف يمكن لجيش مختطف أشعل حربا من أجل السيطرة وحماية تمكين الحركة الإسلامية، أن يعود إلى حضن حركة الجماهير في حال دعمه من قبلها؟).

ما بين الحدثين: ثورة ديسمبر وإشعال الحرب، يعدد أحمد عثمان عمر محطات انحياز الجيش للحركة الإسلامية ووقوفه ضد الحركة الجماهيرية: انقلاب القصر؛ مجزرة فض الاعتصام مع الع*م ال*س*يع؛ تخريب فترة الانتقال؛ انقلاب أكتوبر 21‘؛ ليصل إلى إشعال الحرب (بسبب خروج المليشيا عن طاعة الحركة الإسلامية).

وللحقيقة فهذه الوقائع التي أوردها الكاتب هي ما حدث على الأرض بكل تفاصيلها. وزادت عليها الحرب بالجرائم المروعة التي حدثت أثناءها. والمؤكد أن جميع المثقفين التقدميين يعلمون كل هذه التفاصيل، بل إن كثيرين منهم كانوا هم من نبه إليها وكشف مستورها قبل الحرب.

فما الذي حدث !!؟؟

يقدم أحمد عثمان عمر عدة إجابات بدءا من العنوان وفي ثنايا المقال، على الوجه التالي:

– العجز والخوف من المليشيا (بمعنى شلل في الفكر بسببهما)

– أوهام وطنية (عودة الجيش للصف الوطني)

– حسن النية (المؤدي إلى جهنم)

– دعم أخف الضررين (يتجاهل أن ذلك يعني إعادة الحركة الإسلامية بأجندة تصفوية شاملة للثورة والثوار بدأت معالمها، في الحلفايا)

– وقوع في مستنقع الانتهازية (عدو عدوي صديقي، يتجاهل أن العدو المدعوم هو الأسوأ مقارنة بالعدو من صنعه)

….

كما ذكرتُ في البداية هذه واحدة من أكثر المسائل إثارة للحيرة، ولست أدري إن كانت الأسباب المذكورة تفسرها، كما أنني لا أعتقد أنها يمكن أن تغيب عن أذهان وعقول لا يتطرق شك لرجاحتها وقدراته التحليلية.

إن كان لي أن أضيف عاملاً إلى القائمة المذكورة كأسباب لهذه الظاهرة العجيبة، فهو العنصرية والانتماءات الجهوية القاتلة المغروسة عميقاً في ثقافتنا، فلها أيضاً القدرة الفائقة على شل التفكير وتغبيش الوعي، لا سيما إبَان الاستقطابات المجتمعية الحادة..

 

#بالمعرفة_نصنع_السلام_والتنمية

الوسومالجهوية العنصرية تقدميين شمس الدين ضو البيت ظاهرة

مقالات مشابهة

  • الكشف عن الاسباب الخفية التي أجبرت إيران للتخلي عن صبرها الاستراتيجي والرد بهجوم صاروخي مفاجئ على إسرائيل
  • كيف يمكن لإسرائيل الرد على إيران؟
  • كيف يمكن أن تتأثر أسعار النفط بالرد الإسرائيلي على إيران؟
  • ما الذي يدفع مثقفين تقدميين لدعم جيش الحركة الإسلامية ..!!؟؟ محاولات للفهم ..
  • بالفيديو.. إيران تعرض الصواريخ التي قصفت إسرائيل وخامنئي: ما قمنا به الحدّ الأدنى من العقاب
  • FT: لماذا لا يمكن لإسرائيل تدمير منشآت إيران النووية بمفردها؟
  • تعهد بحماية إسرائيل.. بايدن يستبعد الحرب الشاملة وأنباء عن هجوم إسرائيلي وشيك على إيران
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • واشنطن: لا يمكن تحديد مدة زمنية لعمليات إسرائيل في لبنان
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة