قال الكاتب البريطاني المعروف ديفيد هيرست إن "فشل المستبدين العرب في التصدي للاحتلال الإسرائيلي قد يمثل وقودا لانفجار قادم".
وأضاف هيرست في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" أن  "قلوب السعوديين والمصريين والأردنيين والعراقيين تغلي غضباً" بسبب ما يحدث في غزة من قتل وتجويع، مشيرا إلى أن "هذا الغضب لا مفر من أن يطفوا في نهاية المطاف على السطح، ثم ينفجر".


وتابع هيرست أن درجة الغضب اليوم أعلى بكثير من أي وقت مضى، ما يعني أن "على الطغاة توخي الحذر فيما يتمنونه. لا مفر من أن ترددهم العميق في التصدي لإسرائيل سوف ينفجر يوماً في وجوههم".


وفيما يلي النص الكامل للمقال من ترجمة "عربي21":

يقف العالم متفرجاً بينما تتشكل مجاعة في غزة قد تقتل أضعافاً مضاعفة لعدد من قتلوا من الفلسطينيين حتى الآن، ويقدرون بأربعة وعشرين ألفاً، بسبب القصف الإسرائيلي المستمر بلا هوادة.

في الشهر الماضي، قدر أن 90 بالمائة من سكان غزة يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام حاد في الأمن الغذائي، فيما يصنف بأنه المرحلة الثالثة أو ما يعرف بمستوى الأزمة. كان أكثر من 40 بالمائة من هؤلاء في حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة)، وأكثر من 15 بالمائة في الوضع الكارثي، والمتمثل بالمرحلة الخامسة والأخيرة.

من المتوقع أن تتطور المجاعة بشكل سريع خلال الأسابيع القادمة، وإذا لم يتغير شيء، فإن سكان غزة بأسرهم سوف يدخلون في مطلع شهر فبراير (شباط) مرحلة الأزمة، نصف هؤلاء سيكونون في مرحة الطوارئ، وأكثر من مليون نسمة سوف يكونون في مرحلة الكارثة، حيث تعاني الأسر من نقص شديد في الغذاء، وقد أنهكها الجوع وأضناها التعب.

ليست هذه من توقعات وزارة الصحة، التي تعامل بازدراء من قبل مجمل وسائل الإعلام الغربية باعتبارها خاضعة لإدارة حماس، وإنما هي توقعات آي بيه سي (التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي)، انطلاقاً من بيانات صادرة عن وكالات الأمم المتحدة وعن المنظمات الطوعية غير الحكومية. وكان آي بيه سي قد حذر قبل ثلاثة أسابيع من أن غزة ستكون صاحبة أكبر نصيب من البشر في العالم يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي – وأثبتت الأيام أن ذلك هو ما حدث بالفعل.

ما لم يعتبر داعمو إسرائيل في الغرب برنامج الغذاء العالمي واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية كيانات تديرها حماس، فإنه سوف يتوجب عليهم بشكل متزايد الاستماع إليها حينما تقول إن الشاحنات التي يسمح لها بالدخول إلى غزة لا تشكل سوى نزراً يسيراً مما هو ضروري من أجل تجنب مجاعة طامة تنال الجميع.

بالطبع، تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا أكثر بكثير من مجرد التفرج على الكارثة وهي تحصل في غزة، إنهم يساهمون بشكل فعال في تغذية آلة الحرب الإسرائيلية بالوسائل والأدوات التي تمكنها من الاستمرار في شن هذه الحرب حتى إشعار آخر.

ذكرت صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية، نقلاً عن مصادر حكومية معتبرة، أن الولايات المتحدة قامت منذ السابع من أكتوبر بإرسال 230 طائرة شحن وعشرين سفينة معبأة بقذائف المدفعية وبالعربات المصفحة والمعدات القتالية.

"ما الذي يمكن أن يُعمل؟"

هذا المستوى من توريد السلاح يتعارض مع اللغة التي تستخدمها الولايات المتحدة، وهذا بالمناسبة واحد من الأمور التي تحسنها واشنطن. ينبغي أن يمنح وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن جائزة أوسكار على أدائه في المنتدى العالمي الاقتصادي في دافوس، في سويسرا.

حينما سأله الكاتب في صحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان عما إذا كانت حياة المسلمين والمسيحيين تساوي في قيمتها ما هو أدنى من قيمة حياة اليهود، أجاب بلينكن بصوت متقطع وبعاطفة جياشة: "لا، نقطة آخر السطر. بالنسبة لي، وأعتقد بالنسبة للكثيرين منا، ما نشاهده في كل يوم من الأيام في غزة تعتصر له الأمعاء. والمعاناة التي نراها بين الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال يتقطع لها قلبي. إنما السؤال هو "ما الذي يمكن أن يُعمل؟"

وماذا عن الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار؟ وماذا عن وقف توريد القذائف والقنابل؟ وماذا عن مساندة القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا وتتهم فيها إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، أو على الأقل بارتكاب جرائم الحرب؟

العديد من الرحلات الجوية التي تحمل شحنات من الأسلحة والمعدات الأمريكية مرت عبر قاعدة أكروتيري البريطانية في قبرص، وذلك طبقاً لتحقيق أجراه موقع ديكلاسيفايد (رفع السرية)، بعدما نشرت صحيفة هآريتز تقريراً جاء فيه أن ما يزيد عن أربعين طائرة نقل أمريكية وعشرين طائرة نقل بريطانية، بالإضافة إلى سبع مروحيات مصممة لنقل الأحمال الثقيلة، هبطت كلها في قاعدة سلاح الجو الملكي أكروتيري، والتي تبعد عن تل أبيب مسافة أربعين دقيقة جواً. ويقال إن ألمانيا تنظر في تسليم إسرائيل عشرة آلاف طلقة ذخيرة من حجم 120 ملم، وأنها وافقت من حيث المبدأ على ذلك الطلب.

من حيث إنها تقول شيئاً وتفعل شيئاً آخر، لا تقل تركيا سوءاً إذ تخفق في وقف تجارتها المزدهرة مع إسرائيل. لا يجوز الاكتفاء بالقول إنه حتى في زمن حادثة مافي مرمرة، حينما تعرضت السفينة التركية إلى هجوم من قبل المغاوير الإسرائيليين في عرض البحر، إن التجارة لم تتوقف.

كما لا يجوز الاكتفاء بالقول إن سخط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موجه ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شخصياً وليس ضد إسرائيل ككل. كما أن زعيم المعارضة بيني غانتز يتحمل نفس الملامة عن المذابح التي ترتكب في غزة، مثله في ذلك مثل نتنياهو.

وكما هو الحال في العدوان الروسي على أوكرانيا، بلغت شدة القصف الإسرائيلي لغزة حداً كادت بسببه إسرائيل تقف باستمرار على حافة نفاد الذخيرة. لقد أسقطت إسرائيل ما يقرب من 30 ألف قنبلة وقذيفة على غزة خلال مائة يوم، وهذا يتجاوز ثمانية أضعاف ما أسقطته الولايات المتحدة على العراق في ست سنين من الحرب.

 إن الحيلولة دون أن تفلت إسرائيل من المساءلة والمحاسبة على القتل الجماعي للأبرياء من الرجال والنساء والأطفال لم تعد مسألة يسار أو يمين في السياسة الغربية. طبقاً للمعيار الوحيد الذي يأبه له الفلسطينيون فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن عضو متفرغ بأجر كامل في حزب الحرب، مثل الكثيرين من أسلافه ومعاصريه في الولايات المتحدة وفي بريطانيا على حد سواء.

مقعد مصر على خارج الحلبة

ولكن ليس لدى أي من هذه البلدان حدود مع إسرائيل. أحد البلدان التي تحتل مقعداً خارج الحلبة على بعد بضع بوصات من الحدود هي مصر.

تتحمل مصر مسؤولية مباشرة عن الحصار الحالي المفروض على غزة، والذي بات أشد قسوة وتوحشاً من أي وقت مضى خلال السنوات الست عشرة الماضية. ولذلك كان الصحفيون الذين نظموا اعتصاماً خارج مقر نقابة الصحفيين في القاهرة على صواب حينما هتفوا قائلين إن "مصر شريك في الحصار."

وكان من بين الهتافات التي صدح بها الصحفيون في اعتصامهم: "الصهاينة يتحكمون بنا .... طالما كان الدم العربي رخيصاً فليسقط أي رئيس. فعلها أحفاد نيلسون مانديلا. ونحن غارقون في الجبن والعار والذل. نريد فتح معبر رفح."

ونفس الرسالة تصدر عن الأطفال الذين يعايرون الجنود المصريين على امتداد السياج الحدودي، إذ يقولون لهم: "يقولون إن مصر هي أم الدنيا. وهل رأيتم أماً تتخلى عن أطفالها؟ كلهم راحوا حسبنا الله ونعم الوكيل."

في هذه الأثناء، يبدو أن المسؤولين المصريين لا يضيرهم التصريح بأرقام متضاربة. ففي أواخر الشهر الماضي، قال وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار إن مصر استقبلت 20 ألف جريح فلسطيني في ما يقرب من عشرين مستشفى. ثم بعد أسبوعين من ذلك فقط قال ضياء رشوان، رئيس وكالة الإعلام التابعة للدولة، إن مصر استقبلت 1210 جريحاً فلسطينياً.

أكثر من ستين ألف فلسطيني جرحوا في غزة، وبعضهم يموتون داخل سيارات الإسعاف وهم ينتظرون الخروج، وأحياناً يصل تصريح المغادرة بعد وفاة المريض.

لا يضير إسرائيل أن تلقي بحلفائها الإقليميين تحت عجلات الحافلة. فحينما كانوا يدافعون عن أنفسهم في الأسبوع الماضي أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي في مواجهة التهم بارتكاب جرائم حرب، حمل أعضاء فريق الدفاع الإسرائيلي القاهرة المسؤولية عن منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. أحرج ذلك مصر، فما كان من ضياء رشوان إلا أن أصدر بياناً قال فيه إن معبر رفح يخضع للسيطرة الإسرائيلية.

وقال، صادقاً في ذلك، إن كبار المسؤولين الإسرائيليين أكدوا مرات عديدة منذ بداية الحرب بأنهم "لن يسمحوا بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، وخاصة الوقود، لأن ذلك جزء من الحرب التي تشنها دولتهم على القطاع."

يتمثل الموقف الرسمي المصري في أن مصر بإمكانها فقط أن تتحكم بالجانب الخاص بها من الحدود. والحقيقة هي أن التعاون مع إسرائيل يذهب إلى أعمق من ذلك بكثير.

تاريخ متقلب

على مر التاريخ، لم تزل علاقة مصر بغزة وبالقضية الفلسطينية مسألة معقدة. حينما كانت أكبر البلدان العربية سكاناً تتمتع بوزن جيوسياسي، كان دعم الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر للثورة في الجزائر عاملاً أساسياً في نجاحها.

أما الرئيس السابق حسني مبارك فلعب دوراً معقداً في غزة، حيث ساعد على فرض الحصار على القطاع بعد فوز حماس في انتخابات عام 2006. في عهد مبارك قبلت مصر بعدم السماح بعبور أي شيء إلى داخل غزة قبل الحصول على موافقة إسرائيلية على ذلك. ولكن في نفس الوقت، استمرت التجارة عبر الأنفاق. فوق الأرض، ضغطت مصر في عهد مبارك على غزة، وأما تحت الأرض فكانت الأنفاق بمثابة متنفس لأهل القطاع.

ولكن عندما بلغ الضغط حداً لا يحتمل، واندلع القتال كما حدث في عام 2008، وقفت تسيبي ليفني، التي كانت حينها تشغل منصب وزيرة الخارجية الإسرائيلية، إلى جانب نظيرها المصري أحمد أبو الغيط، الذي يشغل اليوم منصب أمين جامعة الدول العربية، لتقول إن إسرائيل سوف تهاجم غزة. كان دعم مصر لإسرائيل في تلك الحرب أحد العوامل التي كانت وراء انطلاق الثورة التي أسقطت مبارك بعد ثلاث سنين.

ولكن بعد الحرب راحت مصر تراوغ وتتمايل تارة أخرى، قائلة إن الأنفاق كانت من تداعيات الحصار، ومعلنة عن رفضها للحظر المفروض على دخول الأسلحة إلى غزة.

عاشت غزة أفضل أوقاتها في عهد محمد مرسي، الرئيس العضو في جماعة الإخوان المسلمين، الذي أبقى على معبر رفح مفتوحاً وتدخل لوقف الحرب التي اندلعت بعد ذلك. ثم بالانقلاب عليه، وباستيلاء وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي على السلطة، شهدت غزة أحلك أيامها على الإطلاق.

بذل السيسي كل ما في وسعه لكي يشدد الحصار، فلجأ إلى إغراق الأنفاق، وأجبر سكان رفح المصرية على النزوح عنها من أجل خلق منطقة محايدة على طول الحدود. في عهد السيسي، زادت أهمية المعابر الحدودية الإسرائيلية كسبل أساسية للإبقاء على غزة على جهاز الإنعاش من خلال التحكم بما يدخل إليها من طعام ومياه ووقود.

عاملان اثنان يتحكمان بهذا التاريخ شديد التقلب. أما الأول فهو التراجع الجيوسياسي لمصر في عهد السيسي، حيث لم تعد مصر ذات أهمية بالنسبة لجيرانها الكبار، ولا أدل على ذلك من أنه في خضم الحرب الأهلية في السودان، راحت دولة الخليج الصغيرة، الإمارات العربية المتحدة، تمارس الدور الأكبر. وكذلك فقدت مصر فقدت أهميتها بالنسبة للصراع على السلطة في ليبيا.

وأما العامل الثاني فهو الرعب الذي يعيشه السيسي من جماعة الإخوان المسلمين، ومن تمسكها الدائم بحقها الشرعي في حكم مصر – وهو رعب يرتبط بشكل وثيق بالقمع الوحشي الذي مورس ضد الربيع العربي.

لو كان السيسي صادقاً فيما ذكره عن عدم سماحه لإسرائيل بممارسة التطهير العرقي في غزة، فإن من واجبه أن يهب لمساعدة الفلسطينيين على البقاء على قيد الحياة داخل جزيرتهم المدمرة. ينبغي على مصر ضمان حصول غزة على احتياجاتها الأساسية من طعام ومياه ودواء، إما من خلال المعبر أو عبر البحر.

كما بإمكان مصر أيضاً أن تدعو أعضاء منظمة التعاون الإسلامي للانضمام إليها في إنزال المساعدات جواً كما فعل الحلفاء في عام 1948 حين كسروا الحصار الذي كان مفروضاً على برلين. من شأن مثل هذا الجسر الجوي أن يتحدى نفاق الغرب ودموع التماسيح التي يذرفها على أهل غزة إذ يتضورون جوعاً. بالطبع لن يحصل ذلك لأن الدكتاتورية، كتلك التي يتربع السيسي على عرشها، كل ما يهمها هو بقاؤها هي على قيد الحياة، ولا شيء سوى ذلك.

إلا أن الرابطة ما بين النضال من أجل الحقوق الفلسطينية والمعركة المحلية من أجل الديمقراطية في مصر غير قابلة للانفصام، والسيسي يعلم ذلك علم اليقين. كلا الأمرين يلهم بعضهما البعض، ولهذا السبب، وفيما عدا بضع مسيرات مرتبة، حظرت الدولة المصرية كل مظهر من مظاهر التضامن الشعبي مع الفلسطينيين.

بالطبع، تلعب مصر دوراً دبلوماسياً في السعي لإنهاء الحرب، ولكن آخر ما تقدمت به من مقترح، يتكون من ثلاث مراحل، كانت الغاية منه بالدرجة الأولى تحرير الرهائن. ولابد هنا من الإقرار بأن مصر حالت دون قيام إسرائيل بطرد الفلسطينيين جماعياً من غزة والدفع بهم نحو سيناء. ولكن الدولتين تشتركان في غاية واحدة. مثله مثل إسرائيل تماماً، يريد السيسي غزة منزوعة السلاح ويريد القضاء على حماس.

ومن حيث ما تفعله مصر على الأرض من أجل الإبقاء على عنق الزجاجة في مسار الإغاثة الإنسانية في رفح، مقابل ما تتحدث عنه الحكومة، فإن السيسي يوفر لبلينكن عائداً جيداً على استثماره في مهنته القادمة في التمثيل المسرحي.

فلسطين كقضية عالمية

ولكن ثمة شيئاً آخر يحدث لا يقل أهمية عن ذلك، ألا وهو تصدي نصف الكرة الجنوبي للدفاع عن فلسطين بصفة رسمية. فقد تصدرت جنوب أفريقيا الأمر من خلال مبادرتها برفع قضية الإبادة الجماعية لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي.

وفي نفس الوقت، عادت فلسطين لتبرز كقضية عالمية، تماماً كما كان عليه الحال في النضال ضد نظام الفصل العنصري (الأبارتيد) في جنوب أفريقيا. وما من شك في أن تشكيلة فريق المحامين الممثل لجنوب أفريقيا معبر عن ذلك، فأعضاؤه من كل العرقيات، ذكور وإناث، بينهم الإيرلندي والبريطاني والجنوب أفريقي. لا يوجد رسمياً من بينهم فلسطيني واحد. ومع ذلك، وبعد يوم واحد من انتهاء جلسات الاستماع، خرجت مظاهرات عارمة في خمسة وأربعين بلداً – ولكن ليس في مصر ولا في السعودية ولا حتى في الجزائر.

ولكن ينبغي على طغاة مصر والخليج ألا يشعروا بشيء من الارتياح إزاء ذلك. ففي استطلاع أخير للرأي أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسة، استطلعت فيه آراء 8 آلاف شخص من 16 بلداً، قال 92 بالمائة من المشاركين إن القضية الفلسطينية مسألة تهم جميع العرب.

اعتبر ما يقرب من 90 بالمائة من المشاركين العرب في الاستطلاع أن هجوم السابع من أكتوبر من قبل حركة حماس، والتي تخضع للحظر في بريطانيا وفي بلدان أخرى باعتبارها منظمة إرهابية، كان "عملية مقاومة مشروعة" أو "شيئاً خاطئاً، ولكنه يبقى عملية مقاومة مشروعة."

رفض تسعة وثمانون بالمائة من المشاركين في الاستطلاع الاعتراف بإسرائيل، وهو أعلى رقم يحققه المركز في تاريخ استطلاعاته للرأي حول هذا الموضوع. فقط ثلاثة عشر بالمائة من المشاركين العرب في الاستطلاع قالوا إنهم يعتقدون أن السلام مع إسرائيل مازال ممكناً.

تغلي قلوب السعوديين والمصريين والأردنيين والعراقيين غضباً، وهذا الغضب لا مفر من أن يطفوا في نهاية المطاف على السطح، ثم ينفجر. خذ على سبيل المثال ما حدث لفاروق الأول، ملك مصر ما قبل الأخير الذي تنازل عن العرش لابنه الطفل فؤاد، الذي لم يزد حكمه على بضعة شهور قبل أن يُلغى النظام الملكي. لقد دفع فاروق ثمن دعمه للنكبة في عام 1948، وكان ذلك هو السبب من وراء سماح المصريين للجيش بالاستيلاء على السلطة بعد ذلك بعدة سنين عبر الانقلاب.

واليوم، درجة الغضب أعلى بكثير من أي وقت مضى.

على الطغاة توخي الحذر فيما يتمنونه. لا مفر من أن ترددهم العميق في التصدي لإسرائيل سوف ينفجر يوماً في وجوههم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية ديفيد هيرست غزة الفلسطينيين رفح السيسي السيسي فلسطين غزة رفح ديفيد هيرست المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة مع إسرائیل على غزة من أجل فی عهد فی غزة

إقرأ أيضاً:

حروب مصر وتركيا وإيران مع إسرائيل بين الحقيقة والتهويل؟!

بينما تخوض إسرائيل ثلاثة حروب عدوانية فعلية تحولت الأنظار أو تم تحويلها عمدا إلى ثلاثة حروب أخرى محتملة باعتبارها الخطر الأكبر الماثل الذي تواجهه هذه المنطقة المنكوبة.

تخوض إسرائيل حرب إبادة وتهجير في الضفة وحرب إبادة وتجويع وتهجير في غزة.

تخوض حربا ضد لبنان للقضاء على استعادة مقاومته لعافيتها وجعل نظامه السياسي عجينة طيعة في يده. وتخوض حربا للاستيلاء على جنوب سوريا وتحويل دمشق لبلد منزوع السلاح والسيادة.

إلا إنه في غضون ذلك دقت أجراس الخطر تنذر بأن إسرائيل قد تدخل حربا إمّا مع تركيا وإمّا مع مصر وإما مع إيران.

في الحالة التركية وعلى الأرض السورية التي يتنازع عليها الطرفان، شنت إسرائيل غارات على مطارات سوريا، تدّعي إسرائيل أنها قامت بتدميرها لأن تركيا كانت تخطط لتحويلها إلى قواعد طيران ودفاع جوي تابعة لها قد تهدد إسرائيل.

التحذير من حرب محتملة بين مصر وإسرائيل كان قد بدأ بوتيرة منخفضة بعد طوفان الأقصى بنحو شهرين مع إعلان إسرائيل عن خطتها لتهجير الفلسطينيين في غزة إلى سيناء، ارتقى إلى وتيرة متوسطة عندما احتلت إسرائيل محور «فيلادلفيا» منذ ما يقرب من عام منتهكة اتفاقيات السلام مع مصر. ولكنها وصلت لذروتها الإعلامية في الأسبوعين الأخيرين مع بدء الإسرائيليين حملة تزعم أن مصر أنشأت بنية تحتية عسكرية هجومية في سيناء بالمخالفة للاتفاقيات، أي أنها مع ارتفاع مستوى تسليح جيشها في العقد الماضي ربما تخطط لمفاجأة إسرائيل بحرب على غرار حرب أكتوبر ٧٣.

أما الحرب بين إيران وإسرائيل فعادت نذرها مع إعطاء ترامب الشهر الماضي مهلة شهرين لطهران للدخول في مفاوضات حول برنامجها النووي أو التعرض لهجوم جوي مؤلم. وجرى بعدها تصعيد الحشد العسكري في المنطقة وإعلان واشنطن عن تطوير صواريخ تحمل قنابل قادرة على اختراق تحصينات الموقعين النوويين الإيرانيين. هذه الحروب الثلاثة غير مطروحة جديا على المدى القصير رغم اختلاف نمط العلاقة «التحالف الاستراتيجي» التي تربط القاهرة وأنقرة مع واشنطن عن العلاقة «العداء الاستراتيجي» التي تربط طهران بواشنطن وتل أبيب. اختلاف نمط العلاقة بين أطراف الإقليم الثلاثة الأصيلة مع المعربد الإسرائيلي وداعمه الأمريكي لم يمنع من وجود أسباب مشتركة بين هذه الأطراف ترجح عدم نشوب الحرب في المدى المنظور.

هذه الأسباب يمكن إجمالها في الآتي:

الدفع لحافة هاوية الحرب ليس شرطا لنشوبها بل يكون ـ في أحيان ـ سببا في منع حدوثها بتفضيل أطراف للتفاوض بدلا من القتال أو لجوء أطراف أخرى للتراجع والتنازل بفعل الردع الذي حققه خصمها. من المؤشرات على التراجع عن حافة المواجهة تحت الضغط في الجبهة التركية - الإسرائيلية التي تتخذ من سوريا العربية مرتعا لها يقول الأتراك الآن بعد الغارات إنهم لا يسعون لمواجهة مع إسرائيل وهناك مؤشرات على أن أنقرة قد تتراجع عن خطة نشر صواريخ دفاع جوي وطائرات في سوريا. هناك مؤشرات أيضا على أن الإيرانيين الذين رفضوا المفاوضات المباشرة مع واشنطن قد يقبلوا بها لاحقا إذا حصل تقدم جدي في المفاوضات غير المباشرة.

إسرائيل بحكم طبيعتها ككيان توسعي ستصل عند نقطة ما وبصورة متدرجة إما لمواجهة مع دول عدة في المنطقة ولكن الحرب مع مصر أو ومع تركيا ليست من الأولويات الحالية لها. أولويات إسرائيل الإقليمية مدعومة من إدارة ترامب تنحصر راهنا في ٣ أهداف أساسية:

في الجبهة - الفلسطينية استكمال الاستيلاء على أكبر قدر من الضفة الغربية وتقسيم ما تبقى من فتات إلى سبعة كانتونات فلسطينية منعزلة عن بعضها تتحكم إسرائيل فيها وتقسم قطاع غزة لخمسة مناطق منعزلة «خطة الأصابع الخمسة» تمهيدا على المدى الأطول لتنفيذ مخطط التهجير الفلسطيني من كليهما والحصول على نحو ٩٠٪ من فلسطين التاريخية كدولة يهودية عنصرية.

الهدف الثاني هو استكمال تقويض محور المقاومة المرتبط بإيران قبل الالتفات لإيران نفسها أي أن التركيز الإسرائيلي الآن هو استكمال تدمير حماس في غزة وفي الضفة وتدمير حزب الله في لبنان، وبالتعاون أو بالاعتماد على الأمريكيين العمل على تدمير الحوثيين في اليمن.

الهدف الثالث هو إخضاع بلاد الشام لهيمنة إسرائيلية تتضمن نزع سلاح المقاومة في لبنان ونزع سلاح الدولة في سوريا والاستيلاء على مواقع استراتيجية في كليهما وبإخضاع هذه الدول للدخول في عملية التطبيع.

إذا نجحت إسرائيل وأمريكا في إنجاز هذه الأهداف من الحروب القائمة وهو أمر مشكوك فيه ستلتفت أول ما تلتفت إلى إيران العدو الإقليمي الحقيقي المستقل عن الإرادة الأمريكية والرافض لأي هيمنة إسرائيلية على الشرق الأوسط.

وهنا فإن أنقرة الشريك الاستراتيجي لواشنطن في حلف الناتو- ومهما استخدمت حكومتها من خطاب معادي لإسرائيل- ليست أولوية للسلوك العسكري الإسرائيلي الحالي. الحرب أيضا مع مصر ليست أولوية لإسرائيل في حرب مع مصر هو إيذان بعودة الصراع العربي/ الإسرائيلي إلى مرحلة العداء الشامل وينقلها مرة أخرى معسكر العداء للولايات المتحدة وهذه خسارة استراتيجية أكبر من أن تتحملها أمريكا وليس فقط إسرائيل فكل هندسة الشرق الأوسط الأمريكية مبنية بالأساس على نهاية عصر التحرر الوطني ومعاداة الإمبريالية وانتقال القاهرة لمعسكر الغرب الرأسمالي.

سبب آخر هو أن القيادة السياسية لا تميل إلى التورط في هذه الحرب أو في التجاوب مع سلوك إسرائيل الاستفزازي. قادة الدول الثلاثة الأصيلة في المنطقة يعرف على حدة أن الحرب تتضمن احتمالا ولو كان ضئيلا بالخسارة وهذا معناه أن هذه القيادة ستكون مضطرة للخروج من الحكم إذا منيت بهزيمة أمام إسرائيل الدخيلة على الإقليم. اللافت أن هذا هو حال نتنياهو أكثر من الجميع فرغم تبجحه بأنه سيغير خريطة الشرق الأوسط وينتصر على كل الأعداء فإنه ليس مندفعا كما هو حاله مع الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين.. فهو يعلم أنه كان قد نجا من الخروج من السلطة بعد هزيمة السابع من أكتوبر فإنه قطعا سيخرج مجللا بالعار إذا هزم في حرب مع طهران أو أنقرة أو القاهرة.

المنظومة العسكرية في البلاد الأربعة ليست أقل حذرا. إيران مثلا تحتاج فترة لاستعادة قوة منظومة دفاعها التي تضررت بقسوة من الهجوم الإسرائيلي الأخير. وتركيا ربما لديها مخاوفها من مواجهة مع الجيش الإسرائيلي في سوريا المتفوق فيها جويا وميدانيا. اللافت أيضا أن الإسرائيليين يخافون من حرب من هذا النوع ففي تقديراتهم أن الجيش يحتاج لفترة حتى يستعيد قوته المنهكة ويعيد بناء فرقه البرية.

الدور الأمريكي رغم التطابق الأيديولوجي بين نتنياهو وترامب إلا أن هناك حدودا لن تسمح واشنطن لإسرائيل بتخطيها كأن تؤدي هذه العربدة بتهديد بقاء النظامين الحليفين للولايات المتحدة في مصر والأردن أو إشعال منطقة الخليج، كما لن تسمح بأن تخرج دولة بوظائف شديدة الأهمية مثل تركيا من عضوية الناتو. دور ضابط التفاعلات الصراعية بين إسرائيل وحلفائها العرب والأتراك من جهة قد يمنع تحويلها حروبا فعلية. دعوة ترامب لكل من نتنياهو والسيسي لزيارة واشنطن على التوالي خلال الشهر الجاري تشير إلى تدخل أمريكي لمنع إلحاق الأذى بما تعتبره أحد أكبر إنجازاتها الاستراتيجية وهو إخراج مصر من الصراع مع إسرائيل. وحتى مع عدوتها إيران هناك تفضيل أولي لدى فريق ترامب لتجريب الضغط المؤلم على إيران التي يعاني اقتصادها بشدة لتقديم تنازلات قبل الذهاب للحرب غير المضمونة مع عدو لا يستهان به.

هذه هي حقيقة الاحتمالات المحدودة للحرب في أي من الجبهات الثلاثة التي تم فيها قدر من التهويل في الفترة الماضية.. وبالتالي لابد من الالتفات إلى أن تضخيم إسرائيل لحروب لن تحدث قريبا يساعد في تحويل الأنظار عن الحروب الثلاثة الإسرائيلية الدائرة فعليا في فلسطين ولبنان وسوريا ويعطيها كل الوقت للاستيلاء على كامل فلسطين وتثبيت لإسرائيل كقوة مهيمنة على بلدان المشرق العربي. كما يعطي فرصة للنظام الرسمي العربي للإيحاء لجمهوره الغاضب من أنه حقق إنجازا بتفادي الدخول في حرب جديدة. على أن الحقيقة تقول: إن منع حرب مع إسرائيل دون وقف حرب الإبادة في غزة ومنع مخطط الاستيلاء على الضفة إنما يؤجل فقط استفراد إسرائيل بوحدات هذا النظام لاحقا بعد إكمال هيمنته على فلسطين وبلاد الشام.

حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري

مقالات مشابهة

  • حروب مصر وتركيا وإيران مع إسرائيل بين الحقيقة والتهويل؟!
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • الذهب والفضة ينخفضان مع تصاعد الحرب التجارية التي أعلنها ترامب
  • لاغا: تسليح المهاجرين غير الشرعيين قادم بحجة الدفاع عن أنفسهم
  • الكشف عن الدولة العربية التي قدمت دعما لحملة القصف على اليمن
  • عيد محور المقاومة الذي لا يشبه الأعياد
  • الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن
  • حماس: لن ننقل "الرهائن" من المناطق التي طلبت إسرائيل إخلائها
  • حماس: لن ننقل "الرهائن" من المناطق التي طلبت إسرائيل إخلائها
  • كتائب القسام: ننعى القيادي حسن فرحات الذي اغتالته إسرائيل في صيدا رفقة ابنته