وزيرة المالية: تنويع الاقتصاد في قطاعات الصناعة والسياحة هو السبيل لتحقيق النمو في المغرب
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن تنويع الاقتصاد الوطني، من خلال الارتكاز خصوصا على القطاعين الصناعي والسياحي، يعد السبيل لتحقيق النمو.
وأوضحت فتاح في حوار خصت به قناة “سي. إن. بي. سي” عربية، على هامش مشاركتها في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، “إن تنويع اقتصادنا هو ما سيمكننا من النمو، والذي يشمل على الخصوص قطاعات متعددة كالصناعة والسياحة وغيرها من القطاعات التي تعرف انتعاشا”، مضيفة “نراهن أيضا على ثقة المستثمرين المحليين والأجانب الذين لا زالوا يحافظون على وتيرة استثمارهم لإحداث فرص الشغل وتعزيز النمو”.
وأبرزت الوزيرة أن الظرفية الاقتصادية العالمية كان لها ضغط كبير على الاقتصاد والمالية العمومية في المغرب، لكن بعض القطاعات من قبيل الصناعة والسياحة تمكنت من التعافي بعد الأزمات المتتالية، لتعود بذلك إلى سكة النمو.
ومن أجل معالجة الاضطرابات الراهنة – تضيف الوزيرة – قررت الحكومة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إقرار برامج مستعجلة ولكن مستهدفة، قصد معالجة ارتفاع الأسعار وندرة الموارد المائية وتفاقم التضخم، قائلة “أهم شيء بالنسبة لنا هو أن يكون التدخل والبرنامج سريعا جدا لكي لا نسمح لهذه الاضطرابات بالتأثير على أداء الشركات وعلى الاقتصاد في المملكة”.
وفي هذا الصدد، أشارت فتاح إلى أن المغرب يعاني منذ سنوات من موجة جفاف حاد ينعكس سلبا على القطاع الاقتصادي، موضحة أنه “وبأوامر من جلالة الملك يتم إيلاء أهمية قصوى لهذا الورش”.
وأضافت: “اعتمدنا برنامجا حكوميا بين 2026 و2027 سيكلف نحو 15 مليار دولار، والذي يشمل أبعادا متعددة: أولا التسريع بحلول حول تحلية مياه البحر، حيث نمتلك حاليا تقريبا نحو 200 مليون متر مكعب، والهدف بين 5 أو ست سنوات هو الوصول إلى مليار و400 مليون متر مكعب”.
ولفتت الوزيرة إلى الاستمرار، أيضا، في برنامج تشييد السدود، وإنجاز الطرق السيارة المائية التي تهم المناطق ذات الوفرة في المياه قصد استعمال هذه الموارد المائية في مناطق أخرى تعاني من الخصاص.
وبحسب المسؤولة الحكومية، يتوقع أن تسجل سنة 2023 معدل نمو قدره 3,4 في المائة، رغم تراجع القطاع الفلاحي الذي عرف مع ذلك نموا مهما مقارنة بسنة 2022 التي كان فيها الجفاف أكثر حدة.
وأبرزت السيدة فتاح أن هناك نوعان من التضخم تتعامل معهما المملكة، يتعلق أولهما بتضخم مستورد يرتبط بأسعار الطاقة والنقل، قائلة “في هذا المجال اخترنا تقديم إعانات مستهدفة من قبل الدولة حتى لا يكون هناك تأثير على الاقتصاد بكامله (…) أشير هنا إلى النقل أو الكهرباء اللذين اخترنا أن تكون أسعارهما في مستوى مناسب حتى لا تكون هناك آثار على النمو”.
أما النوع الثاني – بحسب الوزيرة – فيهم التضخم المرتبط بالمواد الغذائية والقطاع الفلاحي، وهنا تم “إقرار برنامج استعجالي تناهز قيمته 10 مليارات درهم في 2023، والذي هم سلسلة الإنتاج”.
وقالت بهذا الخصوص: “هكذا، بدأنا نرى منذ شهر شتنبر الماضي أن نسبة التضخم في المواد الغذائية ذات الوقع على عدد من الأسر بدأت تنخفض تدريجيا، والتوقع أن نصل إلى معدل 6 في المائة في آخر دجنبر”.
وأكدت المسؤولة الحكومية أن الحفاظ على التوازنات هو خط أحمر وأمر بالغ الأهمية، قائلة “ما نريده الآن هو الإبقاء على وتيرة الإصلاحات، وحتى نحظى بالمصداقية في هذه الإصلاحات وتكون لدينا تمويلات، يتعين أن نحافظ على هذه الوتيرة التي تتيح خفض عجز الميزانية سنويا”.
المصدر: اليوم 24
إقرأ أيضاً:
الحرب في السودان: الشروط المالية والاقتصادية للإصلاح النقدي
بروفيسور: حسن بشير محمد نور
الإصلاح النقدي هو عملية حيوية تهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي عبر مجموعة من التدابير المالية والسياسات النقدية. ويعد الإصلاح النقدي ضرورة خاصة في الدول التي تعاني من التضخم المفرط، تدهور قيمة العملة، وانخفاض القدرة الشرائية. ولكن تحقيق الإصلاح النقدي يتطلب توافر شروط اقتصادية ومالية محددة، من بينها استقرار الوضع السياسي، توفير احتياطيات كافية من النقد الأجنبي، وسيطرة الدولة على الموارد الاقتصادية. ومن البديهي ان تغيير الفئات النقدية للوحدة النقدية (الجنيه مثلا) يتم ضمن حزم الاصلاح النقدي وليس كأجراء معزول.
اذن ما هي الشروط المالية والاقتصادية للإصلاح النقدي؟
تشمل تلك الشروط الآتي:
1. استقرار البيئة الاقتصادية والسياسية: لا يمكن تحقيق إصلاح نقدي فعال ومستدام في ظل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. تحتاج الدولة إلى مؤسسات قوية وقادرة على تنفيذ السياسات المالية المطلوبة.
2. السيطرة على التضخم: يعد التحكم في معدل التضخم أمرًا حاسمًا، حيث يؤدي التضخم المفرط إلى فقدان الثقة في العملة الوطنية وزيادة الطلب على العملات الأجنبية. بالتالي فان أي اجراءات نقدية مع معدلات التضخم المتصاعدة عديمة الفائدة ولن تزيد الامر الا سؤا.
3. التنويع الاقتصادي: يساعد تنويع مصادر الدخل القومي في تخفيف الضغط على العملة المحلية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وانتاج قيم اقتصادية مضافة يساهم في تعزيز قيمة العملة.
4. وجود احتياطيات نقدية كافية: لا بد من توافر احتياطيات من النقد الأجنبي لمواجهة أي ضغوط مالية ولضمان استقرار سعر الصرف.
5. تعزيز الإنتاج المحلي: دعم القطاعات الإنتاجية المحلية وتعبئة الموارد المحلية خاصة قطاعات الانتاج الحقيقي، يعزز من الإنتاجية ويقلل من الاعتماد على الواردات، ويساهم في تقوية العملة المحلية.
من جانب اخر يتطلب الإصلاح النقدي العديد من المعايير والمحددات التي تشمل:
معدل الفائدة او بدائلها في النظام المصرفي الاسلامي: يعتبر ضبط معدلات الفائدة إحدى الأدوات الهامة لتحقيق الاستقرار النقدي، حيث يؤدي تخفيض الفائدة إلى تحفيز الاقتراض والاستثمار، بينما يؤدي رفعها إلى السيطرة على التضخم. ويشار ايضا الي اليات الصيغ الاسلامية المستخدمة ومدي فاعليتها.
سعر الصرف: امكانية تحديد سعر صرف مستقر يعزز ثقة المستثمرين، ويؤدي إلى استقرار السوق المالي، اذ ان التغير المستمر في سعر الصرف يزعزع الثقة في النظام المصرفي والتمويلي.
تحقيق معدلات منتظمة للنمو الاقتصادي: أي إصلاح نقدي يتطلب تحقيق نمو اقتصادي إيجابي منتظم، مما يساهم في خلق فرص عمل وتقليل معدلات الفقر والبطالة.
بالاشارة لما اوردنا اعلاه توجد العديد من العقبات أمام الإصلاح النقدي في ظل الخلل الاقتصادي الهيكلي وخاصة في ظل ظروف الحرب الجارية في السودان.
في حالة الدول التي تعاني من الحروب وعدم الاستقرار، تصبح عملية الإصلاح النقدي أكثر تعقيدًا نتيجة للعقبات التالية:
1. ضعف المؤسسات المالية: تفتقر الدول المتأثرة بالحروب مثل السودان إلى مؤسسات مالية قوية وفعالة. وقد رأينا امثلة لذلك فيما دار حول تبعية بنك السودان المركزي، الموازنة العامة وديوان الضرائب واخيرا تغيير بعض فئات العملة.
2. التدهور الهيكلي للاقتصاد: في زمن الحرب، تتعرض البنى التحتية إلى تدمير واسع، مما يؤثر على القطاعات الإنتاجية ويزيد من الاعتماد على الواردات والسودان مثال ساطع لذلك.
3. انخفاض الإيرادات الحكومية: ينعكس التراجع في الإيرادات على قدرة الدولة على تمويل الإصلاحات الضرورية، بما فيها الإصلاحات النقدية او حتي تحمل تكلفة طباعة فئات نقدية جديدة عديمة الجدوى.
4. التضخم وانخفاض قيمة العملة: تعاني الدول التي في حالة حرب مثل السودان من التضخم المفرط بسبب ارتفاع الطلب على السلع الأساسية وتراجع قيمة العملة، مما يزيد من صعوبة تطبيق الإصلاح النقدي.
من هنا تأتي خطورة طباعة عملة جديدة أثناء الحرب
من المؤكد ان طباعة عملة جديدة، خاصة بفئات نقدية كبيرة مثل فئة خمسمائة والف جنيه سوداني، خلال زمن الحرب يعد خطوة محفوفة بالمخاطر. فالإقدام على طباعة عملة دون تغطية مالية كافية يؤدي إلى التضخم الجامح، ويؤدي إلى تراجع قيمة العملة بشكل سريع، ما قد يفاقم الأزمة الاقتصادية الحادة اصلا. وتؤدي هذه الإجراءات إلى زيادة الكتلة النقدية في الاقتصاد دون دعم حقيقي من الإنتاج أو التصدير، ما يعزز من فوضى السوق النقدي ويزيد الطلب على العملات الأجنبية.
يضاف لذلك الخطورة السياسية التي تؤدي لعزل مناطق واسعة من البلاد من تداول الفئات الجديدة، كونها تقع تحت سيطرة الدعم السريع اضافة لعدم وجود مصارف عاملة في تلك المناطق. ومن البديهي ان ملايين السودانيين يعيشون تحت سيطرة مليشيا الدعم السريع، لكنهم يستخدمون تطبيقات مصرفية سيلحق بها الضرر نتيجة لصعوبة السحب والايداع بين الفئات القديمة والجديدة.
الحالة الراهنة للإصلاح النقدي في السودان
يمر السودان حاليًا بأزمة سياسية واقتصادية حادة بسبب النزاعات الداخلية وتوزيع السيطرة بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، وفصائل مسلحة أخرى. ويعاني الاقتصاد السوداني من تدهور كبير نتيجة لهذه الانقسامات، الأمر الذي يجعل أي إصلاح نقدي في الوضع الراهن مستحيلا وغير مجدٍ للأسباب التالية:
1. انقسام السلطة: يتسبب تقاسم السيطرة بين القوى المختلفة في إضعاف مؤسسات الدولة الاقتصادية، مما يجعل تطبيق أي إصلاحات نقدية أو مالية غير قابل للتنفيذ.
2. التضخم المفرط وتدهور قيمة العملة: يعاني السودان من تضخم مفرط بسبب التدهور الاقتصادي الحاد وانخفاض قيمة الجنيه السوداني، الأمر الذي يعيق إمكانية استقرار العملة.
3. تراجع الاستثمارات المحلية والخارجية: في ظل انعدام الأمن والاستقرار، تتراجع الاستثمارات، مما يضعف الاقتصاد السوداني ويزيد من العجز المالي للدولة.
4. عدم وجود احتياطيات نقدية كافية: يعاني السودان من نقص حاد في احتياطيات النقد الأجنبي، مما يجعل من الصعب دعم أي إصلاح نقدي ناجح او حتي استقرار نسبي في سعر الصرف.
بناءً على ما سبق، فإن الإصلاح النقدي يتطلب ظروفًا ملائمة من الناحية السياسية والاقتصادية، وهو أمر صعب التحقق في السودان، ان لم يكن مستحيلا في ظل الوضع الحالي من الحرب والانقسام السياسي. يظل السودان في حاجة ماسة إلى تحقيق الاستقرار السياسي والامني، الذي يتطلب في المقام الاول وقف الحرب كشرط اساسي لأي إصلاح اقتصادي، حيث إن أي محاولة للإصلاح النقدي في ظل هذه الظروف ستكون غير مجدية وقد تؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية، بدلا من تحقيق أي نتائج ايجابية يمكن ان تنعكس علي حياة الملايين الذين يكابدون شظف العيش ويخوضون معركة الامراض والاوبئة
mnhassanb8@gmail.com