التطبيع..” سلاح إسرائيل ” الأكثر فتكاً
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
يتطلع الإسرائيليون – بلهفة وحماس – إلى إبرام اتفاق التطبيع مع السعودية، ويرون فيه انتقال كيانهم إلى مرحلة جديدة بآفاق واسعة، ومن خلاله سيطوون أكثر من 75 عاما من العزلة في المحيط العربي والإسلامي، بالنسبة للصهاينة، يعتبرون التطبيع مع السعودية ذروة انتصاراتهم، وهو أشبه باستسلام العرب والمسلمين لإسرائيل والاعتراف بها كواقع يجب التعايش معه .
التطبيع مع الأمير محمد – بالنسبة لليهود ـ هو انتصار على النبي محمد ورسالته التي حاربوها منذ ظهورها قبل أكثر من 1400 عام .
” محمد مات ” هكذا يردد قطعان المستوطنين في باحات المسجد الأقصى، وعلى أنقاض المباني في غزة، يمارسون جرائمهم واستفزازاتهم وهم مطمئنون لأنهم وجدوا محمد من نوع آخر، محمد لا يعاديهم ولا يحذِّر منهم أو يحرض عليهم، بل ينتظر اكتمال مهمتهم في غزة لغسل أيديهم وتوقيع اتفاق التطبيع معهم .
صحيح أن النظام السعودي والمملكة السعودية لا تمثل العرب والمسلمين، لكنه تطبيع مع قبلة المسلمين الذين يتجاوزون 1.5 مليار نسمة .. تطبيع مع خادم الحرمين الشريفين، مع النظام الذي يسيطر على المشاعر المقدسة وينظم ويتحكم في الركن الخامس من أركان الإسلام .
لا يخفي السعوديون سعيهم إلى التطبيع ” منذ العام 1982، كما قال السفير السعودي في لندن الأمير خالد بن بندر، في مقابلة مع إذاعة بي بي سي ” قبل نحو أسبوع، دون مراعاة لحرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال في غزة .
” مساعي ” التطبيع بين السعودية وكيان الاحتلال يزيد عمرها عن أربعة عقود .. هذا يعني أن التطبيع بين الرياض وتل أبيب حقيقة واقعة ينقصها الإشهار، ولا يمكن وقف هذا القطار بالتجميد أو التأجيل مهما كانت السياسات الإسرائيلية أو الشروط السعودية المعلنة .
يثق الإسرائيليون في “متانة” علاقتهم مع الرياض، ولولا هذه الثقة لما استمروا في حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في غزة .
لا يبدي الإسرائيليون اهتماماً بالرأي العام العالمي، الذي يخرج في مختلف أنحاء العالم منددا بجرائمهم، ولا بالدعاوى القضائية المرفوعة ضدهم في المحاكم الدولية، لأنهم يراهنون على اتفاق التطبيع مع السعودية، فهو ” مفتاح السلام “، بحسب ما قاله رئيس الكيان في منتدى دافوس أمس.. اتفاق التطبيع ـ بالنسبة للصهاينة ـ بمثابة صك براءة أو على الأقل مرسوم عفو عن كل الجرائم التي اقترفوها .
لا يزال العرب والمسلمون يدفعون ثمن التطبيع مع العدو الذي بدأ مع مصر عام 1979، وقد كان لدى النظام المصري حينها ما يقدمه كمبررات للتطبيع، أهمها استعادة شبه جزيرة سيناء، فما هي الدوافع السعودية للتطبيع مع كيان العدو ؟. هل أسلم الإسرائيليون، أم تيهود آل سعود ؟.
يحاول السعوديون تسويق ” كذبة أوسلو” وحل الدولتين كشرط لإنجاز الاتفاق، مع أنهم يدركون أن تحقيق هذا الحل بات مستحيلا، بعد أن فرضت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة واقعاً ديمغرافياً مختلفاً من خلال سياسات التهجير والاستيطان في مدن الضفة الغربية والقدس الشرقية .
قبل 22 عاما رفض اريل شارون – رئيس وزراء الكيان الأسبق – مبادرة الملك عبدالله التي قدمها ” كمبادرة عربية ” للسلام في قمة بيروت عام 2002، وقال إنها ” لا تسوى قيمة الحبر الذي كتبت به “. حتى الآن، لا يزال الموقف الإسرائيلي من حل الدولتين كما هو، بل أكثر تشددا وإنكارا للحقوق الفلسطينية .
وبينما تجري سياسة التهجير والاستيطان في الضفة على جرعات، يعمل الصهاينة على تنفيذ هذه السياسة في قطاع غزة دفعة واحدة.. فما الذي تبقى من حل الدولتين ؟.
ومع ذلك، نعتقد أن السعوديين سيتمسكون بهذا الشرط حتى وإن كان الحل دولة فلسطينية في مخيم جنوب رفح .
لا شيء يقتل الفلسطينيين ويمحو قضيتهم العادلة، أكثر من التطبيع، ولذلك، لا يمكن اعتبار تطبيع السعودية مع كيان العدو شأنا يخص الرياض وحدها، لأن تداعياته ستكون كارثية وسيتأثر بها الفلسطينيون والعرب والمسلمون كافة، وعلى النظام السعودي أن يتفهم مخاوف العرب والمسلمين ـ دولا أو كيانات أو أفراداً ـ ومعارضتهم للتطبيع، وأن لا يعتبر هذا شأنا داخليا وتدخلا في القرار السعودي. وعلى النخب السياسية والثقافية والدينية في الدول العربية والإسلامية أن تتبنى البرامج والمبادرات للتوعية بمخاطر التطبيع السعودي الإسرائيلي .
كلمة أخيرة:
من غير المنطقي أن تهرول الرياض للتطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي قبل تطبيع علاقتها مع اليمنيين.. اليمنيون الجيران، العرب المسلمون الذين سيتدافعون بالملايين للدفاع عن السعودية إن هي تعرضت لتهديد أمريكي أو إسرائيلي .
aassayed@gmail.com
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
كاتب إسرائيلي: إسرائيل والسعودية مرتاحتان لترامب.. تقدم بطيء نحو التطبيع
ذكر مقال للكاتب داني زاكن نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، أن "إسرائيل والسعودية تريان في ترامب رئيسا اكثر راحة بكثير من ناحيتهما، ولهذا فهما تنتظران تسلمه مهام منصبه وتصممان ببطء الخطوط الرئيسة الممكنة لاتفاق التطبيع لكن في موعد ما ستضطران للحديث أيضا عن تنازلات وعن الفلسطينيين".
وقال داكن في مقاله، "نبدأ بفكرة تستند الى معلومة: لن يكون اتفاق تطبيع مع السعودية قبل دخول دونالد ترامب الى البيت الأبيض، رغم انه توجد تمهيدا لهذا استعدادات ومحادثات ومداولات مكثفة بين رجال ترامب وكل ذوي الشأن، بما في ذلك إسرائيل، النصف الأول من الجملة اقتبسها عن دبلوماسي سعودي كبير (شخصية أنا على اتصال معها منذ اتفاقات إبراهيم)، وهو الذي توجه الي بعد أن نشر في إسرائيل امس عن تقدم نحو التطبيع".
وتابع، أن "الإمكانية التي نشرت بإسرائيل اليوم في آب على لسان مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى جدا، الذي شرح بان هزيمة الديمقراطيين في الانتخابات كفيلة بالذات بان تسرع التطبيع في الفترة الانتقالية اذ يسهل عندها على الرئيس بايدن تلقي الاذن بذلك من الكونغرس الذي سيكون مطالبا بان يقر مثل هذا الاتفاق، بسبب ذاك القسم من اتفاق الدفاع الأمني بين السعودية والولايات المتحدة، والجمهوريون غير متحمسين لاقرار مثل هذا الاتفاق".
غير أنه حسب مصادر مطلعة شطبت القضية عن جدول الأعمال وذلك بسبب قرار مشترك لبايدن وترامب.
وأوضح الكاتب، أن "للإدارة الجديدة نوايا لإعادة تفعيل الخطة لترتيب الشرق الأوسط من جديد، بسبب الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر، وبعد تغيير صورة موازين القوى بفضل الإنجازات الإسرائيلية في لبنان وحيال ايران والتي حققت ثورة حقيقية، فإن هذه الخطة الجديدة باتت قابلة للتحقق اكثر من أي وقت مضى".
إضافة إلى ذلك، حتى لو كان للإدارة الراحلة احتمال للدفع قدما باتفاق ثلاثي مع السعودية وإسرائيل، فإن الدولتين الشريكتين معنيتان بانتظار ترامب، الأكثر راحة بكثير من ناحيتهما.
وتابع، "ليس صدفة أن التقى مبعوث ترامب إلى المنطقة ستيف ويتكوف في الأيام الأخيرة في الرياض مع العراب محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي والرجل الذي يمكن معه عقد الصفقات".
واستدرك، "صحيح حتى الآن، على حد قول الدبلوماسي السعودي الأمر الذي أكده أيضا مصدران إسرائيلي وأمريكي – فإن المحادثات غير الرسمية تعول على الخطوط العريضة للاتفاق في مستويين. الأول، المثلث الإسرائيلي – الأمريكي – السعودي، الذي يعنى بالجانب الأمني، بما في ذلك حلف دفاع وتناول في مسألة إقامة منشأة نووية مدنية سعودية".
أما الثاني، "إقليمي، يشرك معظم دول المنطقة من الخليج حتى لبنان (بناء على طلب فرنسا) ويكون شاملا، مثل خطة القرن بل واكبر بكثير "خطة كبرى".
تنمية إقليمية واسعة
ويتابع داكن، أن المشاكل في المستوى الأول هي مدى الحلف الأمني، والحاجة لاقرار مجلس الشيوخ لمثل هذا الحلف.
وأضاف، أن الورقة الإسرائيلية القومية هي المعرفة بانه اذا ما شمل هذا الحلف إسرائيل، بما في ذلك التطبيع، فان فرصه للمرور في مجلس الشيوخ عالية.
أما المستوى الثاني سيتضمن في داخله فضلا عن الخطط الاقتصادية الشاملة، تنمية إقليمية واسعا أيضا بتمويل دول الخليج في الدولتين الضعيفتين الأردن ولبنان ولدى الفلسطينيين وفق الكاتب.
ويرى داكن، أن هنا يكمن الخلاف الأساس، ظاهرا على الأقل. فقد عاد السعوديون وقالوا ان حل المشكلة الفلسطينية وإقامة دولة لهم هو جزء لا يتجزأ من التطبيع. بالمقابل فانهم لا يثقون ولا بقدر قليل بالسلطة التي هي في نظرهم فاسدة وغير ناجعة.
وتابع، ولهذا فقد طالبوا بإصلاحات وتغييرات بعيدة المدى فيها. في لقاء كان في الرياض في كانون الثاني هذه السنة بمشاركة مستشار الامن القومي السعودي ومسؤولين كبار آخرين كرؤساء المخابرات الفلسطيني، المصري والأردني، أوضح للفلسطينيين بان فقط تغييرات بعيدة المدى في قيادة السلطة وفي سلوكها ستؤدي الى دعمهم لمشاركتها في خطة اليوم التالي.
ويقول الدبلوماسي السعودي ان تغيير رئيس الوزراء الفلسطيني كان جزء من استجابة أبو مازن للمطالب، وانه بعد انتخاب ترامب واضح أنه يوجد تقدم إضافي – والدليل، الحملة في جنين ضد الجهاد الإسلامي وحماس.
وفي إسرائيل، او على الأقل في الائتلاف الحالي سيجدون صعوبة في قبول التقدم الى دولة فلسطينية حتى لو كان مجرد ضريبة كلامية.
وختم كاتب المقال قائلا، "كما أن لدور السلطة في إدارة مدنية للقطاع سيصعب على نتنياهو الحصول على الموافقة. المعنى هو أنه عندما تتقدم الاتصالات، نحو النهاية سيتعين على نتنياهو أن يصطدم بشركائه الائتلافيين على هذه البنود، سيعرض المقابل الكبير، لكنف ي النهاية سيتعين عليه أن يقرر. اتفاق تاريخي وإعادة تنظيم الشرق الأوسط كله، حتى بثمن تغيير الائتلاف أو استمرار السيطرة الإسرائيلية على القطاع وتجميد الوضع في الضفة. هذه المعضلة".