(قراءة في خطاب السيد القائد): نحن وهم.. مقاربات في القيم والالتزامات
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
صلاح محمد الشامي
• تتحول الخطابات إلى سلاح حينما تصدر عن قائد صلب قوي، لا يهادن ولا يناور في تصريحاته، شأنها شأن الصاروخ والطائرة، بل أشد فتكاً وأعظم خطراً من كليهما، لأنها-الخطابات- تضرب في الصميم، وأهدافها النفوس، في الاتجاهين، لأنها تفتك بنفسيات العدو، بينما تقوي نفوس المؤمنين والمؤازرين، وترفع من معنوياتهم.
• ولخطابات القادة في الحروب أهداف ظاهرة، وأخرى باطنة، لكنها لا تخفى على المتخصصين والمحللين وكثير من الإعلاميين.. وهذا ما نراه ونشهده في كافة خطابات السيد القائد (عبدالملك بن بدرالدين الحوثي) حفظه الله، ولهذه الخطابات من يستمع إليها بإنصات، في دول الغرب، ويحللها ويقوم بعمل تقارير بشأنها، ثم يدفعها إلى رؤسائه وقادته.
التصنيف الأمريكي لليمن بالإرهاب
• وبالنسبة للخطاب الأخير، الذي ألقاه السيد القائد نصره الله وأيده، يوم الخميس السابع من رجب 1445هـ الموافق/ 18 يناير 2024م.. فقد جاء في اليوم التالي للتصنيف الأمريكي الأخير لليمنيين بالإرهاب، وكان الجميع يتوقع أن تنصب الكلمة أو الخطاب بمجمله على هذه القضية، لكن السيد القائد جعلها فقط أحد المواضيع التي تكلم عنها بشكل متوازن، مما يؤكد عدم اهتمامه الكبير بهذا التصنيف، ويوحي إلى الشعب بعدم الاهتمام به.. وهو ما يؤيد قوله “إن هذا التصنيف (مضحك)”.
• إنه لم يعط موضوع تصنيفنا بالإرهاب مساحة واسعة في كلمته، واستثمر المساحة التي خصصها لهذا الموضوع في فضح حقيقة أمريكا، وتاريخها الأسود المليء بالإرهاب والقتل والتدمير والدماء والإجرام، وخاصة الدعم الأمريكي والمشاركة الأمريكية الأخيرة في قتل الأطفال والنساء والمدنيين في (غزة) وفلسطين منذ أكثر من مائة يوم، على مرأى العالم ومسمعه.. بمعنى أنه أعاد خنجر الأمريكي إلى نحره.. خاصة ونحن أصبحنا في فضاء مفتوح، وكل شعوب العالم تعرف ما يجري في غزة وفلسطين، وتعرف النظام الأمريكي على حقيقته، كما باتت تعرف حقيقة (كيان إسرائيل)..
• وقام السيد القائد -بدوره- بإطلاق التصنيف العادل على أمريكا وبريطانيا، بأنهما من تقفان وراء كل الأعمال الإرهابية، التي ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلي، بحق مدنيي (غزة) وفلسطين.
• ومن وجهة نظري، فإن التصنيف الأمريكي لليمن بالإرهاب، هو بحد ذاته إرهاب أمريكي للشعب اليمني الحر الأبي، الذي رفض الوقوف في حال الحياد تجاه ما يتعرض له أهلنا في غزة وفلسطين، وما قيام الأمريكي بانتقاء تسمية (أنصار الله) دون ذكر تسمية اليمن، إلا ليتجنب التجنّي على دولة ذات سيادة، بينما هو يعلم علم اليقين أن اليمن بأكمله اتخذ هذا التوجه، وأنه بمجمله يشكل القاعدة الشعبية للقيادة السياسية والثورية، وهو لا يريد أن يستسلم باعترافه بذلك، لأنه يعلم أنه على باطل، ويريد أن يتيح لنفسه مساحة من التأييد الدولي لضرب اليمن.
الضربات الأمريكية البريطانية وأثرها على الملاحة الدولية
• وبالنسبة للضربات الأمريكية البريطانية على اليمن، فقد أكد السيد للعالم -ما هو موجود في مشاعر كل يمني- بأن هذه الضربات لن تؤثر علينا -كشعب وقيادة وقوات مسلحة-، وأنها لم تزد الشعب اليمن إلا قوة وصلابة وعزماً وإيماناً بالله وبالنصر الموعود، موضحاً أنه كلما ازداد تحشيد الأعداء ازددنا ثقة بوعد الله ونصره وتمكينه..
• من ناحية أخرى أوضح السيد القائد للعالم أن تلك الضربات على اليمن، أدت إلى تفاقم حركة التجارة في البحر الأحمر، وهو ما يوضح عكس ما يزعمه الأمريكي، بأن هدفه من هذه الضربات هو تأمين حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وهو بذلك فضح نفسه -برأيي- لأنه هو من يسعى إلى تأزيم حركة الملاحة الدولية.. وبرأيي أيضاً أن الأمريكي يسعى إلى النكاية باليمن، لجلب التحالفات، وابتزاز دول العالم، لدعم مساعيه المزعومة لما أسماه هو (حارس الإزدهار)، فأي ازدهار يحميه في غزة والضفة الغربية، بقتل وأسر المدنيين والتنكيل بهم، وهدم مساكنهم على رؤوسهم، وتدمير كافة البنى التحتية، واستهداف المستشفيات والمنظمات الإنسانية الدولية والإغاثية، وهدم المساجد والمعابد… أهذا هو حارس الازدهار الذي يدعم العدو الإسرائيلي في جرائمه، ويشارك فيها؟!!
الصهيونية العالمية
• في مطلع كلمته، قدم السيد القائد تعريفاً مفصلاً موجزاً بالصهيونية اليهودية العالمية، التي مسخت كافة أنظمة الغرب، وبدأت بالتهام الأنظمة العربية، التي -بالفعل- وقع بعضها في شِراكها، في طريقهم للسيطرة على العالم، بعد نشر الفساد بكافة أنواعه، ونشر الرذيلة والإنحلال الأخلاقي، وتدمير المجتمعات، وافتعال الحروب المدمرة، ونشر جرائم القتل الجماعي والتصفيات العرقية، وأن من أهداف الصهيونية القضاء على الإسلام والمسلمين، وإفساد المتبقين منهم، لكن أحلامهم في قتل كل من يدين بالإسلام.. مؤكداً أن الصهاينة لهم توجهات في عبادة الشيطان، وأن كل تحركاتهم الإجرامية والتدميرية للأخلاق تؤكد ذلك.
• وبيّن السيد القائد أن أنظمة الغرب أصبحت بيد الصهيونية، وخاصة النظام الأمريكي، يؤكد ذلك ما قاله (بايدن) عند زيارته لدولة الكيان الإسرائيلي من أنه جاء باعتباره صهيونياً، في الوقت الذي يتقلد فيه منصب رئيس أمريكا.. وكذلك ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي من أنه قدم إلى (يافا) (تل أبيب) باعتباره يهودياً، ولا يستبعد أن يكون هو الآخر صهيونياً أيضاً.
بين التزامين
• لقد قدم السيد القائد الرؤية الأمريكية الغربية للنظر إلى المواجهة مع العرب والمسلمين، في تصريح الرئيس الأمريكي بأن عليه التزامات.. وأوضح السيد القائد ماهيّة هذه الالتزامات، واستنكر على المسلمين أن لا يكون لهم التزامات تجاه القضية الفلسطينية، كونها التزامات دينية وأخلاقية وإنسانية أعمق وأقوى من الروابط بين من جاء من آخر الدنيا لمناصرة العدو الإسرائيلي في جرائم القتل والإبادة الجماعية، والإجرام الإرهابي، بينما لا تجمعنا نحن العرب والمسلمين، كل أواصر الدين والقرابة والأعراق والتاريخ والجوار، في الوقت الذي قضيتنا هي قضية عادلة، في نصرة المظلومين في غزة وفلسطين، الذين يستمر ظلمهم منذ ما يقارب الثمانين سنة.
موقفنا ثابت
• وفي معرض حديثه عن الضربات الأمريكية البريطانية على اليمن، والتصنيف الأمريكي الأخير لليمن بالإرهاب، أكد السيد القائد أن ذلك لن يؤثر على موقفنا المتمثل في الوقوف مع أهلنا في غزة وفلسطين، مشدداً على أن الشعب اليمني بات أكثر إصراراً على مواصلة دربه الجهادي، في سبيل الله تعالى، لدعم غزة وفلسطين، بكل ما لديه من وسائل وأسلحة، وبكل ما أعطاه الله من عزيمة وإرادة وقوة وبأس شديد.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: فی غزة وفلسطین السید القائد
إقرأ أيضاً:
قوة الردع الأمريكي.. مجرد فزاعة كشف حقيقتها اليمن
من يتابع تحليلات المختصين والمحللين العسكريين في العالم وتصريحات بعض القادة في الجيش الأمريكي وحتى تصريحات المجرم ترامب عن حقائق المواجهة الجارية بين قوات البحرية الأمريكية والقوات المسلحة اليمنية منذ بدايتها قبل أكثر من أسبوعين وما سبقتها من مواجهات اليمن لتحالف الازدهار وما حصدته حاملتا الطائرات الأمريكية إبرهام لينكولن وايزنهاور والعديد من البارجات الحربية الغربية -آنذاك- يصل إلى قناعة مؤكدة أن النظام الأمريكي أدخل نفسه في مأزق خطير تتزايد خطورته عليه يوما بعد يوم وأن الهدف الذي جاء مؤخرا لتحقيقه وهو نفس الهدف الذي جاء لتحقيقه سابقا بتحالف غربي كبير والمتمثل بإيقاف عمليات اليمن المساندة لغزة وعمليات الردع لتواجده العسكري في البحر الأحمر لن يتحقق ولو حشد كل إمكانياته العسكرية إلى البحر الأحمر، ولذلك فاعلان وزارة الدفاع الأمريكي عن إرسال حاملة الطائرات كارل فينسون للانضمام إلى حاملة الطائرات ترومان وما رافق ذلك من إرسال عشرات الطائرات الحربية وعدد من القاذفات الأكثر تطورا إلى قواعده العسكرية في جزيرة دييغو والبحرين وقطر والسعودية لن يغير من نتيجة الفشل ويحوله إلى نجاح أبدا، ولن يستطيع إيقافا العمليات اليمنية المساندة لغزة ولن يستطيع رفع الحصار البحري عن سفن إسرائيل أو القاصدة إليها والسبب بسيط جدا هو فشل أمريكا بعملياتها العدوانية على اليمن وعدم قدرتها في ضرب قدرات اليمن الصاروخية والطيران المسيَّر لا اليوم ولا بعد الف يوم لثلاثة أسباب يعلم حقيقتها العدو الأمريكي
الأول: التفوق العسكري اليمني في تكتيكه الحربي واستغلاله العامل الجغرافي في حماية مقدراته وإنتاجها وفي تنفيذ عملياته وانتهاجه استراتيجية النفس الطويل والهادئ في عمليات الردع والإسناد وهو ما أكدته صحيفة وول ستريت جورنال عن فشل قاذفات B-2 وSpirit في تدمير مجمع صواريخ في اليمن تحت الأرض بواسطة قنابل بونكر باستر وهي من أقوى القنابل المخصصة لذلك.
الثاني: اعتماد اليمن على نفسه في تصنيع وتطوير قدراته الصاروخية والطيران المسيَّر والبحرية والتحديث المستمر للإنتاج الحربي في هذه الوحدات طبقا لنتائج المواجهات، ما انعكس على تفوقها على كافة أسلحة الأمريكي المضادة لها والسببان السابقان هما محور تحليلات الكثير من المختصين في العالم وهو ما صرح به الكثير من القادة الأمريكيين الذين شاركوا في المواجهات، وكذلك ما أكده محللون آخرون فالخبير الصيني تانغ تشيتشاو يقول أن اليمن اعتمد على استراتيجية الضعيف ضد القوي واستخدم تكتيكات غير متكافئة لمواجهة التفوق العسكري الأمريكي والإسرائيلي، ومن أبرز أدواته الطائرات المسيرة الانتحارية والصواريخ منخفضة التكلفة، والتي تُكبد القوات الأمريكية والإسرائيلية خسائر مالية كبيرة عند اعتراضها، بينما يستفيد “الحوثيون” –حسب تعبيره- من تضاريس شمال اليمن لتنفيذ حرب عصابات تُضعف فعالية الضربات الجوية، مضيفا أن هذا النموذج “غير المتكافئ” للصراع يُعزز قوة الحوثيين، بينما يُصعّب على خصومهم ممارسة نفوذهم بالكامل وقال تانغ : من الواضح أن أفعال كل من الحوثيين والتحالف الأمريكي الإسرائيلي أصبحت عوامل رئيسية في إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية والعالمية.
السبب الثالث: ويتمثل في نجاح الاستخبارات العسكرية في اليمن في تحييد أجهزة المخابرات المعادية تحييد كامل وجعل اليمن دائرة مغلقة عليهم لا يستطيعوا تجاوزها، فمخازن الأسلحة الاستراتيجية ومراكز إنتاجها وتطويرها مخفية تماما ولا يمكن كشفها أو رصد مواقعها بأي وسيلة استخباراتية اطلاقا، إضافة إلى أن القوات المسلحة اعتمدت أسلوب التضليل للعدو الأمريكي والتمويه وهو الأمر الذي جعل العدو الأمريكي عاجزا عن تدمير أي هدف عسكري يمني مرتبط بالقدرات العسكرية، وانعكس هذا العجز في تخبط واضح في قصفه لبنى مدنية بحتة واستهدافه للمدنيين وممتلكاتهم وأبراج الاتصالات التابعة لشركات الهواتف النقالة خلال الفترة السابقة الذي نتج عنه سقوط ٢٥٧ مدنياً ما بين شهيد وجريح إلى اليوم وتحوله مؤخرا إلى استهداف سيارات مواطنين، وادعائه كذباً أنه استهدف فيها قيادات حوثية في محاولة يائسة لتغطية فشل عملياته على اليمن وسعيا إلى محاولة إيهام العالم بأنه يحقق نجاحاً لا وجود له على أرض الواضع اطلاقا.
لقد درس العدو الأمريكي كل الخيارات الممكنة أمامه لتحقيق أي هدف، ووجد عدم جدواها جميعا، وما تصريحاته الأخيرة عن تكثيف تواجده العسكري في المنطقة إلا محاولة لاستعادة هيبة ردعه، التي مسحها اليمنيون عن الوجود وكسروا فزاعتها الزائفة أمام العالم ومحاولته إقناع الدول الغربية بالمشاركة في إجرامه ضمن أجندات أخرى مطروحة عليها.