كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤثر على الانتخابات؟
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
بينما تستعد عدة دول لتنظيم انتخابات حاسمة، خلال العام الجاري، يسود تخوف من التأثير السلبي للذكاء الاصطناعي، عن طريق الحملات المضللة المدعومة بتقنيات تحوير متقدمة.
وإذا كانت حملات التضليل السابقة، على وسائل التواصل الاجتماعي، تعتمد نشر أخبار كاذبة ومضللة فقط، فإن "الذكاء الاصطناعي يعطيها الآن دفعا جديدا" وفق المختص الأميركي في تكنولوجيا الاتصالات، علي بريلاند.
بريلاند المهتم بالبحث في مجال المعلومات المضللة على الإنترنت، قال في حديث لموقع الحرة، إن الذكاء الاصطناعي لا يشكل خطرا على سيرورة أو نزاهة الانتخابات فقط، بل قد يؤدي إلى تأجيج النزاعات في البلدان قبل وأثناء وبعد الانتخابات.
وشدد الباحث على أن تأثير الذكاء الاصطناعي "يتضاعف خلال مرحلة الاستشارات الانتخابية لحساسية تلك الفترة الزمنية".
وخلال العام 2024 "الحاسم بالنسبة للديمقراطية" وفق تعبير وكالة فرانس برس، تجري انتخابات في 60 دولة بينها، الولايات المتحدة، روسيا، والهند، وجنوب أفريقيا والجزائر وتونس.
وكانت الانتخابات الرئاسية في تايوان أول اختبار لإنجاح الانتخابات رغم عاصفة من المعلومات المضللة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
وانتخب التايوانيون، لاي تشينغ تي، رئيسا، الأسبوع الماضي، رغم حملة المعلومات المضللة الواسعة ضدّه، والتي يشير خبراء بإصبع الاتهام فيها إلى الصين، وفق فرانس برس.
وتعتبر بكين، لاي، "انفصاليا خطيرا" بسبب تأكيده المتكرر على استقلال تايوان.
ذات الوكالة قالت إن منصة تيك توك، مثلا، غصت بنظريات المؤامرة والعبارات المسيئة للزعيم السياسي، في الفترة التي سبقت الانتخابات.
وعثر فريق تقصي الحقائق في فرانس برس على عدة تسجيلات مصوّرة مضللة كان مصدرها "دوين"، النسخة الصينية من التطبيق.
"قلب للموازين"يقول الخبير في تكنولوجيات الاتصال، يونس قرار، إن الذكاء الاصطناعي أثبت أنه قادر على قلب موازين أي عملية انتخابية، من خلال تأثيره المعتمد على طرق مبتكرة في تركيب الفيديوهات وإعطاء صبغة أقرب للحقيقة لأي مقطع يهدف لتوجيه الرأي العام، أو تضليله.
وفي اتصال مع موقع الحرة، لفت قرار إلى أن التأثير السلبي للذكاء الاصطناعي يمكن أن يمس بنزاهة الانتخابات في هذا البلد أو ذاك، إذ يكسر قاعدة تكافؤ الفرص، ويعطي الانطباع بأن هذا المرشح كان في هذا المكان وصرح بهذا الحديث "بينما يمكن أن يكون كل شيء ملفقا".
وأشار هذا الخبير إلى أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على "فبركة الواقع" وفق تعبيره، وذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على أي عملية انتخابية.
ويتفق بريلاند مع قرار، في كون الذكاء الاصطناعي يُحوّر حديث أي سياسي بطريقة تجعل حظوظه في إقناع الناخبين مرهونة بما يُنشر له.
يقول :"إذا نُشِر لك فيديو مفبرك وأنت مخمور مثلا، وفي وضعية غير سليمة، فلا تنتظر أن تكسب خصمك في الانتخابات".
ولفت بريلاند بالخصوص إلى تقنيات تغيير ملامح الوجه والصوت وتعبيرات الجسد، وهي جميعها طرق أضحت متاحة على أكثر من موقع يقدم خدمات الذكاء الاصطناعي.
مخادعةبريلاند قال أيضا إن قوة الذكاء الاصطناعي اختبرت كثيرا في السابق، وقد أثبتت التقنيات المعتمدة قدرتها على مخادعة ساسة كبار.
وأعطى الخبير مثالا بالرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، والذي شارك على صفحته في "إكس" (تويتر سابقا) مقطع فيديو مضللا تضمن حديثا مفبركا للرئيسة السابقة لمجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي.
وأثارت هذه الحادثة التي تعود لسنة 2019، ضجة كبيرة في الولايات المتحدة، حيث أثبت الذكاء الاصطناعي قدرة كبيرة على مغالطة الناس.
وبحسب تقرير لقناة "سي بي إس" الأميركية، حصد هذا المقطع نحو مليونين ونصف مليون مشاهدة، وهو "دليل على قدرة الذكاء الاصطناعي على المغالطة" وفق بريلاند.
"مصدر تهديد"صنّف المنتدى الاقتصادي العالمي، التضليل، على أنه مصدر التهديد الأكبر على مدى العامين المقبلين.
وحذّر من أن تقويض شرعية الانتخابات قد يؤدي إلى نزاعات داخلية وأعمال إرهابية وحتى "انهيار الدولة".
وتلجأ مجموعات مرتبطة خصوصا بروسيا والصين وإيران إلى التضليل المعتمد على الذكاء الاصطناعي، سعيا لـ"تشكيل وعرقلة" الانتخابات في الدول الخصمة، وفق مجموعة التحليل (Recorded Future).
في هذا الصدد، ذكّر بريلاند، بالحملات الروسية التي استهدفت تضليل الرأي العام العالمي، حول حقيقة ما يحدث في أوكرانيا، وقال إنها استخدمت جميع الوسائل لخدمة سرديتها وإطفاء أي شعلة تضامن مع الأوكرانيين.
وتابع الرجل قائلا إن روسيا التي حاولت التأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية العام 2016، "ستحاول حتما توظيف التضليل الذي يقوم على الذكاء الاصطناعي لإذكاء أحاسيس الكراهية بين السود والبيض مثلا أو بين المسلمين وغير الملسمين من الأميركيين خلال الفترة المقبلة خدمة لأجندتها".
طرق المواجهة وحماية البياناتبريلاند لفت إلى أن المستخدم العادي للإنترنت ليس لديه القدرة على التعرف على حقيقة أي فيديو أو صورة، هل هي مفبركة أم لا، لذلك، نصح بأن تعتمد وسائل التواصل الاجتماعي التي تعد المساحة الأولى لمشاركة الفيديوهات والصور، باستخدام أدوات التعرف على الفيديوهات والصور الأصلية من المفبركة (authenticity tools).
وقال "يمكن أن تستوحي المنصات الاجتماعية من العمل الذي قامت به خلال جائحة فيروس كورونا" وتابع "لن تكون المهمة سهلة وناجحة مئة بالمئة، لكنها ستحدّ كثيرا من التأثير السلبي للذكاء الاصطناعي".
"منع التزييف العميق للصور الحميمة".. الكونغرس يتحرك يعتزم مجلس النواب الأميركي تشريع قانون جديد يعتبر بموجبه مشاركة الصور الإباحية المفبركة باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي جريمة فيدرالية.وشدّد أيضا على ضرورة أن يعمل المرشحون للانتخابات في أي بلد، على دعوة الناخبين لاستقاء المعلومات والأخبار من مواقعهم وصفحاتهم الموثقة وعدم الانصياع وراء ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل يجعل عملية التواصل بين الناخبين والمُرشحين في منأى عن تأثير أي طرف ثالث.
من جانبها، أكدت مها الجويني، المختصة في الأخلاقيات والذكاء الاصطناعي، أن مواجهة مخاطر تأثير الذكاء الاصطناعي، تقوم على بناء منظومة قوية لحماية البيانات.
وفي حديث لموقع الحرة، أوضحت أن "من يملك البيانات (Big data) يملك سلطة التوجيه".
وقالت إن الدول العربية "التي تخطو خطوات ضئيلة جدا، نحو حماية استخدام البيانات، والذكاء الاصطناعي، ستواجه حالات من الأخبار المضللة" وهو أمر في غاية الخطورة، في نظرها.
وتابعت الجويني، وهي باحثة تونسية، قائلة إنه "في تونس مثلا، لحد الساعة لم تطلق الخطة الوطنية للذكاء الاصطناعي".
ووفق ذات الباحثة، تتباطأ عديد الدول العربية وحتى الأفريقية في اعتماد سياسات قوية لمواجهة خطر الاستخدامات المضللة للذكاء الاصطناعي.
مواعيد انتخابية هامةفي الخامس من نوفمبر المقبل، سيختار الأميركيون رئيسهم، فيما يأمل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بالاعتماد على ادعائه بأنه حقق انتصارات في حرب أوكرانيا بعد عامين على غزوها، في تمديد حكمه المتواصل منذ 24 عاما، بست سنوات إضافية، في انتخابات مقررة في مارس.
وفي الهند، ستتم دعوة حوالي مليار ناخب للإدلاء بأصواتهم في إبريل ومايو عندما تنطلق الانتخابات في الدولة الأكثر سكانا في العالم والتي يسعى رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، وحزبه "بهاراتيا جاناتا" للفوز بولاية ثالثة فيها.
وتجري أكبر عملية انتخابية عابرة للحدود الوطنية في العالم في يونيو عندما يشارك أكثر من 400 مليون شخص يحق لهم التصويت في انتخابات البرلمان الأوروبي.
وسيشكّل هذا الاقتراع اختبارا لدعم اليمينيين الذين يحققون تقدما بعد فوز "حزب الحرية" المناهض للاتحاد الأوروبي بزعامة، غيرت فيلدرز، في انتخابات هولندا، وفوز حزب رئيسة الوزراء الايطالية، جورجيا ميلوني، اليميني المتطرف "إخوة إيطاليا".
ومن المقرر أن تجري انتخابات أيضا بالجزائر وتونس، البلدان الجاران، حيث من المحتمل أن يسعى الرئيسان على التوالي، عبد المجيد تبون، وقيس سعيد، إلى الحصول على تزكية شعبية لولاية أخرى.
وهذه المواعيد الانتخابية، تشكل منعرجا في مواجهة تحديات جديدة فرضتها تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهي بذات المناسبة، فرصة لاختبار قدرة الشعوب على التعامل مع الأخبار المضللة بحذر.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی انتخابات فی
إقرأ أيضاً:
خليل الحية: نبحث في كافة الأبواب والطرق التي يمكن من خلالها وقف العدوان
غزة - صفا
قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والقائم بأعمال رئيس الحركة في قطاع غزة، ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية خليل الحية، "نحن اليوم نبحث في كافة الأبواب والمسارات والطرق التي يمكن من خلالها وقف العدوان، ونحن لا نخشى من هذا المطالب، بل نؤكد أننا كشعب فلسطيني، نريد وبكل وضوح وقف العدوان.
وأوضح "الحية"، في كلمة مسجلة بثتها قناة الأقصى الفضائية، يوم الأربعاء، أن الفكرة المطروحة اليوم هي تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، وهو اقتراح قدمه إخوتنا المصريون، ونحن تعاملنا معه بشكل مسؤول ومتجاوب، نحن موافقون على هذا المقترح، ولكن مع شرط أساسي أن تدير هذه اللجنة غزة بشكل محلي كامل، بحيث تدير كل الأمور المتعلقة بالحياة اليومية هناك.
وأضاف "قمنا في هذا الصدد بعقد اجتماعات متعددة مع الإخوة في حركة فتح وقيادات فلسطينية أخرى في القاهرة، وكانت اللقاءات مثمرة، قطعنا خطوات كبيرة نحو التوافق والانسجام بين جميع الأطراف المعنية، فكرة اللجنة كانت مقبولة من الجميع، ورعاية مصرية مستمرة لدعم هذه المبادرة".
وتابع: "كما أكدت القمة العربية والإسلامية الأخيرة دعمها الكامل لهذه اللجنة، وأكدت اعتمادها تحت مسمى "لجنة الإسناد المجتمعي"، وباركت الجهود المبذولة في هذا المجال. نحن، إن شاء الله، ماضون في تفعيل هذه اللجنة، لأننا نعتقد أنها ستكون خطوة مهمة في إدارة شؤون غزة بشكل محلي، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع".
وبين "الحية"، أن اللجنة ستكون من مجموعة من المهنيين الفلسطينيين من قطاع غزة، القادرين على العمل في كافة المجالات، مثل الصحة، والتعليم، والشرطة، والأمن، والدفاع المدني، والبلديات، وكل الأعمال التي تساهم في إدارة القطاع بشكل فعال، كما ستكون مسؤولة عن كافة الأعمال الحكومية والعامة.
وأكمل "نحن نعمل على تفعيل هذه اللجنة بشكل فوري، بدءًا من الآن، ليس فقط عندما يتوقف العدوان، بل من خلال المتاح حاليًا لنكون جاهزين لإدارة كافة الأمور الحياتية بشكل محلي".
ونوه إلى أن اللجنة يجب أن تكون على علاقة وثيقة مع الحكومة في الضفة الغربية، بحيث تنسق أعمالها وإدارتها بشكل كامل، غزة ليست معزولة، فهي جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الفلسطيني، وندعو إلى تنسيق مستمر بين القطاع والضفة، لحماية مصلحة شعبنا الفلسطيني وحمايته من أي انقسامات أو تهديدات.
واستطرد "أعتقد أن هذه اللجنة هي المجال الذي يجب الحديث عنه في الوقت الحالي، إذا تم الاتفاق عليها بشكل رسمي، فإنني أعتقد أنها ستساهم بشكل كبير في وقف العدوان الإسرائيلي، أو على الأقل تسريع عملية وقفه، نحن في حماس مستعدون للعمل على ذلك، وقد عرضنا في أكثر من مرة مقترحات لتسهيل عمل اللجنة في غزة".
وأردف "على سبيل المثال، عرضنا على الإخوة في مصر والسلطة الفلسطينية أن نتفق على فتح معبر رفح، فتح المعبر سيعيد الحياة إلى غزة، ويسهل حركة السفر، ويتيح نقل الجرحى والمرضى، ويساهم في دخول المساعدات الإنسانية والاقتصادية، نحن نسعى لتخفيف معاناة شعبنا بكل الوسائل المتاحة".
وتابع "نحن كذلك مستعدون للاتفاق على إدارة الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة، بحيث نعمل معًا على تكليف جهاز الشرطة بتأمين القطاع وتوفير الاستقرار. نحن جاهزون للتنسيق مع الإخوة في السلطة الفلسطينية ومصر لتفعيل هذا الاقتراح بما يضمن الأمن والاستقرار في غزة".
وأوضح "الحية " أن الاحتلال يسعى إلى فصل شمال قطاع غزة عن مدينة غزة في محاولة لتهجير السكان وتجويعهم بهدف كسر إرادتهم.
وأشار إلى أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وجنرالاته يستعرضون في المناطق المدمرة بالشمال، استعدادًا لتنفيذ خطط مستقبلية تتنافى مع القيم الإنسانية.
وأضاف "أن الأوضاع في جنوب القطاع ليست أفضل حالًا، حيث أصبحت رفح شبه خالية من السكان تحت سيطرة الاحتلال الكاملة".
وذكر أن أي فلسطيني يقترب من شمال رفح يُقتل فورًا، بينما تم تدمير أكثر من 500 متر على الحدود المصرية بعمق رفح.
وأشار إلى أن الاحتلال وسّع عملياته في المناطق الوسطى، مستهدفًا مناطق واسعة مثل النصيرات ونتساريم، في حين أنشأ "شريطًا أمنيًا" شرق القطاع، دمر خلاله أكثر من كيلومتر من المساكن على طول الحدود الشرقية.
وحذر الحية من أن هذه الخطط تهدف إلى تقليص المساحة المخصصة للسكان الفلسطينيين، ودفعهم إما إلى التهجير أو الاستسلام، مشيرًا إلى أن الاحتلال يمارس عمليات تجويع ممنهجة، حيث يدعي كذبًا إدخال 250 شاحنة مساعدات يوميًا، في حين أن العدد الفعلي أقل بكثير.
وبين القيادي في حركة حماس، أن الاحتلال الإسرائيلي يحمي اللصوص وقطاع الطرق في قطاع غزة، مؤكداً أن "عمليات سرقة المساعدات تجري بمباركته".
وأشار "الحية"، إلى أن المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة شحيحة واللصوص يسيطرون على جزء كبير منها، "تحت مرأى ومسمع من قوات الاحتلال، الذي يحميهم في كثير من الأحيان"، مبينا أن هنالك جهودا كبيرة لحماية المساعدات.
وقال إن لصوص المساعدات والشاحنات أمام خيارين فقط، "إما أن يواجهوا شعبهم بقوة السلاح والعزل من المجتمع أو يكفوا عن الأمر"، وأضاف "نشد على أيدي الجهات الأمنية والشعبية التي ضربت اللصوص بيد من حديد".
وطالب "الحية"، التجار في القطاع أن يكفوا عن شراء البضائع المسروقة؛ "لأنه يساهم في رفع أسعارها على المواطن".