الله أكبر.. كبّر الإمام تكبيرة أداء صلاة الجمعة من محراب مسجد دار الرئاسة اليمنية (مسجد النهدين)، وكبّر خلفه عشرات المصلين، جلهم من كبار قيادات الدولة على رأسهم رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح -رحمه الله- ورئيس الوزراء، وما إن بدأ الإمام يرتل ما تيسر له من كتاب الله، حتى وقّع الإرهابيون حضورهم على أبشع جريمة شهدها التاريخ القديم والحديث، مخلفة عشرات الشهداء والمصابين، في استهداف مباشر للنظام الجمهوري والأمن والاستقرار، بحسب مراقبين دوليين.

الزمان، الأول من رجب 1432هـ، الموافق 3 يونيو 2011م، وهي الجمعة التي دخل فيها اليمنيون إلى الإسلام طوعاً، حباً وطمعاً في رحمة الله، وأما المستهدفون الأساسيون، بحسب مراقبين دوليين، فقد كانت الدولة اليمنية ونظامها الجمهوري الذي تستمده من روح أهداف ثورة 26 سبتمبر وكتاب الله الحنيف.

دوّى الانفجار وهز كامل العاصمة صنعاء. أصيب الجميع بحالة ذهول وإرباك.. العامة قبل الخاصة، باستثناء جماعات الإرهاب التي تربعت منابر ساحات الاعتصامات الشبابية في حي الجامعة، حيث سارعت بالاحتفال من على تلك المنابر تزف بشرى زعمها "قتل علي عبدالله صالح"، قبل أن تسارع وسائل إعلامها بنقل الخبر.

مارست التضليل والتشويش بضخ إعلامي مروّع كانت تهدف منه إشعال فتيل الفوضى وحالة التمرد الأمني والعسكري، غير مدركة أن يد الله أقوى من يد الإرهاب حتى فوجئت ببث تسجيل صوتي للشهيد الحي -كما سمى نفسه في وقت لاحق- الرئيس علي عبدالله صالح وهو يخاطب شعبه بادله الوفاء بالوفاء: "إذا أنتم بخير، أنا بخير".

مراقبون ومحللون دوليون وصفوا العملية بالجريمة الأبشع في العصرين القديم والحديث، مشيرين إلى أن العالم شهد العديد من عمليات اغتيال رؤوساء وقيادات كبيرة أثناء إقامة فعاليات وإحياء مهرجانات، لكن مثل هكذا جريمة وفي بيت من بيوت الله، ليست إلا تجسيداً لنزعة الإجرام والوحشية لدى مخططي وممولي ومنفذي الجريمة.

إسقاط النظام!

العملية بكامل تفاصيلها كانت مخططاً إجرامياً نفذته أيادٍ داخلية في حزب الإصلاح ومليشيا الحوثي، وفق أجندة خارجية وداخلية، وفق نظرة عضو المكتب السياسي في حزب الشعب الديمقراطي "حشد"، ناجي بابكر.

ويضيف بابكر في حديثه لوكالة خبر، هَدف المخطط الإجرامي باستهدافه مجموعة من كبار قيادات الدولة على رأسهم الرئيس علي عبدالله صالح -رحمه الله- إسقاط النظام الجمهوري والديمقراطي.

ويتهم القيادي في حزب "حشد"، حزب الإصلاح ومليشيا الحوثي "المصنفة في قائمة الإرهاب" ودولاً عربية وأجنبية بالتخطيط والتمويل والتنفيذ، لسبب انزعاجها المستمر من رفض الرئيس "صالح" مراراً المساومة على سيادة بلاده، علاوة على فرضه حالة قبول وتعايش بين جميع المكونات الحزبية والقبلية والاجتماعية في بلد يشكل خليطاً من المدنية والقبلية، بالإضافة إلى إرساء مداميك الديمقراطية والتعددية السياسية، والانتخابات المباشرة لاختيار أعضاء مجلس النواب ورئيس الجمهورية، في خطوات أزعجت الداخل والخارج. وهذه الخطوات كانت استثنائية في المنطقة.

ورغم أن هذه القوى مجتمعة فشلت في تحقيق أهدافها عبر جريمة تفجير مسجد دار الرئاسة، إلا أنها استمرت في العمل وفق منهجية التدمير للدولة، عبر أذرع لها رفعت شعار "إسقاط النظام"، وسط سباق محموم نحو كرسي العرش فقط، ولذا استمر الصراع بين تلك القوى حتى بعد نقل السلطة في 27 فبراير 2012م، واندلع تمرد داخلي كانت مليشيا الحوثي الموالية لإيران طرفاً فيه بدأت بإسقاط محافظة صعدة، قبل أن تزحف نحو عمران، ثم سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، وأخذت بالتوسع باتجاه بقية المحافظات.

وأشار إلى أن ما تعاني منه البلاد اليوم من انقسام وانهيار اقتصادي واقتتال وصراعات مناطقية، هو حصيلة تلك الجريمة الإرهابية، التي استمرت على تدمير الدولة وملشنتها باعتبار الأخيرة هي الحل الأوحد لبقائها، ولذا تعمل جاهدة على عدم الاستقرار.

مجرمون طُلقاء

ويرى مراقبون، أن مؤشرات التخادم باتت أدلة دامغة. أكثر من عقد، شهد ولايتين رئاسيتين، وثالثة انقلابية، والمجرمون لا يزالون أحراراً طُلقاء، ينعمون برغد العيش وكرم الرعاية والحماية من الحكومة والانقلاب داخل وخارج البلاد.

وأوضحت مصادر حقوقية، أنه بعد نقل الرئيس صالح للسلطة في 27 فبراير 2012م، سارعت لاحقاً السلطات المعنية، وقد أصبحت جزءاً من ممولي ومرتكبي الجريمة، بالإفراج عن العشرات قبل انتهاء التحقيقات، وبعد انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية أبرمت صفقة مع الحكومة الشرعية بالإفراج عن نحو ستة متهمين محتجزين لديها في سجون صنعاء على ذمة القضية مقابل إفراج الأخيرة عن عناصر لها وقعوا في أسر قوات الجيش أثناء معارك جبهة مأرب.

في الوقت نفسه، السلطة القضائية لدى الشريكين، قبل وبعد انقسامهما، نظرت وبتّت في الآلاف من قضايا "الجرائم الجسيمة"، لكنها "عمداً" أسقطت من بينها جريمة استهداف وتفجير مسجد دار الرئاسة، اعتقاداً منها بأنها أغلقت ملف القضيية بهذا الإجراء، غير مدركة أن مثل هكذا جرائم لا تسقط بالتقادم.

ويجمع الكثير من المراقبين على خطورة المرحلة في ظل غياب الرؤى الوطنية، ما يفتح شهية الأطماع الداخلية والخارجية أكثر نحو بناء تكوينات متعددة الولاءات والانتماءات الدينية والسياسية والعسكرية، يحول البلاد إلى فريسة أمام التوسع الخارجي، وما التواجد الأمريكي والغربي في عرض البحر الأحمر إلا جزء من مشروع أكبر حال استمر أصحاب المشاريع الصغيرة بالعمل على نفس الوتيرة، دون تغليب المصلحة الوطنية الجامعة.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: مسجد دار الرئاسة علی عبدالله صالح

إقرأ أيضاً:

بوركينافاسو تعلن تحرير أراض جديدة من المتمردين

قال رئيس الوزراء في بوركينافاسو جان إيمانويل ويدراغو إن الحرب التي شنتها قوات الجيش ومجموعات الدفاع عن النفس العام الماضي مكنت من تحرير 212 قرية سكنية، إذ وصلت نسبة سيطرة الدولة على الأرض 71% من مجموع المساحة البالغ عددها 274 ألف كيلومتر.

وفي الأعوام السابقة، كانت قرابة نسبة 45% من المساحة الإجمالية لبوركينافاسو خارجة عن سيطرة الحكومة بفعل توغل الحركات المسلحة في المنطقة.

جاءت تصريحات رئيس الوزراء خلال تقديمه عرضا مفصلا أمام البرلمان عن إنجازات الحكومة عام 2024، وبرنامجها 2025.

وأوضح رئيس الوزراء أن الحكومة في الفترة الأخيرة قامت بتدريب أكثر من 14 ألف عسكري، وجندت آلاف المقاتلين الذين يساعدون الدولة في حربها ضد المسلحين.

وأكد جان إيمانويل أن الحرب التي تخوضها بلاده ضد ما سماها الجماعات الإرهابية انعكست إيجابا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للسكان الذين استعادوا أنشطتهم في الحياة بعد بسط الأمن في كثير من القرى والبلدات التي كانت تخضع لسيطرة الجماعات المتمردة.

وقد مكنت الجهود التي تم القيام بها في سبيل استعادة الأمن من عودة الأطفال إلى المدارس، حيث أعيد فتح 1400 مدرسة كانت مغلقة، في حين أنشئت مساحات تعليمية مؤقتة في أماكن النازحين، وفقا لتصريحات رئيس الحكومة.

إعلان

وطالب إيمانويل من جميع الشعب إنهاء الانقسامات والاتحاد ضد الحركات المتطرفة مؤكدا أن الإرهاب لا يرتبط بدين أو عرق.

حكومة لمحاربة الإرهاب

وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، عين المجلس العسكري الحاكم حكومة جديدة يرأسها وزير الإعلام السابق جان إمانويل، وقال إن مهمتها الأساسية هي الحرب على الإرهاب والمتمردين.

ومنذ أن تولى النقيب إبراهيم ترتوي مقاليد الحكم عبر انقلاب سبتمبر/أيلول 2022 دخل في شراكات أمنية وعسكرية مع روسيا، وقدمت له كثيرا من الأسلحة.

وفي يونيو/حزيران 2024، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بوركينافاسو، وقال إن بلاده ستدعم الحكومة في حربها على الإرهاب وتزودها بكثير من الأسلحة.

ويستعين النظام الجديد في بوركينافاسو في حربه على الإرهاب بمجموعات الدفاع عن النفس (قوات مقاتلة تساعد الجيش) وزاد من حجم المكافآت المالية التي تتلقاها من الدولة.

ورغم الإنجازات التي تقول الحكومة إنها حققتها، فإن تقرير مؤشر الإرهاب العالمي 2024 الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام في سيدني جعل بوركينافاسو في المرتبة الأولى عالميا من حيث التأثر بالهجمات الإرهابية.

وفي الوقت الذي انخفضت فيه نسبة الوفيات الناجمة عن العمليات الإرهابية بنسبة 17% على المستوى العالمي، ارتفعت المعدلات في بوركينافاسو بنسبة 68%، إذ قتل حوالي ألفي شخص في 258 حادثا، وهو ما يشكل ربع الوفيات التي سببتها الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم خلال سنة 2023.

منذ بداية العام الماضي زادت بشدة هجمات جماعات مسلحة في بوركينافاسو ومالي والنيجر (الجزيرة)

ووفقا لتقارير متخصصة، فإن منطقة الساحل الأفريقي تضاعفت فيها الأحداث المرتبطة بالحركات المسلحة والإرهابية إلى 7 أضعاف منذ سنة 2017، الأمر الذي جعلها بؤرة للتوتر وعدم الاستقرار.

وتعمل السلطات في واغادوغو إلى أن تتغلب على الحركات الإرهابية التي أدخلت البلاد في وحل الفوضى وعدم الاستقرار منذ سنة 2015.

إعلان

ومؤخرا شكلت بوركينافاسو ومالي والنيجر قوة دفاعية جديدة مشتركة لمحاربة الإرهاب في منطقة ليبتاغو غورما (المساحة الحدودية المشتركة بين الدول الثلاث)، وقالت إنها تتمتع بتسليح متطور ونظام استخباراتي دقيق.

مقالات مشابهة

  • خادم الحرمين يوافق على منح 200 متبرعًا وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة
  • صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على منح 200 متبرع ومتبرعة وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة
  • شفاك الله.. صالح جمعة يزور أمح الدولي
  • مصر تتصدر إفريقيا في المنشآت الدينية وتحتضن أكبر مسجد في القارة السمراء
  • مصر تتصدر أفريقيا في المنشآت الدينية وتحتضن أكبر مسجد في القارة السمراء
  • تشيع جثـ.ـمان طالب لقى مصرعه فى مشاجرة بسبب سيارة بالقليوبية
  • عاجل. أوكرانيا تخسر سودزها أكبر مدينة كانت تحتلها في منطقة كورسك الروسية
  • بوركينافاسو تعلن تحرير أراض جديدة من المتمردين
  • أحمد علي عبدالله صالح يُعزِّي عبدالقوي الشميري في وفاة شقيقه
  • أحمد علي عبدالله صالح يُعزِّي في وفاة الدكتور فضل أبو غانم