الشجاعية بغزة بين التراث المملوكي وخراب العدو.. جامع ابن عثمان
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
تحمل أرض فلسطين المقدسة، تراث إسلامي وإنساني يحاول العدو الغاشم إبادته هو وشعب كامل، وحتى لا ننسى نتطرق إلى معالم شهدت على تاريخ أرض الرسالات السماوية داعين الله أن يردها يومًا لأبنائها، ونبدأ بجامع ابن عثمان أعرق التراث المملوكي في حي الشجاعية بغزة.
ويذكر أن حي الشجاعية في غزة يتعرض إلى استهداف وقصف متواصل من النيران أدى إلى محو مربعات سكنية بشكل كامل وآلاف الشهداء والجرحى تحت الأنقاض وأمام النيران، وذلك منذ بدء العدوان الإسرائيلي الشامل على القطاع في 7 أكتوبر الماضي.
يتزين حي الشجاعية بمدينة غزة جنوب الأراضي الفلسطينية تحديدًا في شارع السوق بثاني أكبر وأقدم مسجد يحكي عبر أروقته تراث العمارة المملوكية وزخرفتها المميزة، فقد كان ومازال أجمل نماذج العمارة المملوكية خلال القرن الخامس عشر الميلادي، فقد تم تشييده في عام 796 هجري خلال حقبة المماليك، وتم بنائه على عدة مراحل فكان أكثرمن بناة شهاب الدين أحمد ابن عثمان.
ولد الشيخ أحمد بن عثمان بن عمر بن عبد الله النابلسي المقدسي في نابلس ثم نزل إلى غزة واشتهر هناك محليًا بالرجل المقدس حيث سكنها وأسس هناك أعرق الشهود على التاريخ الفلسطيني من الجوامع التراثية ونسب اسمه إليه وهو جامع أحمد بن عثمان.
وعلى الرغم من عدم وجود نقوش في المسجد تذكر الشيخ أحمد بن عثمان ، إلا أن المصادر الأدبية من العصر المملوكي تؤكد أن المسجد سمي من بعده، وقد تم إنشائه في نفس الفترة التي بني فيها مسجد السيد هاشم وقصر الباشا.
وفي عام 1394 هجريًا ، خصص الأمير أرزمك الفائض من سوق الشجاعية ، وأربعة متاجر على حدود مسجد ابن مروان في غزة إلى إنشاء "وقف ديني" مخصص لصيانة مسجد ابن عثمان، كما تم هدم المسجد أو تدميره بشكل كبير قبل عام 1418 وفقًا للنقش الموجود فوق المحراب في الفناء، وقد أمر السلطان مؤيد شيخ بتنفيذ المرحلة الثانية من بناء المسجد في 13 سبتمبر 1418.
وقد كان الشيخ أحمد بن عثمان صالحاً، كما كان يؤمن الناس بكراماته، وقد توفي هناك سنة 805هـ - 1402م ويوجد بالرواق الغربي من المسجد قبر الأمير سيف الدين يلخجا الذي تولى نيابة غزة سنة 849هـ - 1445م، وتوفي بها سنة 850 هـ -1446م، ودفن في الجامع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حي الشجاعية طوفان الأقصى العدوان الإسرائيلى الشجاعية بغزة جنوب الأراضي الفلسطينية حی الشجاعیة
إقرأ أيضاً:
الشيخ فائق شحادة حسن الأنصاري.. سادن الأقصى الذي أتقن حمل السلاح
شيخ وعالم ومقاوم فلسطيني ولد في جبل صهيون بالقدس عام 1985 وتوفي عام 1949. تولى منصب سادن المسجد الأقصى المبارك، كما عرف عنه مقاومته الشديدة للاستعمار البريطاني والعصابات الصهيونية.
الولادة والنشأةوُلد الشيخ فائق شحادة حسن الأنصاري سنة 1895 في جبل صهيون قرب مقام النبي داود عليه السلام، جنوب غرب البلدة القديمة في مدينة القدس الشريف.
وظل في مسقط رأسه حتى ناهز 20 عاما من عمره، ثم انتقل إلى إحدى دور الأوقاف بالقرب من باب حطة في ناحية باب الأسباط، وهناك قضى مع أمه وأبيه وسائر إخوته نحو 9 أعوام.
بنى لنفسه منزلا في حي الشيخ جراح شمال باب العامود.
ابتدأ الشيخ فائق حياته العلمية بدراسة القرآن وتجويده في المسجد الأقصى، ثم التحق بالمدرسة الإسلامية الكائنة بظاهر سور المسجد من جهة باب الساهرة، والتي عُرفت باسم "كلية الروضة" بعد سيطرة الانتداب البريطاني على القدس، وظلت تابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية حتى ضمت المدينة -وغيرها مما تبقى من مدن وقرى فلسطين في أيدي العرب- إلى المملكة الأردنية الهاشمية تحت اسم الضفة الغربية.
وقد تلقّى الشيخ فائق في تلك المدرسة مختلف العلوم الدينية واللغوية، إضافة إلى اللغة التركية التي كان يفرضها العثمانيون على طلاب المدارس الإسلامية في مختلف بقاع الشام.
وكان يتردد بين الحين والآخر على مجالس الوعظ وحلقات الفقه ودروس الحديث في كل من الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى المبارك.
إعلان الوظائف والمسؤولياتالتحق الشيخ فائق بوظيفة إدارية في محكمة الاستئناف الشرعيّة بالقدس، ثم نُقل إلى إدارة الأوقاف، وأُسند إليه الإشراف على أوقاف التكارنة وتكية الأتراك.
وظل يباشر مهام منصبه ذاك حتى أصدر المجلس الإسلامي الأعلى سنة 1931 قرارا بترقيته إلى منصب شيخ سدنة المسجد الأقصى.
عمليات فدائيةوقد أتاح له هذا المنصب -الذي تتوارثه عائلة الأنصاري- فرصا للمشاركة السرية والعلنية في الأعمال الوطنية بعيدا عن أعين الإنجليز.
فقد كانت وظيفته تبعد عنه الشكوك والشبهات، ولم يكن يخطر للإنجليز أن شيخ سدنة المسجد الأقصى يجيد حمل البندقية ويحسن استعمال الأسلحة الأوتوماتيكية، بل إلقاء القنابل اليدوية وتفجير أصابع الديناميت.
وكان للشيخ فائق شحادة سهم وافر في محاربة الحركة الصهيونية ومقاومة الاستعمار البريطاني إبان الثورة الفلسطينية الكبرى سنة 1936.
وقد استهل جهاده في سبيل تحرير بلاده من حكم البريطانيين بالانتماء إلى جمعية "اليد السوداء"، التي كان يرأسها شكيب قطب، وكانت تنفذ أعمالا فدائية ضد العصابات الصهيونية المسلحة والجنود البريطانيين.
وكانت أول عملية فدائية أشرف عليها الشيخ فائق مع هذه المنظمة في أبريل/نيسان 1936، إذ دمرت سيارة عسكرية إنجليزية كانت تقف خارج باب الأسباط لاعتراض جماهير المسلمين الذين كانوا في طريقهم من المسجد الأقصى إلى حي رأس العمود ليستقلوا السيارات لزيارة مقام النبي موسى جريا على العادة المتبعة كل عام احتفالا بمولده عليه السلام.
ومن العمليات الفدائية التي نفذها أيضا أنه ألقى قنبلة يدوية من خلف سور المسجد الأقصى على جماعة من مسلحي العصابات الصهيونية أمام حائط البراق.
وفي الأول من مايو/أيار 1936، خرج الشيخ فائق ومعه 4 من الفدائيين الذين كانوا يسيرون خلفه دون أن يشعر أحد بأنهم في صحبته إلى جهة محطة القدس العمومية للسكك الحديدية لتنفيذ عملية نسف قطار يقل مئات الجنود الإنجليز إلى تل أبيب.
وقد استطاع الشيخ فائق ورفقاؤه من أعضاء منظمة "اليد السوداء" أن ينسفوا ذلك القطار بعد خروجه من المحطة بدقيقتين فقط، إذ انفجرت فيه أصابع الديناميت التي وضعوها عند أول طريق بيت صفافا-القدس.
دُمّرت القاطرة، وتحطمت 3 عربات، وقُتل وجُرح عدد كبير من الإنجليز، كما أصيب نحو 50 من أفراد المنظمات الصهيونية.
وفي شهر أغسطس/آب من العام نفسه أوكلت قيادة "اليد السوداء" إلى الشيخ فائق أمر تفجير قنبلة يدوية في دبابة إنجليزية كانت تقف أمام باب الخليل قرب القشلاق، وقد بلغت دقة تنفيذه أن ألقى القنبلة في جوف الدبابة.
وروى شهود عيان أن الإنجليز لم يشكوا به، ولا ظنوا أنه هو الذي ألقى القنبلة، إذ أبدى الخوف والفزع وألقى بنفسه على الأرض متظاهرا بالإغماء.
وفي سنة 1948، كان الشيخ فائق يقضي الليالي وحده في غرفته بالمسجد الأقصى والأبواب مغلقة عليه، وقنابل اليهود تتساقط من حوله. وذهب في صبيحة ذلك اليوم على رأس وفد من أهالي القدس إلى الكتيبة الأردنية التي كانت تعسكر في جبل المكبر ليطالبها بالجد في المحافظة على المسجد الأقصى.
ومما رُوي عنه أنه قال لقائد الكتيبة "إذا كنتم لا تريدون المحافظة على المسجد الأقصى، فإن الجماهير من أهالي القدس مستعدّون للدفاع عنه والمحافظة عليه بأرواحهم، ولا نريد منكم سوى أن تعطونا هذه البنادق التي في أيديكم".
وفي أواخر أبريل/نيسان 1948، هجم اليهود على باب العامود فتصدى لهم الشيخ فائق على رأس فريق من الحرس الوطني، واستمرت المعركة نحو ساعتين، وانتهت بانتصار المسلمين، وأصيب على إثرها الشيخ فائق بشظايا قنابل.
الوفاةأصيب الشيخ فائق في صدره بشظايا قنابل، وحُمل إلى مستشفى المطلع بالطور، وهناك أُجريت له عملية جراحية لاستخراج الشظايا، لكنه ظل متأثرا بهذه الجراح حتى توفي سنة 1949.
دفن في مقبرة باب الرحمة بمدينة القدس الشريف بعد حياة حافلة بأعمال البطولة والفداء.
إعلان