لا يزال الغموض يكتنف مصير رجل الأعمال السوداني عبد الباسط حمزة الذي تتهمه الولايات المتحدة بتمويل حركة حماس. فقد أفاد مصدر أمني مصري ووسائل إعلام مصرية وسودانية بأن السلطات المصرية ألقت القبض عليه مؤخرا في القاهرة.

وبحسب المصدر المصري الذي تحدث لبي بي سي شريطة عدم ذكر اسمه، ألقي القبض على حمزة في القاهرة فجر الإثنين، الموافق 15 من يناير/ كانون الثاني الجاري، وهو محتجز في مكان غير معلوم وجاري التحقيق معه.

ولم تصدر أي جهة مصرية بيانات رسمية بشأن ملابسات وأسباب القبض على حمزة لكن الروايات المتداولة في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي حول أسباب احتجازه، تباينت.

وذكرت تقارير صحفية أن القبض على حمزة يتعلق بـ”مواجهة الفساد ومراقبة الأسواق بشأن تعاملاته في تعدين وتجارة الذهب في مصر”، بينما ذكرت صحف أخرى ومؤثرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن توقيفه مرتبط “بتمويل الإرهاب”، إذ تتهمه الولايات المتحدة بتقديم تمويل إلى حركة حماس.

طالما ارتبط اسم رجال الأعمال عبدالباسط حمزة (68 عاما) بالرئيس السوداني السابق عمر البشير وحزبه الحاكم المعروف بأيديولوجيته الإسلامية. وسلط عليه الضوء بشكل لافت مؤخرا بعد أن رصدت الولايات المتحدة، في وقت سابق من الشهر الجاري، مكافأة مالية لمن يرشد عنه إذ وصفته بأنه أحد ممولي حركة حماس. وقالت الخارجية الأمريكية إن حمزة من بين من صنفتهم واشنطن كإرهابيين عالميين. وأوضحت أنه زود حركة حماس بحوالي 20 مليون دولار.

وبعد مرور بضعة أيام على هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول التي شنتها حركة حماس على إسرائيل، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات مالية على عشرة أشخاص وصفتهم بأنهم إما أعضاء أو ممولين لحركة حماس التي صنفتها حركة إرهابية. وكان حمزة من بين هؤلاء الأشخاص. وقالت إن حمزة وفر تمويلا لحماس من خلال شبكة ضخمة من الشركات في السودان التي استخدمها لغسيل الأموال وإمداد حماس بالمال، على حد قول الوزارة. وطالت العقوبات أربعة من شركاته باتت مصنفة ككيانات إرهابية، ومنها “مجموعة زوايا للتنمية والاستثمار” وشركة “لاري كوم للاستثمار”.

واتهمت وزارة الخزانة الأمريكية حمزة بالارتباط بتاريخ طويل من تمويل الحركات الإرهابية مشيرة لما وصفته بعلاقاته التاريخية بتنظيم القاعدة والشركات التابعة لأسامة بن لادن في السودان. وكان بن لادن، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة، أقام في السودان لبضع سنوات خلال التسعينيات، إبان حكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير.

وعقب الإطاحة بالبشير في أبريل/ نيسان عام 2019، ألقي القبض على حمزة في السودان ليصدر حكم بحقه بالسجن لمدة عشر سنوات إثر اتهامات متعددة تتعلق بالفساد. وقالت الصحافة السودانية إن لجنة إزالة التمكين، التي كانت مكلفة باسترداد الأصول المالية لرجال عمر البشير وحزب المؤتمر الوطني الحاكم، قدرت ثروة حمزة بأكثر من ملياري دولار. لكن ما أن وقع الانقلاب العسكري الذي أطاح بالقوى المدنية في السودان عام 2021 حتى خرج حمزة من السجن.

وأظهر تحقيق موسع أجراه الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين وشاركت فيه شبكة “شومريم” الإسرائيلية للصحافة الاستقصائية، أن حمزة كان يمتلك حصصا في شركة ماتز القابضة القبرصية التي تمتلك حق استغلال اثنين من مناجم الذهب في مصر. وكشف التحقيق، الذي نُشر الشهر الماضي، عن أن حمزة باع جزءا كبيرا من أسهمه في شركة ماتز قبل يوم من الإطاحة بـ”صديقه” عمر البشير، لكنه لايزال يمتلك حصة عشرة بالمئة من أسهم الشركة. كما يمتلك حمزة شركة عقارات إسبانية طالتها عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرا.

واستند التحقيق إلى ما يقارب أربعة ملايين وثيقة عُرفت “بتسريبات قبرص السرية” وخضعت للتحليل على يد الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين بالتعاون مع نحو سبعين كيانا إعلاميا.

وفي إطار التحقيق، ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية أن حمزة أرسل لها ردا ينفي فيه علاقته بتمويل حركة حماس وكذلك علاقته بأسامة بن لادن. وكشف حمزة أنه أفرج عنه في عام 2021 لأنه رجل بريء من اتهامات الفساد على حد وصفه.

بي بي سي عربي

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: عمر البشیر فی السودان حرکة حماس

إقرأ أيضاً:

WP: ما هو الثمن الباهظ الذي يمكن أن تدفعه غزة بعد تهديدات ترامب؟

سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الضوء على تهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والتي قال فيها: "إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المتبقين في أسر حماس في غزة بحلول الوقت الذي يتولى فيه منصبه، فسيكون هناك ثمن باهظ يُدفع".

وأشارت الصحيفة إلى أنه في المحصلة دمرت أكثر من 15 شهرا من الحرب المتواصلة الأراضي الفلسطينية، ودمرت الكثير من بنيتها التحتية المدنية وأفقرت مليوني شخص، منوهة إلى أن الاعتقاد السائد هو أن هناك 100 أسير إسرائيلي متبقين في غزة، وثلثهم قد ماتوا، لكن لا تزال جثثهم محتجزة لدى "حماس".

وذكرت أن محادثات وقف إطلاق النار انتعشت هذه الأيام قبيل تنصيب ترامب في البيت الأبيض، وأجرى مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف مباحثات حول الصفقة، ما أدى إلى إحراز تقدم كبير.

ماذا إن لم يتم التوصل إلى اتفاق؟
وتساءلت الصحيفة: "ماذا إن لم يتم التوصل إلى اتفاق كبير؟"، مؤكدة أن "إعلان ترامب الأسبوع الماضي أن الجحيم سوف يندلع في الشرق الأوسط، يثير تساؤلات حول الأدوات الفعلية التي يمتلكها".

وكما كتب مايكل كوبلو من منتدى السياسة الإسرائيلية في مقال مؤخرا، فإن الرئيس الذي خاض حملته الانتخابية على أساس سحب الجنود الأمريكيين من الشرق الأوسط من غير المرجح أن ينشر المزيد من القوات الأمريكية في مناطق الحرب هناك، ولن تحقق حملة القصف الأمريكية نتائج مختلفة عن تلك التي حققتها أصلا أشهر من القصف الإسرائيلي.


وقد تخفف إدارة ترامب القيود القليلة التي فرضتها الولايات المتحدة على النشاط العسكري الإسرائيلي، ولكن كما أشار كوبلو، فإن إسرائيل لم تقم بحربها وهي ترتدي قفازات الأطفال. والخيار الآخر المتاح أمام ترامب هو دعم ما طالب به عدد كبير من الساسة الإسرائيليين اليمينيين منذ فترة طويلة ــ أي فرض المزيد من القيود أو حتى وقف المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى الأراضي التي مزقتها الحرب تماما. ولكن مثل هذه الخطوة تخاطر بتداعيات دولية ضخمة، ولا يوجد سوى القليل من الأدلة التي تشير إلى أن حماس سوف تخفف من مواقفها مع معاناة المزيد من المدنيين الفلسطينيين.

وكتب كوبلو: "إن عبارة ’سيدفع ثمنا باهظا’ مقنعة وجذابة، ولكن ما تعنيه هذه العبارة مهم حقا إذا قررت حماس أن ترامب يخادع. إذا قررت حماس تجريب مدى جدية ترامب واتضح أنه ليست لديه استراتيجية لإجبارها على الدفع، فلن يكون الخطاب العدواني بلا ثمن. بل إنه سوف يأتي بنتائج عكسية ويجعل إطلاق سراح الأسرى أكثر صعوبة".

هناك حواجب مقطبة داخل الدوائر الأمنية الإسرائيلية أيضا. قال مصدر أمني إسرائيلي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لموقع "المونيتور"، وهو موقع إخباري يركز على الشرق الأوسط: "نحن لا نعرف حقا ماذا يعني الرئيس المنتخب. من الصعب أن نرى أي تهديد يمكن استخدامه ضد حماس الآن بعد القضاء على قيادتها بالكامل تقريبا وقتل عشرات الآلاف من مقاتليها".

حكومة بديلة في غزة
وأشار يوآف ليمور، المراسل العسكري لصحيفة "إسرائيل اليوم" إلى أن التقدم الحقيقي في إنهاء الحرب لن يحدث إلا بعد أن يواجه نتنياهو الترتيبات السياسية في المنطقة التي تجنبها لفترة طويلة لإرضاء حلفائه من اليمين المتطرف. وكتب ليمور: "الحل الوحيد هو حكومة بديلة في قطاع غزة تكون مسؤولة عن القضايا المدنية وتترك لإسرائيل مسؤولية الأمن. لقد امتنعت إسرائيل باستمرار عن الترويج لهذا الحل في محاولة للحفاظ على الائتلاف سليما".

ويقول الكاتب إن بؤس الفلسطينيين العاديين في غزة لا يمكن إنكاره. يبدو أن حوادث الإصابات الجماعية تحدث أسبوعيا وسط القصف الإسرائيلي. وفي حين يسخر المسؤولون الإسرائيليون وأنصارهم من أعداد القتلى التي أحصتها السلطات الصحية المحلية في غزة، وجد تحليل إحصائي تمت مراجعته من قبل أقران في المجلة الطبية البريطانية "لانسيت" أن عدد القتلى في القطاع في الأشهر التسعة الأولى من الحرب ربما كان أقل من العدد الحقيقي بأكثر من الثلث. ولا يزال عدد كبير من الجثث تحت أنقاض الأحياء المدمرة في غزة.


وقد قدر الباحثون، الذين ضموا أكاديميين من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي وجامعة ييل، أن هناك 64,260 حالة وفاة بسبب "الإصابات المؤلمة" خلال تلك الفترة، وهو ما يزيد بنحو 41% عن العدد الرسمي من قبل السلطات الصحية المحلية.

وكان ما يقرب من 60% من القتلى من النساء والأطفال والأشخاص الذين تزيد أعمارهم على الـ 65 عاما. ولم يقدم الباحثون تقديرا للمقاتلين الفلسطينيين بين القتلى.

وعندما لا يواجهون القصف الإسرائيلي، يستسلم عدد متزايد من الفلسطينيين، وخاصة الأطفال، لبرد الشتاء القاسي. وقد أدت القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية والافتقار إلى المأوى المناسب لآلاف الأسر النازحة عدة مرات بسبب القتال إلى وفاة الرضع في الخيام، وآباؤهم عاجزون عن حمايتهم.

مقالات مشابهة

  • القبض على المدعو رائد أبو حمزة بتهمة المحتوى الهابط
  • ما الذي يُعطّل "صفقة غزة" بين حماس وإسرائيل؟.. عاجل
  • اربيل تحيي الذكرى السنوية لرجل الأعمال بيشرو دزيي الذي قضى بقصف ايراني (صور)
  • مصطفى بكري: أنباء عن القبض على الإرهابي أحمد المنصور.. هذا مصير كل خائن
  • بعد استهدافه.. كل ما تريد معرفته عن سد مروي السوداني
  • مجلس السيادة السوداني: الشعب سيقف في وجه المخططات التي تواجهه
  • WP: ما هو الثمن الباهظ الذي يمكن أن تدفعه غزة بعد تهديدات ترامب؟
  • صفقة غزة.. مصدر إسرائيلي يكشف مصير نخبة حماس في سجون الاحتلال
  • الحرائق مستمرة .. الأرصاد الأمريكية تحذر من خطورة حركة الرياح وسرعتها
  • وزير قطاع الأعمال: تعزيز مساهمة شركات التشيد التابعة في النهضة العمرانية التي تشهدها مصر