بريطانيا تحظر حزب التحرير.. هل هي مقدمة للتضييق على المؤسسات الداعمة لفلسطين؟
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
لندن- صوّت البرلمان البريطاني لصالح قرار بحظر حزب التحرير وتصنيفه "منظمة إرهابية" قدمه وزير الداخلية البريطاني جيمس كيلفيرلي، بدعوى إشادة الحزب بالإرهاب و"معاداة السامية".
وحصد القرار دعم جميع النواب البريطانيين في مجلس العموم واللوردات بعد جلسة مداولة وُصفت بالسريعة، واعتبر عدد منهم أن المبادئ والخطابات السياسية لحزب التحرير في جوهرها "معادية للسامية"، وتتعارض مع القيم البريطانية، وتدعو لاستبدالها بنموذج إسلامي ثيوقراطي، واصفين قرار الحظر بالخطوة التي تصب في مصلحة الأمن القومي البريطاني.
وبموجب هذا القرار سيوضع الحزب على قوائم الإرهاب، وفي خانة التصنيف نفسها مع جماعات إسلامية كتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، والتي تصفها الحكومة البريطانية بالتنظيمات الإرهابية المحظورة.
ويترتب على هذا القرار اعتبار الانتماء أو الترويج أو حمل شعارات الحزب جريمة جنائية يمكن أن تصل عقوبتها للسجن 14 سنة، في حين يحق للسلطات البريطانية مصادرة أصوله المالية والأصول التي يمتلكها أشخاص على ارتباط به.
واستند وزير الداخلية البريطاني جيمس كليفرلي، في بيان له، إلى إصدار قرار الحظر على مبرر "إشادة" حزب التحرير بأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتثمينه حراك المقاومة الفلسطينية ضد أهداف إسرائيلية، واعتبر البيان عدم إدانة الحزب لتلك الأحداث "تشجيعا على الإرهاب" و" ترويجا للتطرف ومعاداة السامية".
وعلى الرغم من أن نشاط الحزب داخل بريطانيا وفي دول أوروبية عدة كان مثار جدل على مدى عقود، لكنه استطاع أن يفسح لنفسه مساحة للحركة بعيدا عن دائرة المنع أو الحظر منذ تأسيس أول فرع له في المملكة المتحدة عام 1986 على يد عمر بكري محمد الذي ظل على رأس التنظيم إلى عام 1996 قبل أن يتولى زعامته عبدول وحيد.
ولسنوات ركّز نشاط حزب التحرير بالأساس على التأطير السياسي والعقدي للجاليات المسلمة المقيمة في بريطانيا للتماهي مع أطروحته السياسية الداعية لنقد الحكومات العربية والإسلامية والدعوة إلى إقامة أساس الخلافة الإسلامية، في حين انصبت جهوده على استقطاب المجموعات الطلابية التي تتقاطع تطلعاتها مع أرضيته الفكرية والأيديولوجية.
وأعادت هجمات مترو أنفاق لندن عام 2005 الحزب إلى دائرة الضوء، حيث تعالت آنذاك الأصوات المطالبة باتخاذ إجراءات جذرية لمواجهة ما وصف بتصاعد "التطرف الإسلامي" في بريطانيا، ليعلن عقبها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أنه بصدد حظر الحزب وتصنيفه "منظمة إرهابية" في سياق خطة شاملة للرد على تلك الهجمات، قبل أن يتراجع عن القرار لعدم وجود سند قانوني واضح يبرره.
إلا أن خيار الحكومات البريطانية المتعاقبة لتفعيل خطوة منع نشاط حزب التحرير، ظل مطروحا على طاولة أكثر من رئيس حكومة من بينهم ديفد كاميرون وتيريزا ماي، غير أن معظمهم تردد في اتخاذه قبل أن يتجه وزير الداخلية جيمس كليفرلي لطرح مشروع قرار حظر الحزب للتصويت على البرلمان البريطاني الخميس الماضي، في ظل أجواء سياسية مشحونة بعد أسابيع من تصاعد الاحتجاجات في الشارع البريطاني ضد جرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
واتهم نشطاء داعمون للقضية الفلسطينية الحكومة البريطانية بمحاولة التضييق على حراكهم الاحتجاجي المناهض للسياسات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.
وبالتزامن مع أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عاد نشاط حزب التحرير مرة أخرى إلى دائرة رصد ومراقبة وزارة الداخلية البريطانية، بعد تنظيم أعضائه وقفات احتجاجية مناهضة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تقول الشرطة البريطانية إن إحداها تخلل ترديد أحد مناصريه شعار "الجهاد.. الجهاد" دون أن تتخذ الشرطة ضده أي إجراء قانوني.
رئيس الوزراء ريشي سوناك يتهم زعيم المعارضة كير ستارمر بالتعاطف مع المتطرفين بسبب دفاعه سابقًا عن "حزب التحرير الإسلامي" في المحاكم عندما كان يعمل كمحامٍ
ريشي سوناك يقول: "عندما أرى مجموعة تهتف بالجهاد في شوارعنا أحظرهم .. بينما يقوم كير ستارمر بإصدار فاتورة لهم!" pic.twitter.com/4I7vJqVLQs
— بريطانيا بالعربي???????? (@TheUKAr) January 17, 2024
ما حزب التحرير؟تأسّس حزب التحرير عام 1953 في مدينة القدس على يد العالم الأزهري القاضي الشيخ تقي الدين النبهاني، وينطلق تصوره الفكري لإدارة السياسة من نقد حاد لفكرة الدولة الوطنية ودعوته إلى تأسيس الخلافة الإسلامية عبر العودة إلى الأفكار الإسلامية المؤسسة، وتأطير العموم لتبنيها والعمل بموجبها.
ويتصف تنظيم الحزب بالسرية، في حين تصنفه دول عربية وإسلامية عدة وأخرى أوروبية منظمة محظورة، لكنه استطاع الحفاظ على نشاطه السياسي والحركي في دول أخرى من بينها الولايات المتحدة الأميركية وتونس ومصر وعدد من الدول الآسيوية.
مخاوف من تضييق قادموفي حديث للجزيرة نت قال محمد رباني، المدير التنفيذي للمنظمة الحقوقية "كايج" (Cage) إن "قرار حظر فرع حزب التحرير في بريطانيا يعد انتهاكا صارخا لحرية التعبير والتنظيم المدني والسياسي".
وشدد على أن الحزب حركة سياسية ودينية تنبذ العنف ولا صلة لها بأية أعمال أو أفكار "إرهابية"، وأن اتهامه بالتطرف والإرهاب يعكس انصياع الحكومة البريطانية واستجابتها للسياسات الإسرائيلية.
وأشار رباني إلى أنه استنادا للقانون الدولي، فإن الشعب الفلسطيني يملك الحق في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لأراضيه، والبيان الذي أصدره الفرع الفلسطيني للحزب، والذي ثمن فيه أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول لا يعبّر إلا عن هذا الحق الأصيل في المقاومة، مع التأكيد على أن أهدافها يجب أن تشمل بالأساس الأهداف العسكرية، معتبرا أن اتهام فرع الحزب ببريطانيا بدعم الإرهاب ليس إلا محاولة لقمع أي دعم لحركة المقاومة الفلسطينية.
وقال رباني إن "حماية الأمن القومي البريطاني تستوجب اتخاذ التدابير القانونية ضد المواطنين البريطانيين العائدين من إسرائيل، والذين ساهموا في عمليات الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين عوضا عن تضييق الخناق على الأنشطة السلمية الداعمة للمقاومة الفلسطينية، والتماهي مع سياسات بعض الدول التي تواصل اتخاذ إجراءات سلطوية في قمع حرية الرأي التعبير على غرار ألمانيا".
ودعا رباني المنظمات الحقوقية والمجموعات المدنية للإقرار بأن حظر أنشطة الحزب ينتهك بشكل صارخ السلطة التي تحوزها وزارة الداخلية البريطانية، وتمنحها الحق في حظر المجموعات التي تشكل تهديدا للأمن البريطاني، ليفتتح عهدا يبرر للحكومة الحق في حظر ومنع أي مجموعة سياسية أو مدنية تخالف توجهاتها وسياساتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الداخلیة البریطانی وزیر الداخلیة حزب التحریر
إقرأ أيضاً:
«الإمبراطورية البريطانية».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب
أصدرت وزارة الثقافة، متمثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ضمن إصدارات سلسلة “تاريخ المصريين”، كتاب «الإمبراطورية البريطانية.. من قيام الدولة القومية إلى الإمبراطورية حتى سقوطها (1485- 1972)»، للدكتور فطين أحمد فريد علي.
يتناول هذا الكتاب قصة صعود الإمبراطورية البريطانية، من بداياتها المتواضعة إلى أن أصبحت أكبر قوة عالمية في العصر الحديث.
وتوضح مقدمة الكتاب كيف منحت الطبيعة بريطانيا مزايا جغرافية ومناخية فريدة، ساعدتها على حماية نفسها من الغزو، وبناء قوة بحرية مهيمنة.
كما أظهر الكتاب كيف ساهم انسجام سكانها، ونظامها السياسي العريق، في دفع الشعب الإنجليزي نحو الابتكار والعمل والتوسع.
ويرصد الكتاب نمو بريطانيا التدريجي، مستفيدًا من الحروب الأوروبية الكبرى مثل حروب نابليون التي شغلت منافسيها، مما أتاح لها السيطرة على التجارة العالمية.
كما يستعرض الطريقة المعقدة التي تكونت بها الإمبراطورية البريطانية عبر أربعة قرون، منتشرة في جميع قارات العالم، وكيف اختلفت أنماط السيادة البريطانية بين مستعمرات ملكية، ومناطق محمية، ودول تحت الانتداب أو النفوذ غير المباشر.
يغطي الكتاب نشأة الإمبراطورية الأولى في أمريكا وجزر الهند الغربية، ثم فقدانها مع استقلال الولايات المتحدة، قبل أن يتحول التوسع البريطاني نحو آسيا والهند، التي أصبحت جوهرة التاج البريطاني، ويعرض كذلك تطور النفوذ البريطاني في أفريقيا، وأستراليا، ونيوزيلندا، وقبرص، ومالطة، وغيرها.
كما يوضح الكتاب كيف بلغت الإمبراطورية البريطانية أوج قوتها في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، حيث امتدت على ربع مساحة اليابسة، وحكمت ربع سكان العالم. لكنه يشير أيضًا إلى بداية تراجعها بعد الحربين العالميتين، وصولًا إلى انهيارها تدريجيًا.
الكتاب يقدم هذا التاريخ الطويل في خمسة فصول، معتمدًا على تحليل عميق للأحداث والظروف السياسية والاقتصادية التي ساعدت على بناء هذه الإمبراطورية العظيمة، ثم سقوطها في العصر الحديث.