لندن- صوّت البرلمان البريطاني لصالح قرار بحظر حزب التحرير وتصنيفه "منظمة إرهابية" قدمه وزير الداخلية البريطاني جيمس كيلفيرلي، بدعوى إشادة الحزب بالإرهاب و"معاداة السامية".

وحصد القرار دعم جميع النواب البريطانيين في مجلس العموم واللوردات بعد جلسة مداولة وُصفت بالسريعة، واعتبر عدد منهم أن المبادئ والخطابات السياسية لحزب التحرير في جوهرها "معادية للسامية"، وتتعارض مع القيم البريطانية، وتدعو لاستبدالها بنموذج إسلامي ثيوقراطي، واصفين قرار الحظر بالخطوة التي تصب في مصلحة الأمن القومي البريطاني.

وبموجب هذا القرار سيوضع الحزب على قوائم الإرهاب، وفي خانة التصنيف نفسها مع جماعات إسلامية كتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، والتي تصفها الحكومة البريطانية بالتنظيمات الإرهابية المحظورة.

ويترتب على هذا القرار اعتبار الانتماء أو الترويج أو حمل شعارات الحزب جريمة جنائية يمكن أن تصل عقوبتها للسجن 14 سنة، في حين يحق للسلطات البريطانية مصادرة أصوله المالية والأصول التي يمتلكها أشخاص على ارتباط به.

واستند وزير الداخلية البريطاني جيمس كليفرلي، في بيان له، إلى إصدار قرار الحظر على مبرر "إشادة" حزب التحرير بأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وتثمينه حراك المقاومة الفلسطينية ضد أهداف إسرائيلية، واعتبر البيان عدم إدانة الحزب لتلك الأحداث "تشجيعا على الإرهاب" و" ترويجا للتطرف ومعاداة السامية".

وزير الداخلية البريطاني جيمس كيلفيرلي ينجح في الحصول على موافقة البرلمان البريطاني بحظر حزب التحرير (الجزيرة) وجود مثير للجدل

وعلى الرغم من أن نشاط الحزب داخل بريطانيا وفي دول أوروبية عدة كان مثار جدل على مدى عقود، لكنه استطاع أن يفسح لنفسه مساحة للحركة بعيدا عن دائرة المنع أو الحظر منذ تأسيس أول فرع له في المملكة المتحدة عام 1986 على يد عمر بكري محمد الذي ظل على رأس التنظيم إلى عام 1996 قبل أن يتولى زعامته عبدول وحيد.

ولسنوات ركّز نشاط حزب التحرير بالأساس على التأطير السياسي والعقدي للجاليات المسلمة المقيمة في بريطانيا للتماهي مع أطروحته السياسية الداعية لنقد الحكومات العربية والإسلامية والدعوة إلى إقامة أساس الخلافة الإسلامية، في حين انصبت جهوده على استقطاب المجموعات الطلابية التي تتقاطع تطلعاتها مع أرضيته الفكرية والأيديولوجية.

وأعادت هجمات مترو أنفاق لندن عام 2005 الحزب إلى دائرة الضوء، حيث تعالت آنذاك الأصوات المطالبة باتخاذ إجراءات جذرية لمواجهة ما وصف بتصاعد "التطرف الإسلامي" في بريطانيا، ليعلن عقبها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أنه بصدد حظر الحزب وتصنيفه "منظمة إرهابية" في سياق خطة شاملة للرد على تلك الهجمات، قبل أن يتراجع عن القرار لعدم وجود سند قانوني واضح يبرره.

إلا أن خيار الحكومات البريطانية المتعاقبة لتفعيل خطوة منع نشاط حزب التحرير، ظل مطروحا على طاولة أكثر من رئيس حكومة من بينهم ديفد كاميرون وتيريزا ماي، غير أن معظمهم تردد في اتخاذه قبل أن يتجه وزير الداخلية جيمس كليفرلي لطرح مشروع قرار حظر الحزب للتصويت على البرلمان البريطاني الخميس الماضي، في ظل أجواء سياسية مشحونة بعد أسابيع من تصاعد الاحتجاجات في الشارع البريطاني ضد جرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.

واتهم نشطاء داعمون للقضية الفلسطينية الحكومة البريطانية بمحاولة التضييق على حراكهم الاحتجاجي المناهض للسياسات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.

وبالتزامن مع أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عاد نشاط حزب التحرير مرة أخرى إلى دائرة رصد ومراقبة وزارة الداخلية البريطانية، بعد تنظيم أعضائه وقفات احتجاجية مناهضة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تقول الشرطة البريطانية إن إحداها تخلل ترديد أحد مناصريه شعار "الجهاد.. الجهاد" دون أن تتخذ الشرطة ضده أي إجراء قانوني.

رئيس الوزراء ريشي سوناك يتهم زعيم المعارضة كير ستارمر بالتعاطف مع المتطرفين بسبب دفاعه سابقًا عن "حزب التحرير الإسلامي" في المحاكم عندما كان يعمل كمحامٍ

ريشي سوناك يقول: "عندما أرى مجموعة تهتف بالجهاد في شوارعنا أحظرهم .. بينما يقوم كير ستارمر بإصدار فاتورة لهم!" pic.twitter.com/4I7vJqVLQs

— بريطانيا بالعربي???????? (@TheUKAr) January 17, 2024

ما حزب التحرير؟

تأسّس حزب التحرير عام 1953 في مدينة القدس على يد العالم الأزهري القاضي الشيخ تقي الدين النبهاني، وينطلق تصوره الفكري لإدارة السياسة من نقد حاد لفكرة الدولة الوطنية ودعوته إلى تأسيس الخلافة الإسلامية عبر العودة إلى الأفكار الإسلامية المؤسسة، وتأطير العموم لتبنيها والعمل بموجبها.

ويتصف تنظيم الحزب بالسرية، في حين تصنفه دول عربية وإسلامية عدة وأخرى أوروبية منظمة محظورة، لكنه استطاع الحفاظ على نشاطه السياسي والحركي في دول أخرى من بينها الولايات المتحدة الأميركية وتونس ومصر وعدد من الدول الآسيوية.

مخاوف من تضييق قادم

وفي حديث للجزيرة نت قال محمد رباني، المدير التنفيذي للمنظمة الحقوقية "كايج" (Cage) إن "قرار حظر فرع حزب التحرير في بريطانيا يعد انتهاكا صارخا لحرية التعبير والتنظيم المدني والسياسي".

وشدد على أن الحزب حركة سياسية ودينية تنبذ العنف ولا صلة لها بأية أعمال أو أفكار "إرهابية"، وأن اتهامه بالتطرف والإرهاب يعكس انصياع الحكومة البريطانية واستجابتها للسياسات الإسرائيلية.

وأشار رباني إلى أنه استنادا للقانون الدولي، فإن الشعب الفلسطيني يملك الحق في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لأراضيه، والبيان الذي أصدره الفرع الفلسطيني للحزب، والذي ثمن فيه أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول لا يعبّر إلا عن هذا الحق الأصيل في المقاومة، مع التأكيد على أن أهدافها يجب أن تشمل بالأساس الأهداف العسكرية، معتبرا أن اتهام فرع الحزب ببريطانيا بدعم الإرهاب ليس إلا محاولة لقمع أي دعم لحركة المقاومة الفلسطينية.

وقال رباني إن "حماية الأمن القومي البريطاني تستوجب اتخاذ التدابير القانونية ضد المواطنين البريطانيين العائدين من إسرائيل، والذين ساهموا في عمليات الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين عوضا عن تضييق الخناق على الأنشطة السلمية الداعمة للمقاومة الفلسطينية، والتماهي مع سياسات بعض الدول التي تواصل اتخاذ إجراءات سلطوية في قمع حرية الرأي التعبير على غرار ألمانيا".

ودعا رباني المنظمات الحقوقية والمجموعات المدنية للإقرار بأن حظر أنشطة الحزب ينتهك بشكل صارخ السلطة التي تحوزها وزارة الداخلية البريطانية، وتمنحها الحق في حظر المجموعات التي تشكل تهديدا للأمن البريطاني، ليفتتح عهدا يبرر للحكومة الحق في حظر ومنع أي مجموعة سياسية أو مدنية تخالف توجهاتها وسياساتها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الداخلیة البریطانی وزیر الداخلیة حزب التحریر

إقرأ أيضاً:

كيف يشيطن حزب المحافظين البريطاني المسلمين ؟

أثار وزير العدل في حكومة ظل المحافظين، روبرت جينريك، جدلًا واسعًا بتصريحاته التي استهدفت المحاكم الشرعية في بريطانيا، متجاهلًا هيئات مماثلة للطوائف اليهودية والكاثوليكية.

ونشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا أعده عمران ملا حول تصريحات وزير العدل في حكومة ظل المحافظين والتي استهدف فيها "المحاكم الشرعية" في بريطانيا ولم يستهدف هيئات أخرى مماثلة لدى الطائفة اليهودية والكاثوليكية تقدم نفس الخدمات للمجتمعات الدينية من ناحية حل الخلافات الزوجية والتحكيم في الأمور العائلية.

ويعرف عن روبرت جينريك مواقفه المعادية للمسلمين، كحزب المحافظين الذي يعاني من مشكلة كراهية للمسلمين.

وقد جاءت تصريحاته ردا على مقال في صحيفة "التايمز" البريطانية الذي انتقد وجود محاكم شرعية في بريطانيا.

وقال جينيريك إنه يجب عدم وجود محاكم شرعية في البلد، مشيرا إلى الهيئات غير الرسمية والتي تصدر قرارات دينية غير ملزمة في مسائل الطلاق والزواج، وتشترط قبل إجراء عقود الزواج الشرعي بأن يكون لدى الزوجين عقد زواج مدني معترف به من الدولة.


ونشرت "التايمز" مقالا قالت فيه إن بريطانيا "أصبحت العاصمة الغربية لمحاكم الشريعة"، حيث رد جينريك على المقال بمنشور على منصة إكس " يجب ألا توجد أي من هذه المحاكم" و "هناك قانون واحد في هذا البلد وهو القانون البريطاني". وطالب وزير الظل سابقا باعتقال من يهتف بـ "الله أكبر" ودفع بإلغاء تأشيرة طالبة فلسطينية بعدما تحدثت بمسيرة مؤيدة لفلسطين.

ولدى بريطانيا ثلاثة أنظمة قانونية مستقلة تقوم على القانون العام في إنكلترا وويلز ونظام قانوني مستقل في اسكتلندا يجمع  بين القانون العام والقانون المدني، ونظام قانوني مستقل آخر في أيرلندا الشمالية.

وقال متحدث باسم المجلس الإسلامي في بريطانيا، أكبر مجموعة تمثيلية للمنظمات الإسلامية في البلاد، لموقع "ميدل إيست آي" إن تعليقات جينريك "تكشف عن نمط مثير للقلق من الخطاب التحريضي الذي يظهر كل بضع سنوات لإثارة العداء ضد المسلمين البريطانيين". 

وأضاف أن: " هذه هيئات تحكيم طوعية تعمل بالكامل في إطار القانون البريطاني، تماما مثل محاكم بيت دين اليهودية، والتي لم يذكرها جينريك".


وقد ظهرت المحاكم الشرعية لأول مرة في بريطانيا في ثمانينيات القرن العشرين، في المقام الأول لتسهيل الطلاق الإسلامي للنساء المسلمات اللائي يرغبن في إنهاء زواجهن عندما يرفض أزواجهن.

وتقدم هذه المحاكم، التي يبلغ عددها حاليا 85 في بريطانيا، أيضا المشورة الدينية بشأن الميراث والوصايا وغيرها من جوانب القانون الشخصي الإسلامي. وهي هيئات غير رسمية ليس لها مكانة قانونية أو سلطات إنفاذ. كما أنها لا تملك سلطة قضائية على القضايا المالية وتعمل بدلا من ذلك كمجالس استشارية.

وتقدم المحاكم الدينية لليهود الأرثوذكس "بيت دين" والمحاكم الكاثوليكية نفس الخدمات للكثير المواطنين اليهود والمسيحيين. ولم يرد جينيرك على أسئلة الموقع وإن كان يدعو لإلغاء بيت دين والمحاكم الكاثوليكية كمطالبته بإلغاء المحاكم الإسلامية.

ويشير الموقع إلى أن المحاكم الشرعية قد تعرضت لانتقادات مستمرة من منظمات المجتمع المدني التي اتهمتها بترسيخ الممارسات المعادية للمرأة، على الرغم من أن العديد من الجماعات الإسلامية دافعت عن استخدامها.

ويعتقد أن حوالي 100,000 عقد زواج إسلامي قد تم إجراؤها عبر هذه المحاكم في بريطانيا.


وقال المتحدث باسم المجلس الإسلامي البريطاني: "بعيدا عن السعي إلى قوانين موازية، فإن العديد من المساجد ومجالس التحكيم الإسلامي تلزم الأزواج في الواقع بعقد زواج مدني قبل أي إجراء أي عقد زواج شرعي".

وأضاف: "بينما تثير صحيفة "التايمز" بعض المخاوف المشروعة بشأن حالات محددة، فمن المخيب للآمال أن نرى مثل هذا التركيز الأحادي الجانب على التحكيم الإسلامي دون الاعتراف بالممارسات المماثلة في الديانات الأخرى".

وفي عام 2008، أثار روان ويليامز، رئيس أساقفة كانتربري آنذاك، الجدل بعد أن قال إن الشريعة الإسلامية يجب أن تمنح وضعا رسميا في بريطانيا للمساعدة في التماسك الاجتماعي.


وقال: "هناك مكان لإيجاد ما يمكن أن يكون موازنة بناءة مع بعض جوانب الشريعة الإسلامية كما نفعل بالفعل مع بعض جوانب في القوانين الدينية الأخرى".

وفي عام 2016، كلفت وزيرة الداخلية آنذاك تيريزا مي بإجراء مراجعة مستقلة أوصت بتشكيل هيئة تنظيمية حكومية للمجالس، لكن الحكومة المحافظة رفضت، قائلة إن المحاكم الشرعية ليس لها ولاية قضائية.

وقال النائب المحافظ نيك تيموثي لصحيفة "التايمز" هذا الأسبوع إن الزيجات الإسلامية "يجب تجريمها إذا أجريت دون حماية الزواج المدني المصاحب".

وقال متحدث باسم الحكومة: "لا يشكل قانون الشريعة الإسلامية أي جزء من القانون في إنجلترا وويلز. ومن الصواب تماما أن يعقد الأزواج زيجات معترف بها قانونيا لأن ذلك يوفر لهم الحماية والأمن والدعم الذي يجب أن يحصلوا عليه في بريطانيا".

مقالات مشابهة

  • شاهد | ابتهاج المواطنين بعملية القوات المسلحة الأخيرة وإفشالها العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن
  • تدشين مبادرات ومسابقات تمكينية ضمن الاحتفال بـ"اليوم الدولي لذوي الإعاقة"
  • مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «8»
  • الهيئة النسائية بعمران تُحيي ذكرى ميلاد الزهراء وتنظم وقفة نصرة لفلسطين
  • أمل الحناوي: إسرائيل تعيش وهم استدامة الاحتلال لفلسطين
  • استجابة فورية.. محافظ الغربية يؤكد: شكاوى المواطنين في مقدمة أولوياتنا
  • حزب سياسي جديد ينتظر الضوء الأخضر من الداخلية
  • حزب جديد ينضاف لقائمة الأحزاب المغربية…في انتظار تأشيرة الداخلية
  • جمال عنايت: الدول الغربية الداعمة لأمريكا بدأت تعترف بهيئة تحرير الشام
  • كيف يشيطن حزب المحافظين البريطاني المسلمين ؟