الاعتراض في القرآن الكريم.. دراسة بلاغية تحليلية لرئيس جامعة الأزهر
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
أعلن مركز تحقيق النصوص بجامعة الأزهر للباحثين عن صدور كتاب (الاعتراض في القرآن الكريم - دراسة بلاغية تحليلية)، تأليف الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، رئيس مركز تحقيق النصوص بها اصدارات ضمن معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام
وأوضح داود ، أنَّ للقرآن الكريم أسرارًا لا تُحَدُّ كما قال سهلُ بن عبد الله: «لو أُعطِي العبدُ بكلّ حرفٍ من القرآن ألفَ فهمٍ لم يبلغ نهايةَ ما أودعهُ الله في آيةٍ من كتابه؛ لأنه كلامُ الله، وكلامُه صِفتُه، وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهمِ كَلامِه، وإنما يفهمُ كلٌّ بمقدارِ ما يفتح الله عليه».
الكتاب النفيس دراسة بلاغية لأسلوب الاعتراض في القرآن الكريم، وهو من أبرز الأساليب في القرآن الكريم وفي كلام العرب، وله فيهما مواقع رائعة، ومعانٍ بارعة، وأسرار لطيفة، ونُكَتٌ طريفة، حتى قال عنه أبو الفتح ابن جني: «اعْلَمْ أنّ هذا القبيل من العلم كثير، قد جاء في القرآن، وفصيح الشعر، ومنثور الكلام، وهو جارٍ عندهم مجرى التأكيد».
وجاءَ هذا الكتاب القيِّم في: مقدمةٍ، وثلاثةِ فُصُولٍ، وخاتمةٍ:
-فجاء الفصلُ الأول بعنوان: «الاعتراض في اصطلاح العلماء»: ويقع في ستة مباحث، يتناول المبحث الأول: حقيقة الاعتراض لغة واصطلاحًا، والثاني: مصطلح الاعتراض عند البلاغيين بشيء من الإيجاز، والثالث: الفرق بين الاعتراض عند النحاة والبلاغيين، ولما شاع في كتب التفسير جوازُ أن تكون الجملة حالًا أو اعتراضًا، وخلصُ المبحث الرابع للتفريق بين الجملتين الحالية والمعترضة من خلال الآيات القرآنية مع الاستئناس بالشعر العربي الفصيح، وجاء المبحث الخامس مفسرًا لظاهرة أخرى شاعت في بعض كتب المفسرين، وبخاصة عند الطبري والقرطبي، وهي: القول بأنَّ الاعتراض مُقدَّم من تأخير، وحاول هذا البحث تأصيل تلك المقولة، وبيَّن أنها ترجع إلى ترجمان القرآن سيدنا عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وبحث من خلال الآيات الفرق بين تقديم الاعتراض وتأخيره، ووقف المبحث السادس مع حروف الاعتراض، وبيَّن الفرق بين الاعتراض بحرف وبغير حرف من خلال عرض الآيات وتحليلها، كما ناقش رأي المرحوم الشيخ (سُليمَان نَوَّار) في حقيقة واو الاستئناف، والفرق بين التعليل بحرف وبغير حرف.
وبهذا تمَّ الفصل الأول وتكوّنت من خلاله صورة كاملة لأسلوب الاعتراض، وكان مدخلًا لدراسة الاعتراض في القرآن الكريم.
وجاء الفصلُ الثاني بعنوان: «مواقع الاعتراض في القرآن الكريم»: ويقع في خمسة مباحث، يتناول كلُّ مبحث منها موقعًا من مواقعه؛ وهي: الاعتراض في أثناء الكلام، والاعتراض بين كلامين متصلين معنى، والاعتراض التذييليّ، والاعتراض في الاعتراض، واعتراض الشرط على الشرط، وقد كثرت في هذا الفصل النماذج والتحليل.
وجاء الفصلُ الثالث بعنوان: «أغراض الاعتراض في القرآن الكريم»: وجمعها في خمسة عشر غَرضًا عامًّا، وبيّن أنّ هناك أغراضًا خاصة يؤخذ كلُّ غرضٍ منها من سياقه الذي وردَ فيه، وأكثر في هذا الفصل من النماذج والتحليل.
وجاءتِ الخاتمة: مشتملة على أبرز النتائج، ومتبوعة بثبتٍ تفصيلي لمواضع الاعتراض في القرآن الكريم في ضوءِ ما قامت به الدراسة من استقراء، فذكرت الموضع وسُورته ورقم الآية ورقم صفحتها، ثم أعقبتُ الخاتمة بالفهارس الفنية المتنوعة لهذا الكتاب.
من جانبه أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، مدير مركز تحقيق النصوص بالجامعة، ومساعده الدكتور أحمد رجب أبو سالم؛ أن هذا العمل العزيز المتميز في بابه يُعَدَّ بصدقٍ أضافةً قيمةً وجديدة في الدراسات القرآنية للمكتبة العربية بعامة، ولدارسي البلاغة خاصة، وأنه باكورة سلسلة الأعمال العلمية لفضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس الجامعة، التي ستصدرُ تباعًا .
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر: الرسالات السماوية جاءت لتصون النفس البشرية وتعصم حرمتها
عقد الجامع الأزهر الشريف، حلقة جديدة من ملتقى "الأزهر للقضايا المعاصرة" تحت عنوان: "الإسلام وعصمة الدماء"، بحضور الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر، والدكتور عبد الفتاح العواري العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور هاني عوده مدير عام الجامع الأزهر.
وأكد الدكتور سلامة داود أننا نعيش اليوم في زمن تكثر فيه فوضى الدماء التي تسيل وتستباح في أنحاء متفرقة من العالم، حيث اعتاد الناس على رؤية هذه الدماء، وأصبح القتل مألوفًا بسبب كثرة الحوادث والجرائم المرتكبة، حتى فقدت الدماء حرمتها، رغم أن الله -سبحانه وتعالى- حرمها، وحظر قتل النفس إلا بالحق، كما حفظ للإنسان حقه في الحياة منذ أن كان جنينًا، ومنع قتله ما دامت الروح فيه.
وتابع رئيس الجامعة أن الأرواح التي تُزهق ويُحصد الآلاف منها تحت مظلة الحرب في البلدان العربية، وكذلك في دول أجنبية، وتثير تساؤلات مؤلمة، ما الذنب الذي ارتكبته تلك النفوس، ولماذا يُقتل أكثر من 10,000 طفل لم تتجاوز أعمارهم العشر سنوات.. مؤكدا أن الاستهانة بالدماء هي التي شجعت العالم على ارتكاب هذه الجرائم، وللأسف نحن نعيش في زمن وصفه النبي ﷺ بزمن "الهرج"، أي القتل.
وأكد أن الرسالات السماوية جاءت لتصون النفس البشرية وتعصم حرمتها ولما جاء الإسلام، وضع ميثاقًا غليظًا لحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الطفل قبل وبعد ولادته، محذرًا من قتل الأطفال خوفًا من الفقر، كما جاء في قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلَاقٍ}، كما نهى الإسلام عن أي تصرف يُمكن أن يؤدي إلى القتل، حتى لو كان على سبيل المزاح، حيث قال النبي ﷺ: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، لكننا نشهد اليوم استخدام السلاح بلا مبرر، مما يسبب الرعب والتهديد للآمنين.
وأضاف عندما نتأمل القرآن الكريم، نجد أن آياته تدعو إلى الأمن والسلام، حيث قال تعالى في أول سورة في كتابه العزيز: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} وفي آخر جزء من القرآن، أكد على أهمية الأمن بقوله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}، فقد كان القرآن الكريم دعامة للأمان في حياة الإنسان من بدايتها إلى نهايتها، حرصًا على استقرار المجتمع. فالقتل فعل بشع، وقد حرمه النبي ﷺ حينما نظر إلى الكعبة، وقال: "لهدم الكعبة حجرًا حجرًا، أهون من قتل المسلم"، وفي القرآن الكريم، اقترن القتل بالشرك بالله، مما يدل على عظم هذا الذنب.
وأوصى رئيس جامعة الأزهر، بجمع الأحاديث التي تتحدث عن تحريم الدماء وعصمة النفس، في كتيب يُوزع على الناس ليستفيد الجميع منها، ويُبث عبر وسائل الإعلام المختلفة.