الجزيرة:
2025-04-17@06:37:03 GMT

حي الرمال.. حرق قلب غزة يُلهب صدور ساكنيه

تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT

حي الرمال.. حرق قلب غزة يُلهب صدور ساكنيه

غزة- يسير الناس مذهولين من أهوال الطامة التي اجتاحتهم  حي الرمال وسط مدينة غزة في محاولة لفهم الجغرافية الجديدة لأحيائهم التي جاؤوا يتفقدونها بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي منها قبل أيام، فوجدوها في حال آخر.

تلتبس على أهل هذا الحي مداخل الحارات ومخارج الشوارع، يمشون فيها بخطى طفل تائه يحاول إدراك الأشياء حوله لأول مرة.

هي غزة كما لم يروها من قبل، أو بشكل أدق هي أي شيء عدا غزة، كل شيء في طريق الدبابات صار هدفا، والعلة أنه يحمل "إثم" وجوده في غزة.

لأول مرة يبدو الأذى مرعبا وواسعا لم يغفل عن أي شيء، قف على أي بقعة وقلّب نظرك أينما شئت وانظر كيف قطعوا برصاصهم أسلاك الكهرباء والاتصالات والإنترنت، ثم قلعوا الأشجار في الطرقات، وجرّفوا الشوارع المعبدة، وأتلفوا خطوط الصرف الصحي، ثم مشوا بدباباتهم على السيارات المركونة أمام البيوت، وصبوا نيرانهم على العمارات والأبراج واحدا تلو الآخر. وما أفلت من صاروخ طائرة من الجو، عاجلته قذيفة دبابة برا.

يتساءل الناس، هل هذه حرب على المقاومة؟ بل إنها حرب انتقام على الحياة والبنيان والإنسان، يجيبون.

حي الرمال في غزة من أرقى الأحياء إلى أكوام من الركام (الجزيرة) دمار مروّع

كان لحي الرمال النصيب الأكبر من البطش الإسرائيلي، ووصف حجم الدمار فيه يُعجز اللغة، وهو المعروف سلفا بأنه "قلب غزة"، وأرقى أحياء المدينة، ووجهة فلسطينيي القطاع خلال العطل الرسمية ونهاية الأسبوع، حيث تتركز فيه مقار كبرى الشركات وأحدث المراكز التجارية وأفخر المطاعم وأجود البضائع والأسواق.

على أنقاض بيته المدمر الذي قصفته طائرات الاحتلال الإسرائيلي، ثم أتمت هدمه أثناء الدخول البري، ينصب محمد الجاروشة خيمته، ويضع فيها ما سلم من مجزرة الهدم.

يقول الجاروشة للجزيرة نت "إنه يعاند إسرائيل التي تهدف من كل هذا لتهجير الفلسطينيين وإرغامهم على ترك بيوتهم".

وتردّ ابنته شيرين على سؤال كيف تقيكم هذه الخيمة المطر وعصف الرياح؟ قائلة "اليهود مقدروش علينا، الريح بدها تقدر؟"، وتثني على والدها الذي "يتفنن في تحسين الخيمة التي تراها المكان الأدفأ في العالم طالما عائلتها بخير" كما تقول.

حال الجاروشة كحال كثير من الغزيين الذين يعتنقون مقولة "لو هدوا علينا البيوت، ننصب خيمة فوق الردم وما بنتزحزح" كعقيدة، ويعيشونها حقيقة، لا شعارات.

فيقابل خيمة الجاروشة بقايا منزل محترق لعائلة أبو شرار، الذي أصلح صاحبه الغرفة المتبقية منه، وعاد مع عائلته إليها غير آبه ببرودة الجو ولا بسخونة الأوضاع.

كان "حرق المنازل" شيئا لافتا جدا في المناطق التي انسحبت منها آلة الدمار الإسرائيلية، فمعظم المنازل التي يقيم بها الجنود عدة ساعات، يحرقونها لإخفاء آثارهم أولا، وتماشيا مع سياسة التخريب التي تعد الهدف الوحيد الذي نجحت إسرائيل في تحقيقه هنا.

مواطن فلسطيني ينصب خيمة فوق ركام منزله الذي هدمته جرافات الاحتلال أثناء دخولها حي الرمال (الجزيرة) "عصابات مرتزقة"

قابلت الجزيرة نت المواطنة أميرة عرفات التي اصطحبتنا لمنزلها الذي استباحه جنود الاحتلال بالقرب من دوار مسجد فلسطين في حي الرمال، وكان وصف المشهد يعجز اللغة، رسومات مخلة على جدران البيت وكتابة عبرية على الأثاث، وعبث وتفتيش بكل الحقائب والرفوف، وكأنه اجتياح لعصابات من المرتزقة أو المافيا، كما قالت صاحبته.

تعلق عرفات "كمية النجاسة اللي تركوها بالبيت ما توقعتها أبدا، لكن وإن هدموها سنعمرها، وإذا وسخوها سننظفها، وخيار تركها غير وارد أبدا". وتقول إنهم وجدوا عددا من الفتائل والأسلاك الممتدة لإشعال الحريق في المنزل، "لكنها أتلفت من أحد المقاومين".

على الناحية الأخرى تقف سيدة خمسينية يبدو رقيّها واضحا أمام بيتها المحروق بالكامل، تقول بصوت متقطع من نزف دمعها "بيتي وبيوت ولادي وسياراتنا لم يتبق لنا شيء، وين نروح؟ احنا شو عملنالهم!"، يرد عليها مَن حولها "الله يعوضكم خير يا حجة، المهم السلامة".

وإلى الأمام قليلا عجوز بظهر محني يسند يديه المتشابكين وراء ظهره، يقف أمام ركام بيت أقربائه، ويتمتم بكلام غير مفهوم يبدو أنه يخاطب فيه أحدا "16 شهيدا تحت الأنقاض من 35 يوما مش قادرين على انتشالهم"، ويرد على نظرات المارة التي تتهمه بالجنون.

تجارة مدمرة

تدفق التجار مع انسحاب قوات الاحتلال لتفقّد محالهم، بعضهم يخرج ما سلم من بضاعته، وبعضهم الآخر يحاول إصلاح باب محله المخلوع من ضغط القصف والقذائف.

"البلوزة بـ3 شيكل" "ينادي تاجر ملابسه أنيقة، بعدما أخرج بضاعته المغبرة على باب محله الذي كان فاخرا على ما يبدو قبل أن يدمره الاجتياح الإسرائيلي، ووضعها على بسطة أمام الجموع ليبيعها بأقل من دولار. يفعل ذلك مضطرا ليدبر قوتا لأطفاله بعد انقطاع عن العمل لأكثر من 50 يوما، كما يقول للمتجمهرين حوله.

وعلى الناحية الأخرى، يتسمر تاجر آخر على كرسي أمام ركام محله، لا يرفع نظره عنه، وكأنه يعود بخط الزمن إلى اليوم الذي كانت تجارته هذه حقيقة لا حلم تبخر اليوم بعدما أحالته إسرائيل إلى كومة من رماد بغمضة عين.

"كان الله في عونهم، المال يعادل الروح"، يعلق المارة على هؤلاء التجار.

صور تظهر حجم الدمار الذي خلفه الدخول البري لجنود الاحتلال (الجزيرة) رائحة الموت

عاد مشهد المارة الذين يرتدون "كمامات الجائحة" طبيعيا جدا، حيث الأشلاء مفتتة والجثث ملقاة على الأرض التي تغلب عليها رائحة الموت، رغم أن أحدهم حدثني عن جثة "كانت ملقاة في الطريق لأكثر من أسبوعين، ولم تتحلل بعد. وهي من كرامات الشهداء التي حدثنا عنها الرسول محمد"، كما قال.

وفي طرقات الحي، إذا ما تجاوزنا جثة، وجدنا بعدها جبلا من القمامة على قارعة الطريق تنبعث منه رائحة تخبرك بأن عمرها 100 يوم أو يزيد.

تلفحك قشعريرة حادة، وأنت تسير في كل هذا الدمار، ربما من عدوى البؤس المنبعث من قسمات الناس، وكأنّ قنبلة متفجرة من الإحباط أصابت كل من يسير هنا.

يحملقون في وجوه بعضهم، وكأنهم يسألون عن سر النجاة، ويتمتمون على استحياء "حمدا لله على السلامة"، ولسان حالهم "أي سلامة هذه؟"، وهم يوقنون أن النجاة كتبت للذين رحلوا فقط، أما الباقون في هذا الواقع فهم في قلب الشقاء.

في ذروة هذا الجمود والإحباط، خرق صوت المؤذن المنطلق من مسجد السلام المدمر جدار البؤس "الله أكبر" وكأنه صوت الحياة ينبعث من دهاليز الموت، ليرد عجوز من المارة بصوت عالٍ " الله أكبر وأقدر منك يا إسرائيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حی الرمال

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي أمام الفلسطينيين ويفتحه للمستوطنين

أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، المسجد الإبراهيمي وسط مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وذلك أمام المصلين الفلسطينيين، فيما سمحت للمستوطنين بتدنيسه لمدة يومين بمناسبة ما يسمى بـ"عيد الفصح" اليهودي.

وأفاد مدير دائرة المساجد في مديرية أوقاف الخليل أكرم التميمي، بأن "سلطات الاحتلال الإسرائيلي أغلقت المسجد الإبراهيمي الثلاثاء والأربعاء بسبب عيد الفصح".

ويغلق الاحتلال الإسرائيلي المسجد 10 أيام في كل عام خلال أعياد مختلفة أمام المسلمين، ويفتحه للمستوطنين في إطار استمرار تقسيمه زمانيا ومكانيا.

وبدأ "عيد الفصح" اليهودي السبت ويستمر أسبوعا، وقال التميمي إن "السلطات الإسرائيلية فتحت المسجد بكل أقسامه أمام المستوطنين الإسرائيليين".

وأشار إلى أن الإغلاق يشمل محيط المسجد حيث يمنع على الفلسطينيين الدخول والخروج، عبر الحواجز العسكرية وسط إجراءات مشددة.



ويوجد المسجد الإبراهيمي في البلدة القديمة من الخليل الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية، ويسكن بها نحو 400 مستوطن يحرسهم قرابة 1500 جندي إسرائيلي.

وفي 1994 قسم الاحتلال الإسرائيلي المسجد الإبراهيمي بواقع 63 بالمئة من مساحته لليهود تضم غرفة الأذان، و37 بالمئة للمسلمين، عقب مذبحة ارتكبها مستوطن يهودي أسفرت عن استشهاد 29 مصليا فلسطينيا.

وبعد تقسيم المسجد بناء على قرار لجنة تحقيق شكلها الاحتلال الإسرائيلي حينها، تقرر فتح المسجد كاملا أمام المسلمين 10 أيام فقط في العام، وهي أيام الجمعة من شهر رمضان، وليلة القدر، وعيدي الفطر والأضحى، وليلة الإسراء والمعراج، والمولد النبوي، ورأس السنة الهجرية، مقابل فتحه بالكامل أمام اليهود لمدة 10 أيام هي أعياد ومناسبات دينية يهودية.

يأتي ذلك بينما يرتكب الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خلفت أكثر من 167 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

وبالتوازي صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 948 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، واعتقال 16 ألفا و400 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

مقالات مشابهة

  • أخبار الوادي الجديد| رفع الرمال من طرق الخارجة.. والتموين يعلن بشائر توريد أول شحنات القمح
  • الوادي الجديد.. رفع الرمال من طرق الخارجة بعد انتهاء العواصف الترابية
  • وزير حرب الاحتلال: مصر هي التي اشترطت نزع سلاح حماس وغزة
  • برلماني أردني: العالم يقف متفرجًا أمام ما يحدث في قطاع غزة
  • شاهد.. جدار من الرمل يضرب خنشلة الجزائرية ويُربك موسم الفلاحين
  • ما هو سلاح المقاومة الذي يريد الاحتلال الإسرائيلي نزعه من غزة؟
  • قوات الاحتلال تُغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية
  • الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي أمام الفلسطينيين ويفتحه للمستوطنين
  • حماس : سنرد قريبا على المقترح الذي تسلمناه من الوسطاء
  • قيادي بحماس للجزيرة: المقترح الذي نقلته مصر لنا يشمل إطلاق سراح نصف أسرى الاحتلال بالأسبوع الأول من الاتفاق