اقرأ الآن الترجمة العربية الرائقة التى قام بها تلميذى وصديقى د. على عبدالتواب بالتعاون مع زميله د. جمال الدين السيد لكتاب ماركوس توليوس شيشرون الشهير «عن الجمهورية» عن اللغة اللاتينية مباشرة.
ومن المعروف أن «شيشرون» كان من كبار قضاة وفلاسفة روما فى القرن الأول قبل الميلاد وله كتابات عديدة فى السياسة والقانون والأخلاق، وقد تميز هذا الكتاب بالذات بأنه حاول أن يجارى فيه أسلوب أفلاطون الفيلسوف اليونانى الأشهر وهو أسلوب الحوار، كما أنه قد اقتبس أيضا عنوانه من عنوان المحاورة الأشهر لأفلاطون «محاورة الجمهورية» وأن كانت الموضوعات التى يطرحها للنقاش فى محاورته موضوعات تتعلق بالدولة الرومانية ومشكلات نظام وسلطات الحكم فيها من منظور عملى لاعلاقة له بنظام الدولة المثالية عند أفلاطون، ولذلك نجده ينتقد دولة المدينة الفاضلة الأفلاطونية القائمة على تصور مثالى للعدالة غير قابل للتحقق وكذلك نقد معها الرؤية الآرسطية قائلا: «إنهما لم ينجحا فى إقناع الآخرين بقضيتهما بسبب قلة حماسهما وافتقار قدرتهما البلاغية على التأثير»، مضيفاً أن العدالة التى يناقشها فى كتابه هنا «شأن مدنى» أى يتعلق بالحقوق المدنية فى المجتمع وبالقانون الوضعى ولاعلاقة لها بقوانين الطبيعة، فلو كانت جزءاً من الطبيعة، فإن العدالة والظلم مثل الحرارة والبرودة، ومثل المرارة والحلاوة، سيكونان متساوين عند كل البشر»! وبالطبع فهذا الرأى لـ«شيشرون» عن مفهوم العدالة جدير بالاعتبار والنظر لأنه يستند إلى تمييز واضح بين العدالة الطبيعية المثالية التى تقوم على تصور مطلق للمساواة الطبيعية بين البشر وبين العدالة النسبية التى تواضع عليها البشر وسنوا على أساسها قوانينهم الوضعية التى تختلف من عصر إلى عصر ومن دولة إلى أخرى!!
لقد حاول «شيشرون» هنا إعادة طرح قضية أصل القانون وأيهما أكثر عدالة: القانون الطبيعى أم القانون الوضعى؟، ولو اتبعنا القانون الوضعى أيها نتبع؟ فحياة الشعوب فيما يقول «شيشرون» منذ هذا التاريخ البعيد تختلف إلى حد بعيد «لدرجة أن أهل كريت يعتبرون القرصنة عملاً نبيلاً، وادعى الإسبرطيون أن الحقول التى يمكن أن تصلها رماحهم هى أرضهم.
ورغم أننا نعرف أن شيشرون ينتمى فكريا إلى الفلسفة الرواقية التى كان من أهم مبادئها «العيش على وفاق مع الطبيعة» و«الأخوة العالمية» بل الدولة العالمية الواحدة التى يحيا فى ظلها البشر جميعاً فى ظل قانون طبيعى واحد يساوى بين البشر، إلا أنه هنا يعترف بالتفاوت بين البشر فى البيئات والطبقات ويرى أن لكل بيئة ولكل دولة قوانينها الخاصة ويضرب الكثير من الأمثلة على ذلك ليبرر – فيما يبدو- ما كانت تقوم به روما من تمييز عنصرى فى ذلك الزمان بحكم قوتها العسكرية وسيطرتها على كثير من الشعوب الأخرى!
لقد قدم «شيشرون» فى هذا الحوار المطول- رغم الصفحات الكثيرة التى فقدت منه- التأكيد على ما بدأ به فى الكتاب الأول منه على «أن الدول والمدن العظيمة والقوية ينبغى تفضيلها على القرى والقلاع، وأن أولئك الذين يحكمون تلك المدن بحكمتهم وقوة قبضتهم يتفوقون كثيراً فى مجال الحكمة ذاتها على هؤلاء الذين لا يملكون أية خبرة فى الحياة العامة، وحيث أننا نميل بمنتهى القوة إلى زيادة ثروتنا من الجنس البشرى.. وبحثا عن بلوغ المتعة، فليتنا نسير على ذلك الدرب الذى كان يسير عليه دائما صاحب كل مكانة رفيعة ولا نستمع إلى تلك الأصوات التى تدعو إلى التراجع بغية ان نعيد إلى الوراء حتى هؤلاء الذين انطلقوا إلى الأمام بالفعل»!!
تلك أيها السادة من المثقفين والصفوة وأصحاب القرار من الساسة والحكام العرب رؤية الغربيين حتى الفلاسفة منهم منذ فجر تاريخهم فى اليونان وروما قديماً إلى الإمبراطورية الأمريكية الصهيونية الآن مروراً بالإمبرطوريات الاستعمارية الفرنسية والإنجليزية..الخ. للآخر! انها رؤية تمييزية عنصرية لا ترى فى الآخرين الا مجرد ثروة بشرية لابد أن تعمل فى خدمتهم باعتبارهم هم السادة الحكماء والعارفين والأقوياء! فما بالكم – رغم كل ما حدث ويحدث – ما زلتم تتصورون أنه سيقتنع يوما بأنكم أصحاب حق فى ثرواتكم وأرضكم؟! إنهم لا يؤمنون إلا بمنطق القوة!! فسارعوا أثابكم الله إلى سحب أرصدتكم وثرواتكم من بنوكهم واعملوا بكل قوة على بناء عناصر قوتكم الذاتية حتى تكسبوا بالفعل احترامهم وتحافظوا على كرامتكم ودولكم فى ظل عالم بشرى لا يعترف الا بمنطق القوة!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عالم البشر نحو المستقبل د جمال الدين السيد
إقرأ أيضاً:
احذروه…. القاتل الصامت يعيش في مطابخكم
تُطلق هذه الألواح جزيئات بلاستيكية دقيقة تتسلل إلى الطعام وتصل إلى أدمغة البشر، مما قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض مثل الخرف وباركنسون، وفقا لتقارير نقلتها صحيفة ديلي ميل.
وكشفت الدراسات، أن الأدمغة البشرية قد لا تكون محمية تماما من هذه الجزيئات، إذ يمكنها التسلل عبر حاجز الدم في الدماغ، وهو ما أظهرته تحليلات أجريت على أدمغة 15 شخصا، إذ وُجدت الجزيئات البلاستيكية في 8 منها. وأكد الباحثون، أن هذه الجزيئات قد تنتقل من ألواح التقطيع إلى الطعام أثناء تقطيعه، مما يزيد من تعرض البشر لها.
ووفقا لدراسات، يبتلع الإنسان نحو 260 غراما من البلاستيك سنويا، مما يثير مخاوف بيئية وصحية كبيرة.
وأظهرت بيانات ارتفاع مستويات التلوث بالبلاستيك بنسبة 50% منذ 2016، مع توقعات بتضاعفها بحلول 2040.
وينصح الخبراء بتجنب استخدام الألواح البلاستيكية عند تقطيع الطعام، واستبدالها بأخرى مصنوعة من مواد آمنة، لتقليل التعرض لهذه الجزيئات الخطرة.