بوابة الوفد:
2025-02-03@13:02:07 GMT

اللغة العربية أم اللغات السامية

تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT

لم يهتد الإنسان فى بداية الحياة إلى دراية بالكتابة ومعرفة بالحروف والكتابة؛ فرمز للأحداث والأفعال والأسماء برموز دالة، وأشكال موحية، كرسم صورة للكائن، أو رسم جزء من صورته ورسمه رمزا وعلامة عليه، فنشأت الكتابة بالرسم والصورة، ومن يتأمل بعض أحرف خط المسند يجد آثار ذلك الترميز فى حرف الطاء الدال على الطاقة، وحرف الباء الدال على الباب، وحرف العين الدال على العين، وحرف الكاف الدال على الكف، وحرف القاف الدال على القلب، وحرف الباء الدال على اليد المقبوضة، حيث نرى الرسوم التصويرية الدالة على الشكل الفعلى لكل من: الطاقة، والباب، والعين، والكف، والقلب، واليد المقبوضة.

وقد احتفظت العربية ببعض حروف خط المسند، المتطورة عن الخط البدائى كالباء، والجيم، والراء، والسين، أوالشين، والعين، والفاء، واللام، والميم، والواو، وما حدث فى رسمها من تطوير وتغيير من قلب للحرف، أو انحناء، أو مد، أوتجويف... إلخ ما فصل ورسم وشرح زيد صالح الفقيه فى مقاله بين عربية حمير والفصحى، دلائل القربى منذ الرموز الأولى بين عربية حمير والفصحى، مجلة الرافد نوفمبر2004 ص 70، وما بعدها.

 كانت اللغة العربية امتدادا للغات شبه الجزيرة العربية رجوعا إلى اليمن فى لغة: المسند، أو اللغة الصيهدية كما تدل نقوش العصور المتأخرة، ولهذا كان رأى جواد على فى كتابه المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام، دار العلم للملايين، بيروت ط2 1976 أن العربية هى اللغة الأم للغات السامية، بما فيها من تطور. 

ويرى الدكتور عبدالكريم الزبيدى فى كتابه عربية حمير وعلاقتها بالعربية الفصحى أن الكتابة العربية اخترعت على أيدى سكان شبه الجزيرة العربية فى الحقبة الأخيرة من الألف الثانى قبل الميلاد وكانت تتألف من 22 حرفاً ساكناً تكتب من اليمين إلى اليسار، لها فرعان أساسيان أدى أحدهما لطريق مباشرـ إلى العبرانية والآرامية القديمة، وبطريق غير مباشر إلى العربية. 

 وتأكيدا لذلك نجد شيوع مفردات: الخط والكتابة والكتاب والحرف، وما إلى ذلك، وهكذا حملت اللغة العربية الكتاب، وحمل الكتاب اللغة العربية، وهما، معا، كانا الوعاء الحى الخلاق الناطق الباقى بقاء البشرية الذى حفظ حضارة العالم المتنوعة من: أدبية، واجتماعية، وعلمية، وحملها، من ثم، ونقلها إلى شعوب الأرض فى عالمنا المعاصر فى: البيت، والمدرسة، والجامعة، والمسجد، والكنيسة، والمعمل، وقاعات الدرس، والمصنع، والحقل، وفى الأرض، وفى البحر، وفى الفلك، وفى الفضاء بلغة عربية مبينة.

 وفى مجال صناعة الكتاب نجد فى المعاجم العربية ما يؤصل مادة الكتابة والكتاب، ويربط بينها وبين الخط، والجمع، والصنعة، والكتابة، وتجميع الحروف، وهو ما يجعل العرب أصلاء فى هذا الباب.

 وجمع الكتاب: كتب وكتب بضم التاء وسكونها، وكتب الشىء يكتبه كتباً، وكتاباً وكتابةً، وكتبه: خطه، قال أبوالنجم:

تخط رجلاى بخـــطٍ مختلــف

تكتبان فى الطريــــق لام الف

وقال طرفة بن العبدفى ديوانه:

كسطور الرق رقشه بالضحى مرقش يشمه

وقال لبيد يصف الوليد اليمانى وهو يخط بقلمه على الذابل من العشب وشجر البان ديوانه:

وقال أبوداؤود الكلابى:

لمن طلل كعنوان الكتاب ببطن أفاق أو بطن الذهاب

والذهاب تعنى الرق المكتوب عليه بخطوط من الذهب.

وقال حاتم الطائى فى ديوانه 

أتعرف أطلالاً ونؤيا مهدماً كخطك فى رق كتاباً منمنماً

بل يشير الشماخ إلى وجود نوع آخر من الخط فى قوله (ديوانه، القاهرة ص 26):

كما خط عبرانية بيمينه بتيماء حبر، ثم عرض أسطرا

وتروى كثير من الروايات رسالة سمرة بن جندب بفتح السين إلى بنيه، واشتهرت صحيفة عبدالله بن عمرو بن العاص، وسميت بالصحيفة الصادقة، تلك التى كتبها عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقد ذكرها الإمام أحمد بنصها فى مسنده، وكذلك صحيفة جابر بن عبدالله، ثم صحيفة همام بن منبه، وصحيفة ورقاء، وغيرها، وروى الإمام أحمد بن حنبل فى كتابه العلل ومعرفة الرجال عن سعيد (ت95هـ) بن جبير أنه ذكر كتابته عن عبدالله بن عباس «حتى تمتلئ ألواحى، ولا أجد فيها مكانا، وأكتب على خفى، ثم أكتب على يدى».

 ولا يمكن لشاعر الحوليات أن ينقح ويغير على مدار العام إلا بالكتابة فى مسوداته، كما ذكر ابن هشام فى السيرة 1/254، ونحن نعلم أن لليمن شعراءها، وأن لكل قبيلة شعراءها من أمثال:

امرئ القيس، وعبيد، ومضاض بن عمرو، وعلقمة، وعمرو بن قميئة، ومهلهل وجليلة بنت مرة، والخنساء، عمرو بن كلثوم، والحارث بن حلزة، وطرفة، والمتلمس، والأعشى، وأوس بن حجر، وزهير، والحطيئة، وكعب بن زهير، والنابغة، وغيرهم.

 

عضو المجمع العلمى وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د يوسف نوفل لغتنا العربية جذور هويتنا شبه الجزيرة العربية اللغة العربیة

إقرأ أيضاً:

«أبوظبي للغة العربية» يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسابقة «أصدقاء اللغة العربية»

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «الكمدة» تحافظ على لقب «الإسطبلات الخاصة» «الإمارات للدراجات» ثالث «المرحلة 3» من «طواف العلا»

كرّم مركز أبوظبي للغة العربية، الطلبة الفائزين بالدورة الرابعة لمسابقة أصدقاء اللغة العربية السنوية المخصّصة للطلبة ضمن الفئة العمرية من 8 إلى 16 عاماً، من الناطقين باللغة العربية والناطقين بغيرها، وذلك خلال حفل استضافته أمس قاعة الحصن بمقر المركز، بحضور سعادة سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي للمركز، وعدد من المسؤولين في المركز، وشخصيات تربوية، وأهالي الطلبة، وحشد من الإعلاميين.
وفاز في المسابقة كلٌّ من الطالبة الإماراتية مريم المرزوقي، من مجمع زايد التعليمي - دبي، وهي من أصحاب الهمم، والطالبة المصرية مرام محمد حجاج من مدرسة الشامخة - أبوظبي، والطالب السوري إسماعيل عبدالمعين دعاس من مدرسة النهضة - أبوظبي.
واستحقّ الفائزون الثلاثة نيل جائزة المسابقة النقدية، وقيمتها 10 آلاف درهم إماراتي، وذلك بعد أن اجتازت مقاطع الفيديو الخاصة بهم (التي لا تتجاوز دقيقتين) اختبارات لجنة التحكيم، وحقّقت شروط المسابقة المتعلّقة بمهارات القراءة الصحيحة، والنطق السليم، وإجادة النبر والتنغيم، وتوافق النص مع لغة الجسد، وصحة الوقفات.
وتترجم المسابقة استراتيجية المركز في الاهتمام بالمبدعين من أصحاب الهمم، والاستثمار بقدراتهم، وتمكينهم من تحقيق طموحاتهم، ودمجهم في المجتمع ليكونوا عناصر قادرة بشكل فاعل في المساهمة ببناء مستقبل أكثر إشراقاً وتطوّراً، كما تنسجم مع توجّهات القيادة الرشيدة بإعلان العام 2025 «عام المجتمع» حيث تستهدف فعاليات المركز جميع أفراد المجتمع تحقيقاً لاستراتيجية تنموية يحرص من خلالها على إثراء المخزون الثقافي، والفكري، والمعرفي لمختلف الفئات والشرائح المجتمعية.
وقد هنّأ سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية، في كلمته بحفل التكريم، الطلبة الفائزين بالمسابقة.
كما وجّه الشكر لوزارة التربية والتعليم، والكوادر العاملة في المجال التعليمي، وأهالي الطلبة المشاركين، على المستوى الرائد والمتقدم الذي ظهرت به المشاركات.
وأكّد الطنيجي حرص مركز أبوظبي للغة العربية على توفير بيئة مشجعة ومنضبطة تسمح بتحقيق تطلعات الأهالي والآباء في تمكين أبنائهم من امتلاك ناصية اللغة العربية وإجادة التعبير بواسطتها عن أحلامهم وآمالهم لما في ذلك من أثر كبير في بناء شخصيتهم وتطورها، وتحسين مداركهم، عبر غرس المعاني الرفيعة للثقافة العربية في نفوسهم ووجدانهم في سن مبكّرة.
وتابع سعادته: «يحرص المركز من خلال مبادراته ومشاريعه على تعزيز وعي وثقافة جميع أفراد المجتمع، والاستثمار في تنمية ملكاتهم، والنهوض بالمواهب على صعيد الإبداعات المرتبطة باللغة العربية. وقد استطاعت المسابقة منذ إطلاقها أن تكشف عن مجموعة واسعة من المواهب التي نعتزّ بإمكاناتهم، وقدراتهم، ما يحفزنا على بذل المزيد من الجهود ليبقى هذا الجيل الجديد على مقربة من لغته، وثقافته العربية الأصيلة، ويكون قادراً في المستقبل على تعريف أقرانه حول العالم بإرثه الحضاري. 

مقالات مشابهة

  • مكتبة الاسكندرية تناقش الهوية وبناء الانسان
  • ندوة اللغة العربية والتقنيات تناقش التحديات والفرص في ظل الذكاء الاصطناعي
  • غربة اللغة العربية
  • «التربوي للغة العربية لدول الخليج» يعرّف بإصداراته في «القاهرة للكتاب»
  • وهب روميًة.. رحيل هادئ لأديب أثرى اللغة العربية
  • اتفاقية تعاون بين «دارة الشعر العربي» بالفجيرة و«كلية اللغة العربية» بجامعة الأزهر
  • أديبة تشيكية: معرض القاهرة للكتاب يوحد البشر رغم اختلاف اللغات والثقافات
  • «أبوظبي للغة العربية» يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسابقة «أصدقاء اللغة العربية»
  • رادكا دنماركوفا: معرض القاهرة للكتاب يوحد البشر رغم اختلاف اللغات والثقافات
  • "أبوظبي للغة العربية" يكرّم الفائزين بـ "أصدقاء اللغة"