محمد عبدالجواد يكتب: أطلال غزة مصائد الموت.. حلل يا دويري!!
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
أرادوا محوها من على وجه الأرض فتحولت إلى نفق مظلم لابتلاعهم.. قصفوا البيوت على من فيها فخرج لهم من بين ركامها من يصطاد المدرعات والدبابات والآليات العسكرية كما تصطاد الصواعق الناموس والذباب اللزج فى أيام وليالى الصيف المرهقة.. دمروا البيوت عن عمد وقتلوا من فيها لإرهاب الباقين على قيد الحياة وإجبارهم على النزوح فاتخذ أبطال المقاومة من حطامها سواتر للاختباء خلفها ومباغتة الطغاة المجرمين وإسقاطهم بين قتيل وجريح وأشلاء ممزقة يجمعونها فى أكياس قبل أن يحتفظ بها رجال المقاومة للمساومة عليها فى صفقات تبادل الأسرى.
روعوا الأطفال بالقصف المجنون لإخافتهم فخرجوا من بين الأنقاض يغنون ويرقصون ويرددون بنبرة التحدى والصمود لسنا خائفين منكم وباقون فى أرضنا وأنتم ومن عاونكم من الجبناء إلى زوال.. بيوت غزة المدمرة تحولت بدون سابق إنذار إلى مصائد موت ومحرقة جديدة لجنود ومرتزقة الاحتلال.
حاولوا إرهابهم وترويعهم وظنوا أنهم منتصرون بالأباتشى والـF16 وقذائف الدبابات والفسفور الأبيض والأسلحة المحرمة والمجرمة دولياً فخرج لهم من بين الأنقاض المارد الجبار ورد لهم الصاع صاعين وظهر جنودهم فى فيديوهات مسربة وهم يولولون ويبكون كما النساء، بعد أن عجزوا عن مواجهة الرجال الأبطال الذين يقبلون على الموت كما يقبلون هم على الحياة.
نيران الحقد الإسرائيلية على مبانى غزة أدت إلى تضرر 355 ألف وحدة سكنية، منها 69 ألفاً مهدمة بالكامل و290 ألفاً متضررة بجانب تدمير 138 مقراً حكومياً و145 دار عبادة، منها 3 كنائس و142 مسجداً وخروج 30 مستشفى من الخدمة وتضرر 390 مدرسة وجامعة، وتدمير 121 سيارة إسعاف، بالإضافة إلى 60 ألف مصاب وجريح و24 ألف شهيد، منهم 10 آلاف طفل و7 آلاف امرأة و1049 من المسنين و326 من الطواقم الطبية و115 صحفياً و115 معلماً و148 من موظفى وكالة غوث اللاجئين أونروا و148 من أفراد الدفاع المدنى، بجانب 7 آلاف مفقود و2 مليون نازح داخل القطاع.
مبانى غزة المدمرة بقسوة وبطش وجبروت وضمير ميت لم يسبق له مثيل حتى فى أكاذيب الهولوكوست التى روج لها اليهود بعد الإصرار على قصفها وتدميرها حتى باتت أطلالاً وأكواماً من الركام خرج منها ساكنوها وتحولت إلى مخابئ آمنة لأبطال المقاومة، يتم من خلالها قنص واستهداف جنود الاحتلال بكل سهولة، وأصبح أبطال المقاومة يظهرون منها لاصطياد جنود وآليات الاحتلال ويختفون فى سرعة البرق كالأشباح، وهو الأمر الذى بات مصدر قلق وحيرة للخبراء العسكريين داخل وخارج دولة الاحتلال، لأن أبطال المقاومة حولوا المعركة إلى مجرد نزهة يقومون خلالها بالثأر لشهدائهم وجرحاهم ومهجريهم ولقنوا جنود الاحتلال دروساً باهظة الثمن فى فنون القتال وحرب الشوارع والتكتيكات العسكرية.
رجال المقاومة ضربوا أروع الأمثلة فى الشجاعة والإقدام وعروا جيش الاحتلال من كل المقولات الأسطورية الزائفة التى حاولت آلة الدعاية الإعلامية الضخمة التى جندها للترويج له بأنه الجيش الذى لا يقهر، وظهر ذلك جلياً فى اللقطة التى كانت مثار حديث وسائل الإعلام السوشيال ميديا، والتى ظهر فيها مقاتل حمساوى يفجر مركبة عسكرية ويردد بثقة وصوت واضح حلل يا دويرى.. ونفس الحال فى اللقطات التى يلصق فيها المقاتلون العبوات على المدرعات والدبابات من المسافة صفر بكل ثقة وبلا خوف، رغم أن الفارق فى حجم التسليح بين الجانبين أشبه بالمسافة بين السماء والأرض.
جنود وآليات الاحتلال تحولت إلى هدف سهل المنال وصيد ثمين لرجال المقاومة، ودفعت إسرائيل ثمناً باهظاً لغبائها فى التعامل مع أهالى القطاع المنكوب بإصرارها وعنادها ورغبتها فى إزالة بيوت غزة من على الخريطة لتسهيل تحقيق هدفها الخفى، وهو الاستيلاء على حقول الغاز المواجهة لشاطئ غزة، وفى نفس الوقت جعل الأرض مسطحة على أمل البدء فى تنفيذ مشروع قناة بن جوريون حلم إسرائيل المؤجل من زمن طويل لضرب قناة السويس.
فمن بين أطلال البيوت والعمارات السكنية تخرج نيران المقاومة لتضع جنود الاحتلال ومركباتهم العسكرية فى قلب الجحيم، لأن اعتلاء المبنى والضرب من مسافة مرتفعة يجعل جنود الاحتلال هدفاً من السهل اصطياده، وتخرج نيران الغضب إليهم وكأنهم على موعد مع العذاب، فتتعالى صرخاتهم ويطلقون النار بشكل عشوائى على هدف يشبه «اللهو الخفى» لأنهم لا يرونه ولا يعلمون من أين يخرج ليطلق النار وأين يختفى.
رجال المقاومة حولوا محنتهم بتدمير بيوت أهاليهم إلى منحة وأحسنوا استخدامها لإيقاع أكبر قدر من الخسائر المؤلمة بجنود الاحتلال، وهو الأمر الذى أدى إلى انهيار معنوياتهم وبدأوا فى الانسحاب التدريجى خارج مناطق المبانى المدمرة بعد أن فهموا أنهم بحماقتهم نصبوا لأنفسهم كميناً داخل الأراضى الفلسطينية جعلهم صيداً ثميناً لرجال المقاومة فزادت خسائرهم بشكل كبير، وهو ما صب موجة من الغضب العارم على رئيس حكومة اليمين المتطرف بنيامين نتنياهو ووزرائه المتعطشين للدم، فأصبحت حكومة الاحتلال بين سندان الغضب الشعبى من زيادة حجم الخسائر ومطرقة غضب أهالى الأسرى المحتجزين لدى حماس، الذين فشل نتنياهو واستخباراته وكل معاونيه فى تحديد أماكن وجودهم أو التوصل إلى أى اتفاق لتحريرهم، وبات مصير الحكومة غامضاً فى ظل الغضب الذى يحاصرها من كل اتجاه بالداخل والخارج والمحيط الإقليمى.
لقد ألقت إسرائيل على غزة ومخيمات الضفة الغربية كمية من المتفجرات ما يزيد على حجم القوة التفجيرية لقنبلتين مما ألقى على هيروشيما فى الحرب العالمية الثانية، وصلت طبقاً للكثير من التقديرات إلى أكثر من 70 ألف طن من المتفجرات، حولت أكثر من نصف مبانى غزة إلى أطلال وأثر من بعد عين، لكن هذه الأطلال وأكوام الركام خرج منها من قال للعدو نحن هنا ما زلنا قادرين على المقاومة والحياة والنصر رغم قسوة المعركة وشراسة الأزمة وتخاذل العالم وتجاهل الغريب وخذلان القريب دماً ولغة وديناً لنا، ونحن من يصنع الحدث ويدير بوصلة الأحداث ويفتح صفحات كتاب التاريخ ليدون فيه الأحداث بتسلسل مدهش ويوثق جرائمكم ليورثها للأجيال القادمة من أبنائه، ليخرجوا للحياة وهم على قناعة تامة أن هذه الأرض ليس لكم عليها مكان ولا حياة.
وختاماً لقد أثبت رجال المقاومة ومن خلفهم أهل فلسطين بدعمهم ودعائهم لهم فى المساجد والصلاة من أجلهم فى الكنائس أن أرض فلسطين الأبية العصية على الهزيمة والانكسار ما زال عليها ما يستحق الحياة من أجله والدفاع عنه والاستشهاد فى سبيله، وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فلسطين عربية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلى رجال المقاومة جنود الاحتلال من بین
إقرأ أيضاً:
أمريكا ترسل ٢٤ ألف بندقية لإسرائيل
اكد مسئول أمريكى أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تدرس إرسال 24 ألف بندقية هجومية إلى إسرائيل والتى تم احتجازها فى وزارة الخارجية بناء على أوامر أنتونى جيه بلينكين، وزير الخارجية السابق. بحسب نيويورك تايمز الأمريكية
وكان بلينكن قد طلب من وزارة الخارجية عدم المضى قدماً فى تلبية طلب إسرائيل، الذى يتألف من ثلاث دفعات بقيمة إجمالية تبلغ 34 مليون دولار. على إثر مخاوف المشرعين الديمقراطيين من امتلاك ميليشيات المستوطنين واستخدامها من جانب ضباط الشرطة الإسرائيلية فى أعمال عنف غير مبررة ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية.
وتشترى إسرائيل أكثر من ثلاثة أرباع البنادق المعلقة من شركة كولت.وأصبح المشرعون على علم بأمر بيع الأسلحة بعد أن قدمت وزارة الخارجية إخطارًا غير رسمى بالبيع إلى لجنتين فى الكونجرس بعد أسابيع قليلة من هجمات حماس فى إسرائيل فى أكتوبر 2023 والتى أشعلت ضربات عنيفة من قبل الجيش الإسرائيلى فى غزة. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الأمر أثار قلق المشرعين وبعض مسئولى وزارة الخارجية.
وكان وزير الأمن القومى ايمتار بن غفير قد صرح فى أكتوبر 2023 أنه سيزود المستوطنات بالسلاح وسينشئ ميليشيات مدنية لحماية المستوطنين.
وعندما سُئل أحد مسئولى وزارة الخارجية عن المخاوف بشأن كيفية استخدام البنادق، قال إن الأسلحة ستذهب فقط إلى «الوحدات الخاضعة لسيطرة الشرطة الوطنية الإسرائيلية»، فى إشارة إلى الشرطة الوطنية الإسرائيلية. لكن المسئولة، جيسيكا لويس، التى تدير المكتب المسئول عن نقل الأسلحة، لم تحدد هذه الوحدات.
وقد غادر بن غفير وحزبه الحكومة مؤخراً احتجاجاً على سلسلة جديدة من صفقات تبادل الأسرى بين إسرائيل والفلسطينيين.
وفى ديسمبر 2023، وافق المشرعون الديمقراطيون بشكل غير رسمى على طلب البنادق بشرط أن تقدم إسرائيل ضمانات مناسبة لاستخدامها، حسبما قال المسئول الأمريكى، ثم واصل المشرعون التعبير عن مخاوفهم بلينكين، الذى أمر فى النهاية باحتجاز البنادق.
وفى منتصف الشهر الماضى، أبلغ البيت الأبيض البنتاجون أنه قد يرسل شحنة كبيرة من القنابل التى يبلغ وزنها 2000 رطل إلى إسرائيل، والتى كان بايدن قد أوقفها فى الصيف الماضى فى محاولة لثنى إسرائيل عن إسقاط ذخائر ثقيلة على مدينة رفح الفلسطينية، وهو ما فعلته على أى حال. ويرى المسئولون العسكريون الأميركيون أن القنابل التى يبلغ وزنها 2000 رطل مدمرة للغاية بحيث لا يمكن استخدامها فى حرب المدن.
وأوضح مايك هاكابى، الذى اختاره ترامب ليكون السفير الأمريكى القادم إلى إسرائيل، أن الضفة الغربية بأكملها تابعة لإسرائيل واعلا يوجد شىء اسمه فلسطين.
يأتى ذلك فى ظل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لعقد اجتماع عمل مع ترامب بحسب المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت والتى لفتت الى دعم الرئيس الجديد لإسرائيل.
وذكر موقع أكسيوس أن من المتوقع اجتماع ترامب ونتنياهو مرتين فى واشنطن يوم الثلاثاء المقبل، مرة من أجل اجتماع عمل والأخرى من أجل عشاء غير رسمى بصحبة زوجتيهما.
ومن المزمع أن يجرى الاجتماع، والذى أكدته حكومتا إسرائيل والولايات المتحدة هذا الأسبوع، وسط وقف هش لإطلاق النار مدته ستة أسابيع أدى إلى توقف مؤقت للقتال الذى استمر 15 شهراً بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) فى قطاع غزة.
من بين الموضوعات الرئيسية المدرجة على جدول الأعمال صفقة إطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار التى تم تنفيذها جزئياً والتى لا تزال قيد التطوير بين إسرائيل وحماس ودخلت حيز التنفيذ فى 19 يناير بعد أشهر من المفاوضات وبعد ضغوط مكثفة مارسها مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، الذى انضم إلى المحادثات حتى قبل أن يؤدى الرئيس الأمريكى الجديد اليمين الدستورية.