تسبب الاحتلال على مدار 105 أيام من عدوانه على غزة، بتمزيق العائلات في القطاع، وزيادة معاناتها، وبات كثير منها يجهل أخبار أفراد العائلة بسبب تفرقهم بين شمال ووسط وجنوب القطاع وسط تكرار عمليات النزوح باتجاه الجنوب.

وحصلت "عربي21" على روايات تلخص مأساة عميقة أحدثها الاحتلال، ضمن جرائمه في قطاع غزة، وكيف تقطعت السبل بين أفراد العائلة الواحدة وكيف أن عائلات كثيرة فقدت أبنائها دون أن تصلهم أخبارهم، أو يتمكنوا من دفنهم.



آباء لم يروا مواليدهم

ويروي عبد العال سلمي مأساته في انقطاع التواصل بينه وبين زوجته الحامل، خلال الأيام الأولى للحرب، بعد نقلها إلى منطقة حي الزيتون في مدينة غزة لقضاء أشهرها الأخيرة عند أهلها بسبب شدة القصف في بيت حانون حيث يسكن.

وقال سلمي لـ"عربي21"، أرسلت زوجتي للبقاء عند أهلها، في الفترة الأولى من العدوان، للحفاظ عليها قدر الإمكان، لكن مع توسع الحرب، وتوغل الدبابات في المنطقة، نزحت مع عائلتها إلى رفح عبر طريق صلاح الدين، وسط خطر التعرض لهم من قبل جنود الاحتلال.

وأوضح أن المنزل الذي كان يسكنه تعرض للقصف، وبات بلا مأوى، وفقد هويته وكافة متعلقاته، وانقطت أخبار زوجته عنه بسبب قطع الاتصالات، ولجأ إلى إحدى مدارس الوكالة لتوفير مكان ينام فيه.



ولفت إلى أنه حاول استغلال فترة الهدنة من أجل الانتقال إلى رفح، لكن خوفه من الاعتقال على ما أسماه الاحتلال، الممر الآمن، والذي اعتقل فيه المئات من الفلسطينيين خلال نزوحهم، دفعه للبقاء، أملا في تحسن الظروف وتمكنه من التواصل مجددا مع زوجته قبل ولادتها.

وأشار سلمي إلى أن الأمور ساءت بعد الهدنة المؤقتة، وبات محاصرا في شمال غزة، في المقابل زوجته حضرتها الولادة ولم يجد أنسباؤه وسيلة لنقلها إلى المستشفى سوى على عربة يجرها حمار، بعد تدمير سيارات الإسعاف، وقال إنها "وضعت مولودة أنثى بعملية قيصرية"، وبسبب عدم وجود أسرة كافية في المستشفى، أعادوها في نفس الليلة على العربة ذاتها إلى الخيمة التي يقيمون فيها.

وقال إنه يواجه مشاعر متناقضة، بين فرحته بقدوم مولودته، التي علم بخبرها، عبر اتصال وصله من أحد أقاربه في الأردن، وحزنه الشديد، ببعده عنها، وعدم قدرته على الوقوف بجانب زوجته في هذه اللحظات، وتوفير ما تحتاجه في ظل انعدام سبل الحياة، من طعام وشراب وغيره خاصة لأمراة وضعت بعملية قيصرية.

رسائل شوق وشهداء
وفي دير البلح، فوجئت آية مقداد، خلال اتصال ابنة عمها من السعودية، بخبر استشهاد شقيقها بقصف للاحتلال على مركز الإيواء الذي كان يقيم فيه مع عائلته بمخيم النصيرات.

وقالت آية لـ"عربي21" إنها حصلت بعد جهد كبير على إشارة للإنترنت، في المنطقة التي نزحت إليها من منطقة حي الشيخ رضوان، حيث شقتها التي دمرت بالكامل، وتواصلت مع ابنة عمها في السعودية، والتي كانت على اتصال بعدد من أقاربهما للاطمئنان على وضعهم.

وأضافت، أنها أراد التأكد من خبر أفاد باستشهاد والدتها التي بقيت في مدينة غزة، بعد تفرقهما، بعد قيام نشطاء بنشر الخبر على مجموعات إخبارية بغزة، لكنها فوجئت وهي تتحدث مع ابنة عمها، للتأكد من خبر استشهاد والدتها، بتعزيتها باستشهاد شقيقها، بافتراض أن الأنباء وصلتها، وهو ما تسبب لها بصعقة كبيرة وباتت أمام خبر استشهاد اثنين من عائلتها.



وأوضحت أن نبأ استشهاد والدتها لم يكن مؤكدا، والمؤكد فقط شقيقها، لافتة إلى أن ابنة عمها، تواصلت على مدار أسبوعين، بمن استطاعت التواصل معهم في مدينة غزة بسبب انقطاع الخطوط، من إرسال شخص قريب من منزل زوجة عمها، لتجدها على قيد الحياة، والتأكد من أن أنباء استشهادها كانت إشاعة.

تمزيق العائلات

ولا تخفي إسراء كمال الفتاة العشرينية والطالبة الجامعية، حزنها الشديد، على بقائها في مدينة غزة، بعد تفرقها عن عائلتها التي نزحت إلى خانيونس في البداية، ثم إلى رفح، بسبب القصف الذي منعها من النزوح معهم.

وأوضحت إسراء لـ"عربي21" أنها كانت تقطن مع عائلتها في منطقة الشيخ زايد، شمال قطاع غزة، بجانب المستشفى الإندونيسي، ومع تصاعد القصف اضطرت العائلة للجوء إلى مدرسة لوكالة الغوث في منطقة جباليا.

وأضافت: "بسبب حالة الاكتظاض، والظروف الصعبة داخل المدرسة، كنت اذهب كل عدة أيام إلى المنزل أنا وشقيقي، لأخذ بعض الحاجيات وتفقده، بسبب صعوبة الوقوف على الطوابير الطويلة على المرافق الصحية من حمامات وغيرها، ولأن المنزل بقي فيه كمية جيدة من الماء تكفي للاستحمام والنظافة الشخصية".

وتابعت: "لكن مع تصاعد القصف، واستهداف المدرسة التي كانت تقطن فيها عائلتي، اضطروا للنزوح سريعا، وحوصرت أنا وشقيقي، في منطقة المستشفى الأندونيسي، وتفرق شمل العائلة بصورة مأساوية، فوالدي ووالدتي وأغلب أخوتي في رفح، وبقيت مع شقيق واحد فقط في الشمال".

وقالت إنها نجت بأعجوبة، بعد محاصرة الدبابات للمستشفى الإندونيسي قبل الهدنة، واليوم تقيم في مدرسة للوكالة بمخيم جباليا، ولليوم 105، لم تسمع صوت والدها أو والدتها، بسبب انقطاع الاتصالات الداخلية، وعلى مدار أسابيع تحصل فقط على القليل من الأخبار من شقيقتها المقيمة في تركيا في حال تمكنت من الحصول على إشارة للإنترنت في المنطقة التي تقطن فيها".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال غزة العائلات مأساة غزة الاحتلال مأساة عائلات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی مدینة غزة

إقرأ أيضاً:

الإبادة تستهدف الصحفيين بغزة.. عام من محاولات قتل الشهود على جرائم الاحتلال

لم يتوانَ جيش الاحتلال الإسرائيلي عن استهداف الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة خلال عدوانه المتواصل منذ عام كامل، وذلك على الرغم من الحماية التي يتمتعون بها، ما أسفر عن مجازر مروعة بحقهم أمام أنظار العالم.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة في السابع من تشرين الأول /أكتوبر عام 2023، استشهد 174 صحفيا فلسطينيا في القطاع وأصيب أكثر من 190 آخرون بجروح مختلفة.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن الاحتلال الإسرائيلي دمر 87 مؤسسة إعلامية في قطاع غزة.

ولليوم الـ365 على التوالي، يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.

وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على 41 ألف شهيد، وأكثر من 96 ألف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.


وقال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، إن "الاحتلال الإسرائيلي يضع الصحفيين والإعلاميين في دائرة الاستهداف منذ بدء حرب الإبادة الجماعية بغزة، حيث يتعمد قتلهم وتصفيتهم".

وأضاف في حديثه لوكالة الأناضول، أنه بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة "نتحدث اليوم عن ارتقاء 174 شهيدا من الصحفيين والإعلاميين، وإصابة 396 آخرين، على مدار عام الإبادة"، مشيرا إلى أنه وثقوا "اعتقال إسرائيل 36 صحفيا خلال الحرب نفسها، أُفرج عن 4 منهم، بينما لا يزال 32 في السجون".

وعن أسباب استهداف الصحفيين، أوضح أن "الاحتلال يهدف إلى ترهيبهم، وطمس الحقيقة، ومنعهم من التغطية الإعلامية لجرائمه ضد الأطفال والنساء والمدنيين، في إطار حرب الإبادة الجماعية على جميع أطياف شعبنا".

ورغم تلك الاستهدافات، أكد ثوابتة أن "الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين، تمكنوا من اختراق حاجز الخوف والإرهاب، الذي حاول الاحتلال فرضه عليهم".

وأشار إلى أنهم "تمكنوا من إيصال رسالة مظلومية شعبنا الفلسطيني إلى العالم، وفضح الاحتلال وجرائمه ضد الإنسانية، التي كان أكثرها قسوة قتل الأطفال والنساء وقصف المنازل".

وطالب الثوابتة الاتحادات الصحفية والهيئات الإعلامية والحقوقية "بإدانة هذه الجرائم والضغط على الاحتلال لوقف هذه الحرب الإجرامية ضد الصحفيين والمدنيين".

وكانت العديد من المؤسسات الدولية والفلسطينية حذرت مرارا وتكرارا من استهداف الاحتلال الإسرائيلي المباشر للصحفيين والطواقم الإعلامية في قطاع غزة، على الرغم من ارتدائهم سترات الصحافة والخوذ.

وكان المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فيليب لازاريني، دعا الصحفيين ومؤسسات الإعلام الدولية لدعم زملائهم في غزة، مشددا على ضرورة "الضغط على إسرائيل، للسماح بدخول طواقم الصحافة إلى قطاع غزة، لتنقل المعاناة فيه بحُرية".

وأعرب المفوض العامّ لوكالة غوث، في تدوينة عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، عن إعجابه بالصحفيين الفلسطينيين، وتقديره لهم، مشيرا إلى أنهم "يواصلون حمل الشعلة، رغم مقتل العديد منهم".

ويواجه صحفيو غزة، الموت البطيء كغيرهم من الفلسطينيين بالقطاع، حيث تعرضوا للنزوح، والجوع، ونقص الدواء والماء والطعام والمأوى، إضافة إلى انقطاع الإنترنت الذي يؤثر على قدرتهم على نقل صورهم وتقاريرهم، حسب وكالة الأناضول.

ألم ومعاناة
في كل مرة يحاول المصور الصحفي الفلسطيني محمد الزعانين (43 عام)، التقاط صورة لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، يخشى أنه قد يكون مكان الضحية في المرة القادمة.

وقال الزعانين للأناضول: "نحن في جنوب القطاع بعد نزوحنا من مدينة غزة (شمال)، أعاني كأي مواطن من معاناة النزوح القسري، لكن عملنا رسالة وطنية يجب أن نوصلها للعالم".

وأضاف: "تعرضت للإصابة في يوليو (تموز) الماضي، وتعافيت، وما زلت لا أستطيع ممارسة عملي كمصور لنقل صورة الأوضاع وآلام شعبنا في قطاع غزة".


وأشار إلى أن "الحياة في غزة صعبة، فنحن نعيش حرب إبادة، وقد واجهنا معاناة لم يرها أي صحفي في العالم"، موضحا: "يوميا، نسمع عن إصابة أو مقتل صحفي، ما يسبب شعورا سيئا".

وأكد أن "الاحتلال لا يفرّق بين صحفي وطبيب ورجل دفاع مدني، فالكل مستهدف في غزة"، معربا عن أمله أن "تنتهي حرب الإبادة، ويعود مع أسرته إلى مدينة غزة، وينتهي من معاناة النزوح وآلام الحرب".

حماية مفقودة
ولا يختلف عن أوضاع زملائه، حال الصحفي غازي العالول، الذي يصر على مواصلة عمله رغم معاناته النزوح، وفقد العديد من أفراد عائلته، خلال الحرب المستمرة منذ عام على قطاع غزة.

وخلال حديث العالول للأناضول، استنكر أن يكون "الصحفي في كل العالم محمي، لكن في قطاع غزة يتعرض لاستهدافات مباشرة من الاحتلال الإسرائيلي".


وقال: "مسؤوليتنا هي تغطية الأحداث ونقل صورة قضيتنا ومناصرة الإنسان الفلسطيني الذي يعاني"، مستدركا: "لم نأخذ يوما واحدا من الراحة على مدار عام، بسبب استمرار العمليات العسكرية".

وعن موازنته بين واجبه الصحفي ودوره كرب أسرة، أجاب العالول: "تقع مسؤولية كبيرة عليّ، لا يمكنني أن صف مدى صعوبة عملي كوني زوجا وأبا لطفلين".

وأوضح أنه يقضي جزءا من وقته مع عائلته في المخيمات ليطمئنهم، ثم يتركهم ولا يعرف هل سيعود إليهم مجددا، متوجها لأماكن الاستهداف لتغطية الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على القطاع.

مقالات مشابهة

  • الإبادة تستهدف الصحفيين بغزة.. عام من محاولات قتل الشهود على جرائم الاحتلال
  • شهداء ومصابون فلسطينيون في قصف إسرائيلي على عدة مناطق بقطاع غزة
  • شهداء ومصابون فلسطينيون فى قصف إسرائيلى على عدة مناطق بقطاع غزة
  • بعد انفصالها.. من هي “أم خالد” التي قلّدها المشاهير؟
  • أطفال غزة هدف قناصة الاحتلال الإسرائيلي.. أطباء يروون لـ«الوطن» تفاصيل المأساة
  • نازحو البقاع بلبنان يروون لحظات كابوسية تحت القصف
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال 3 قيادات في حركة حماس بغزة قبل 3 أشهر
  • بعد انفصالها.. من هي "أم خالد" التي قلّدها المشاهير؟
  • حرب مأساوية.. ودموع مُنهمرة
  • 3 شهداء في استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي لمنزل بمخيم البريج بغزة