[email protected]
عندما نبحث في الفهم الواعي لعنوان المقال، يتبادر إلى الذهن السؤال، الذي يطرح باستمرار، في كثير من المناسبات: «هل الفن للحياة، أو الفن للفن؟» وإذا كانت مسوغات النص الأول من السؤال، أكثر واقعية، فإن النص الثاني من السؤال يسقط القيمة الجمالية للفن، والفن في مفهومه الدلالي ليس فقط ما تبدعه ريشة الرسام، أو قدرات المخرج للدراما أو المسرح، أو ذلك الإنصات الجميل للنحات عند تعامله مع لوحة تجريدية أو فسيفسائية من التكوينات البصرية الملموسة، وإنما يذهب البعد التأملي لحقيقة الفن إلى مشاريع الحياة اليومية التي نقوم بها كبشر.
وأسترشد هنا بأمثلة للتوضيح؛ حيث حضرت مرة احتفالا بسيطا، وكانت الكلمة الرئيسية للحدث انصبت كلها في تبجيل راعي الحفل، وتاريخه الاجتماعي، ولم يعرج ملقي الكلمة إلى أهمية ماهية المناسبة، وفاعليتها في الوسط الاجتماعي الذي أقيمت فيه، ومجموع المؤثرين في هذه المناسبة، ولماذا أقيمت في الأصل، إلا إشارة صغيرة في آخر الكلمة، وشخصيا، استنكرت هذه النقلة النوعية في تجيير المناسبات، ونقل الحدث وإسقاطه على راعي المناسبة، وليس لأهمية المناسبة نفسها، مع أن كثيرا من المناسبات تحمل دلالات موضوعية مهمة في حياة الناس الذين وجدت المناسبة بين ظهرانيهم، أكثر من أهمية راعي الحفل بينهم، فهو في دوره الإداري لا أكثر، وهذا المثال لا يعد إسقاطا مبالغا فيه، بل ينظر إليه على أن ذلك ثقافة مجتمع يترك الدلالات المهمة للموضوعات، ويذهب إلى الأدنى منها قيمة، وتَجَذُّرُ هذه الثقافة يعود إلى الكم المنجز من الممارسات اليومية لدى أبناء المجتمع الذين لا يزالون؛ تحت تأثير الوجاهة، المفرط فيها في التقدير، إلى درجة أن من يشعر بالتبجيل والتقدير، يكون في حرج شديد، خاصة أولئك الذين يعون تماما هذه المبالغة غير الضرورية.
نعم، يتفق الكثيرون منا على أن المقال لا يكون إلا بوجود المقام، ولكن المقام لا يختزل في شخص الإنسان فقط، وتترك الدلالات المهمة للأحداث، وتأثيرها المباشر وغير المباشر على الواقع، فيفترض كما هو مقبول ومتوقع، أن يكون المقام للذات الفاعلة الأكبر، للحدث ذاته، وللمعنى الكبير الذي تحمله دلالات الأشياء، وليس دلالات الأشخاص الضيقة، قد يكون الشخص منشأ فكرة ما، وتتسع مساحة هذه الفكرة لتعم جوانب كثيرة في الحياة «خدمة لها» وهنا قد ينظر إلى منشئ الفكرة بشيء من التقدير، ولكن اتساع الفكرة وتعميمها على مساحة واسعة من التأثير، فإن ذلك يقوم على مجموعة جهود قام بها أناس آخرون، وأضافوا فيها، وحسنوا، وبالتالي فهذه الفكرة تحررت من منشئها الأول لتتسع، ويكون لها أثر، ويكون الاتساع والأثر، هما موضوع المقال، كما هو الحال في الممارسات الإدارية عندما ينبرئ المدير «السوبر» متجاوزا كل فريق العمل ليكون الوحيد في الواجهة، بينما حقيقة الإنجاز تعود إلى الفريق كاملا، وليس لشخص الـ«سوبر» الذي يضع نفسه فوق الجميع؛ لأجل كسب رضى من هو فوقه في المستوى الإداري، وقس على ذلك أمثلة كثيرة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بعد السؤال الصعب.. سيميوني يغالب دموعه وينسحب من مقابلة
بدا دييجو سيميوني، مدرب أتلتيكو مدريد، متأثرا للغاية، عند سؤاله عن الشكوك التي تحيط بمستقبله مع الفريق، وذلك بعد الفوز بصعوبة على ديبورتيفو آلافيس (2/1) في الدوري الإسباني لكرة القدم، أمس السبت.
بعد السؤال الصعب.. سيميوني يغالب دموعه وينسحب من مقابلةويعد سيميوني أقدم مدرب حالي في الدوري الإسباني، حيث يتولى مسؤولية أتلتيكو مدريد منذ ديسمبر/كانون الأول 2011.
كوندي: ارتكبت خطأ فادحًا معلق مباراة مانشستر يونايتد وإبسويتش تاون في الدوري الإنجليزيواضطر المدرب الأرجنتيني للانسحاب من محادثة مطولة مع شبكة (دي إيه زد إن)، عقب اللقاء، ردا على استفسار بشأن الجدل المثار حول إمكانية رحيله، وماذا سيفعل أتليتكو مدريد من دونه مستقبلا.
وقال سيميوني: "أعيش اللحظة، واللاعبون يعملون بكل جدية، ويعلمون جيدا ما نحتاجه ونريده".
وأردف: "أنا هادئ وسعيد، لأنني أتواجد في المكان الذي أريده"، قبل أن يضيف متحدثا بصوت مكسور: "أحب هذا النادي، هذا كل شيء" ويترك الميكروفون ليتوجه بسرعة إلى غرفة خلع الملابس.
وتوج أتلتيكو مدريد، تحت قيادة دييجو سيميوني، بلقب الدوري الإسباني مرتين، وكأس ملك إسبانيا مرة واحدة، كما وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا مرتين.
ويرتبط سيميوني بتعاقد مع النادي المدريدي، يمتد حتى يونيو/حزيران 2027.