عالم أزهري: علامات النقاء في سيرة الإمام عبد القادر الجيلاني محفوفة بنورانيات آل البيت
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
قال الدكتور محمد عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين بالزقازيق، إن قضية النسب في أي موضوع هي بمثابة محور رئيسي، مشيرًا إلى أنها تعبر عن المعين والبذرة الصالحة التي يمتد منها الإنسان.
وأضاف خلال لقائه ببرنامج «مدد»، المذاع عبر فضائية «الحياة»، مع الإعلامي عبد الفتاح مصطفى، قائلًا: «عندما نأتي إلى الإمام عبد القادر الجيلاني لا نجد هناك بذرة أطهر من بذرة آل البيت، ولذلك نجد أن الإمام عبد القادر الجيلاني ينتسب إلى الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، ولهذه نجد أن علامات الطهر والنقاء في سيرة ومسيرة الإمام عبد القادر الجيلاني محفوفة بنورانيات آل البيت في نسبه ونشأته نظرًا لهذا النسب الشريف».
وعن نشأة الإمام عبد القادر الجيلاني، أوضح أن نشأته مرتبطة ببيت الصلاح الذي كان فيه والده، إذ أن والده كان من وجهاء قومه اللذين كان لهم قدم راسخة في العلم وفي الولاية وفي الصلاح، كما أنه من خلال هذة النشأة التي تعد المحضن الأول ومن خلال البيئة الصالحة عند والد الإمام عبد القادر الجيلاني، تلقى التربية الأولى من أم صالحة ومن أب صالح في بيت كان يعرف بقراءة القرآن، والمشاركة في العمل الاجتماعي من خلال إكرام الضيف والمشاركة في المناسبات الاجتماعية.
وأكمل: «أضف إلى ذلك الاهتمام بالعلم مع التربية، لأن هذا العصر كان يهتم فيه الوجهاء بأمرين، أن يكون هناك أهل الأدب للأولاد كمرحلة تسبق التعليم، ثم يكون هناك التعليم، الذي ينبثق من خلال البيئة الصالحة التي وجد فيها الإمام عبد القادر الجيلاني».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جامعة الأزهر قناة الحياة آل البيت من خلال
إقرأ أيضاً:
سامح قاسم يكتب | "أم كلثوم.. من الميلاد إلى الأسطورة".. سيرة على مقام القصيدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ليس من السهل أن تكتب عن صوتٍ صار وطنًا. أن تروي حكاية امرأةٍ تجاوزت جسدها وصارت تجسيدًا لعصر، وذاكرة جمعية لعشاقٍ، وثوّار، وملوك، ومهزومين. لكن حسن عبد الموجود لم يدخل إلى أم كلثوم من بوابة التوثيق، بل من نوافذ الحنين، ومن ممرات الحكاية، ومن شرفات اللغة. في كتابه "أم كلثوم: من الميلاد إلى الأسطورة"، لا نجد السرد التقليدي لسيرة فنانة، بل نصًا هجينًا بين الأدب والتاريخ، بين القصيدة والأرشيف، بين النشيد والمناجاة.
هذا الكتاب لا يسير على خطى الزمن، بل يعيد ترتيبه على إيقاع خاص، كما لو أن الكاتب أعاد توزيع حياة أم كلثوم على خمسين مقامًا سرديًا، حيث يتكرر اللحن، لكن لا تتكرر الحكاية. إنه لا يكتب عن سيدة الغناء العربي بقدر ما يستحضرها كأيقونة تتقاطع فيها العاطفة والفن والسياسة والقدر.
لا يبدأ حسن عبد الموجود من القاهرة، ولا من الميكروفون، بل من الطمي. من قريتها طماي الزهايرة، كأنه يبحث عن بذور الصوت، عن الماء الأول الذي شربته الحنجرة، عن الحقول التي سمعت ترتيلها الطفولي. لا يتعامل الكاتب مع الريف كمعلومة، بل كفضاء شعري، كأرضٍ تمهّد لقدَر. وهناك، في الحكايات الأولى، تبدأ أم كلثوم كامرأة لا تعرف أنها ستحكم السمع والمزاج العربي لعقود، بل كابنة إمام، تسكنها البدايات لا النهايات.
ومع تقدم الفصول، يتغير الإيقاع، لكن لا تفقد اللغة شغفها. يرصد الكاتب لحظات التحوّل: انتقالها إلى القاهرة، مواجهتها الأولى مع الذكور الذين يحرسون الميدان الفني، توترها بين الشرقي الأصيل والتجديد، وقبل كل ذلك، حذرها من الحب، من الرجل، من الضعف.
يأخذ عبد الموجود على عاتقه تفكيك صورة أم كلثوم الأسطورية دون أن يمسّ بهالتها، يعريها ليزيدها رهبة. يقترب منها لا كناقد بل كعاشق، يشكّك أحيانًا، يندهش غالبًا، ويترك الباب مفتوحًا للتأويل دائمًا. يظهر الجانب الإنساني الذي نادرًا ما يُرى: صرامتها، حساباتها الدقيقة، حسّها السياسي، وربما حتى وحدتها. يكتب عنها لا ليُحاكمها، بل ليجعلنا نفكر فيها على نحوٍ أعمق: ماذا يعني أن تكون صوتًا لجيل؟ كيف تحتمل امرأة أن تصبح رمزًا بلا لحظة ضعف علني؟
ومن هذا المنطلق، لا يفصل الكاتب بين أم كلثوم الفرد وأم كلثوم المؤسسة. هي التي غنّت للثورة كما غنّت للغرام، غنّت للزعيم كما غنّت للدمعة التي تنام على خدّ أرملة في قريةٍ لا تعرف أسماء الوزراء. بذلك، تصبح أم كلثوم مرآة عصرها، لا مجرد موسيقاه.
ما يميز هذا العمل ليس فقط ما يقوله، بل كيف يقوله. اللغة هنا ليست وسيلة نقل، بل أداء فني بحد ذاته. جملٌ طويلة كجملة موسيقية تتهادى، واستعارات تنبت من قلب الحكاية، وصور تتراكم مثل نغمات "ألف ليلة وليلة". لا نجد الحياد الصحفي، بل التورط الأدبي، ولا نجد الخطابة، بل همس عاشق يعرف أن الأسطورة لا تكتب بمداد الحبر فقط، بل بارتجاف القلب.
يتركنا الكتاب كما تتركنا أم كلثوم في نهاية كل حفل: مشبعين، لكن غير مكتفين. نغلق الصفحة، ونشعر أن الصوت لا يزال في الداخل. ربما لأن الكاتب لم يكتب النهاية، بل ترك الأسطورة مفتوحة. وربما لأن أم كلثوم نفسها لا تنتهي: كلما ظننا أننا سمعناها بما يكفي، فاجأتنا مرة أخرى من عمق الذاكرة.
"من الميلاد إلى الأسطورة" هو كتاب لا يُقرأ مرة واحدة، ولا يُقرأ كوثيقة، بل يُقرأ كما يُستمع إلى أغنية طويلة تُحيا كلما أُعيد غناؤها. حسن عبد الموجود كتب شيئًا لا نعرف كيف نصنّفه، لكنه كتب ما يشبه أم كلثوم: لغزًا، صوتًا، ذاكرة، ومقامًا لا يُعاد.