وزير المالية الألماني لأوروبا: استعدوا لعودة ترامب
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
دعا وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر الزعماء الأوروبيين إلى إعادة توجيه انتباههم من المناقشات حول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى الإعداد لاحتمال توليه ولاية ثانية. وشدد على أهمية تعزيز القدرة التنافسية الأوروبية بشكل استباقي في ضوء التحولات العالمية المحتملة.
وفي معرض إعرابه عن مخاوفه خلال جلسة بالمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، سلط ليندنر الضوء على حاجة صنّاع السياسات الأوروبيين إلى إعطاء الأولوية للإجراءات الإستراتيجية التي تهدف إلى تأمين المصالح الاقتصادية للقارة.
وشدد على أنه "يجب أن نتجاوز مجرد المناقشات ونركز على الاستعداد. يجب أن تكون أوروبا مستعدة لأي تطورات جيوسياسية، بما في ذلك احتمال عودة ترامب إلى منصبه".
وحذر الوزير الألماني من محاكاة الولايات المتحدة في دعم مجموعة واسعة من القطاعات، معتبرا أن مثل هذا النهج غير مستدام على المدى الطويل. ودق ناقوس الخطر بشأن رغبة صنّاع القرار في الاتحاد الأوروبي في اتباع النموذج الأميركي المتمثل في دعم "كل شيء تقريبا"، وحث على اتباع إستراتيجية أكثر حكمة واستهدافا.
وأشار ليندنر إلى أن تقليد النموذج الأميركي قد يبدو مغريا، لكن أوروبا بحاجة إلى توخي الحذر بشأن الإعانات غير المستدامة، مضيفا أنه يجب على أوروبا أن تقوم بواجبها وتعزز قدرتها التنافسية من خلال سياسات مبتكرة وإستراتيجية بدلا من الاعتماد على الإعانات الشاملة.
وتأتي الدعوة إلى التحول بينما تلوح في الأفق حالة من عدم اليقين الجيوسياسي، ويستمر المشهد الاقتصادي العالمي في التطور. وتأتي تصريحات ليندنر تذكيرا للزعماء الأوروبيين بإعطاء الأولوية للاستدامة والقدرة على الصمود على المدى الطويل، والابتعاد عن الإستراتيجيات التي يحتمل أن تكون محفوفة بالمخاطر.
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أكدت على أهمية الإستراتيجية الاقتصادية الهجومية لأوروبا (رويترز) أفضل وسيلة للدفاع الهجوموبينما تكافح الدول الأوروبية من أجل التعافي الاقتصادي بعد وباء كورونا، من المرجح أن تثير تصريحات ليندنر مناقشات بين صنّاع السياسات حول المسار الاقتصادي للقارة وضرورة تعزيز القدرة التنافسية المحلية.
في حين وجهت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد في ذات المنتدى رسالتها للزعماء الأوروبيين، مؤكدة على أهمية الإستراتيجية الاقتصادية الهجومية لأوروبا.
وركزت على الاعتقاد بأن الهجوم القوي يتطلب أساسا قويا في الداخل، داعية إلى تعزيز السوق الداخلية الأوروبية وإنشاء اتحاد أسواق رأس المال لتعزيز فرص التمويل للشركات.
وأكدت لاغارد، في كلمتها أن "أفضل وسيلة للدفاع الهجوم، ولكي تتمكن من الهجوم بشكل صحيح، يجب أن تكون قويا في المنزل". ويؤكد هذا النهج الإستراتيجي ضرورة قيام أوروبا بتعزيز أساسياتها الاقتصادية كإجراء استباقي في مواجهة التحديات الخارجية.
وتتوافق دعوة لاغارد إلى إنشاء سوق داخلية أوروبية قوية مع فكرة خلق بيئة اقتصادية متماسكة داخل الاتحاد الأوروبي التي بدأت بالانبعاث مؤخرا. وقالت إن السوق الداخلية المزدهرة من شأنها أن تعزز مرونة القارة وقدرتها التنافسية في مواجهة الشكوك العالمية.
ويؤكد التركيز على اتحاد أسواق رأس المال الحاجة إلى نظام مالي موحد قادر على تزويد الشركات بفرص تمويل محسنة.
وأعرب العديد من المسؤولين الأوروبيين عن خشيتهم من عودة ترامب للسلطة في الولايات المتحدة، ومن بين المسؤولين كان المستشار الألماني أولاف شولتز ولاغارد، اللذان أعربا عن مخاوفهما بشأن احتمال إعادة انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
وتعتبر لاغارد أن عودة ترامب قد تعني حدوث صراعات حول الحماية التجارية، والدعم العسكري لحلف شمال الأطلسي، وذلك بالنظر إلى الطريقة التي أدار بها ترامب السنوات الأربع الأولى من ولايته.
وقد اختلف الاتحاد الأوروبي وترامب خلال رئاسته لأميركا حول العديد من البنود، أبرزها فيما يتعلق بالتجارة والناتو والبيئة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
في انتظار عودة ترامب.. صفوف الاتحاد الأوروبي والناتو تتقارب رغم التنافس لمواجهة سياسات الرئيس الأمريكي المنتخب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يسعى الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي إلى إبراز صورة الوحدة والتعاون من أجل تعزيز الأمن الجماعي، وذلك لمعرفة ما إذا كانت هذه النوايا الطيبة ستقاوم توجهات الرئيس الأمريكي المستقبلي.
في بروكسل، تتطلع إدارتان إلى بعضهما البعض. يقعان على بعد بضعة كيلومترات فقط، لكنهما كانا يحدقان في بعضهما البعض لفترة طويلة. إلى الشمال الشرقي من بروكسل، في المنطقة المجاورة مباشرة لمطار زافينتيم، يقع المقر الرئيسي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذى يضم اثنين وثلاثين حليفًا، على رأسهم أولهم الولايات المتحدة وقواتها البالغ عددها ٤٠٠٠ جندي. وحيث يتواجد بالمقر الموظفون المدنيون الدوليون والدبلوماسيون والجنود المسؤولون عن الدفاع الجماعي عن القارة الأوروبية. وإلى الجنوب، حول منطقة شومان، يعمل بضع عشرات الآلاف من التكنوقراط في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، الذي فرض نفسه في مجال الدفاع بعد خروج المملكة المتحدة، في يناير ٢٠٢٠، ومنذ اعتماده، في ٢٠٢٢، لأول "بوصلة استراتيجية" له، وخطته لتطوير الأمن والدفاع، وبالطبع الحرب الروسية فى أوكرانيا، في فبراير ٢٠٢٢.
تسلح الاتحادفي غضون عامين، قام الاتحاد الأوروبي بتسهيل نقل أكثر من ١٠ مليارات يورو من الأسلحة من دوله الأعضاء إلى أوكرانيا، وتولى تمويل تدريب ٦٥ ألف جندي أوكراني، وقدم دعمًا ماليًا بما يصل إلى ٥٠٠ مليون يورو، واستثمارات في صناعة الدفاع، أو حتى بتمويل مشترك بمبلغ ٣٠٠ مليون يورو لشراء الأسلحة، وكان جزء منها مخصصًا لكييف.
ومنذ عام ٢٠٢١، قامت مؤسسات الاتحاد الأوروبى أيضًا بتمويل التعاون في مجال البحوث في مجال صناعة الدفاع. ومن المفترض أن تقدم السلطة التنفيذية الجديدة للاتحاد الأوروبى كتابًا أبيض في غضون ثلاثة أشهر بشأن الدفاع. وتضم هذه السلطة فى تشكيلها الجديد مفوض الدفاع الجديد، الليتواني أندرياس كوبيليوس، بالإضافة إلى كاجا كالاس، الممثلة الأعلى المستقبلية المسئولة عن الشئون الخارجية والقضايا الأمنية.
وهنا، يأتى السؤال: في أي اتجاه سوف يتجه التعاون بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير ٢٠٢٥؟ إن تعيين رئيس الوزراء الهولندي الليبرالي السابق مارك روته، أحد الشخصيات ذات الثقل في الاتحاد الأوروبي، أمينًا عامًا لحلف شمال الأطلسي، ووصول الإستونية كاجا كالاس إلى منصب رئيس الدبلوماسية الأوروبية لتحل محل جوزيب بوريل، يميل إلى طمأنينة اليمين. ويقول دبلوماسي أوروبي، "إنه أمر يبشر بالخير"، في حين التقى المسئولان، اللذان يعرفان بعضهما البعض جيدًا، رسميًا يوم الثلاثاء ١٩ نوفمبر.
حالة أرتكاريالفترة طويلة، كان مجرد ذكر الاتحاد الأوروبي في المقر الرئيسي للحلف يثير غضب قيادات الناتو. وتظاهرت المنظمتان بتجاهل خلافات بعضهما البعض. من المؤكد أن سلف مارك روته، النرويجي ينس ستولتنبرج، كان على اتصال جيد مع أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية، لكنه كان منزعجًا باستمرار من تدخلات الاتحاد الأوروبي في المسائل العسكرية. في الواقع، قام الاتحاد الأوروبي بتجهيز نفسه بمركز قيادة عسكري، من أجل إدارة المهام العسكرية الأوروبية على وجه الخصوص، سواء كانت برية في أفريقيا أو بحرية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر. وعلى نحو مماثل، يعكف الاتحاد الأوروبي على وضع قوة رد سريع مستقلة قوامها ٥٠٠٠ رجل على المسار الصحيح، والتي نظمت بالفعل، في عام ٢٠٢٣، مناورة في قادس بإسبانيا. ومن المقرر إجراء تدريب جديد في ألمانيا في عام ٢٠٢٥.
وقال مصدر أوروبى طلب عدم ذكر اسمه: "هذه القوة لا علاقة لها بما يفعله حلف شمال الأطلسي. ويمكن أن تمنح للاتحاد الاستقلال الذاتي خارج القارة الأوروبية. ونرد على الحلف قائلين: هذه كلها وسائل عسكرية بعيدًا عن حلف شمال الأطلسي". وينتقد هذا المصدر هذه "المنافسة" مع وجود صعوبة في إقناع بعض الدول الأوروبية والتحالف العسكري بإرسال عدد كاف من الضباط للعمل بشكل جيد مع القوات التى يعدها الاتحاد.
وفي ١٢ نوفمبر، أثناء جلسة تأكيد تعيينها أمام أعضاء البرلمان الأوروبي، بدا أن كاجا كالاس تدعم هذا التوزيع الصارم للأدوار. وأكدت بالتالي أن "الناتو تحالف عسكري، والاتحاد الأوروبي تحالف اقتصادي"، وأنه من الضروري تجنب وجود سلسلتين قياديتين عسكريتين متنافستين.
وجعل تعليقها جوزيب بوريل يتصبب عرقًا، والذي سيترك منصبه كرئيس للدبلوماسية في نهاية نوفمبر. ويدرك بوريل الدور الذي يلعبه حلف الأطلسي في الدفاع الجماعي، لكنه أشار في ١٩ نوفمبر إلى أن "أوروبا لا يمكنها أن تكون مجرد منتج للذخائر والأسلحة لحلف شمال الأطلسي". وأضاف "نحن اتحاد سياسي، ويجب أن يضمن درجة معينة من الاستقلال الذاتي. إنها مسؤولية استراتيجية. كأوروبيين، يتعين علينا أن نبني الركيزة الأوروبية لحلف شمال الأطلسي"، وفسر كثيرون تصريحات بوريل بأنها طريقة للحفاظ على الفضاء في مواجهة عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، خاصةً أن الأوروبيين لا يزالون لا يعرفون نوايا الملياردير على وجه التحديد.
في عموم الأمر، يتمتع الاتحاد الأوروبي بأصول يحسدها حلف شمال الأطلسي: ميزانيته الضخمة وسلطته التشريعية. بفضل وسائله وأدواته، يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يدعم بشكل ملموس تطوير الصناعة الدفاعية في القارة، بما فى ذلك الاستثمار في البنية التحتية العسكرية المشتركة أو تجميع شراء الأسلحة المنتجة على الأراضي الأوروبية، فيما يرغب الناتو في أن يكون له تأثير أكبر على المشتريات، حسبما يذكر مسئول في المنظمة، ويوضح: "يمكننا تجميع الطلب من أجل خفض أسعار الأسلحة لتعزيز صناعة الدفاع، في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية". وهنا تكمن المشكلة بالنسبة للاتحاد الأوروبي. فقد حددت بروكسل لنفسها هدف تطوير صناعتها الخاصة بحيث تعتمد بشكل أقل على حليفتها الأمريكية، التي تصادر بالفعل جزءًا كبيرًا من مشتريات الأسلحة من دول القارة القديمة.
نظرة للأمامورغم كل ذلك، فمع مارك روته، وكاجا كالاس، وأورسولا فون دير لاين، لم يعد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي يرغبان في النظر إلى الوراء بل يرغبان في إبراز صورة الوحدة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي من أجل تعزيز الأمن الجماعي. يجب أن تعطي فرق العمل تحت مسؤولية زعماء الكيانين زخمًا جديدًا لعدد من الموضوعات، مثل التنقل العسكري، من أجل تكييف الطرق والجسور مع المعدات، وتعزيز الحرب ضد الإنترنت، والتهديدات والأعمال التخريبية، خاصة في بحر الشمال أو بحر البلطيق، وتشجيع الابتكار. وإذا كانت حالة الوئام الجديدة ستقاوم دونالد ترامب وتوجهاته، فلننتظر الجواب في عام ٢٠٢٥.