نص كلمة وزير الخارجية سامح شكري في قمة عدم الانحياز
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
ألقى سامح شكري، وزير الخارجية، كلمة خلال مشاركته في قمة عدم الانحياز والتي تعقد على مدار يومين ١٩ و٢٠ يناير ٢٠٢٤.
إلى نص الكلمة
فخامة رئيس جمهورية أوغندا الشقيقة ورئيس قمة عدم الانحياز يوري موسيفيني، السيدات والسادة رؤساء الدول والحكومات،
يطيب لي أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لجمهورية أوغندا على حفاوة الاستقبال وحُسن التنظيم، كما أتوجه بالشكر لجمهورية أذربيجان على جهودها المقدّرة في رئاسة الحركة خلال السنوات الأربع الماضية.
السيدات والسادة،
في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية المتزايدة أمام الدول النامية، تبرز الحاجة لتعزيز دور حركة عدم الانحياز وإحياء مبادئ باندونج، التي كانت مصر سبّاقة في إرسائها وصونها، لاسيما احترام القانون الدولي، وسيادة الدول، وعدم التدخل في شئونها الداخلية، والالتزام بمقاصد وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، لإقامة عالم مستقر يقوم على التضامن الدولي والازدهار المشترك.
وليس بخاف عليكم أننا نجتمع في توقيت يواجه فيه عدد من أعضاء الحركة تهديداً مباشراً لأمنه واستقراره ... بل وبقائه ... فمنطقة الشرق الأوسط تشهد أزمة واسعة النطاق، إثر استمرار إسرائيل في عدوانها الغاشم على قطاع غزة، مما خلّف حتى الآن أكثر من ٢٢ ألف شهيداً، أغلبهم من النساء والأطفال ... وقد بلغ التدمير حداً غير مسبوق لم تسلم منه المنشآت الطبية، والإنسانية، والبنية التحتية الأساسية، ودور العبادة، وقامت إسرائيل باستهداف العاملين بالمجالين الطبي والإنساني، وموظفي الأمم المتحدة، والصحفيين.
وقد أدت هذه الانتهاكات إلى دفع أكثر من 1,6 مليون فلسطيني في قطاع غزة للنزوح، في مواجهة ممارسات إسرائيلية تفرض الحصار، والتجويع، وتعرقل المساعدات الإنسانية، وتتمادى في خرق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
ومن ثم، تدعو مصر لتمسك حركة عدم الانحياز بمواقفها التاريخية للتنديد بالممارسات الإسرائيلية غير المشروعة، ورفض تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، وتؤكد مصر أن السلم والاستقرار لن يتحقق في الشرق الأوسط سوى بإنهاء الاحتلال وانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وعلى صعيد قارتنا الأفريقية، تؤكد مصر تضامنها مع الدولة السودانية وجميع أطياف الشعب السوداني الشقيق، وتعرب عن قلقها البالغ من استمرار المواجهات العسكرية، وتجدد دعوتها لكافة الأطراف لإعلاء مصالح السودان والالتزام بوقف إطلاق النار، واللجوء للحوار ... وانطلاقاً من حرصها على حقن دماء الشعب السوداني وتخفيف معاناته الإنسانية، قامت مصر باستقبال أكثر من ٣٥٠ ألف من الأخوة السودانيين منذ بدء الأزمة، كما أطلقت آلية دول جوار السودان لدعم الرؤية والملكية الوطنية السودانية لحل الأزمة.
وتشدد مصر على دعمها التام لوحدة أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية الشقيقة، وسيادة الصومال علي كامل ترابه، وتشجب مصر بشدة أية إجراءات أحادية يتخذها أي طرف إقليمي لتهديد وحدة وسلامة الصومال، كما تؤكد معارضتها الحاسمة لأية إجراءات من شأنها التعدي على سيادة وحق الصومال - دون غيره - في الانتفاع بموارده، ونحذّر من التحركات التي تقوض الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وتزيد من حدة التوتر بين دوله، وندعو لتكاتف الجهود لاحتواء أزمات المنطقة، بدلاً من الاستمرار في سياسة تأجيج النزاعات على نحو غير مسئول.
وتنوه مصر بما تواجهه منطقة الساحل الأفريقي من مخاطر الإرهاب، وتهديد الأمن الغذائي ... فضلاً عن تغير المناخ وندرة المياه، خاصة بمصر، وهو الأمر الذي يتطلب إعلاء روح التعاون واحترام قواعد القانون الدولي للمجاري المائية العابرة للحدود، بدلاً من اتباع إجراءات أحادية، لا تأخذ في اعتبارها الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على كافة الأطراف، مما يهدد الاستقرار الإقليمي.
السيدات والسادة،
تواجه الدول النامية أعباءً اقتصاديةً متزايدةً، خاصة ما يتصل بأزمة الديون وتفاقم العجز في الموازنات العامة، مما يحتم إيلاء الدول المتقدمة مزيداً من التجاوب مع مطالب مبادلة الديون وتحويل جانب منها إلى مشروعات تنموية مشتركة تساهم في دفع التعافي الاقتصادي وتعزيز النمو الشامل والمستدام، إضافة إلى العمل لدفع مؤسسات التمويل الدولية لمساندة ودعم جهود الدول النامية.
وتؤكد مصر الدور المحوري لحركة عدم الانحياز في مواصلة حشد الجهود لتحقيق التعافي الاقتصادي في دول الحركة، ولعل انعقاد اجتماعنا اليوم - وقبل يوم واحد من انعقاد قمة الجنوب الثالثة هنا في كمبالا– يمثل فرصة لتعزيز التنسيق للخروج بخطة عمل واضحة تساهم في تسريع وتيرة النمو في الدول النامية ووصولها لأهداف التنمية المستدامة قبل عام ٢٠٣٠.
وندعو للبناء على نجاح مؤتمري الأطراف COP27 وCOP28، اللذين عقدا في دولتين من أعضاء الحركة، وأسهما في الدفع بالأجندة الدولية للمناخ وتعزيز مفهوم العدالة المناخية، في وقت تتعاظم فيه وطأة الأزمات المناخية وتداعياتها السلبية على الدول النامية ... ونرحب بشكل خاص بتفعيل صندوق الخسائر والأضرار الذي تم اقراره في قمة المناخ COP27 وتم تفعليه في COP28، ونثمن إطلاق برنامج عمل الانتقال العادل، وندعو كافة الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها المتضمنة في الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ واتفاق باريس وتفعيل المبادئ المتفق عليها وفى مقدمتها المسئولية المشتركة متباينة الأعباء، والانصاف.
ختاماً، أكرر تقديري لجمهورية أوغندا الشقيقة، وإني على ثقة من نجاحها في قيادة الحركة بكفاءة واقتدار لتحقيق طموحات شعوبنا نحو عالم أكثر أمناً واستقراراً وازدهاراً.
وشكراً.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزير الخارجية سامح شكري قمة عدم الانحياز سامح شكري ميثاق الأمم المتحدة قمة عدم الانحیاز الدول النامیة
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تحيي اليوم الدولي للتعددية والدبلوماسية من أجل السلام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحيي منظمة الأمم المتحدة اليوم الدولي للتعددية والدبلوماسية من أجل السلام في مثل هذا اليوم 24 أبريل، ولا يمكن اختزال مفهوم التعددية في كونه مجرد بديل للثنائية أو الأحادية في العلاقات الدولية، ولا في كونه تعاوناً بين ثلاث دول أو أكثر. فالتعددية، في جوهرها، تعبر عن توافق سياسي نابع من منظومة قيم ومبادئ يتشارك فيها الفاعلون الدوليون.
هي ليست ممارسة طارئة، ولا مجرد تكتل عابر، بل مسار من التعاون يقوم على التشاور، والانفتاح، والتضامن. كما تعتمد على إطار من القواعد التي صيغت جماعياً لضمان استمرارية التعاون وفعاليته، وتُطبّق هذه القواعد بالتساوي على جميع الأطراف، مما يرسّخ مبدأ التوازن بين الحقوق والمسؤوليات.
ومن هنا، تصبح التعددية أسلوباً فعّالاً لتنظيم التفاعل بين الدول ضمن نظام دولي مترابط، لا يستقيم إلا بتوزيع عادل للأعباء والمهام.
التعددية في السياق التاريخي
ورغم أنّ التعددية أصبحت عنصراً راسخاً في هيكل النظام الدولي الحالي، فإن فهمها لا يكتمل إلا بالعودة إلى جذورها التاريخية وتأمل تطورها ضمن شبكة العلاقات الدولية.
في قمة المستقبل التي استضافتها الأمم المتحدة في سبتمبر 2024، جدد قادة العالم التزامهم بمسار التعددية، مؤكدين تمسكهم بقيم السلام، والتنمية المستدامة، وصون حقوق الإنسان. وفي ظل عالم يزداد ترابطاً، باتت التعددية والدبلوماسية أدوات لا غنى عنها لمواجهة التحديات المعقدة التي تواجه البشرية.
تمثل الأمم المتحدة النموذج الأبرز للتعددية الحديثة. فميثاقها التأسيسي لا يقتصر على تحديد هياكل المنظمة ووظائفها، بل يشكّل مرجعية أخلاقية للنظام الدولي المعاصر. وقد وصفه الأمين العام أنطونيو غوتيريش في تقريره لعام 2018 بأنه “البوصلة الأخلاقية” التي توجه العالم نحو السلام، وتصون الكرامة، وتعزز حقوق الإنسان وسيادة القانون.
ويؤكد الميثاق على أهمية التنسيق بين الدول لاتخاذ إجراءات جماعية فعّالة للحفاظ على الأمن، وتعزيز علاقات ودية قائمة على المساواة واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، فضلاً عن تعزيز التعاون الدولي في مختلف المجالات.
شهدت التعددية تطوراً ملحوظاً منذ عام 1945، إذ ارتفع عدد الدول الأعضاء من 51 إلى 193، بالإضافة إلى مشاركة أوسع من قبل المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، حيث تحظى أكثر من ألف منظمة بصفة مراقب في الأمم المتحدة.
وقد أثمرت هذه التعددية عن إنجازات كبيرة، بدءاً من القضاء على أمراض خطيرة مثل الجدري، وصولاً إلى توقيع اتفاقيات دولية للحد من التسلّح، والدفاع عن حقوق الإنسان. ولا تزال جهود التعاون ضمن إطار الأمم المتحدة تُحدث فارقاً ملموساً في حياة ملايين البشر يومياً.
تأسست الأمم المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية بهدف منع تكرار مآسي النزاعات، حيث شدّد ميثاقها على أهمية تسوية الخلافات بطرق سلمية.
ورغم أن الدبلوماسية الوقائية قد لا تحظى دوماً بالاهتمام الإعلامي، فإنها تظل أداة أساسية لمنع الأزمات ومعالجة أسبابها الجذرية قبل تفاقمها.
في سبتمبر 2018، أعاد قادة العالم تأكيد التزامهم بالتعددية خلال اجتماعات الجمعية العامة، وتبع ذلك حوار رفيع المستوى في أكتوبر من نفس العام حول تجديد هذا الالتزام. وفي ديسمبر 2018، تبنت الجمعية العامة القرار رقم A/RES/73/127، معلنة 24 نيسان/أبريل يوماً دولياً للتعددية والدبلوماسية من أجل السلام، وداعية الدول والمؤسسات حول العالم إلى إحياء هذا اليوم وزيادة الوعي بأهمية التعددية كنهج يضمن الأمن والاستقرار والعدالة في العالم.