كان من الغريب أن وسائل الإعلام الأمريكية والغربية تجاهلت ولا تزال مسألة الإشارة إلى أهمية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة كوسيلة ناجعة لوقف الحرب الإقليمية التي بدأت على استحياء في ميدان البحر الأحمر الذي تحول إلى ساحة حرب، ومضت لتروج إلى روايات الأحداث الميدانية في ذلك المكان وتأثيرها على حركة التجارة العالمية.

وينتقد بليز مالي، الصحفي والكاتب بموقع "ريسبونسبل ستيت كرافت" هذا التوجه، قائلا إن عدم القدرة على ربط تحركات الحوثيين بالحرب المستمرة في غزة هو سوء تقدير استراتيجي، وتوجيه قسري للوعي العام الأمريكي والغربي إلى روايات أخرى لا تعزز الحل وحرمانهم من معرفة أن هناك خيارا غير صعب لإنهاء كل ما يحدث بالشرق الأوسط الآن، إن تم نزع فتيل الحرب في غزة.

اقرأ أيضاً

شملت منظمات ونقابات حقوقية.. إدانة واسعة لهجمات واشنطن وبريطانيا ضد الحوثيين

تجربة عملية

ويرى مالي أن هناك تجربة عملية تدلل على قوة الرابط بين حرب غزة والتصعيد في المنطقة برمتها، وهو توقف كافة الأعمال العدائية في البحر الأحمر والعراق ولبنان خلال فترة الهدنة المؤقتة التي تم التوصل إليها بين الاحتلال الإسرائيلي و"حماس" في غزة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي واستمرت لمدة أسبوع.

وينقل الكاتب عن تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي قولها: "خلال وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني، انخفضت هجماتهم بشكل كبير، مما يوفر درجة من الأدلة التجريبية على أن وقف إطلاق النار كان لديه احتمال قوي أن يكون خيارًا فعالًا لوقف الهجمات".

وضوح الحوثيين

ويقول الكاتب إن الحوثيون في اليمن كانوا واضحين في التأكيد على أنهم سيوقفون هجماتهم في البحر الأحمر بمجرد وقف العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة والسماح بوصول الغذاء والوقود إلى سكانها المحاصرين، وكان توقفهم خلال فترة الهدنة دليل على صدقهم.

لكن وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية ظلت تتجاهل هذا الرابط والحل، كما يشير الكاتب، رغم تسليطها الضوء على مساعي إدارة بايدن لعدم توسيع نطاق الحرب في غزة وضمان عدم تحولها إلى حرب إقليمية.

اقرأ أيضاً

ف.تايمز: أمريكا قادرة على مواجهة القراصنة لا الحوثيين في البحر الأحمر

نظرة على المعالجات

وفي الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و14 يناير/كانون الثاني، نشرت صحف "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" و"وول ستريت جورنال" أكثر من 60 مقالاً ركزت على بعض جوانب التهديد بالتصعيد في الشرق الأوسط، وركز 14 منهم على الأقل على عملية صنع القرار في إدارة بايدن.

لكن من بين تلك المقالات الـ 14، خمسة فقط تذكر مطالب خصوم الولايات المتحدة في المنطقة، وهي أن تسمح إسرائيل بدخول الغذاء والدواء إلى غزة وإنهاء حملة القصف، كما يقول مالي، رغم أن ذلك قد يشكل حلا ببساطة لكل ما يحدث.

وبدلاً من ذلك، وضعت المقالات في الغالب الخيارات على أنها الحفاظ على الوضع الراهن أو السعي إلى حل عسكري.

ازدواجية كبيرة

وحتى منتقدو إدارة بايدن فضلوا مساره الأكثر عدوانية إزاء الحوثيين في اليمن، وطالبوا بالمزيد من الضربات الانتقامية، وتجاهلوا تقارير الخبراء التي ظلت تشير إلى وقف إطلاق النار في غزة كخيار منذ أسابيع.

اقرأ أيضاً

إعادة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية.. ماذا يعني؟

آراء الخبراء

وفي معرض طرح حجة لواشنطن لأخذ زمام المبادرة في الضغط من أجل إنهاء العنف، عرض ثلاثة زملاء في "مؤسسة القرن the Century Foundation" في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن وقف إطلاق النار من شأنه أن "يقلل من التوترات الإقليمية، ويقلل من خطر نشوب حرب أوسع نطاقًا - والتي تتزايد احتمالاتها يوميا الآن.

وقبل ساعات قليلة من الغارات على اليمن في 11 يناير/كانون الثاني الجاري، أوضح أليكس ستارك، الباحث في مؤسسة راند، أن الضغط من أجل إنهاء الحرب في غزة كان الطريقة الأكثر فعالية لواشنطن لتهدئة التوترات مع الحوثيين.

وكتبت في مجلة "فورين أفيرز": "سواء شئنا أم أبينا، ربط الحوثيون عدوانهم بالعمليات الإسرائيلية في غزة وحصلوا على دعم محلي وإقليمي للقيام بذلك".

وأضافت أن "إيجاد نهج مستدام وطويل الأجل لكلا الصراعين سيكون أمرًا بالغ الأهمية لتهدئة التوترات في جميع أنحاء المنطقة ودفع الحوثيين إلى إلغاء هجماتهم على السفن التجارية".

وفي أعقاب العمليات الأمريكية، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن دولًا مثل قطر وعمان "حذرت الولايات المتحدة من أن قصف الحوثيين قد يكون خطأً، خوفًا من أنه لن يفعل الكثير لردعهم وسيؤدي إلى تعميق التوترات الإقليمية".

لقد جادلوا بأن التركيز على التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يزيل الدافع المعلن للحوثيين للهجمات.

اقرأ أيضاً

غيرت هوياتها.. هجمات الحوثيين تجبر السفن الإسرائيلية على التبروء من الاحتلال

سوء تقدير استراتيجي

وقال الخبراء إن عدم القدرة على ربط عدوان الحوثيين بالحرب المستمرة هو سوء تقدير استراتيجي.

وكتبت مؤسسة "كارنيجي" إن "هذا الرفض لرؤية الرابط بين غزة والبحر الأحمر يعني أننا نفشل أيضًا في رؤية الضرورة الأمنية الاستراتيجية المهيمنة هنا: تجنب المزيد من التصعيد على المستوى الإقليمي، والتحرك نحو احتمالات مضادة للتصعيد".

المصدر | ريسبونسبل ستيت كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الحوثيين البحر الاحمر غزة الشرق الاوسط وقف إطلاق النار البحر الأحمر اقرأ أیضا فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا قررت إسرائيل إيقاف دخول المساعدات الإنسانية لغزة ولماذا تهدد بالحرب؟.

قررت الحكومة الإسرائيلية، الأحد، وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، عقب ساعات من انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة حماس وتل أبيب، وعرقلة الأخيرة الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية.

 

وقال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في بيان على "إكس": "مع انتهاء المرحلة الأولى من صفقة المختطفين، وفي ضوء رفض حماس قبول مخطط (مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط ستيف) ويتكوف لمواصلة المحادثات ـ الذي وافقت عليه إسرائيل ـ قرر رئيس الوزراء أنه ابتداء من صباح اليوم (الأحد) سيتوقف دخول كل البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة".

 

وأضاف المكتب: "لن تسمح إسرائيل بوقف إطلاق النار دون إطلاق سراح مختطفينا، وإذا استمرت حماس في رفضها فسيكون هناك عواقب أخرى"، دون ذكر مزيد من التفاصيل.

 

وفي تعليقها على البيان الإسرائيلي، قالت حماس إن قرار نتنياهو وقف المساعدات الإنسانية يعد "ابتزازا رخيصا وجريمة حرب وانقلاب سافر على الاتفاق".

 

ودعت الوسطاء والمجتمع الدولي إلى "التحرك للضغط على الاحتلال ووقف إجراءاته العقابية وغير الأخلاقية بحق أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة".

 

وفي السياق، قالت القناة 14 الخاصة: "في نقاش عقد الليلة الماضية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تم اتخاذ قرار بوقف دخول الشاحنات الإنسانية إلى قطاع غزة، حتى إشعار آخر".

 

وأضافت أن القرار اتُخذ بالتنسيق مع الوسيط الأمريكيين، دون ذكر تفاصيل أكثر.

 

ولم يصدر على الفور من الوسطاء المصري والقطري والأمريكي تعليقات بشأن تلك الأنباء.

 

وتعليقا على قرار وقف المساعدات إلى غزة، رحب وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير، بالقرار، داعيا إلى ما سماه "فتح أبواب الجحيم" على القطاع الفلسطيني.

 

وقال بن غفير على "إكس": "أرحب بقرار وقف المساعدات الإنسانية إذا تم تنفيذه. لقد تم اتخاذ القرار أخيرا – أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي أبدا".

 

وتابع: "ينبغي أن تظل هذه السياسة سارية حتى عودة آخر مختطف. الآن هو الوقت المناسب لفتح أبواب الجحيم، وقطع الكهرباء والمياه، والعودة إلى الحرب".

 

ومضى بن غفير الذي استقال من منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي احتجاجا على التوقيع على صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حماس: " الأهم من ذلك - عدم الاكتفاء بنصف المختطفين، بل العودة إلى مهلة الرئيس (الأمريكي دونالد) ترامب - (بإطلاق سراح) جميع المختطفين على الفور وإلا فإن الجحيم سيُفتح على غزة".

 

وعند منتصف ليل السبت/الأحد، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار رسميا والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

 

وعرقل نتنياهو ذلك، إذ كان يريد تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.

 

فيما ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام إسرائيل بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.

 

وليلة الأحد، قال مكتب نتنياهو إن "إسرائيل وافقت على الخطوط العريضة لخطة اقترحها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف لوقف مؤقت لإطلاق النار خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي (12-20 أبريل/ نيسان)"، فيما لم يصدر بعد عن ويتكوف أي إعلان رسمي عن هكذا خطة.

 

وبحسب البيان الإسرائيلي، سيتم بموجب الخطة، إطلاق سراح نصف المحتجزين الإسرائيليين في غزة، الأحياء والأموات، في اليوم الأول من الهدنة المقترحة.

 

وأضاف البيان: "وفي حال التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار يجري الإفراج عن النصف الثاني من المحتجزين في غزة".

 

وتقدر تل أبيب وجود 62 أسيرا إسرائيليا بغزة (أحياء وأموات)، بحسب إعلام عبري، فيما لم تعلن الفصائل الفلسطينية عدد ما لديها من أسرى.

 

وادعى المكتب أن "إسرائيل وافقت على المقترح الأمريكي بهدف استعادة رهائنها، لكن حماس لم تقبل به حتى الآن"، وفق تعبيره.

 

وأضاف أنه في حال عدّلت الحركة موقفها، ووافقت على خطة ويتكوف، فإن إسرائيل ستدخل فورًا في مفاوضات بشأن تفاصيل الخطة.

 

وصباح الأحد، قالت حماس إن بيان مكتب نتنياهو بشأن اعتماده لمقترحات أمريكية لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق يعد "محاولة مفضوحة للتنصل من الاتفاق والتهرب من الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية منه".

 

وأوضحت أن "مزاعم الاحتلال الإرهابي بشأن انتهاك الحركة لاتفاق وقف إطلاق النار هي ادعاءات مضللة لا أساس لها، ومحاولة فاشلة للتغطية على انتهاكاته اليومية والمنهجية للاتفاق".

 

وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

 

وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

  

مقالات مشابهة

  • الأسرى والحرب.. لماذا يحرق نتنياهو كل الأوراق؟
  • لماذا قررت إسرائيل إيقاف دخول المساعدات الإنسانية لغزة ولماذا تهدد بالحرب؟.
  • الصليب الأحمر يحذر من انهيار اتفاق وقف النار في غزة
  • الصليب الأحمر الدولي يحذر من انهيار وقف إطلاق النار في غزة
  • الصليب الأحمر يحذّر من إنهاء وقف إطلاق النار في غزة
  • الصليب الأحمر يحذر من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • الصليب الأحمر يؤكد ضرورة الحفاظ على الهدنة في غزة
  • الاحتلال يقتل 115 غزيا.. والخارجية الفلسطينية ترفض تسييس المساعدات
  • منظمات دولية: يجب على الحوثيين إنهاء الاعتقال التعسفي لموظفي الإغاثة مع حلول شهر رمضان 
  • جوتيريش يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة ويؤكد أهمية تجنب التصعيد