شبح المناخ يهدد الطبيعة والصحة العالمية
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
تتوالى التحذيرات من خطورة التغيرات المناخية وتداعياتها على الطبيعة وصحة الإنسان، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية والزراعية وتهديد الأمن الغذائي العالمي، خاصة بعد توقعات تفاقم الأحداث المرتبطة بالمناخ مثل الفيضانات والجفاف وموجات الحرارة والعواصف الاستوائية وحرائق الغابات وارتفاع منسوب مياه البحر، على غرار نتائح تحليل للمنتدى العالمي للمنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس".
قال الدكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز تغيرات المناخ، إنَّ الاهتمام بظاهرة التغير المناخي مازال غير كافيا، خاصة من جانب المواطنين، مشيرا إلى وجود نوعين من التغيرات المناخية، العنيفة والتي تتسبب في الفيضانات والجفاف ولا تزال بعيدة عن مصر، و"الصامتة"، والتي تتسبب في تأثيرات سلبية على الاقتصاد من خلال تدهور الزراعة وتهديد الأمن الغذائي.
وأضاف "فهيم"، في تصريحات تليفزيونية، أمس، أنَّ تغير المناخ يثير الرعب في العالم، وتابع رئيس مركز تغيرات المناخ ان هناك العديد من المحاصيل الزراعية الحيوية والهامة تأثرت بسبب تغير المناخ، مثل مواسم الجفاف في البرازيل التي اهلكت محاصيل البن.
واستطرد "من الإجراءات الهامة التي اتخذتها الدولة المصرية للتصدي لظاهرة التغير المناخي، التوسع أفقياً في إضافة أراض جديدة لتجنب انخفاض انتاجية الأراضي الحالية من المحاصيل، ومنذ عام 2015 وحتى الآن نجحت الدولة في ضم 2 مليون فدان".
حذر تحليل جديد لمنتدى دافوس بسويسرا من أن الكوارث الطبيعية الشديدة الناجمة عن تغير المناخ قد تؤدى إلى خسائر اقتصادية بقيمة 12.5 تريليون دولار وفقدان نحو 14.5 مليون شخص بحلول عام 2050 .
وقال التحليل إن أزمة المناخ ستؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في مجال الصحة العالمية، مما يجعل الفئات الأكثر ضعفا أكثر عرضة للخطر، كما حدد العواقب الصحية لتغير المناخ، سواء من حيث النتائج الصحية كالوفيات والأرواح الصحية المفقودة والتكاليف الاقتصادية لنظام الرعاية الصحية، والتي تقدر بنحو 1.1 تريليون دولار إضافية من التكاليف الإضافية بحلول عام 2050، مستندًا إلى السيناريوهات التي وضعتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ(IPCC) بشأن المسار الأكثر ترجيحاً لارتفاع متوسط درجة حرارة الكوكب، من 2.5 إلى 2.9 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.
وحلل التقرير ست فئات رئيسية من الأحداث المرتبطة بالمناخ باعتبارها محركات رئيسية متعددة الجوانب التأثيرات الصحية السلبية وهي الفيضانات والجفاف وموجات الحرارة والعواصف الاستوائية وحرائق الغابات وارتفاع منسوب مياه البحر، وتبين أن الفيضانات تشكل أعلى خطر حاد للوفيات الناجمة عن المناخ، حيث يقدر أنها ستكون مسؤولة عن 8.5 مليون حالة وفاة بحلول عام 2050 ويشكل الجفاف، المرتبط بشكل غير مباشر بالحرارة الشديدة، ثاني أكبر سبب للوفيات، مع توقع وفاة 3.2 مليون شخص. كذلك، قد تتسبب موجات الحر في أكبر خسائر اقتصادية تقدر بنحو 7.1 تريليون دولار بحلول عام 2050 بسبب فقدان الإنتاجية. ومن المتوقع أن تكون الوفيات الزائدة التي تعزى إلى تلوث الهواء، الناجم عن الجسيمات الدقيقة وتلوث الأوزون، أكبر مساهم في الوفاة المبكرة بما يقرب من 9 ملايين حالة وفاة سنويا.
تتعرض 200 مدينة أمريكية للفشل في تحقيق أهدافها الخاصة بالطاقة المستدامة حيث إنها لا تلبي مطلب التحول إلى الطاقة المتجددة بنسبة 100٪ بحلول عام 2050 على الرغم من تعهداتهم بالقيام بذلك، وفقًا لدراسة جديدة نُشرت في مجلة الأبحاث البيئية: البنية التحتية والاستدامة الصادرة عن IOP Publishing.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سبب تغير المناخ الأمن الغذائي العالمي تدهور الزراعة الصحة العالمية التغيرات المناخية الطاقة المتجددة تغير المناخ الفيضانات بحلول عام 2050
إقرأ أيضاً:
سياسات المناخ العالمية في انهيار.. معالجة الانبعاثات لا تكفي
منذ توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في 1992، مرورًا باتفاق باريس في 2015 الذي هدف إلى الحد من ارتفاع متوسط حرارة الأرض إلى درجتين مئويتين، ظل المجتمع الدولي يركّز على ما يُعرف بـ«إدارة الأطنان»—أي قياس وتداول وحدات الانبعاثات.
لكن هذه السياسات، بحسب جيسيكا غرين، أستاذة العلوم السياسية بجامعة تورونتو، لم تحقق سوى تقدم محدود ولم تواجه الجذر الحقيقي للأزمة.
وأوضحت أن الاتفاقيات الحالية تشجّع الحكومات على سياسات مرنة لتحقيق الكفاءة الاقتصادية، مثل تحديد أسعار الكربون أو شراء تعويضات الكربون، دون أن تحدث نقلة في اعتماد الطاقة المتجددة.
كما أن برامج التعويض عن الانبعاثات، على سبيل المثال، سمحت للشركات بتغطية انبعاثاتها عبر مشاريع خارجية، لكنها في كثير من الحالات لم تُقلل الانبعاثات فعليًا، إذ أظهرت الدراسات أن أقل من 16% من مشاريع التعويض منذ 2005 حققت تخفيضات حقيقية. أما تسعير الكربون، رغم نجاحات محدودة في الاتحاد الأوروبي، ففشلت عالميًا في خفض الانبعاثات، حيث يبلغ متوسط السعر العالمي خمسة دولارات للطن الواحد، بينما تتراوح تقديرات التكلفة الاجتماعية للكربون بين 44 و525 دولارًا للطن.
فضلاً عن ذلك، شهدت ثلاث عقود من سياسات الأمم المتحدة الفشل في تقديم تمويل كافٍ للدول النامية، مع وعود متكررة لم تتحقق. على سبيل المثال، التعهد بتقديم 100 مليار دولار سنويًا بحلول 2020 لدعم التحول الأخضر في هذه الدول تم الوفاء به متأخرًا ومن خلال إعادة توجيه أموال موجودة بالفعل، وليس بإضافة تمويل جديد.
والحل، بحسب غرين، لا يكمن في مزيد من الاجتماعات السنوية أو في برامج التسعير والتعويضات، بل في تحويل التركيز إلى التغيير الاقتصادي الهيكلي. لتحقيق انتقال حقيقي للطاقة النظيفة.
وهذا التحول يتطلب إصلاحات ضريبية واستثمارية: فرض ضرائب عادلة على الثروات الكبرى وتقليص حماية المستثمرين في قطاع الوقود الأحفوري عبر معاهدات الاستثمار الثنائية ومتعددة الأطراف، مما يحرر الموارد لتوجيهها نحو الاستثمارات الخضراء.
كما تشير غرين إلى أن الاتفاقيات مثل نظام تسوية النزاعات بين المستثمر والدولة (ISDS) تُعزز مصالح شركات الطاقة الأحفورية، حيث تُرفع قضايا التحكيم لتجنب سياسات من شأنها تقليل الأرباح، وهو ما يُثبط الحكومات عن تطبيق أي قيود بيئية. يمكن معالجة ذلك بسحب الدول من هذه الأنظمة أو استبعاد قطاع الطاقة الأحفورية من الحماية، كما فعلت بعض الدول بالفعل.
في ضوء ذلك، ترى غرين أن دور اتفاقية باريس والأمم المتحدة يجب أن يُقصر على جمع البيانات وتبادل المعلومات والتقنيات، وتقديم تمويل مساعد محدود، بينما تُترك الجهود الأساسية لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي بعيدًا عن السوق التقليدي للانبعاثات. وهذه الخطوة ليست ترفًا، بل ضرورة ملحة، إذ أن استمرار النهج الحالي يعرض الدول النامية—الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي—لأضرار أكبر وفقدان للفرص في التحوّل الأخضر.
وأكد التحليل إن السياسات المناخية القائمة على إدارة الانبعاثات وحدها لن تزيل الكربون من الاقتصاد العالمي. الوقت قد حان لإعادة التفكير في الهيكل الاقتصادي للطاقة، وفرض ضرائب عادلة، وإعادة توجيه الاستثمار نحو المستقبل الأخضر، قبل أن يصبح التأخير كارثيًا للجميع.