قرار لوزير الماليّة... ماذا في تفاصيله؟
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
أصدر وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال الدكتور يوسف الخليل قراراً مدد بموجبه لغاية 31/01/2024 ضمناً، مهلة تقديم التصريح الدوري للضريبة على القيمة المضافة عن الفصل الرابع من سنة 2023، وتأدية الضريبة على القيمة المضافة الناتجة عنها، وتقديم بيانات وطلبات الاسترداد التي تقدم خلال مهلة التصريح عن هذا الفصل، وذلك بغية إتاحة الفرصة امام المكلفين للإلتزام بهذا الموجب وتفادي تطبيق الغرامات عليهم".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
التخطيط المالي.. درع الأمان في زمن الأزمات
خالد بن حمد الرواحي
صباح جديد، أسواق مضطربة، قرارات مالية معقدة... في ظل تقلبات الاقتصاد العالمي، تجد الحكومات والشركات نفسها أمام معادلة صعبة: كيف يمكن حماية الاستقرار المالي في مواجهة الأزمات المتكررة؟ هل يكفي الاعتماد على إجراءات استجابة سريعة، أم أن التخطيط المالي المسبق هو مفتاح تجاوز الأزمات بأقل الخسائر؟
الأزمات المالية ليست مجرد أرقام في تقارير اقتصادية، بل هي واقع يفرض تحديات قاسية على الأفراد والمؤسسات والدول. ارتفاع معدلات التضخم، الأزمات النقدية، التغيرات في أسعار الفائدة، وحتى الجوائح العالمية، كلها عوامل تؤثر على استقرار الأسواق وتهدد مسارات التنمية المستدامة. ومع تزايد هذه التحديات، يصبح السؤال الأكثر إلحاحًا: كيف يمكن تعزيز المناعة المالية لمواجهة الأزمات؟ هنا يأتي دور التخطيط المالي كأداة حاسمة تضمن القدرة على تجاوز الأزمات، ليس فقط عبر تقليل الخسائر، بل أيضًا من خلال استغلال الفرص الاقتصادية المتاحة.
وفقًا لتقرير البنك الدولي (2023)، فإن الدول التي تتبنى استراتيجيات تخطيط مالي متقدمة تقلل من آثار الأزمات الاقتصادية بنسبة 40%، مقارنة بتلك التي تعتمد فقط على ردود الفعل العشوائية. فالتخطيط المالي لا يعني فقط إعداد ميزانيات أو تقليل التكاليف، بل يشمل إدارة المخاطر المالية بذكاء، وتحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات، وتعزيز الشفافية المالية التي تضمن ثقة المستثمرين والأسواق. وعندما يكون التخطيط المالي مستندًا إلى بيانات وتحليلات دقيقة، فإنه يصبح أداة استباقية تحمي الاقتصادات من الوقوع في الأزمات المتكررة.
في هذا السياق، تبرز رؤية "عُمان 2040" كخريطة طريق تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام، قادر على مواجهة التحديات المالية العالمية. تحقيق هذه الرؤية لا يقتصر على تحسين الأداء الاقتصادي، بل يتطلب تبني سياسات مالية ذكية تستند إلى الشفافية والاستدامة، وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، ودعم الابتكار في القطاعات الإنتاجية لضمان تنوع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على الموارد التقليدية المتقلبة. ومع وجود خطة مالية واضحة، يصبح الاقتصاد أكثر قدرة على استيعاب الأزمات المالية والتكيف مع التغيرات الاقتصادية المفاجئة.
في ظل هذه التحديات، يصبح دور القيادة المالية أكثر أهمية من أي وقت مضى. وكما يقول وارن بافيت، أحد أبرز المستثمرين في العالم: "لا تختبر قوة المدّخرات إلا عندما ينحسر المد، وحينها فقط ترى من كان يسبح دون خطة مالية". فالقائد المالي الناجح لا ينتظر وقوع الأزمة حتى يبدأ في البحث عن الحلول، بل يضع استراتيجيات استباقية تضمن الاستقرار المالي حتى في أصعب الظروف. وهذا ما يميز المؤسسات الناجحة، حيث لا تكتفي بإدارة الأزمات عند حدوثها، بل تضع خططًا مالية مرنة تستبق التغيرات، مما يمنحها القدرة على التأقلم مع الظروف الاقتصادية غير المستقرة.
لكن، التخطيط المالي لم يعد يقتصر على الأرقام والتوقعات التقليدية، بل أصبح يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا المالية، التي توفر أدوات تحليل متقدمة، وتساعد في توقع المخاطر المالية قبل وقوعها. تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD 2023) يؤكد أن تبني التقنيات المالية الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، يعزز دقة التوقعات المالية بنسبة 60%، مما يسمح للحكومات والشركات بوضع خطط أكثر فاعلية ومرونة في مواجهة الأزمات المالية. ومن هنا، فإن الاستثمار في التكنولوجيا المالية أصبح ضرورة وليس خيارًا لضمان الاستدامة المالية على المدى الطويل.
في النهاية، التخطيط المالي ليس مجرد استراتيجية اقتصادية، بل هو صمام الأمان الذي يحمي الاقتصاد من التقلبات غير المتوقعة، ويضمن استدامته على المدى الطويل. المؤسسات والدول التي تتبنى استراتيجيات مالية متوازنة ومستدامة هي التي تستطيع تجاوز الأزمات بأقل الأضرار، بينما تظل الاقتصادات غير المستعدة رهينة للأزمات المتكررة. وهنا يأتي السؤال الأهم: هل نحن مستعدون لتطبيق استراتيجيات مالية تضمن لنا اقتصادًا مستدامًا؟ وهل نمتلك الرؤية المالية التي تحمينا من التقلبات الاقتصادية، أم أننا ننتظر الأزمة القادمة دون استعداد حقيقي؟