من دونكيرك إلى غزة.. أين مراكب العرب؟
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
الحدث الذي غير عالمنا
في شهر أيار/ مايو عام 1940 كانت قوات ألمانيا النازية تتقدم بسرعة كبيرة نحو الأراضي الفرنسية لإتمام عملية غزو أوروبا والسيطرة على ما تبقى منها من بلدان بعد السيطرة على بولندا وبلجيكا وهولندا، وصلت القوات الألمانية إلى فرنسا وحاصرت ما تبقى من قوات فرنسية برفقة قوات بريطانية في مدينة فرنسية صغيرة تقع على الساحل تسمى دونكيرك.
آلاف الجنود البريطانيين محاصرون دون طعام أو شراب يتعرضون للقصف الألماني العنيف، يموت منهم المئات كل ساعة، ولكن الخبر السيئ أنهم لا يبعدون كثيرا عن سواحل المملكة المتحدة.
في الجهة المقابلة لدونكيرك تقع مدينة دوفر البريطانية والمطلة مباشرة على القنال الإنجليزي الفاصل بين فرنسا وبريطانيا. داخل قلعة دوفر كان يجلس جنرال بريطاني يبحث خطة انسحاب جنوده وإنقاذهم من الحصار.
في العاصمة لندن، كان رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشيرشل يبحث عن أي وسيلة لإنقاذ حياة جنوده، لم تعد الفكرة هي الحرب ولم تعد القضية هي الانتصار او الهزيمة أمام ألمانيا، وإنما تحولت القضية لكيفية إنقاذ حياة الجنود البريطانيين المحاصرين في دونكيرك.
وصف رئيس الوزراء البريطاني تشرشل الموقف بـ"الكارثة العسكرية الجسيمة"، ووسط تقدم القوات الألمانية بسرعة البرق نحو دونكيرك، لم يعد أمام تشيرشل إلا تنفيذ خطة عسكرية سريعة لانسحاب قواته، وهو ما أعلنه بالفعل وأمر البحرية الملكية البريطانية بالتحرك فورا لفك الحصار وإنقاذ الجنود.
تحركت المدمرات البريطانية البحرية وعددها 39 برفقة أربع مدمرات بحرية كندية وثلاث مدمرات بحرية فرنسية يوم السادس والعشرين من أيار/ مايو عام 1940، ليفاجأ الجميع بأن الطيران الألماني قد قصف ميناء دونكيرك ودمره بشكل كامل، فلم يعد هناك أي مجال للمدمرات البحرية الضخمة أن ترسو على مرفأ الميناء.
صنعت المدمرات الضخمة ما يعرف بكاسر الأمواج من أجل توفير ممر داخل المياه للجنود للوصول إليها داخل البحر، وبالفعل نجحوا في إنقاذ سبعة آلاف جندي في اليوم الأول وهو ثلث العدد الذي وضعه تشيرشل كهدف للإنقاذ.
ولكن الكارثة كانت أكبر بكثير من سبعة آلاف أو عشرين ألفا، كان هناك مئات الآلاف من الجنود البريطانيين المحاصرين والمعرضين للقتل إما بالقصف أو بالجوع نتيجة الحصار.
هنا حدثت معجزة دونكيرك كما أطلق عليها تشيرشل في خطابه الشهير في الرابع من حزيران/ يونيو عام 1940 أمام مجلس العموم البريطاني.
الأمل سلاح والنجاة انتصار
كان هذا هو الشعار الذي رفعه آلاف المدنيين من أبناء الشعب البريطاني الذين هبّوا لإنقاذ حياة ذويهم المحاصرين في دونكيرك.
ملحمة حقيقية، أكثر من 750 قاربا من قوارب الصيد والتنزه والتجارة والترفيه يمتلكها مدنيون يعيشون على السواحل البريطانية، تحركوا بها في رحلة بحرية لإنقاذ جنودهم المحاصرين وهو ما تم بالفعل.
في غضون أيام استطاع المدنيون بقواربهم الصغيرة أن ينقذوا 336 ألف جندي بريطاني من الموت في دونكيرك، في عملية انسحاب تاريخية حركتهم فيها الإنسانية وحرصهم على إنقاذ حياة أبنائهم المحاصرين.
غزة "أمة محاصرة بلا قوارب"
في غزة يعيش أكثر من مليوني شخص تحت حصار مستمر، يعانون من مجاعة غير مسبوقة، في غزة يتعرض أكثر من نصف مليون فلسطيني جلهم من النساء والأطفال للموت جوعا في غضون أيام بعد استنفادهم لكل أسباب التكيف مع الجوع القارص.
من بين كل 5 جائعين في العالم 4 موجودون في غزة، وفقا لتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، هناك خمسين ألف امرأة حامل في مراكز الإيواء بلا ماء أو دواء أو رعاية صحية، وما يقارب 95 في المئة من أطفال غزة لا يتوفر لهم الحليب والمواد الغذائية وأصبحوا يعانون من سوء التغذية؛ ما أدى لوفاة عدد كبير منهم نتيجة انخفاض درجة حرارة الجسم.
العالم العربي.. ولكنكم غثاء كغثاء السيل
عدد الدول الإسلامية = 57 دولة، عدد المسلمين = ملياري مسلم (قرابة خُمس العالم).
عدد الدول العربية = 22 دولة، عدد العرب = 400 مليون نسمة.
عدد سكان مصر (دولة الجوار لغزة) = 109 ملايين نسمة.
ومع ذلك لا يجد سكان غزة من ينقذهم أو حتى يُدخل لهم الطعام والمساعدات، فأين ذهبت قوارب المسلمين والعرب؟
تحرك البريطانيون في الحرب العالمية الثانية لإنقاذ حياة ذويهم المحاصرين، ويجب الآن أن تتحرك مراكب العرب والمسلمين من المدنيين لإنقاذ حياة أهل غزة من الجوع والمجاعة.
إن كانت مراكب دونكيرك قد صنعت معجزة حقيقية خلّدها التاريخ، فعلى ملايين العرب والمسلمين أن يحركوا مراكبهم الآن برا وبحرا وجوا، عليهم أن يزحفوا إلى المعابر في رفح المصرية وغيرها، عليهم أن يطلقوا سفنهم من تركيا وغيرها، عليهم أن ينزلوا مساعداتهم جوا من الأردن وغيره، عليهم أن يملأوا الشوارع والميادين بحشود بشرية لم يسبق لها مثيل.
علينا جميعا أن ننقذ غزة من الموت.
twitter.com/osgaweesh
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحصار غزة غزة مساعدات حصار اساطيل مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لإنقاذ حیاة علیهم أن
إقرأ أيضاً:
تحقيق لـ"الغارديان" يوثق لحظات مقتل الطفل أيمن الهيموني برصاص إسرائيلي في الخليل
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تحقيقًا يوثق بالفيديو اللحظات الأخيرة من حياة الطفل أيمن الهيموني، البالغ من العمر 12 عامًا، والذي قُتل برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة.
تُظهر اللقطات المسجلة كيف تحولت زيارة عائلية عادية إلى فاجعة مأساوية. فقد كان أيمن برفقة شقيقه الأصغر أيسر، البالغ من العمر 10 سنوات، ووالدتهما أنوار، في زيارة لجدهما وأعمامه الذين يقطنون في جبل جوهر بالخليل. هذه المنطقة التي لا تبعد كثيرًا عن الحرم الإبراهيمي، تشهد عادةً انتشارًا مكثفًا للجيش الإسرائيلي في ليلة الجمعة استعدادًا لوصول المستوطنين اليهود للصلاة هناك.
رصاصة إسرائيلية تودي بحياة أيمنحوالي الساعة 6:30 مساءً، أثناء عودة أيمن من منزل جده إلى منزل عمه طارق، سُمع دوي إطلاق نار في الزقاق الرئيسي، ما أثار حالة من الذعر بين السكان، وفقاً للصحيفة. في تلك اللحظة، كان شاب من الحي يمر بسيارته البيضاء، وقد أصابتها رصاصة اخترقت زجاجها الأمامي، مما أدى إلى إصابته بشظية في كتفه. توقفت السيارة أمام منزل طارق، حيث نزل السائق المصاب، متفحصًا جرحه، في حين التقطت كاميرات المراقبة الأمنية مشهد الفوضى التي أعقبت الحادث.
الكاميرات، إحداها مثبتة عند زاوية فناء منزل طارق والأخرى خارج شقة جد أيمن، وثقت تحركات الطفل وأقاربه وهم يحاولون الاحتماء بعد سماع الطلقات. ويظهر الفيديو أيمن واثنين من أبناء عمومته وهم يهمون بالخروج من منزل طارق، فيما يسارع عمه نديم لمساعدة المصاب عبر إعطائه منديلًا ورقيًا. لكن سرعان ما عمت الفوضى المكان، ومع إطلاق رصاصة أخرى، هرع أيمن وأقاربه للاختباء، قبل أن يخترق المكان رصاص جديد ، ويُعتقد أن هذه الطلقة كانت السبب في إصابة أيمن.
بحسب الصحيفة، لا تحدد اللقطات هوية مطلق النار بدقة، لكنها توثق أن الرصاصة جاءت من اتجاه الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يقتربون من الموقع. وفي لحظات الارتباك، ولم يدرك الجميع فأن أيمن قد قُتل، حتى لمح عمه نديم جسده وهو ملقى على درج المنزل. وقد حاول نقل الفتى لإسعافه لكنه أدرك سريعًا أنه قد فارق الحياة.
الجنود يراقبون جثة الطفل ثم ينسحبونوثّقت الكاميرات ظهور ثلاثة جنود إسرائيليين يتقدمون في الزقاق بأسلحتهم الموجهة، وسط حالة من الذعر بين الجيران وأفراد العائلة. خرج نديم من المنزل وهو يحمل أيمن، لكنه تعثر حين لاذ بالفرار خوفا من الجنود، ليسقط الطفل على الأرض بين سيارة متوقفة وسياج منزل طارق.
لحظات قليلة مرت قبل أن يصل الجنود الإسرائيليون إلى المكان، حيث ألقوا نظرة سريعة على الجثة، ثم أداروا ظهورهم وغادروا بهدوء، بينما كانت والدة أيمن تصرخ بحرقة بعد أن عثرت على ولدها جثة هامدة. حمل العم نديم جثمان الفتى مجددًا، بمساعدة العم الثاني طارق، وسارا بها عبر الزقاق نحو المستشفى، في مشهد يُجسد مأساة متكررة تشهدها الضفة الغربية المحتلة.
Related"عيب، عيب": كيف احتلت "شات كولا" الساحة وأصبحت الكوكاكولا من المحرمات في الضفة الغربية؟"حتما سنعود ".. مظاهرة تندد بتهجير 40 ألف فلسطيني من بيوتهم في الضفة المحتلةإسرائيل تطرد 40 ألف فلسطيني من ثلاثة مخيمات في الضفة المحتلة وتمنعهم من العودةولم تتلق العائلة بعد التقرير الطبي الرسمي، لكن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين (DCIP) أكدت، استنادًا إلى مصادرها في مستشفى الخليل، أن الرصاصة اخترقت ظهر أيمن واستقرت في رئتيه.
وفي حديثه عن المأساة، قال والد أيمن إنه التقى أحد الجنود الإسرائيليين وكان يتحدث العربية. وحين سمع منه الجندي بالذي حدث في الخليل، حاول استفزازه وقال إنه أطلق النار على الطفل بلا سبب قبل أن يضيف: "عساك أن تلحق بابنك".
الأطفال الفلسطينيون في دائرة الاستهداف الإسرائيليةتشير صحيفة "الغارديان" إلى أن الجيش الإسرائيلي يقتل ما معدله طفلين فلسطينيين أسبوعيًا في الضفة الغربية، حيث لقي 93 طفلًا حتفهم خلال عام 2024 وحده. ويخشى نشطاء حقوق الإنسان أن يستمر هذا الرقم في الارتفاع، خاصة مع توسع إسرائيل في تنفيذ عمليات تهجير قسري، وهدم أحياء فلسطينية، إلى جانب تقليص الضوابط التي تحكم إطلاق الجنود الإسرائيليين للنار.
لكن المساءلة عن هذه الجرائم تبقى شبه معدومة. ففي عام 2019، عوقب جندي إسرائيلي بإلزامه بالخدمة المجتمعية لمدة شهر واحد فقط بعد قتله طفلًا يبلغ من العمر 14 عامًا في غزة. وتشير تقديرات منظمة "يش دين" الحقوقية الإسرائيلية إلى أن احتمال محاكمة جندي إسرائيلي لقتله فلسطينيًا لا يتجاوز 0.4%، أي أن حالة واحدة فقط من كل 219 حادثة قتل تصل إلى المحاكم.
وأصبح مقتل الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية مشهدًا مألوفًا منذ أن كثفت الدولة العبرية عملياتها العسكرية بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 تاريخ طوفان الأقصى. ومع انتهاء وقف إطلاق النار في غزة في كانون الثاني/يناير، تصاعدت وتيرة العنف في الضفة المحتلة، وسط مخاوف من أن يصبح قتل الأطفال ممارسة أكثر شيوعًا في ظل غياب أي مساءلة دولية حقيقية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أول صلاة تراويح في المسجد الأقصى بالقدس وسط قيود مشددة وتوترات متصاعدة بالضفة الغربية احتجاجات في عمان ضد تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية المحتلة لا أرض أخرى.. وثائقي مرشح للأوسكار يروي معاناة الفلسطينيين مع الاستيطان بالضفة المحتلة قتلالضفة الغربيةفلسطينأطفالحقوق الإنسانالصراع الإسرائيلي الفلسطيني