تراجعت حدة العمليات الإسرائيلية شمالي قطاع غزة خلال الأيام الماضية، مما سمح لعدد من السكان الذين لم ينزحوا جنوبا، بالتجول في المناطق التي مزقها القتال، والتي وصف أحد الفلسطينيين السير فيها بأنه "أشبه بفيلم عن الزومبي أو نهاية العالم".

وكشف تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أن الدمار أصبح في كل مكان، بحيث لا يمكن التعرف على أحياء بأكملها، ولكن الانسحاب الإسرائيلي الجزئي الذي بدأ في أوائل يناير الجاري، جعل السكان يشعرون ببعض الارتياح، وإن كان بصورة مؤقتة.

وسحبت إسرائيل الآلاف من جنودها في قطاع غزة بعد ضغوط أميركية، تهدف إلى الانتقال إلى مرحلة أكثر دقة في الحرب ضد حركة حماس، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

إسرائيل تسحب آلاف الجنود من غزة.. هل تؤتي الضغوط ثمارها؟ سحبت إسرائيل الآلاف من جنودها في قطاع غزة بعد ضغوط من الولايات المتحدة تهدف إلى الانتقال إلى مرحلة أكثر دقة في الحرب التي تشنها ضد حركة حماس، وهي خطوة أثارت بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، مخاوف مسؤولين إسرائيل من تصاعد الأنشطة المسلحة في البلاد.

وتعمل حاليا 3 فرق في غزة بعد سحب فرقة من القطاع، واحدة في كل من الشمال والوسط والجنوب. وبحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيل هاغاري، فإن الانتشار الأوسع هو في معقل حماس جنوبي القطاع، وتحديدا في خان يونس.

وبدأت إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة بعد هجوم غير مسبوق شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، أدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا، غالبيتهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية.

في المقابل، أعلنت إسرائيل الحرب بهدف "القضاء على حماس"، وشنت غارات جوية مدمرة على قطاع غزة ترافقت بتدخل بري واسع النطاق بدأ 27 أكتوبر، مما أسفر عن وقوع أكثر من 24 ألف قتيل غالبيتهم من النساء والأطفال، حسب آخر حصيلة لوزارة الصحة في غزة.

"نهاية العالم"

قال رامي الجلدة (32 عاما)، وهو أحد سكان غزة، إنه خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة، "لم ير أي جندي إسرائيلي خلال سيره في الشوارع".

وأضاف لنيويورك تايمز، أنه قضى أغلب الأشهر الثلاثة الماضية مع أسرته في كنيسة محلية، مع نحو 350 مسيحيًا آخرين، في محاولة لتجنب الغارات الكثيفة.

وصرح الجلدة الذي يعمل لدى مجموعة إغاثية كاثوليكية، بأن الناس بدأوا "يخرجون ويتجولون، ويجلبون المؤن".

لكن هذا التأقلم مع الدمار المحيط بهم في كل مكان، كان صعبا. وفي هذا الصدد أوضح الشاب الغزّي: "السير في شوارع شمالي غزة يشبه كونك في فيلم زومبي، أو فيلم يدور حول نهاية العالم".

وبدأ بعض من مئات الآلاف الذين فروا من الشمال في مطلع الحرب، في العودة الأسبوع الماضي إلى المناطق التي تعرضت للقصف وانسحب منها الإسرائيليون. لكن سكان تحدثوا إلى وكالة رويترز، الثلاثاء، قالوا إن التجدد المفاجئ للقتال في الشمال "سيوقف الآن خططهم للعودة إلى منازلهم".

إسرائيل تعاود اجتياح مناطق بشمال غزة.. ورصد انفجارات ضخمة قال سكان في غزة، الثلاثاء، إن دبابات إسرائيلية عاودت اجتياح مناطق في شمال القطاع كانت قد انسحبت منها الأسبوع الماضي في عودة لبعض من أعنف الاشتباكات منذ بداية العام، عندما أعلنت إسرائيل تقليص عملياتها هناك.

من جانبه، قال أبو خالد (43 عاما)، وهو أب لثلاثة أطفال يعيشون الآن مع أقاربهم في مدينة غزة: "كنا نخطط للعودة إلى البيت في شرق جباليا، والحمد لله أننا لم نفعل. جاء إلى هنا سكان يعيشون بتلك المنطقة وأخبرونا بأن الدبابات عادت مجددا".

ويتكدس معظم سكان قطاع غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة تقريبا، في عدد قليل من المناطق التي لم تدخلها القوات الإسرائيلية بعد في الجنوب، ومنها دير البلح ورفح.

لكن رغم القتال المتقطع، قال الجلدة لنيويورك تايمز، إنه استغل الهدوء النسبي لتفقد منزله في حي الرمال الراقي في مدينة غزة، والذي تعرض لدمار هائل.

وأوضح أن باب منزله "تعرض لدمار جزئي وكان هناك نازحون بداخله"، وهم من بين أشخاص تركوا منازلهم بالمناطق الشمالية للقطاع وانتقلوا إلى مدينة غزة، وأقاموا في المنازل المهجورة التي كان يعيش بها سكان نزحوا جنوبا.

"طعام شحيح وبضائع مسروقة"

ولا يصل إلا عدد قليل من شحنات المساعدات إلى شمالي قطاع غزة، وبحسب نيويورك تايمز، فإن "الغذاء شحيح، وسط ظهور أسواق مؤقتة يتم بيع فيها بضائع يعتقد السكان أنها مسروقة".

وقال عامل إصلاح هواتف من سكان حي الزيتون بمدينة غزة، يدعى رجب طافش (37 عاما)، إن تلك الأسواق "مخزية، لكن لا يوجد بديل"، مضيفًا أن المواد الغذائية الأساسية كالحليب والبيض غير متوفرة.

غالانت: غزة "سيحكمها فلسطينيون".. والمعارك الكثيفة تنتهي قريبا قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الاثنين إن الفلسطينيين هم من سيتولون حكم قطاع غزة بعد انتهاء الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس.

كما ارتفعت الأسعار بشكل كبير، حيث وصل كيس الأرز إلى ما يعادل 80 دولارا بعدما كانت قيمته نحو 27 دولارا قبل الحرب، بحسب ما قاله طافش لنيويورك تايمز.

من جانبها، أوضحت المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، جولييت توما، إن مناطق شمالي قطاع غزة "لم يصلها ما يكفي من شاحنات المساعدات منذ اندلاع القتال في السابع من أكتوبر".

وأضافت أن "الشاحنات التابعة للأمم المتحدة، تدخل القطاع في حوالي الساعة 4:30 صباحا لتفادي حشود اليائسين"، الذين يتكدسون بسبب رغبتهم في الحصول على المساعدات.

كما أشارت، بحسب نيويورك تايمز، إلى أن "نقطة التفتيش الإسرائيلية وسط قطاع غزة، حالت دون وصول الشاحنات إلى وجهاتها المحددة قبل الزحام، مما جعل من الصعب توزيع المساعدات بشكل منظم".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قطاع غزة غزة بعد فی غزة

إقرأ أيضاً:

باحثان إسرائيليان يحرضان على مصر: لماذا لا تستقبل سكان قطاع غزة؟

لا ينفك التحريض الإسرائيلي على مصر بهدف دفعها لاستيعاب مئات آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة داخل أراضيها، لاسيما في سيناء.

ويشهد الأوساط السياسية دعوات لفكرة تشجيع سكان قطاع غزة على الهجرة إلى مصر، بزعم أن مليوني لاجئ فلسطيني سيعبرون الحدود بين غزة وسيناء لن يكون لهم تأثير مادي على دولة تجاوزت عتبة المئة مليون نسمة في بداية هذا العقد.

وزعم الباحثان بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، والخبيران في الشأن المصري، أوفير فينتر ويافيت كانيماح٬ أنه "حتى في العالم العربي هناك من يطالب مصر بفتح أبوابها على مصراعيها أمام الغزيين الراغبين في الدخول إلى حدودها، لكن الأفكار والدعوات بهذه الروح تقابل بمعارضة شديدة في القاهرة، ويُنظر إليها على أنها مؤامرة إسرائيلية تعرض أمنها القومي، بل واتفاق السلام بينهما للخطر، وتفسر معارضتها لاستقبال اللاجئين من غزة بالخوف من انتهاك سيادتها، وزعزعة استقرارها الأمني الذي حققته بجهد كبير في سيناء، وعدم رغبتها بحل القضية الفلسطينية على حسابها".

وأضافا في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "هناك تفسير آخر مهم لموقف مصر المعارض لاستيعاب آلاف الفلسطينيين داخل أراضيها، لكنه أقل شهرة، يتعلق بالاعتبارات الديموغرافية والاقتصادية التي تواجه دولة تكافح مع النمو السكاني، وفي نفس الوقت تستقبل فيه موجات من المهاجرين من جيرانها، ولديها حاليا أكثر من 106 مليون نسمة، وهي الأكثر اكتظاظا بالسكان في الشرق الأوسط".

وأشارا أن "مصر تستضيف حاليًا عددًا قياسيًا من المهاجرين في تاريخها، حيث أدت الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023 لهجرة مئات الآلاف من اللاجئين إلى أراضيها حتى قبل الحرب الإسرائيلية في غزة، ويزيد هذا الواقع من مخاوف المصريين من ضياع جهود الدولة لخفض معدل المواليد، وتحسين المستوى المعيشي لمواطنيها، فاللاجئون الفارون إلى مصر يزيدون من عدد سكانها، وينجبون مزيدا من الذرية، مما يضع عبئا إضافيا على البلاد، وهكذا أصبحت أزمة اللاجئين مؤخراً حديث الساعة في مصر، بما في ذلك في الصحف والتلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي".

وزعما أن "أوساط الجمهور المصري تشهد دعوات متزايدة لطرد اللاجئين والمهاجرين من البلاد بزعم أنهم تسببوا في زيادة تكاليف المعيشة، والعبء على الخدمات، والضغط على الموارد، مما حدا بالحكومة للحدّ من الخدمات المقدمة لهم، ومطالبة غير الشرعيين منهم بتسوية وضعهم بدفع 1000 دولار، والبقاء تحت حماية "مضيف مصري"، الذي سيكفلهم أمام السلطات".

ونقلا أن "ما بين 100-200 ألفا من سكان غزة دخلوا مصر بشكل قانوني عبر معبر رفح منذ بداية الحرب، معظمهم دفعوا آلاف الدولارات لوكالات التنسيق في مصر، وينضمون لأكثر من تسعة ملايين مهاجر ولاجئ من 133 دولة، يقيمون في مصر، ويشكلون 8.7% من سكانها، معظمهم من السودان وسوريا واليمن وليبيا، ويستهلكون الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم، مما يزيد العبء الثقيل على أنظمة الرعاية العامة، ويساهم بزيادة معدلات البطالة والفقر، وزادت تكاليف الخدمات المقدمة للمهاجرين عن 10 مليارات دولار سنويا".


وختما بالقول إن "الاستنتاج الناشئ عن الواقع الموصوف واضح، ويفيد بأنه رغم تضامن مصر مع سكان قطاع غزة، ومعاناتهم الإنسانية، لكنها لن تضحي بسياستها في المجال السكاني، مما يستدعي من صانعي القرار في تل أبيب أن يأخذوا ذلك بعين الاعتبار في تعاملهم مع نظرائهم في القاهرة خلال الحرب على غزة، وفي التخطيط لليوم التالي لها".

مقالات مشابهة

  • مقاومة واستبسال في رفح والشجاعية
  • حماس تبحث مع فصائل فلسطينية جهود وقف الحرب الإسرائيلية على غزة
  • مع استئناف المفاوضات.. سيناريوهان “أميركي وإسرائيلي” لوقف إطلاق النار في غزة
  • فاينانشيال تايمز: واشنطن تستشعر "فرصة كبيرة" في صفقة المحتجزين بين إسرائيل وحماس
  • محلل فلسطيني: إسرائيل تعمل بشكل ممنهج لإطالة زمن الحرب على غزة (فيديو)
  • شهادات مروعة لمعتقلين فلسطينيين أفرج عنهم من سجون إسرائيل
  • حزب الله يصعد من هجماته وفرصة مهمة بالدوحة لإنهاء الحرب في غزة
  • «نيويورك تايمز»: جنرالات إسرائيل يعانون من نقص الذخيرة ويريدون هدنة فى غزة
  • باحثان إسرائيليان يحرضان على مصر: لماذا لا تستقبل سكان قطاع غزة؟
  • تقرير: جرائم القتل والسرقة تعمّق الفوضى في قطاع غزة