ياسر ثابت يعيد اكتشاف الهشاشة الإنسانية في أحدث كتبه «دليل مصور للملائكة»
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
يقدم الدكتور ياسر ثابت في أحدث كتبه «دليل مصور للملائكة»، الصادر عن دار «المحرر»، كتابة صادقة، تتحمّل بشجاعة أقسى العواقب، كي تنتصر للتجديد، وجماليات البوح والكشف والمصارحة، كتابة جريئة لا تستسلم لأعراف القبيلة، كتابة بعيدة كل البُعد عن الفن التجاري والترّهات المثقلة بالأخلاق والمواعظ.
في كتابه الذي يصدر مع معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ55، يوظف المؤلف في نصوصه أدب الشذرة، وهو لون أدبي معبأ بالشعر والجمال، يسعى إلى ترميم الأرواح عبر طرق لإبطاء الخسارة، يرسمُ روحا برؤوس غاضبة، ويبحر بقاربه بين ضفتي الأمنيات والذكريات، قبل أن يحفر للقارئ في الهواء الرخو بئرًا، هذه اللغة الشِعرية، التي تتعالق فيها النصوص وتتعانق، تعيد اكتشاف هشاشتنا الإنسانية، وتوحي في الوقت نفسه، بالأنساق العميقة للعملية الإبداعية.
يقول ياسر ثابت: «بالصور الشعرية، ومسحوق الهمس وما تيسر من الخيبات والوعود، تمارس هذه النصوص تركيبتها الفريدة من الألم الخفي والمرح المعلن، وتلوِّحُ للجنون، بالجمل القصيرة والدلالات المكثفة، والبنى الشعرية تنفر هذه النصوص من كل التعقيدات والتوليدات الشكلية. ثمة زهد واقتصاد، وميل إلى الكتابة الشذرية التي تولي الأهمية القصوى لما تحمله من دلالات، مع الاعتناء بالجماليات اللغوية».
من عناوين الكتابيضم الكتاب نصوصا لافتة ورشيقة في عناوينها ومضمونها الأخاذ، ومن عناوين النصوص: شبح يخطئه الظلام، لائحة يكتمها القلب، سيرة انتقام صامتة، نظرة رمانا بها الجمال، فضيحة الفُل، برج الحيرة، مواقيت اللذة، فنادق لئيمة، لا دموع فوق «الشيك»، فوق زجاج مكسور، بالقرب من سفاح، رموش ذهبت في اللهب، أم كلثوم عن بُعد، سيمفونية البيوت.
ويضيف ثابت، أن «الشذرات ومضة وإشراق، شهابٌ في سماء الكتابة، مجازٌ من مجاز، شظية تمتاز بالحكمة والخفة في آنٍ معًا، لوعة تنبتُ على أنقاض ابتسامة، نحتٌ في غياهب ما لا يُسَمى هكذا تحل الحكاية ضفائرها، وتتدلى عناقيدُ الشوق من الشرفات».
يرى الكاتب في مقدمته، أن أدب الشذرة «نوع من التحايل على الحياة، بحثٌ عن الجمال المتفرد، والرهافة في الأغوار الصامتة والأحزان المكتومة، بعيدًا عن الطُرق المستقرة والقوالب والأنماط المألوفة. إيمان بأن الأدب ينبع من نهر الصور والأخيلة؛ لذا لا يجوز تجريد النصوص من أقنعتها وضبابيتها».
ويوضح أن الكتابة بحساسية تتطلّب أكثر من رهافة الدموع ورومانسية ضوء القمر، وإنما تذهب إلى ما هو أعمق من اللغة اللعوب، لتتلمسّ سطوع الأشياء وبريق كينونتها، وترصد ظهور العالم عبر اللغة الجامحة، مبرزة عمق الوجود وتعقّد الفكر في تلألؤ الصور الحسية.
في تقديمه للكتاب، يؤكد المؤلف أن «السطور التالية هي إسعاف أولي للحظات العزلة، والصمت، والارتباك، والقلق والصراع، إنها نزهة الدهشة حين يهتز صدرُ الرغبة، ما بين آهات الشوق وهدنة المساء، وهي في نهاية المطاف جواز سفر إلى الحرية».
من نصوص الكتاب«في غرفة نومها، تستلقي دميةٌ من قماش، كلما احتضَنَتها أهدتها روحَ الطفولة.. حتى تنام.. يتسرب نورٌ معتّق من ستائر أكلت طويلًا من عشب الشمس ورائحة الغبار».
«في شرفةٍ مقابلة، عجوز تفردُ عجينة الحناء على شعرها، وتصنعُ حبالًا من شرايين ساقها النافرة.. جسدُها الضامر ألبوم خالٍ من الصور، طينُ العُمر تشققَ بفعل الأيام الجدباء، ملامحه وثيقة دالة على تصاريف الزمن، أخاديد وتجاعيد، تتخفى على هيئة عصافير رشيقة كلما نامت الحناء على مفرق شعرها».
«في الشارع، يمشي الخراب بتؤدة، فعلُ وضعِ قدمٍ واحدة أمام أخرى يخلق الإيقاع والحركة ويمكن أن يجعل الروح تُحلّق، إلا إن كنتَ يائسًا أو مُعدمًا. يتسول مشردٌ يسكن في ملابسه الرثة، وعلى الهاتف تثرثر عاملة تنظيف في فندق مع صديقتها عن نظافة ساكني الغرف وبقايا نزقهم».
«على الناصية، يمرُّ غرامٌ طائش، ويلصق رجلٌ ذو وجه لحيم، بلسانه طوابعَ بريدية على مظروف رسالته، قبل أن يمشي ساهمًا على رصيف السماء».
ومن الجدير بالذكر، أن كتابات الدكتور ياسر ثابت تتسم بالموسوعية والتنوع، له مؤلفات عدة، بينها «يوميات ساحر متقاعد»، «تحت معطف الغرام»، «يطل الخجل من حقيبتها».
ومن مؤلفاته البحثية والتأريخية: «شهقة اليائسين: الانتحار في العالم العربي»، «قصة الثروة في مصر»، «حروب كرة القدم»، «فتوات وأفندية».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: ياسر ثابت معرض الكتاب معرض القاهرة للكتاب
إقرأ أيضاً:
تشييع جثمان مصور الجزيرة أحمد اللوح في غزة
وقد استهدف الاحتلال أحمد اللوح في أثناء تغطيته الإعلامية رفقة طواقم الدفاع المدني في مخيم النصيرات، وسط القطاع.
تقرير: أشرف أبو عمرة
16/12/2024