مفتي الجمهورية: لا مانع من اتخاذ الدولة ما تراه من وسائل وتدابير لتنظيم النسل
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن تنظيم النسل -الذي يعني المباعدة بين الولادات المختلفة- لا تأباه نصوص الشريعة وقواعدها، قياسًا على «العزل» الذي كان معمولًا به في عهد الرسول، ويجوز للزوجين كذلك أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة إلى أن تتهيَّأ لهم الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى في ظروف ملائمة لإخراج الذرية الطيبة التي تقرُّ بها أعين الأبوين، ويتقدم بها المجتمع، وتفخر بها أمة الإسلام.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس مضيفًا أن بعض العلماء قديمًا لم ينظروا للعزل -الذي يشبه تنظيم النسل الآن- من منظور الفقر أو الحاجة، بل نظروا إليه من منظور تجميلي وتحسيني ورفاهية أو مراعاة لصحة الإنسان، فنجد مثلًا الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين يذهب إلى أنَّ العزل بسبب الخوف من حصول المشقة والحرج بكثرة الأولاد والتكاليف ليس منهيًّا عنه شرعًا، لأنه من باب النظر في العواقب والأخذ بالأسباب.
وأوضح المفتي أن الإيمان بالقضاء والقدر لا يتعارض مطلقًا مع مسألة تنظيم النسل وهي المباعدة بين الولادات المختلفة وتنظيمها وليس المنع أو القطع المطلق للنسل والذي يرفضه الشرع الشريف ولا يجيزه إلا لضرورة قصوى تتعلق بحياة الأم.
وأما عن الإستشهاد ببعض النصوص الشرعيَّة المحرِّمة لقتل الأولاد من أجل الفقر والعجز عن الاكتساب، كما في قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾ [الأنعام:151]، قال فضيلته: "إنه فهم مغلوط، لأن الغرض من وسائل تنظيم النسل المتنوعة هو منع تكوين الجنين أصلًا، فالجنين لا يتكون إذا ما تم استخدام وسيلة تنظيم النسل، وكل ذلك من قدَر الله تعالى، ولا ينطبق ذلك على التحذير من قتل الأولاد خشية الإملاق أو الفقر لأنهم لم يتكونوا بعدُ.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن هناك اتساقًا بين جميع النصوص الشرعية التي تدعو لرخاء الإنسان وتحقيق استقراره، ولا تتعارض مع التوازن بين عدد السكان وتحقيق التنمية، حتى لا تؤدي كثرة السكان إلى الفقر، كما استنبط الإمام الشافعي نحو ذلك من قوله عز وجل: {فإن خفتم ألا تعدلوا}. مؤكدًا أن تنظيم النسل بسبب الخوف من حصول المشقة والحرج بكثرة الأولاد والتكاليف ليس منهيًا عنه شرعًا، لأنه من باب النظر في العواقب والأخذ بالأسباب.
ونبَّه المفتي على خطورة الاعتقاد بضرورة التكاثر من غير قوة، مشيرًا إلى أنَّ ذلك داخل في الكثرة غير المطلوبة التي هي كغثاء السيل كما جاء في النصوص الشرعية، ولذا يجب فهمها في إطار متكامل وشامل.
كما أن تنظيم النسل لا يتعارض مع قوله صلى الله عليه وسلم: «تناكحوا تكاثروا فإني مُباهٍ بكم الأمم يوم القيامة»، فالحديث فيه الحض على الزواج والنهي عن العزوف عنه، ثم إن التباهي إنما يكون بالقوة والكيف الذي تتمتع به الذرية عن طريق توفير الرعاية والعناية الكافية.
وأوضح مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء المصرية استقرت في فتواها على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة شرعًا، كما أنه يجوز شرعًا للزوجين البحث عن الوسائل الطبية لتمكينهم من الإنجاب إذا كانت هناك أسباب تمنعهم منه من الأصل، وهذه المنظومة التي نسير عليها هي رؤية متكاملة وشاملة ومتسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغنى وليس إلى الفقر، ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة.
وأما عن الإجهاض وعلاقته بتنظيم النسل فأكد فضيلة مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء المصرية ترى أنه يَحرُمُ الإجهاضُ مطلقًا بعد نفخ الروح في الجنين، إلَّا لضرورةٍ شرعية، بأن يقرر الطبيبُ المتخصص أن بقاء الجنين في بطن أمه فيه خطرٌ على حياتها، فحينئذٍ يجوز إسقاطه، مراعاةً لحياة الأم وصحتها المستقرة، وتغليبًا لها على حياة الجنين غير المستقرة.
واختتم المفتي حواره قائلًا: "ولا مانع من اتِّخاذ الدولة ما تراه من وسائل وتدابير لتنظيم عملية النسل وترغيب الناس فيه، فإنه ليس منعًا من الإنجاب مطلقًا، فالمحظور هو المنع المطلق، وهذا ليس منه، وإنما هو طلبُ الدولة الحياةَ الكريمة لشعوبها، وحرصٌ منها على الموازنة بين المواردِ وعدد السكان الذين ينتفعون بهذه الموارد، حيث إن الوضع المعاصر تغيَّر، لأن الدولة أصبحت مسئولة عن توفير العديد من المهام والخدمات، ولو تُرك الأمر هكذا لأصبحت الدول في حرج شديد، ولذا فتنظيم النسل الآن لا يتعارض مع روح الشريعة التي تؤيد تغيُّر الفتوى بتغير الزمان والمكان تحقيقًا لمقاصد الشريعة".
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: تنظيم النسل دار الإفتاء مفتي الجمهورية نصوص الشريعة مفتی الجمهوریة تنظیم النسل إلى أن
إقرأ أيضاً:
السياني وسفيان يناقشان آلية نقل وحفظ وثائق الدولة في المؤسسات التي سيتم دمجها
وأكد السياني أهمية حصر وفرز كل وثائق الدولة في مختلف الجهات التي ستخضع لعملية الدمج، من قبل لجان متخصصة وبطرق علمية تضمن الحفاظ على تلك الوثائق من التلف أثناء عملية الدمج للمؤسسات والهيئات وأرشفتها وترميزها وفق معايير علمية وتحت إشراف المركز الوطني للوثائق.
وأوضح السياني أن الوثائق هي أساس مشروعية الدولة وذاكرة الوطن ويجب حفظها في أماكن مهيئة لذلك والحرص على عدم ضياع او فقدان أي وثائق نتيجة عملية الدمج لبعض الوزارات والمؤسسات في الدولة .
وخلال اللقاء نوه نائب وزير الخدمة المدنية والتطوير الإداري بالدور الكبير والمشهود للمركز الوطني للوثائق والجهود التي يبذلها المركز في هذا المجال .
مؤكدا على أهمية تعزيز وتكثيف التوعية بأهمية الحفاظ على الوثائق وترتيبها وتصنيفها وتنظيم الارشيف في مختلف مؤسسات الدولة، سواء التي ستم دمجها أو التي لم تشملها عملية الدمج .
وأشار نائب وزير الخدمة المدنية لأهمية دور المركز الوطني للوثائق في عملية الدمج والتحديث التي يجري تنفيذها حاليا في وحدات الخدمة العامة وفق قانون الوثائق الذي ينص على أن "تسلم إلى المركز الوطني وثائق كل جهة او شخص اعتباري تم الغاءه ولم تسند مهامه او اختصاصاته إلى أي جهة تخلفه" وكذلك دور المركز بشكل عام باعتباره الجهة الحكومية الوحيدة المسؤولة عن جمع وحفظ وصيانة الوثائق المتصلة بانشطة الدولة وتاريخها، والعمل على تنظيمها ونشرها وتيسير الاطلاع عليها وفقا للقوانين واللوائح النافذة .
حضر اللقاء د فؤاد الشامي وكيل المركز الوطني للوثائق.