نشرت مجلة "فورين أفيرز"، تقريرًا، استعرضت فيه تحليلًا لكيفية إعادة الحرب على غزة إحياء محور المقاومة في الشرق الأوسط، وكذا تأثيرها على السياسة الإقليمية؛ حيث قد قويت من التحالفات بين المجموعات المقاومة في المنطقة وأثرت على توجهاتهم.

وقالت المجلة إن المملكة المتحدة والولايات المتحدة شّنتا ضربات عسكرية، في 12 كانون الثاني/ يناير، على أهداف للحوثيين في اليمن.

وكانت هذه الهجمات ردًا على هجمات التنظيم على السفن التجارية في البحر الأحمر، والتي عطلت التجارة العالمية. إن تصرفات الحوثيين جعلتهم لفترة وجيزة أبرز أعضاء التحالف العسكري الذي أصبح نشطًا بشكل متزايد في جميع أنحاء المنطقة بعد اغتيال صالح العاروري وغيره من قادة حماس في بيروت في الثاني من كانون الثاني/ يناير. 

وتابعت أنه بعد مقتلهم؛ تعهد قائد حزب الله حسن نصر الله بالانتقام، وأعلن أن القتال ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي لا يتطلب أقل من "محور المقاومة". وفي الساعات التي تلت تعهد نصر الله، تم تقطيع كلماته إلى مقاطع فيديو تم إنتاجها ببراعة وانتشرت على نطاق واسع.

وأفادت المجلة أن المحور بدأ في شن هجومه بالفعل؛ فقصف حزب الله قاعدة ميرون للمراقبة الجوية الإسرائيلية بـ 62 صاروخًا، وأرسلت جماعة المقاومة الإسلامية المتمركزة في العراق طائرات بدون طيار لمهاجمة القواعد الأمريكية في سوريا والعراق واستهدفت مدينة حيفا بصاروخ كروز بعيد المدى، وضرب الحوثيون البحر الأحمر، واستولت إيران على ناقلة نفط في خليج عمان.

وأشارت المجلة إلى أنه رغم أن الدول الغربية والإقليمية تزعم أنها لا تريد أن تتحول الحرب في قطاع غزة إلى حريق إقليمي؛ فإن إيران وحزب الله والحوثيين وغيرهم من أعضاء المحور يلعبون لعبة مختلفة تمامًا؛ حيث إنهم يعملون بصبر ومنهجية على تعزيز تحالف القوى عبر ساحة المعركة الإقليمية. لقد بدأ الأمر بإيران وحزب الله، لكنه يتطور بسرعة إلى شيء أكبر من ذلك. 

ومن بين أعضائها الآخرين: الحوثيين في اليمن، وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا. ويشكل تشكيل هذا المحور تحديًا مباشرًا للنظام الإقليمي الذي أنشأه الغرب ودافع عنه في الشرق الأوسط لعقود من الزمن. كما أنها كما تظهر الهجمات الإيرانية والحوثية على الشحن في البحر الأحمر، تمثل تهديدًا للتجارة العالمية وإمدادات الطاقة.

وذكرت المجلة أن عملية حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أكدت قدرات المحور ونفوذه، الذي يمتد إلى ما هو أبعد من الأراضي الفلسطينية ليشمل إيران، والعراق، ولبنان، وسوريا، واليمن. ويرى الغرب أن طهران هي العقل المدبر وراء هذه الشبكة، ولا شك أن محور المقاومة يعكس النظرة الإستراتيجية لإيران. والواقع أن الحرس الثوري الإيراني زود أعضاء المحور بقدرات عسكرية فتاكة ودعم منسق، لكن طهران ليست محركة الدمية، ويعكس تماسك المحور ودوره الإقليمي ما هو أكثر بكثير من مجرد إملاءات إيرانية.


وأوضحت المجلة أن المحور مرتبط ببعضه البعض من خلال الكراهية المشتركة لـ"الاستعمار" الأمريكي والإسرائيلي. ويعتقد حزب الله أن واشنطن وتل أبيب يتدخلان في لبنان، وتعتقد حماس والحوثيون والميليشيات الشيعية في العراق أن الأمر نفسه ينطبق على أراضيهم. 

وكما قال نصر الله، فإن "المجموعات المتباينة توحدها حقيقة مفادها، سواء كانوا لبنانيين أو فلسطينيين أو يمنيين، أنهم يواجهون نفس القضايا ونفس العدو. وهذا يعني أن ما يحدث في منطقة ما له صلة مباشرة بالمناطق الأخرى. وبدلًا من كونه أداة في أيدي إيران، يرى المحور نفسه كتحالف مبني حول أهداف استراتيجية مشتركة، بروح: الكل من أجل الفرد والواحد من أجل الجميع". 

وبحسب المجلة؛ فيعتقد أعضاء المحور أنهم جميعًا يخوضون الحرب نفسها ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، وبشكل غير مباشر ضد الولايات المتحدة. وهذا يعني أن التحذيرات الأمريكية أو الهجمات الأمريكية لن تجبر المحور على التنحي. وما لم تصمت المدافع في غزة، وتخفف الضغوط المفروضة على سكانها، وما لم يتم التخطيط لمسار جدير بالثقة نحو السيادة الفلسطينية وتقرير المصير؛ فإن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على إخراج نفسها من دوامة التصعيد الخطيرة.

التصميم الكبير لطهران
ولفتت المجلة، إلى أن محور المقاومة لم ينبض بالحياة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، بل تكوّن في أعقاب الغزو الأميركي للعراق سنة 2003. وقام مؤسس فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وقائده السابق؛ قاسم سليماني، ببناء الشبكة على خلفية علاقات إيران الوثيقة مع حزب الله، بالاعتماد على تجارب إيران وحزب الله في قتال العراق وإسرائيل في الثمانينيات. 

ومنذ البداية؛ سعى سليماني إلى إنشاء شبكة مرنة يكون فيها كل جزء من المحور مكتفيًا ذاتيًا. على الرغم من أن التدريب والذخائر قد يأتيان من إيران، إلا أنه كان من المتوقع من كل وحدة أن تتقن وتنشر التكتيكات والتكنولوجيا والأسلحة.

وبينت المجلة أن الهدف الأساسي للمحور الناشيء في أيامه الأولى كان هزيمة الخطط الأمريكية لاحتلال العراق. ولتحقيق هذه الغاية؛ نجحت طهران وحزب الله في إنشاء ميليشيات محلية قاتلت القوات الأمريكية. ثم، بعد سيطرة تنظيم الدولة على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا خلال عام 2014، تم إنشاء ميليشيات مماثلة لمحاربة هذه القوى الطائفية المسلحة التي هددت نظام الأسد في سوريا والسيطرة الشيعية في العراق. وأصبحت الحرب الأهلية السورية نقطة تحول بالنسبة للمحور؛ حيث قاتلت إيران وحزب الله والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا ضد عدوهم المشترك. 


ومن خلال القيام بذلك، قامت هذه الدول والمجموعات بتعميق قدراتها العسكرية والاستخباراتية وصقل المنطق الاستراتيجي لتَحالفها. وخلال هذه الفترة، عززت إيران علاقاتها مع المتمردين الحوثيين في اليمن، وضمتهم إلى التحالف المزدهر الآن، وتبنت راية محور المقاومة.

وأضافت المجلة، أنه على مدى العقد الماضي، نشرت إيران وحزب الله صواريخ وطائرات بدون طيار وصواريخ متقدمة في غزة والعراق وسوريا واليمن، كما قاموا بتدريب حماس والحوثيين على بناء أسلحتهم الخاصة. ويتجلى نجاح هذا النهج في التطوير واستخدام الصواريخ الماهر من جانب حماس والحوثيين، كما تم تدريب أعضاء المحور أيضًا على الاتصالات الإعلامية. 

وساعدوا في إنشاء القنوات المالية، وتعليمهم كيفية دعم المقاومة المدنية، خاصة في الضفة الغربية. وقد بنى خليفة سليماني، إسماعيل قاآني، على هذا الإرث وزاد من لا مركزية المحور، وفوض بشكل متزايد عملية صنع القرار التكتيكي والعملياتي إلى الوحدات المحلية وقادتها.

وقالت المجلة، إن الشبكة الناتجة، طهران، ساعدت على تعزيز هدفها الدائم المتمثل في إخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط. ومنذ ثورة 1979، ركزت طهران على حماية البلاد من واشنطن، التي يعتقد القادة الإيرانيون أنها عازمة على تدمير الجمهورية الإسلامية. 

ولتحقيق هذه الغاية، سعت إيران إلى الاستهزاء بالمحاولات الأمريكية لاحتوائها اقتصاديًا وعسكريًا. وقد سعت إلى طرد الجيش الأمريكي من البلدان المتاخمة لإيران والخليج العربي، وإجبار الولايات المتحدة على مغادرة المنطقة، وكان المحور ذا قيمة بالنسبة لطهران، لأنه صرف انتباه القوات الأمريكية بعيدًا عن حدود إيران.

وذكرت المجلة، أن القيمة الإستراتيجية للمحور نمت بالنسبة لطهران على مدى السنوات الثماني الماضية بسبب تزايد عداء واشنطن. وفي سنة 2018؛ انسحب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي مع إيران، وفرض أقصى العقوبات على البلاد، وفي سنة 2020 أمر بقتل سليماني. 

وقد أقنعت هذه الإجراءات طهران بالحاجة إلى محور أكثر قوة وتماسكًا من الحلفاء، يمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج العربي، وهو ما يمكن أن يزيد الضغط على واشنطن. وفي هذا السياق، أصبح البرنامج النووي الإيراني مهمًا ليس فقط كورقة مساومة للتفاوض على إزالة العقوبات، ولكن أيضًا كرادع يمكن أن يحمي المحور من الهجوم الأمريكي.

وتابعت المجلة، قائلة إن الأعضاء الآخرين في محور المقاومة يصطفون مع أهداف طهران في جميع أنحاء المنطقة، والتي تعكس أيضًا مصالحهم المحلية. فحزب الله، على سبيل المثال، تحركه الرغبة في حماية جنوب لبنان مما يعتقد أنه طموحات إسرائيل التوسعية، والتي من المفترض أن تمتد أيضًا لتشمل مناطق في سوريا والأردن. وتركز الميليشيات الشيعية في العراق على إخراج القوات الأمريكية من البلاد، فضلًا عن الانتصار فيما يعتقدون أنها حرب أهلية غير منتهية مع السنة في البلاد. ويريد الحوثيون السيطرة على كامل اليمن، وهم مستاؤون من الجهود التي تبذلها السعودية والإمارات لعرقلة طريقهم.

الكل من أجل الواحد
وأضافت المجلة أن محور المقاومة هو في نهاية المطاف تحالف عسكري، وبالتالي فإن أعضائه أقوى معًا. وعلى الرغم من أن حماس خططت لعملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، إلا أن إيران وحزب الله كانا مسؤولين إلى حد كبير عن تطوير قدرات حماس. وكما أظهرت مجموعة من الاجتماعات في بيروت حضرها كبار قادة حماس، وحزب الله، والجهاد الإسلامي الفلسطيني، والحرس الثوري، والميليشيات الحوثية والعراقية قبل الهجوم.


وتابعت بأنه من المرجح أن أعضاء المحور كانوا على علم بخطط حماس ودعموها. وبالنسبة لحماس؛ كان الهدف الرئيسي للعملية يتلخص في تعطيل الوضع الراهن الذي كان يعمل ببطء ولكن بثبات على إطفاء القضية الفلسطينية، وإعادة نضالهم إلى واجهة السياسة العربية.

وبالنسبة لإيران وحزب الله أيضًا، فإن إعادة القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام كان لها ميزة وضع دولة الاحتلال الإسرائيلي في موقف دفاعي، وبالتالي تقليص احتمالات المزيد من تطبيع العلاقات بين الاحتلال والدول العربية. كما أنهم يعتقدون أن توريط  دولة الاحتلال الإسرائيلي في حرب متعددة الجبهات من شأنها أن تستهلك مواردها. وفي كلتا الحالتين؛ يحقق الصراع هدفًا إيرانيًا طويل الأمد: فقد اعتقدت طهران منذ فترة طويلة أنه إذا لم تكن دولة الاحتلال الإسرائيلي منشغلة بشؤونها الخاصة، فإنها ستكون منشغلة بشؤون إيران.

وبينت المجلة أن نتيجة عملية حماس، وحجم وشراسة رد الاحتلال الإسرائيلي وتوابعهما كانت غير متوقعة؛ حيث لم تتوقع حماس وحلفاؤها في المحور أن تكون عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر ناجحًة إلى هذا الحد، فقد كان نجاح عملية حماس وحجم رد الفعل الإسرائيلي مثيرًا للذهول بالنسبة للمحور، الذي أعاد معايرة أهدافه وإستراتيجيته بناءً على ذلك.

ورغم أن إيران وحزب الله لا يريدان حربًا إقليمية أوسع نطاقًا، إلا أنهما استهدفا القوات الإسرائيلية والأمريكية بالطائرات بدون طيار والصواريخ، وانضم الحوثيون إلى المعركة من خلال تعطيل الشحن في البحر الأحمر، لقد فعلوا ذلك لإظهار الدعم للفلسطينيين، وأيضًا لردع الولايات المتحدة وإسرائيل عن توسيع الحرب إلى لبنان من خلال إظهار استعداد أعضاء المحور للقتال، آملين أن يردع ذلك إسرائيل عن توسيع الحرب على جبهة من اختيارها دون مواجهة صراع على جميع جبهات المحور.

لقد شارك جميع أعضاء المحور في الحرب على غزة، وبالتالي فإنهم جميعًا متورطون في نظر إسرائيل والولايات المتحدة، وأدى هذا إلى تعزيز الروابط داخل المحور؛ حيث يعتمدون جميعاً على بعضهم البعض، وعلى منع تحقيق نصر لدولة الاحتلال الإسرائيلي واضح في غزة، لأنه إذا انتصرت "إسرائيل"، فمن المرجح أن تحول انتباهها إلى أعضاء آخرين في المحور، بدءً بحزب الله وانتهاءً بإيران.

الحروب الإعلامية
وأكدت المجلة أن الكاميرات كانت لا تقل أهمية عن الأسلحة في عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر؛ حيث بدأت حماس في نشر مقاطع فيديو في غضون ساعات من العملية، والتي تم التقاطها باستخدام كاميرات "جو برو" المثبتة على المسلحين والطائرات المسيرة لتسجيل خروقات الجدار الأمني الإسرائيلي، وسيطرت حماس على السرد منذ البداية، واستمرت تتعامل بنفس القدر من الذكاء الإعلامي منذ ذلك الحين.

فعلى سبيل المثال، خلال وقف إطلاق النار المؤقت وتبادل الأسرى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، أطلقت الحركة سراح أسراها الإسرائيليين في وسط مدينة غزة، وكانت الكاميرات جاهزة لالتقاط ابتساماتهم ومصافحاتهم مع آسريهم، وتم تصميم هذا لمواجهة روايات السياسيين الإسرائيليين عن الإرهابيين "المتوحشين" و"الحيوانات البشرية"، وينظر الرأي العام في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، والجنوب العالمي، بل وحتى الغرب، على نحو متزايد إلى الصراع باعتباره نتيجة لاحتلال دام عقودًا من الزمن.


وأضافت المجلة أن المحور يأمل أن تزداد شعبيته العالمية أيضًا، فلأول مرة منذ عقود تصبح القضية الفلسطينية بارزة دوليًّا، مما يؤدي إلى عزل دولة الاحتلال الإسرائيلس والولايات المتحدة وزيادة الانتقادات العالمية للاستعمار الاستيطاني والاحتلال والفصل العنصري؛ حيث يرحب زعماء المحور بمواجهة الغرب، في وقت تكتسب هذه الأفكار المناهضة للغرب اهتمامًا جديدًا.

ولتحقيق هذه الغاية، وضع قادة المحور هذه المفاهيم في قلب رسائلهم، لقد اختفت المصطلحات الدينية الغامضة التي كانت عنصرًا أساسيًا في خطاب إيران وحزب الله؛ وحلت محلها كلمات وعبارات مألوفة من أدبيات حقوق الإنسان والقانون الدولي، مثل نشر الحوثيين مقطع فيديو باللغة الإنجليزية يعلنون فيه اعتراض جميع السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل عبر البحر الأحمر.

وجاء في الفيديو أن هذه العمليات العسكرية "تتقيد بأحكام المادة الأولى من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها"، وتنص هذه المادة على أن جميع الأطراف في الاتفاقية ملزمة بمنع حدوث الإبادة الجماعية ومعاقبة المسؤولين عن ارتكابها، وينتهي الفيديو برسالة: "يتوقف الحصار عندما تتوقف الإبادة الجماعية".

وفي 11 كانون الثاني/ يناير، قصفت المملكة المتحدة والولايات المتحدة اليمن، في نفس اليوم الذي رفعت فيه جنوب أفريقيا قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، ومرة أخرى، انتشرت الرسالة عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي مفادها أن جنوب أفريقيا واليمن تتخذان إجراءات لوقف الإبادة الجماعية، في حين كانت لندن وواشنطن تقصفان المنطقة مرة أخرى لدعم القمع، وطوال الأشهر الثلاثة الماضية، اكتسب الحوثيون، على وجه الخصوص، قاعدة جماهيرية عالمية بين قطاعات الجيل "زد"، مع انتشار مقاطع الفيديو الخاصة بهم على "تيك توك".

وأفادت المجلة، أنه خلال عشرين عامًا من "الحرب على الإرهاب"، كان أعضاء محور المقاومة إما غير معروفين دوليًا أو يعتبرون ببساطة "إرهابيين" بدافع كراهية الغرب، ولكن منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، تمكن المحور من تعريف نفسه بشروطه الخاصة وربط أعماله بنجاح بالحركات العالمية المناهضة للاستعمار، وقد حققوا بالفعل نجاحًا لم يكن من الممكن تصوره من قبل؛ فقد هتف المتظاهرون في لندن هذا الشهر "اليمن، اليمن اجعلونا فخورين، امنعوا سفينة أخرى".

ووفق المجلة؛ فبهذا لا تقتصر حرب المحور مع إسرائيل والولايات المتحدة على ساحات القتال في الشرق الأوسط فقط، ولكن أيضًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الرأي العام العالمي، والحقيقة أن تصريحات نصر الله وخامنئي تشير إلى أن قادة المحور ينظرون إلى الرأي العام الدولي باعتباره الجائزة الإستراتيجية الأهم على المدى الطويل؛ حيث يأملون في خلق ضغط شعبي كافٍ لإجبار واشنطن على الانسحاب من الشرق الأوسط واحترام سيادة الفلسطينيين.

ولهذا السبب احتفل نصر الله بحقيقة أنه بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح هناك تصور عالمي لدولة الاحتلال الإسرائيلي على أنها "قاتلة للأطفال والنساء، تهجر الناس، وترتكب أكبر إبادة جماعية في القرن الحالي"، كما احتفل نصر الله، بقدرة وسائل التواصل الاجتماعي على تحميل الولايات المتحدة المسؤولية عن ذلك. 

وأشارت المجلة، إلى أن هذه الحملة الإعلامية تأتي في الوقت المناسب بالنسبة للمحور؛ فقد أدركت إيران وحزب الله منذ فترة طويلة أهمية القوة الناعمة، لكنهما لم ينجحا تاريخيًا في استغلالها، لذا أمضوا العقد الماضي في بناء بنية تحتية إعلامية قوية وذكية لأجل هذا النوع من اللحظات بالضبط، واليوم، ينشر محور المقاومة مقاطع فيديو يومية للعمليات في ساحة المعركة، مكتملة بتأثيرات الحركة البطيئة لتسليط الضوء على الضربات المباشرة للجنود الإسرائيليين والمنشآت العسكرية، ومقاطع فيديو تيك توك للحوثيين وهم يرقصون على متن السفن التي تم الاستيلاء عليها في البحر الأحمر.

وتنتج "ميمات" تهدف إلى توليد قاعدة جماهيرية عالمية لشخصيات المحور الرئيسية، بما في ذلك المتحدث باسم حماس أبو عبيدة، ويتم إنتاج المحتوى أيضًا للاحتفال بنصر الله، ومقارنة زعيم حزب الله برؤساء الدول العربية المتهمين بعدم فعل الكثير من أجل الفلسطينيين، ويتكامل هذا المحتوى مع المحتوى الذي تم إنتاجه في الخارج لدعم فلسطين، مما يوسع نطاق المحور بطرق غير مسبوقة.

واعتبرت المجلة أن الحملات العسكرية وحملات القوة الناعمة التي نظمها المحور تمثل تحديات إقليمية غير مسبوقة للغرب، ولواشنطن على وجه الخصوص، وإذا لم تنته الحرب قريبًا، ولم يتم تأسيس طريق واضح للتوصل إلى تسوية عادلة للفلسطينيين، فإن الولايات المتحدة سوف تواجه منطقة سوف تتشكل سياساتها بفعل الغضب الذي يجتاح قطاع غزة.

وشددت المجلة على أن توسع الصراع إلى ما هو أبعد من غزة، أو من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي في لبنان أو من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في اليمن لن يؤدي إلا إلى تغذية هذا الغضب وزيادة تأجيج الرأي العام، وترسيخ نفوذ المحور، ولا يمكن لواشنطن أن تعكس هذا الاتجاه إلا من خلال التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة ومن ثم تشكيل عملية سلام ذات مصداقية تؤدي إلى تسوية نهائية.


وفي ختام التقرير، خلُصَت المجلة، إلى أن محور المقاومة، كان في طور التكوين منذ فترة طويلة، وقد أعطته الحرب في غزة أكبر فرصة لشن هجوم عسكري وإعلامي على الغرب، وقد رسخ المحور بالفعل وجوده في المنطقة من خلال أسلحتها وجنودها، وعلى المستوى العالمي من خلال رسالته ومهمته، كما غيرت الحرب على غزة، منطقة الشرق الأوسط؛ فقد أشعلت غضبًا شعبيًا هائلًا، قد يؤدي إلى إشعال شرارة التطرف الجديد وعدم الاستقرار السياسي والعداء تجاه الغرب.

وبالنسبة لحكام المنطقة، حتى أولئك الذين تعتبرهم واشنطن حلفاء، قد غيرت الحرب الافتراضات الأساسية بشأن أمنهم وعلاقاتهم مع الغرب، ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تفكك المحور بسهولة، ولا أن تهزم الأفكار التي ولدته، والسبيل الوحيد لإبعاد الريح عن أشرعة المحور هو إنهاء الحرب في غزة والتفاوض على تسوية حقيقية وعادلة للقضية الفلسطينية، وما لم يتم ذلك، فإن المحور سيكون واقعًا إقليميًا سوف يتعين على الولايات المتحدة أن تتعامل معه لسنوات عديدة قادمة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة محور المقاومة غزة حرب غزة محور المقاومة صحافة صحافة صحافة سياسة من هنا وهناك صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی وسائل التواصل الاجتماعی والولایات المتحدة الشیعیة فی العراق الإبادة الجماعیة الولایات المتحدة فی البحر الأحمر إیران وحزب الله فی الشرق الأوسط العراق وسوریا الحرب على غزة مقاطع فیدیو تشرین الأول الرأی العام المجلة أن نصر الله فی الیمن حزب الله من خلال إلى أن جمیع ا من أجل فی غزة

إقرأ أيضاً:

بعد تنصيبه | ملفات كثيرة منتظرة بعد فوز ترامب .. ما مصيرها؟

أدى الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، ونائبه، جيه دي فانس، اليمين الدستورية ، الاثنين، في مبنى الكابيتول، حيث أجريت مراسم تنصيب الرئيس الـ47 للولايات المتحدة.

ملفات كثيرة منتظرة بعد فوز ترامب

وفور أداء القسم الدستوري، تعهد دونالد ترامب بأن يعيد أمريكا عظيمة من جديدة، في كلمته أمام حشد كبير تحت سقف الكابيتول الذى احتضن الحفل بدلا من الخارج بسبب البرد القارس.

وأمام رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، قال ترامب: "أقسم أنا ترامب جازما أنني سأقوم بإخلاص بمهام منصب رئيس الولايات المتحدة، وبأنني سأبذل أقصى ما في وسعي لأصون وأحمي وأدافع عن دستور الولايات المتحدة، وأرجو من الله أن يساعدني".

ونشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرًا حول خطط الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، تجاه بعض القضايا فى الشرق الأوسط، ويتصدرها ملف كل من غزة وإيران، مشيرة إلى أن تلك الملفات تثير الهواجس مع مخاوف كبيرة من سياسة أكثر تصلبًا وشدة قد تزيد من حدة التوترات المتفاقمة أصلًا فى منطقة ملتهبة.

في هذا الصدد قال احمد التايب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي إن مشاهد تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة تؤكد أن واشنطن ما زالت تمتلك النموذج الساحر فى إظهار قوتها الناعمة فى التأثير والابهار وتصدير  شعارات الديمقراطية وأنها لا زالت تتحكم فى النظام العالمى، وهو ما أكدته أيضا القرارات التنفيذية التى اتخذها فور التنصيب، والتى تكشف أن سياسته لا تعرف إلا الربح والخسارة وأنه رئيس ليس تقليدى على الإطلاق وأن النظام العالمى سيشهد تحولات كبيرة على كل المستويات خلال السنوات المقبلة. 

واضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد " أما الحديث عن علاقة إسرائيل بدونالد ترامب وتداعيات ذلك على الحرب العدوانية على غزة ولبنان والضفة وسوريا، أعتقد أن إسرائيل أحد محددات الأمن القومى الأمريكى، ومن ثوابت السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، وستظل واشنطن تقدم الدعم لها، لكن وفقا لعقلية ترامب الاقتصادية والتفاوضية، واستخدامه القوة والترهيب للوصول للتفاوض، وبالتالى مرتقب أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وفى القلب منها حرب غزة جولات من أجل عقد تسوية شاملة، هدفها الأول خدمة إسرائيل ومشاريع الولايات المتحدة الأمريكية فى الشرق الأوسط،  والحفاظ على هيمنتها وبسط نفوذها فى المنطقة.

وتابع: ما زال التعويل قائم على صمود الشعب الفلسطيني ووحدته واصطفافه، لأنه رغم وقف إطلاق النار الخطر ما زال قائما، وخير دليل ما يحدث فى الضفة الغربية من عمليات عسكرية وتقطيع لأواصلها بهدف مخططات صهيونية، وبالتالى التعويل ليس على ترامب حتى ولو كان دوره مهم فى إنهاء الحرب، ووقف عدوان إسرائيل ، وإنما على وحدة النسيج الفلسطيني، وأن يكون هناك إرادة عربية واسلامية موحدة لمواجهة الخطر الصهيونى وتمدده.

حدوث تغييرات جوهرية فى السياسة الخارجية الأمريكية بشكل عام

وأوضح تقرير وكالة الأنباء الفرنسية أن عودة «ترامب» تنبئ بحدوث تغييرات جوهرية فى السياسة الخارجية الأمريكية بشكل عام، وخصوصًا فى الشرق الأوسط والعالم العربى، ولطالما كانت هذه المنطقة وإسرائيل تحديدًا محورًا أساسيًا بالنسبة لكافة الرؤساء والساسة الأمريكيين، مؤكدًا أن ترامب، الذى يصف نفسه بأنه «أفضل صديق» لإسرائيل، حتى قبل عودته إلى البيت الأبيض، راقب عن كثب الوضع فى الشرق الأوسط وخصوصًا الحرب فى غزة والتوتر غير المسبوق بين إيران وإسرائيل، حيث قال فى خطاب له أمام المجلس الإسرائيلى-الأمريكى بواشنطن فى ١٩ سبتمبر الماضى: «سنجعل إسرائيل عظيمة مرة أخرى» مؤكدًا أنه مع تصويت اليهود الأمريكيين، سيكون «المدافع عنهم» و«حاميهم» وأنه «أفضل صديق لليهود الأمريكيين فى البيت الأبيض».

وحسب الوكالة، يخطط ترامب منذ أعوام لإنهاء الصراع فى منطقة الشرق الأوسط، حيث سبق أن عرض خطته المثيرة للجدل «صفقة القرن» التى روّج لها صهره ومستشاره جاريد كوشنر فى ٢٠١٨ خلال جولته بالمنطقة، فيما كشف كوشنر بشكل أكثر جلاء عن تفاصيل هذه الخطة حيث قال فى ٢ مايو ٢٠١٩، إنها ستكرس القدس عاصمة لإسرائيل دون الإشارة إلى حل الدولتين، رغم أن الأخير كان على مدى سنوات محور الدبلوماسية الدولية الرامية لإنهاء النزاع العربى-الإسرائيلى.

وفى حرب غزة، لم يتردد ترامب مؤخرًا عن إطلاق تحذير من أن «جحيمًا سوف يندلع فى الشرق الأوسط» إذا لم تطلق حركة حماس سراح الرهائن الإسرائيليين لديها قبل تنصيبه، فيما نسب لنفسه الفضل عندما تم الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، وقد أشار لذلك خلال خطاب له أثناء تنصيبه تحت قبة الكونجرس.

وفى الوقت نفسه قال مايك والتز، مستشار الأمن القومى الأمريكى فى إدارة ترامب الجديدة، قبل تنصيب ترامب، إن حركة حماس لن تعود لحُكم غزة مرة أخرى، أما بخصوص من سيتولى السيطرة على القطاع لاحقًا، فأضاف والتز: «ربما تكون قوة أمنية مدعومة من العرب، وربما يكون هناك خليط فلسطينى، كما أن إسرائيل ستفعل ما يتعين عليها فعله لضمان ذلك، والولايات المتحدة، تحت إدارة ترامب، ستدعمها فى أن حماس لن تحكم غزة مرة أخرى»، مضيفا: «هذا لا يعنى أنه لن تكون هناك جيوب (مقاومة من جانب حماس)، هذا لا يعنى أنه لن يكون هناك أيضًا قتال جارٍ، لكن الطريق سيكون صعبًا فى المستقبل».

وفى الملف الإيرانى، التى رأت اتفاقها النووى الموقع فى ٢٠١٥ مع واشنطن ينهار بسبب قرار ترامب فى ٨ مايو عام ٢٠١٨، بالانسحاب خلال فترته الرئاسية الأولى بشكل أحادى، مع إعادة فرض العقوبات الأمريكية عليها، فهى لا تزال بالنسبة إلى ترامب بمثابة «العدو اللدود» الذى ينبغى تحجيم قوته وقص أذرعه فى المنطقة لضمان أمن إسرائيل.

وذكرت الوكالة الفرنسية فى تقريرها أن مستشارى ترامب أعلنوا بشكل صريح أن إدارته ستعود إلى اتباع سياسة أقصى درجات الضغط التى انتهجها الرئيس المنتخب خلال ولايته الأولى، وسعت تلك السياسة إلى استخدام عقوبات قوية لخنق الاقتصاد الإيرانى وإجبار طهران على التفاوض على اتفاقية تحد من برامجها المتعلقة بالأسلحة النووية والبالستية، حسبما نقلت وكالة رويترز للأنباء.

ونقلت الوكالة عن «الرداد» قوله إن رؤية ترامب لمسألة التهديد الإيرانى تقوم على الأرجح على عدة سيناريوهات من أبرزها سيناريو الضغط والتصعيد عبر عقوبات اقتصادية واسعة تشل الاقتصاد الإيرانى المنهك أصلًا، وربما تصل لمستوى ضربات عسكرية لإيران والمزيد من الدعم لإسرائيل للقضاء على وكلاء إيران فى العراق ولبنان واليمن، وأن السيناريو الثانى هو التوصل لصفقة شاملة مع إيران.

ويبدو أن الفريق الإصلاحى بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان جاهز لإنفاذها لإنقاذ بلاده، بلا ميليشيات ولا حرس ثورى ولا وحدة للساحات (أو وحدة الجبهات ومحور المقاومة)، لكن هذا السيناريو سيبقى رهنًا بمخرجات الصراع بين التيارين الإصلاحى والمتشدد داخل طهران، التى أبدت أملًا فى تبنى الإدارة الأمريكية تحت قيادة ترامب نهجًا جديدًا فى العلاقات المشتركة بين البلدين.

وفقًا لما قاله المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائى، إن بلاده تأمل فى أن تتبنى الحكومة الأمريكية الجديدة نهجًا «واقعيًا» تجاه طهران، وأن تكون سياسات الحكومة الأمريكية واقعية ومبنية على احترام مصالح دول المنطقة، بما فى ذلك الأمة الإيرانية.

مقالات مشابهة

  • وثائقي.. السابع من اكتوبر كان استباقاً لحرب إسرائيلية مدمرة على القطاع  
  • ترامب وملفات الشرق الأوسط المتشابكة
  • متخصص في الشأن العسكري: إيران أكثر الخاسرين من تغيرات الشرق الأوسط عكس إسرائيل
  • هل تقرب "سياسة ترامب الانعزالية" الصين من دول العالم؟
  • شخصيات لـ”الثورة”: الانتصار التاريخي ثمرة صمود المحور المقاوم
  • ترامب يعيّن ممثله الخاص في الشرق الأوسط مسؤولاً عن ملف إيران
  • بعد تنصيبه | ملفات كثيرة منتظرة بعد فوز ترامب .. ما مصيرها؟
  • لا سلام فى الشرق الأوسط بعيدًا عن مصر
  • أحمق ساهم بتفجير الشرق الأوسط.. ترامب يشعل ضجة بقرار وقف حماية جون بولتون رغم تهديدات إيران
  • ما خسرته إيران ربحه العرب