صنعاء : تقرير: يحيى جارالله

كثيرة هي النتائج الاقتصادية المهمة التي يمكن أن تحققها حملة المقاطعة الشاملة للمنتجات والشركات الأمريكية والبريطانية وغيرها الداعمة للكيان الصهيوني، إلا أن الأثر الايجابي الأهم والمباشر يتمثل في تشجيع المنتجات والصناعات المحلية وتعزيز جودتها وقدرتها على المنافسة.

فعلى المدى القصير ساعدت حملة المقاطعة في الحد من الاستيراد الخارجي للكثير من المنتجات والسلع بعد إلغاء الوكالات والعلامات التجارية للشركات الأمريكية والشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وما تعرضت له منتجاتها من كساد في الأسواق المحلية.

ساهمت الحملة إلى حد ما في إنعاش التصنيع المحلي وتشجيع الشركات الوطنية على التنافس في تحسين مستوى الجودة والمواصفات والمعايير الصحية لتحظى بالثقة والقبول من قبل المستهلكين وبالتالي تشكل بديلا للكثير من مثيلاتها من المواد الغذائية المستوردة.

وفي حال تحولت تلك المقاطعة إلى ثقافة وسلوك مجتمعي على نطاق واسع فإن ذلك سيترتب عليه الاعتماد التدريجي على المنتجات المحلية التي باتت الكثير منها بالفعل تقدم حلولا وبدائل مناسبة لمثيلاتها من المواد الغذائية المقاطعة والمستوردة لا سيما المرطبات والأدوية وغيرها من الأغذية المصنعة محليا.

حققت الحملة حتى الآن نجاحا لابأس به وإن كانت ما تزال في بدايتها، وذلك من خلال إتاحة الفرصة أمام رؤوس الأموال المحلية للاستثمار والتصنيع والإنتاج، إلا أن استمرار المقاطعة على المدى الطويل سيكون له نتائج ومردودات أكبر على كافة المستويات الاقتصادية.

وبهذا الصدد يشير العديد من رجال المال والأعمال ومالكي الشركات والمصانع الوطنية إلى أن حملة المقاطعة حققت الكثير من النتائج الملموسة وساهمت في تشجيع الاستثمار المحلي، وتحفيز القطاع الخاص على التوجه لفتح مشاريع استثمارية جديدة في الإنتاج والتصنيع المحلي بدلا من اقتصار أعمالهم على التجارة والاستيراد.

ويؤكد خبراء الاقتصاد بأن هذا النوع من الاستثمار سيكون له نتائج ومردود اقتصادي كبير ومهم على المستوى الوطني، وبالإمكان أن يحدث تحولا مهما في اقتصاد البلد الذي ظل منذ عقود يعتمد على الاستيراد لتغطية 90 بالمائة من احتياجاته، خصوصا إذا ما حظي بالدعم والتشجيع والمتابعة وقدمت له التسهيلات اللازمة من الجهات المختصة.

ومما يعزز فرص نجاح هذه الخطوة هو أنها تنسجم مع التوجه العام للدولة ابتداء من القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى والحكومة الهادف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال التوسع في الإنتاج الزراعي لمختلف المحاصيل وعلى رأسها الحبوب، إلى جانب تشجيع الصناعات والمنتجات المحلية وتحفيز القطاع الخاص ورؤوس الأموال المحلية على التوجه للاستثمار في المجال الصناعي بالاستفادة من الفرص والمقومات والمزايا الاستثمارية المتاحة.

تشمل الخطط والاستراتيجيات الحكومية أيضا النهوض بالإنتاج والتصنيع المحلي في العديد من المجالات وصولا إلى منتجات ذات جودة ومواصفات عالية وذات قدرة منافسة محليا وخارجيا بحيث تشكل بديلا للسلع المستوردة التي تكلف البلد سنويا مبالغ ضخمة من العملة الصعبة، وصولا إلى تصدير السلع والمنتجات المحلية إلى الأسواق الخارجية كون ذلك من أهم الخطوات للنهوض باقتصاد أي بلد.

ومن أهم الإجراءات التي تبنتها الدولة في الأعوام الثلاثة الأخيرة لتشجيع الإنتاج والتصنيع المحلي إصدار قرارات لإعفاء مدخلات إنتاج وصناعة الأدوية والطاقة المتجددة من الرسوم الضريبية والجمركية، إلى جانب تفعيل نظام النافذة الواحدة لقانون الاستثمار بما يسهم في تذليل أي صعوبات أمام المستثمرين ويسهل إنجاز المعاملات والإجراءات المتعلقة بالاستثمار.

وبطبيعة الحال فإن الوصول إلى مرحلة التصدير للمنتجات الوطنية تسبقها الكثير من الجهود والعمل الدؤوب وتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والتي لا تقتصر على دعم وتشجيع رأس المال المحلي نحو المزيد من الاستثمارات، بل تشمل أيضا الرقابة على الجودة والمواصفات والتركيز على تطوير المنتجات وفق أسس المنافسة وليس جني الأرباح، باعتبار أن الربح سيأتي لاحقا وبشكل أكبر بكثير بعد أن تلقى تلك السلع والمنتجات رواجا خارجيا على نطاق واسع.

وكانت حكومة تصريف الأعمال تبنت إجراءات مدروسة للمقاطعة الاقتصادية لمنتجات البلدان والشركات المعادية للأمة والداعمة للكيان الصهيوني، شملت الإعلان عن أسماء السلع والمنتجات المطلوب والواجب مقاطعتها وتكثيف حملات التوعية الميدانية في أوساط المجتمع والأسواق والمحلات التجارية للتعريف بتلك المنتجات وأهمية سلاح المقاطعة لإنهاك العدو اقتصاديا.

وأصدرت وزارة الصناعة والتجارة تبعا لذلك قرارات مهمة تضمنت حظر منتجات الشركات الأمريكية وغيرها من الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وكذا شطب كافة الوكالات والعلامات التجارية التي شملت عشرات الشركات في مجالات الأغذية والمشروبات والمعدات والسيارات وأدوات التجميل والمنظفات وغيرها.

وامتدادا لذلك تم تشكيل فريق مشترك من وزارة الصناعة ومصلحة الجمارك وغرف الصناعة والتجارة والقطاع الخاص وغيرها من الجهات ذات العلاقة لمتابعة عملية المقاطعة، ومدى الالتزام بتطبيق قرار نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال للشؤون الاقتصادية الذي أمهل الموردین ثلاثة أشهر لإنهاء أي تعاقدات مع الشركات الخاضعة للمقاطعة، والحيلولة دون دخول أي منتجات أو أصناف للوكالات والعلامات التجارية الداعمة للكيان الصهيوني، كما يشمل التنسيق الجوانب المتصلة بتوفير السلع والمنتجات البديلة.

يتميز الشعب اليمني عن غيره من شعوب العالم بما يحمله من وعي وهوية إيمانية وقيم وانتماء أصيل ومتجذر للعروبة والإسلام، والذي كان له عظيم الأثر في ذلك التجاوب الشعبي مع حملة المقاطعة من كل فئات وشرائح المجتمع بمن فيهم التجار وأصحاب الوكالات التجارية الذين غلبوا المصلحة العامة على غيرها من المكاسب باعتبار ذلك أقل واجب ديني وأخلاقي وإنساني لنصرة الشعب الفلسطيني في مواجهة أعداء الإنسانية الصهاينة.

وعليه فقد أصبح الجميع يعون ويدركون جيدا أن شراء واستهلاك منتجات الشركات الأمريكية والغربية الداعمة للكيان الصهيوني يعني مساعدة الأعداء بل ومشاركتهم في قتل وإبادة المسلمين سواء في فلسطين واليمن أو غيرهما من البلدان المعتدى عليها من قبل قوى الشر والطغيان والإجرام بقيادة أمريكا.

يعتبر سلاح المقاطعة لمنتجات الأعداء خطوة هامة وفاعلة ولها تأثير قوي على الأعداء وفي المقدمة أمريكا وإسرائيل، لاسيما إذا توحدت واجتمعت شعوب الأمة العربية والإسلامية في هذا الموقف الكفيل بكسر شوكة تلك الدول التي تقتل المسلمين وتسيء لمقدساتهم بشكل مستمر، وتستغلهم في نفس الوقت لتسويق منتجاتها ليظلوا مجرد مستهلكين تابعين لا يمتلكون أي قرار.

بات غالبية اليمنيين على قناعة بأن المقاطعة للمنتجات الداعمة للكيان الصهيوني سيكون لها نتائج كارثية على دول الاستكبار وستسهم بشكل تدريجي على إنهاكها اقتصاديا وبالتالي كبح طموحاتها في الهيمنة والسيطرة على الشعوب وممارسة الاستغلال والظلم بحقها، في حين ستكون السلع والمنتجات المحلية والاقتصاد الوطني المستفيد الأول من ذلك.

وقياسا بما تحقق لليمن خلال السنوات الأخيرة من نجاحات وإنجازات متسارعة في الإنتاج والتصنيع الحربي لمختلف الأسلحة من الخفيفة وحتى الاستراتيجية، فإن النهوض ببقية الصناعات الوطنية لن يكون مستحيلا في ظل توفر الإرادة والعزم لدى قيادة البلد الحرة وما تحظى به رؤى وتوجهات القيادة من تأييد والتفاف شعبي واسع والذي من شأنه التغلب على كل الصعاب والتحديات وتحقيق كل الغايات.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: الداعمة للکیان الصهیونی المنتجات المحلیة السلع والمنتجات حملة المقاطعة

إقرأ أيضاً:

الرئيس التنفيذي لستاربكس يقر بقسوة المقاطعة

أكد الرئيس التنفيذي لشركة ستاربكس، براين نيكول، أن حملة المقاطعة التي واجهتها الشركة العام الماضي في منطقة الشرق الأوسط كان لها أثر كبير على حركة المبيعات وإيرادات الشركة.

وكانت هذه المقاطعة انطلقت في أعقاب اتهامات واسعة للشركة بدعمها لإسرائيل التي تشن حربا مدمرة في قطاع غزة، وهو ما وصفه نيكول بأنه "غير دقيق وغير صحيح".

وفي مقابلة مع بلومبيرغ، صرح نيكول قائلاً: "لم ندعم أية عمليات عسكرية على الإطلاق"، مضيفا أن التأثير السلبي لحملات المقاطعة لم يقتصر على الشرق الأوسط فحسب، بل امتد ليؤثر أيضا على الأعمال في الولايات المتحدة.

يُذكر أن شركة الشايع، الشريك المحلي لستاربكس في المنطقة، اضطرت العام الماضي لتسريح حوالي 2000 موظف بسبب ما وصفته بـ"ظروف السوق الصعبة".

خلفية حملات المقاطعة

وتعود جذور حملة المقاطعة إلى اتهامات موجهة ضد ستاربكس بدعم إسرائيل وعدم اتخاذ موقف ضاغط عليها خلال حربها الوحشية في غزة.

هذه الحملة لاقت دعمًا واسعًا من المستهلكين في المنطقة، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في المبيعات وحركة العملاء داخل المتاجر.

ورغم محاولات الشركة للرد على هذه الاتهامات، إلا أن الآثار السلبية كانت واضحة على الأداء المالي والإداري.

إعلان

 

تحديات أمام ستاربكس

وأقر نيكول بأن ستاربكس تواجه تحديات متعددة، أبرزها خسائر المبيعات في المنطقة، إلى جانب مشاكل أخرى مثل طول فترات الانتظار في المتاجر وارتفاع الأسعار الذي دفع بعض المستهلكين إلى تقليص مشترياتهم.

ورغم الخطط الطموحة لفتح 500 متجر جديد وإضافة 5000 وظيفة خلال السنوات الخمس القادمة -حسب نيكول- فإن التحديات الحالية تضع الشركة في موقف صعب بحسب بلومبيرغ.

وكانت سلسلة متاجر القهوة الأميركية قد كشفت عن تراجع مبيعاتها 7% خلال الفترة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام الأسبق، في ظل حملات المقاطعة.

وأصدرت "ستاربكس" بياناتها المالية للربع الأخير من العام المنصرم، والذي يبدأ مطلع يوليو/تموز وينتهي في 29 سبتمبر/أيلول وفقا لتقويمها الخاص.

وتراجعت أرباح شركة المقاهي إلى 909.3 ملايين دولار في ربعها الأخير من 1.21 مليار محققة في الربع المقابل من السنة التي سبقتها.

وانخفضت مبيعات متاجر ستاربكس في أميركا الشمالية والولايات المتحدة 6%، في حين تراجعت في الأسواق الدولية بنسبة 9% العام الماضي.

وشهدت مبيعات شركة المقاهي في الصين انخفاضا بنسبة 14% وفقا للبيانات نفسها.

ستاربكس كشفت عن تراجع مبيعاتها 7% خلال الفترة بين يوليو وسبتمبر 2024 مقارنة بالمقابل من العام الأسبق (الجزيرة)

وبلغت إيرادات ستاربكس في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول 2024 نحو 9.1 مليارات دولار، مسجلة انخفاضا سنويا بنسبة 3.2%.

كما انخفض ربح الشركة لكل سهم بنسبة 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ليصل إلى 80 سنتا، وتراجعت إيرادات الشركة وأرباحها إلى ما دون توقعات السوق.

خطط مستقبلية وسط أزمات

ويحاول نيكول إعادة توجيه استراتيجيات ستاربكس نحو الأسواق الدولية مثل الصين والشرق الأوسط لتعويض الخسائر، مشددًا على أن خطط الشركة المستقبلية تتضمن مراجعة شاملة لهيكل الأعمال وتقليل التعقيد الإداري.

إعلان

ولكن مع هذه التحديات، يبقى السؤال قائماً: هل ستتمكن ستاربكس من استعادة ثقة المستهلكين في المنطقة؟

مقالات مشابهة

  • أمل رمزى: توفير التمويل والتدريب وتعزيز الابتكار والمنافسة ضرورة لـ"الشركات الناشئة"
  • «الشيوخ» يوصي بإنشاء صندوق لدعم الشركات الناشئة وتعزيز التمويل البديل والبيئة الاستثمارية
  • 60 % من المصريين شباب.. فرصة لتطوير التعليم العالي
  • إعلام دولي: اليمن اصبح قوة استراتيجية يصعب للكيان وقف تهديداته
  • اعلام دولي: اليمن اصبح قوة استراتيجية يصعب للكيان وقف تهديداته
  • الرئيس التنفيذي لستاربكس يقر بقسوة المقاطعة
  • العدو الصهيوني يفرج عن 369 أسيرًا فلسطينيًا والمقاومة تسلم ثلاثة أسرى للكيان
  • أمين المجلس المحلي بصعدة يدشن حملة للرقابة على الأسواق
  • يوسف أثنى على مواقف روسيا الداعمة للسودان
  • قوات العدو الصهيوني تشن حملة اقتحامات واعتقالات بالضفة الغربية