سودانايل:
2024-12-23@08:17:56 GMT

بين المقاومة والاستنفار القبلي

تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT

نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط
فيصل محمد صالح

تشهد الحرب الجارية في السودان انعطافاً جديداً نحو التحول لمواجهات إثنية وعرقية واصطفاف قبلي من الجانبين، بما يهدد بمزيد من تمزق الدولة الممزقة أصلاً بفعل الحرب. وتظهر كل يوم نتائج الحشد وخطاب التعبئة الذي يتم من الجانبين على أساس تأجيج النعرات العنصرية وحشد الناس بالخطاب القبلي والجهوي، بعد أن فشل الخطاب السياسي في حشد الناس، وانتهت سريعاً أسطورة الكتائب التي تحمل أسماء عقائدية رمزية، واختفى قادتها وتواروا عن الأنظار.



كانت الوجهة القبلية في قوات الدعم السريع ظاهرة منذ بداية تأسيس هذه القوات، واستمر هذا المظهر خلال فترة الحرب. صحيح أن قوات الدعم السريع توسعت وضمّت مقاتلين من كل أنحاء السودان ومن مختلف القبائل، لكن ظلت السيطرة من خلال الرتب الكبيرة محصورة في أبناء عشيرة الماهرية، وأسرة دقلو شخصياً، إلا استثناءات قليلة لا تلغي القاعدة. ثم ازداد الأمر سوءاً مع تطور الحرب وامتدادها لمناطق كثيرة، فلجأت قوات الدعم السريع للاستنفار القبلي في دارفور وكردفان، وانضم إليها آلاف المقاتلين القبليين الذين لم يتلقوا تدريباً نظامياً ولم يكونوا ضمن قواتها، ومن الواضح أن هذه القوات لا تدفع لهم مرتبات، فاندفعوا يجمعون الغنائم من ممتلكات المواطنين ومساكنهم ومدخراتهم، أينما وجدت.

ويبدو أن خطاب التعبئة الداخلية انبنى أيضاً على توغير صدور القبائل في غرب السودان على ما يسميه البعض الوسط والشمال النيلي، فظهرت تسجيلات وفيديوهات لمقاتلين من الدعم السريع تتوعد أهل الوسط والشمال، وتحدد مناطق بالاسم، معلنين أنهم سيصلونها ولن يتركوا فيها شيئاً نافعاً.

بالمقابل، اشتعل في بعض مناطق الشمال والوسط والشرق خطاب مقابل، يقوم على الحشد والتعبئة المضادة وحشد الناس على أساس قبلي. ثم بدأت حملة ضد أبناء غرب السودان في مناطق الوسط والشمال. فشهدت مدينة ود مدني قبل يوم من دخول قوات الدعم السريع حملة نفذتها السلطات المحلية، للقبض على مئات من عمال اليومية والباعة الجائلين من أبناء غرب السودان ودمغهم بأنهم «غواصات» وجواسيس للدعم السريع. وتم ربطهم ووضعهم على شاحنات وتصويرهم وبثّ الفيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي.

عندما دخلت قوات الدعم السريع إلى ود مدني انسحبت قوات الجيش السوداني وبعض المستنفرين للقتال وأعضاء الكتائب العقائدية، من دون قتال، وعثر على عشرات من هؤلاء المقبوضين قتلى بالرصاص. تكرر حدث الاعتقال والتصنيف لأبناء مجموعات إثنية وجهوية معينة بأنهم من الأعداء المحتملين والطابور الخامس في عدة مدن في وسط وشمال السودان، وصاحب ذلك انتشار واسع لخطاب الكراهية من الجانبين في وسائل التواصل الاجتماعي.

ما حدث في مدينة الدلنج في ولاية جنوب كردفان التي تقطنها أغلبية من قبائل النوبة، مع مجموعات أخرى من قبائل البقارة، كان قاصمة الظهر، وعلامة على ما سيحدث في باقي مناطق السودان، فقد هاجمت قوات الدعم السريع منطقة هبيلا الزراعية القريبة من الدلنج، وسبّب هذا الأمر انزعاجاً لسكان المدينة التي بها حامية عسكرية. واجتمع أبناء المنطقة المنتمون للجيش وقرروا أن يتم الحشد على أساس قبلي لمواجهة الدعم السريع، فتخلصوا من بعض ضباط وجنود الجيش الذين لا ينتمون للمنطقة بالتصفية والطرد، واستدعوا مقاتلين ينتمون للقبيلة من الحركة الشعبية التي تقاتل الحكومة في جنوب كردفان، بالإضافة إلى بعض الميليشيات القبلية، بل عينوا قائداً من ضباط المعاش ليكون قائداً للمنطقة. كان منطقهم أن الجيش اعتاد على الانسحاب، كما حدث في الجنينة ونيالا والضعين ومدني، وبالتالي فإنهم لن ينتظروا انسحاب الجيش وتعريض أهلهم للخطر، لهذا قرروا أن يأخذوا المبادرة على أساس أبناء القبيلة، بغضّ النظر عن انتماءاتهم وموقفهم السياسي. وشهدت المنطقة عمليات طرد وملاحقة لأبناء القبائل الأخرى المصنفين بأنهم من قبائل البقارة العربية.

تنتشر الآن في كثير من مناطق السودان عمليات الحشد والاستنفار تحت مسمى المقاومة الشعبية، وتحتشد عمليات الحشد والتعبئة بالخطاب العقائدي الجهادي مختلطاً بالتوجهات القبلية، ويلاقي حماساً من الناس. كانت فكرة المقاومة الشعبية حماية المواطنين لمناطقهم ومنازلهم بأسلحة خفيفة إذا دخل عليهم متفلتون، في حين يتولى الجيش المواجهات الكبيرة عند هجوم قوات الدعم السريع. ولا يستطيع أحد أن ينكر حق الناس في الدفاع عن أنفسهم، فهذا حق تقره كل الشرائع والعقائد والقوانين الدولية والمحلية. لكن ما حدث في مناطق كثيرة جعل من المستنفرين المتطوعين للقتال القوة الضاربة التي سيتم الاعتماد عليها في مواجهة الدعم السريع، بأسلحة خفيفة وتدريب لا يتجاوز أياماً قليلة، بينما يغيب الجيش. ما حدث في بعض المناطق، وآخرها منطقة المعيلق بالجزيرة، أن المتطوعين الذين تم جمعهم وتسليحهم لم يستطيعوا مواجهة قوات الدعم السريع المدججة بالسلاح والقادمة على سيارات الدفع الرباعي، فقتل بعضهم، وتم أسر البقية، وعرضهم في وسائل التواصل الاجتماعي، مع رسائل تهديد وتحذير لبقية متطوعي المقاومة الشعبية.

الوضع الآن ملتهب في عدة مناطق، وتنتشر قطع السلاح بين المواطنين العاديين، وتحتشد القبائل هنا وهناك، بما ينذر بخطر ماحق يهدد كل البلاد، ما لم يدرك الحكماء والعقلاء الموقف قبل الانفلات النهائي.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع ما حدث فی على أساس

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع تستعيد السيطرة على قاعدة في دارفور

قالت قوات الدعم السريع السودانية، إنها استعادت السيطرة على قاعدة لوجستية رئيسية في شمال دارفور، الأحد، بعد يوم من استيلاء قوات منافسة متحالفة مع الجيش السوداني عليها.

وقال‭‭‭‭ ‬‬‬‬الجيش والقوات المشتركة في بيانين إنهما سيطرا، السبت، على قاعدة الزرق، التي استخدمتها قوات الدعم السريع خلال الحرب المستمرة منذ 20 شهرا ًقاعدة لوجستية لنقل الإمدادات من الحدود القريبة مع تشاد وليبيا.
وقالا إن قواتهما قتلت العشرات من جنود قوات الدعم السريع، ودمرت مركبات، واستولت على إمدادات في أثناء الاستيلاء على القاعدة.
ويقول محللون إن الحادث قد يؤجج التوتر العرقي بين القبائل العربية، التي تشكل قاعدة قوات الدعم السريع، وقبيلة الزغاوة، التي تشكل معظم القوات المشتركة.

قوات الدعم السريع..من الجنجويد إلى منافسة الجيش السوداني - موقع 24عادت قوات الدعم السريع في السودان إلى الواجهة بعد انتشارها الكثيف في الخرطوم، ومدن أخرى، مثيرة غضب الجيش، الذي حذر من منعطف خطير يهدد بحرب أهلية تعيد السودان إلى المربع الأول.

واتهمت قوات الدعم السريع مقاتلي القوات المشتركة بقتل المدنيين وحرق المنازل والمرافق العامة القريبة خلال الهجوم.


وقالت القوات المشتركة إن القاعدة "شكلت نقطة انطلاق لعمليات بربرية ضد الأبرياء" من قوات الدعم السريع، في مناطق منها الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وأحد أكثر الخطوط الأمامية نشاطا في القتال.
وأفاد تقرر للأمم المتحدة بأن ما لا يقل عن 782 مدنياً قتلوا منذ تجدد القتال في الفاشر في منتصف أبريل (نيسان)، وذلك نتيجة الهجمات "المكثفة" التي تشنها قوات الدعم السريع بالمدفعية الثقيلة والطائرات المسيرة الملغومة وضربات الجيش الجوية والمدفعية.
وقال ناشطون في تنسيقية لجان مقاومة الفاشر بولاية شمال دارفور الأحد إن أنحاء مختلفة من المدينة تعرضت لهجمات بما لا يقل عن 30 صاروخاً.
ويقول محللون إن السيطرة على المدينة ستعزز محاولة قوات الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية في بورتسودان.

مقالات مشابهة

  • ماذا تعني سيطرة الجيش على أكبر قواعد الدعم السريع بدارفور؟
  • قوات الدعم السريع السوداني يسيطر على قاعدة عسكرية شمال دارفور
  • الدعم السريع تستعيد السيطرة على قاعدة في دارفور
  • شاهد بالفيديو.. قبل سقوطها على يد الجيش والمشتركة.. حميدتي يتحدث في مقطع نادر عن أهمية قاعدة الزُرق بالنسبة لهم.. بها أكبر مركز تدريب ومقر عملياتهم العسكرية وتجمع استنفارهم القبلي
  • هل صارت الخدمات من أدوات الصراع السياسي في السودان؟
  • المبعوث الأميركي للسودان: الدعم السريع متورطة في تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية
  • في مناطق سيطرتها .. الدعم السريع تُرتب للعمل مع حكومة جديدة تضم «3» أعضاء سابقين بالمجلس السيادي
  • قوات الدعم السريع تعتزم التعاون مع حكومة جديدة وتثير مخاوف بتقسيم السودان
  • السودان يطلب من الولايات المتحدة الضغط على الإمارات بشأن الدعم السريع
  • لحج.. أبناء مديرية القبيطة يؤكدون الثبات والاستنفار لمواجهة العدو الصهيوني