البرهان امام مطب جديد بعد تشكيل لجنة افريقية لبحث مشكلة السودان
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
بقلم علاء الدين محمد ابكر
لم تمضي ساعات من رفض قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان حضور قمة دول الايقاد المنعقدة فى دولة اوغندا لبحث عدد من الملفات من بينها موضوع انهاء الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف ابريل من العام الماضي و كانت الخارجية السودانية قد اصدرت بيان اشارت فيه الي تاكيد رفض قائد الجيش الجنرال البرهان حضور قمة دولة الايقاد احتجاج علي وجود قائد الدعم السريع بالقمة الذي ارسلت له سكرتارية منظمة الايقاد دعوة رسمية مماثلة لحضور القمة بجانب كل من الجنرال البرهان و الدكتور عبد الله حمدوك والاخير يمثل الشق المدني( تقدم) الذي يطالب بايقاف الحرب واسترداد الحكم الديمقراطي في السودان
ان رفض الجنرال البرهان للعديد من المبادرات التي تهدف الي ايقاف الحرب منذ بداية الصراع يضع العديد من علامات الاستفهام فقد وقعت حادثة مشابه لما حدث في رفضه لقمة الايقاد الاخيرة حيث انه في شهر يونيو من العام الماضي قبل قمة دول منظمة الايقاد في جيبوتي اصدرت خارجية حكومة الامر الواقع برئاسة الجنرال البرهان بيان برفضها
و ذلك اعتراض منها علي رئاسة دولة كينيا لدورة انعقاد تلك القمة في ذلك الوقت بحجة انحيازها لقوات الدعم السريع علي حسب مزاعم خارجية حكومة الامر الواقع فالجنرال عبد الفتاح البرهان له العديد من المواقف الضبابية حول مسالة ايقاف الحرب في السودان فهو من جانب يرسل رسائل حماسية إلى جيشه بانه لن يقبل بأي حل سلمي وان الحرب هي سبيلهم الوحيد و في جانب اخر يطالب المجتمع الدولي بمساعدة السودان علي ايقاف الانتهكات و جاء ذلك من خلال خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة لدورة شهر سبتمبر 2023م الماضي حيث طالب باجراء تحقيق حول الجرائم التي وقعت في السودان مع مطالبته بتصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة ارهابية و بما ان ذلك غير ممكن للمجتمع الدولي من ان يتخذ قرار قاطع بذلك الشان الا بعد تقصي الحقائق علي ارض الواقع فقد تقرر تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق في السودان وبالفعل تم تشكيلها في يوم 18 ديسمبر 2023 حيث أعلن رئيس مجلس حقوق الإنسان فاكلاك باليك (الجمهورية التشيكية)، عن تعيين محمد شاندي عثمان من (تنزانيا) وجوي إيزيلو من (نيجيريا)، ومنى رشماوي من (الأردن) و(سويسرا،) كالأعضاء المستقلين الثلاثة في البعثة الدولية المستقلة المكلفة بتقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان ولكن كانت المفاجئة في رفض حكومة الامر الواقع برئاسة الجنرال البرهان لتلك اللجنة بحجة مساواتها بالدعم السريع وهنا اثبت الجنرال البرهان للعالم مرة أخرى انه يتهرب من اي خطوة تقود الي ايقاف الحرب فهو ينظر الي ان الحل الانسب لها يكون عن طريق استخدام البندقية و ليس عن طريق الحوار و لكن ذلك يضعه امام المجتمع الدولي علي انه بات يمثل عقبة أمام تحقيق السلام ومنع ايصال المساعدات الإنسانية الي العالقين في مناطق القتال في السودان و علي ضوء ذلك اتخذ الاتحاد الافريقي اول امس قرار بتشكيل لجنة لبحث سبل ايقاف الحرب في السودان وهي بمثابة الفرصة الاخيرة لمعرفة موقف الجنرال البرهان الحقيقي حول موقفه من قبول او رفض الحلول السلمية و بالمقابل نجد تصريحات الجنرال محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع تحمل ترحيب لكافة المبادرات حيث انه لم يخفي رغبته في ايقاف الحرب و قد ترجم ذلك بسلسلة من الزيارات الي عدد من العواصم الافريقية للتبشير بالسلام و حضوره الاخير في قمة منظمة الايقاد المنعقدة فى اوغندا يوكد ذلك المسعي
ويبقي السوال المهم
في ما الذي يمنع الجنرال البرهان من قبول الحلول السلمية و الانخراط في حوار مباشر مع قائد الدعم السريع خاصة وان البرهان قد صرح قبل ايام للسيد رمضان لعوامره مبعوث الامين العام للامم المتحدة للسودان علي انه ملتزم بالفترة الانتقالية في السودان اذا هذا يعني ضمنيا ان مع تسليم السلطة الي حكومة مدنية مع رجوع للعسكريين الي الثكنات العسكرية ولكن هل ذلك رهين بتحقيقه انتصار عسكري علي قوات الدعم السريع ؟ والغريب في الامر ان القوات المسلحه هي ذاتها من اشرفت سابقا علي الدعم السريع بتكوينها وتدريبها و الدعم السريع لم تكن في السابق تحسب من ضمن الحركات المسلحة المتمردة فهي ولدت من رحم القوات المسلحه كما كان يتفاخر بذلك الجنرال البرهان نفسه اذا بالتالي فان المجتمع الدولي بات ينظر الى قوات الدعم السريع علي انها جزء لايتجزأ من الجيش السوداني وان ما حدث بينهم لا يخرج عن نطاق الحرب الاهلية خاصة وان الطرفين (الجيش والدعم السريع) قد تحالفا في السابق علي الاطاحة بنظام الرئيس المعزول عمر حسن أحمد البشير الذي حكم السودان لفترة ثلاثين عاما و الذي تورط في جرائم ضد الانسانية تتعلق بالابادة الجماعية في اقليم دارفور الواقع في غرب السودان وصدرت بحقه مذكرات توقيف دولية من المحكمة الجنائية الدولية
اذا الجنرال البرهان امام خيارين اما بالتعاون مع اللجنة التي شكلها الاتحاد الافريقي بدون قيد أو شرط وذلك يعني القبول بوقف إطلاق النار والإنخراط في التفاوض او رفض اللجنة الافريقية بوضع عدد من الشروط تتضمن ابعاد الطرف الآخر ( الدعم السريع) بعدم الجلوس معها وحينها يكون الاتحاد الافريقي مجبر على اتخاذ قرار بنقل ملف السودان الي مجلس الامن الدولي باعتبار ان ما يحدث فيه يهدد الامن والسلم الدوليين وقتها سوف يجد الجنرال البرهان نفسه في موقف حرج خاصة وان الاتحاد الافريقي سبق له تجميد عضوية السودان في العام اكتوبر 2021م في اعقاب قيام البرهان بانقلاب عسكري على حكومة الثورة المدنية التي توافق عليها الشعب السوداني عقب ثورة ديسمبر 2019 م
واذا تم وضع ملف السودان امام طاولة مجلس الامن الدولي حينها تكون القرارات الصادرة بخصوص السودان ملزمة للجميع مع فرض عقوبات على الجهة التي تعرقل ايقاف الحرب وتعمل علي تعطيل الانتقال الي حكم مدني يمثل طموحات السودانيين في اقامة دولة تسودها الديمقراطية والقانون
فهل ينجح الجنرال البرهان هذه المرة في الافلات من مطب الاتحاد الافريقي؟ هذا ماسوف تجيب عليه الايام القادمة
علاء الدين محمد ابكر
????????????????????9770@????????????????????.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الاتحاد الافریقی الجنرال البرهان فی السودان ایقاف الحرب
إقرأ أيضاً:
السودان.. حرب بلا معنى
تحدثنا سابقا في هذا المكان عن السر الذي يكمن خلف غياب الأخبار التي تتناول أسماء أدبية من السودان رغم وجود أسماء أدبية لامعة مثل الطيب صالح ومحمد الفيتوري وإبراهيم إسحق وغيرهم، وتوقعت أن يكون هذا الغياب الإعلامي محصوراً فقط في الجانب الثقافي، لكن الذي يظهر جليا الآن هو أن هذا الغياب يشمل جانباً آخر لا يمكن تجاهله وخاصة في العصر التقني المجنون الذي نعيشه ونقصد بذلك الحرب المدنية الشرسة التي تدور رحاها في السودان الآن والذي ذهب ضحيتها حتى هذه اللحظة أكثر من 150000 شخص وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص والمشكلة أن القادم أسوأ من ذلك بكثير إذا لم يتحرك العالم لإيقاف هذه الحرب المدمرة.
لا يبدو أن السودان يحمل أهمية كبيرة للغرب الأبيض حيث لم تتحرّك الأمم المتحدة لإيقاف هذه الحرب ولم نر منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر والمنظمات الدولية الأخرى تتمركز في الخرطوم لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة التي يحتاجها المكلومين هناك. من الجوانب المظلمة في هذه الحرب جرائم الاعتداء الجنسي التي أصبحت بحسب تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة “منتشرة” في هذه الحرب رغم عدم وجود إحصاءات دقيقة لهذه الاعتداءات بسبب صعوبة حصرها أثناء الحرب وبسبب الخوف الذي يعتري الضحايا من التصريح بها. التعذيب والتجويع والسرقة جرائم أخرى ترتكب يوميا.
وربما يكون هذا الغياب بسبب صعوبة فهم الطبيعة الديموغرافية للسودان؛ حيث يجد البعض صعوبة في التفريق بين الطرفين بنفس الطريقة التي يميزون بها الصراع في غزة، على سبيل المثال، بين قوات الاحتلال الصهيوني الذين يمثّلون الجانب الشرير والفلسطينيين أصحاب الأرض الذين يدافعون عن أرضهم ويقاومون من احتلّها ويمثّلون الجانب المظلوم في هذه الحرب. ويزداد الأمر تعقيدا عندما يجد المتابع انقساما بين السودانيين أنفسهم إلى الدرجة التي يحملون فيها السلاح ضد بعضهم البعض. هذا بالإضافة إلى إشكالات قبلية لا تنتهي بين طرفي الصراع الذي بدأ في 2023 بين قوات الجيش السوداني النظامية التي يقودها عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي بعد اختلاف على مقاسمة السلطة بينهما. خرجت ميليشيا الدعم السريع من رحم قوات الجانجويد التي ارتكبت جرائم حرب في دارفور إبان حكم عمر البشير.
كل حزب يعتقد أنه سيكسب الحرب التي يبدو أنها ستطول. أصابع الاتهام تتجه إلى قوات الدعم السريع في ارتكاب جرائم الاغتصاب الجنسي والتعذيب والتجويع والسرقة في هذه الحرب الأمر الذي يجعل من هذه القوات الطرف الشرّير الظالم أمام العالم لأن الذي يرتكب هذه الجرائم والحماقات ضد مواطنيه لا يستحق أن يحكم أو يشارك في حكم هذا الوطن. وتتضح الأمور أكثر لدى المتابع البعيد من خارج السودان عندما يعرف حقيقة الدعم الذي يأتي من جهات خارجية تسعى لتحقيق مآربها التجارية الخاصة التي لا علاقة لها بالسودان. أما قادة الجيش النظامي فهم في ورطة لأنهم إن قدّموا التنازلات للميليشيا خسروا الوطن، وإن قاتلوها فستستمر هذه الحرب التي تؤدي إلى ذات النتيجة.
khaledalawadh @