فيلم فيراري.. سيارات سريعة وحبكة لا تستطيع مجاراتها
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
سمع الكثيرون عن سيارات "فيراري" شديدة الشهرة، ولكن لا يعرف سوى القليل منهم قصة الصراعات النفسية والعائلية والاقتصادية التي خاضها مبتدع هذه السيارات، وخلدت اسمه بصورة يتمناها الكثير من أصحاب الدماء الزرقاء والأسر المالكة.
يتناول فيلم "فيراري" (Ferrari) للمخرج "مايكل مان" قصة فترة محدودة للغاية من عمر المتسابق وصانع السيارات "إينزو فيراري"، ولكنها المفتاح الحقيقي لقراءة سيرة هذا الرجل الذي قام بدوره على الشاشة "آدم درايفر" وتشاركه البطولة "بينلوبي كروز" و"شايلين وودي".
عُرض فيلم "فيراري" أول مرة في مهرجان البندقية السينمائي، وقد تنافس خلاله على جائزة الأسد الذهبي، ورغم إعداده في الأساس للعرض على شاشة "شوتايم" و"باراماونت بلس"، حظي الفيلم بعرض سينمائي حول العالم.
بناء الشخصيات واختيار الحدثتطورت أفلام السيرة في السنوات الأخيرة بشكل واضح، فبدلا من الأعمال التي تروي قصة حياة الأبطال منذ مولدهم حتى وفاتهم، أصبحت هذه الأفلام تركز على لحظة محددة من حياة الشخصية الرئيسية، يمكن أن نطلق عليها "لحظة مركزية" يمكن عبرها قراءة شخصيته ما قبلها وبعدها.
آدم درايفر(يمين) و ومايكل مان (وسط) وباتريك ديمبسي (يسار) أبطال "فيراري" في مهرجان فينسيا السينمائي الـ80 (غيتي)يسمح هذا التكثيف لصناع الفيلم برؤية متعمقة للشخصية، أكثر من تلك السريعة التي تشبه ملخصات الكتب التي تحاول سرد كل شيء بشكل مختصر فتضطر لترك التفاصيل الصغيرة على طول الطريق خلال مسعاها، فيصبح المنتج النهائي نسخة باهتة عن عمل عظيم.
يتمثل البطل الحقيقي لفيلم "فيراري" في السيناريو الذي كتبه "تروي كيندي مارتن"، وقد اختار البدء عام 1957، بعد عام من وفاة الابن الأكبر لـ"إينزو فيراري" في عمر الـ24 إثر معاناته من مرض عضال.
يفتتح الكاتب الفيلم بتوضيح الحالة النفسية والعقلية والاقتصادية والاجتماعية للبطل، فهو أب حزين على فقد ابنه، وزوج خائن بعشيقة سرية، أنجب منها ابنا آخر يتردد في إعطائه اسمه خوفا من زوجته الأولى التي تمتلك نصف شركته، ومالك إمبراطورية سيارات توشك على الانهيار بسبب تركيزه على سيارات السباق وليس صناعة السيارات لبيعها وبالتالي عليه إيجاد شريك جديد وإقناع زوجته بالتفاوض.
وضع الفيلم في دقائقه الأولى صورة عامة لـ "إينزو فيراري" الرجل المهووس بسباقات السيارات لدرجة تبدو كل العوامل السابقة في شخصيته كما لو أنها هامش لشغفه الحقيقي الذي فقد من أجله العديد من الأصدقاء قتلتهم السيارات التي صنعها بيديه.
يعيب السيناريو من ناحية أخرى تركيزه على الشخصيات الرئيسية الثلاثة "إينزو" و"لاورا" الزوجة و"لينا" العشيقة، وإهماله باقي الشخصيات لتظهر في النهاية كما لو أنها اختصارات لبشر يجب أن يظهروا على الشاشة، أكثر من أفراد عاشوا وماتوا وأثروا في حياة "إنزو فيراري".
يتحول الفيلم في الفصل الثاني منه إلى صراع تقليدي بين أطراف مثلث الزوجة والزوج والعشيقة، ولكن ينقذه الفصل الثالث، الذي ترك هذه العلاقة جانبا، ويركز على ما اعتبرها صنّاع الفيلم أكثر لحظة حاسمة في تاريخ "إنزو فيراري"، وهي أحداث سباق "ميل ميليا" الذي يمثل الفوز به الورقة الرابحة الوحيدة التي تمكن "إينزو" من التفاوض لإنقاذ شركته، ولكن رغم فوز إحدى سياراته بالفعل إلا أن السباق انتهى بصورة دامية أدت إلى إلغاء الحدث الذي استمر في الفترة ما بين 1927 و1957.
بينلوبي كروز الأفضليحمل البوستر الإعلاني للفيلم وعنوانه اسم "فيراري" وصورة الممثل "آدم درايفر" باعتباره بطل العمل، إلا أن أفضل ما فيه كان أداء الممثلة الإسبانية "بينلوبي كروز" التي تقدم دورا معقدا لامرأة تتراوح، طوال الوقت، بين الأسى على وفاة ابنها الشاب، والغضب من زوجها لأنه لم يستطع إنقاذ الابن، ولخيانته المستمرة لأكثر من عقد.
ولا يمكن توقع ما ستقدمه "بينلوبي كروز" من مشهد لآخر، فهي تتحرك بين طبقات الشخصية بخفة وسلاسة وتمكن شديد، وتبث الحيوية في كل لقطة تظهر فيها، بينما يغيب أداء "آدم درايفر" خلف سحابة كثيفة من اللهجة الإيطالية المصطنعة للحوار المكتوب بالإنجليزية.
يقدم درايفر للمرة الثانية شخصية حقيقية تتحدث بذات اللهجة، وكانت الأولى في فيلم "بيت غوتشي" (House of Gucci) و"موريزيو غوتشي".
اختيار اللغة واللهجة بالتأكيد خطأ لا يقع على عاتقه، ولكنه بالفعل يكبل أداءه التمثيلي، ويفقده المصداقية، وهو ما يطرح سؤالا ضروريا حول السبب الذي يجعل السينما الأميركية تستخدم ممثلين أميركيين في صناعة أفلام تدور أحداثها عن أشخاص من بلاد أخرى، بينما يمكن الاستغناء عنهم بممثلين من هذه البلاد؛ خصوصا أن الفيلم معد بالأساس للعرض على شاشات المنصات التي تقدم خدمة الدبلجة والترجمة بسهولة بالغة.
ويبدو الأمر أن صناع الأفلام يعتمدون بشكل أساسي على قوة النجوم في التسويق للعمل، أو يظنون أن فيلما بلغة غير الإنجليزية سيلاقي صعوبة في التوزيع أو التلقي من المشاهد الأميركي.
ويأتي التصوير كأفضل عنصر في فيلم "فيراري" بعد أداء "بينلوبي كروز"، حيث ينقل التصوير الطابع المختلف للأقسام الأساسية الثلاثة في حياة "إينزو فيراري"، ويتنوع أسلوب التصوير في مشاهد تجربة سيارات السباق، أو السباق الرئيسي نفسه، بوضع الكاميرا في بعض الأحيان داخل السيارة نفسها، لتنقل للمشاهد السرعة والخطورة، ويعتبر أفضل مشاهد الفيلم حادث السيارة قرب النهاية الذي يمثل ذروة الفيلم من الناحية الدرامية.
آدم درايفر وبينيلوبي كروز في العرض الأول لفيلم فيراري خلال الليلة الختامية لمهرجان نيويورك السينمائي (شترستوك)وفي بداية الفيلم بمنزل "إينزو" و"لاورا"، الذي يتسم بالتقليدية ويمثل القيد في حياته، يتم تصوير "إينزو" بلقطات مقربة، ليبدو كما لو أنه حبيس قطع الأثاث الكثيرة من حوله، مع استخدام إضاءة خفيفة ومعتمة في هذه المشاهد، بينما نرى العكس في منزل "لينا" التي تم تصويرها باستخدام ضوء الشمس، وفي مساحات واسعة، تعكس إحساس "إينزو" بالراحة بصحبة هذه السيدة.
تعد أسماء "مايكل مان" و"آدم درايفر" و"بينلوبي كروز" تحفة فنية، لذلك ارتفعت آمال النقاد والمشاهدين تجاه الفيلم، الذي تمخض في النهاية عن عمل جيد، ولكن يعيبه الكثير من المشاكل التي تجعله متسابقا ضعيفا في موسم الجوائز الجاري.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
صدمة.. برج سيارات بورش ديزاين في ميامي يغرق
في تقرير مقلق من جامعة ميامي، أظهرت دراسة جديدة أن العديد من المباني الفاخرة على شاطئ ساني آيلز في ميامي، بما في ذلك برج بورش ديزاين، قد غرقت بمقدار ثلاث بوصات بين عامي 2016 و2023.
يشير العلماء إلى أن هذا الغرق قد يكون ناتجًا عن مجموعة من العوامل البيئية مثل التغيرات المناخية وارتفاع مستويات البحر.
مباني فاخرة على خط الهاويةبرج بورش ديزاين، الذي افتتح في عام 2014، يعد أحد المعالم المعمارية البارزة في ميامي، وهو أول برج سكني يحمل علامة تجارية من شركة سيارات.
ومع ذلك، لم يكن الوحيد في المنطقة؛ فقد تبعته ناطحات سحاب فاخرة من شركات مثل أستون مارتن وبنتلي ومرسيدس بنز. ولكن هذه المباني، التي كانت تمثل رمزًا للرفاهية والابتكار، قد تواجه تهديدًا بيئيًا يضع مستقبلها على المحك.
الغرق: الأسباب والآثاربينما لم تتعرض المباني لأي أضرار هيكلية حتى الآن، فإن الغرق المستمر، والذي بلغ مقداره ثلاث بوصات في مناطق مختلفة من ساني آيلز وسورفسايد، يثير القلق.
تم تحليل الصور الفضائية لقياس مدى انحدار الأرض، والتي كشفت أن العديد من المباني مثل فندق ريتز كارلتون وترامب برج لم تسلم من هذا التحدي البيئي.
وأكد العلماء أن هذا الغرق لا يشير إلى أضرار فورية ولكن يشير إلى احتمال استمرار التأثيرات السلبية في المستقبل.
التغيرات المناخية وتأثيراتها المستقبليةالارتفاع المستمر في مستويات البحر بسبب التغيرات المناخية يشكل تهديدًا متزايدًا للمنطقة.
بينما يرى بعض الخبراء أن الغرق الذي يحدث قد يكون طبيعيًا نتيجة تفاعل المباني مع التربة المحيطة بها، فإن التحذيرات تزداد بشأن تأثيرات هذه التغيرات في المستقبل، والتي قد تؤدي إلى تصدعات أكبر في البنية التحتية للمناطق الساحلية.
بالرغم من استمرار الجدل حول تأثيرات هذا الغرق، يبقى مستقبل المباني الفاخرة في ميامي على المحك في ظل الظروف البيئية الحالية.
بينما تسعى الشركات العقارية لمواكبة الابتكارات في البناء، يبقى التحدي الأكبر في كيفية التكيف مع التغيرات البيئية التي قد تؤثر بشكل كبير على التصميمات المستقبلية والمشاريع السكنية في هذه المناطق الساحلية.
تدفع هذه الأحداث العديد من المطورين والشركات الكبرى إلى إعادة التفكير في مشروعاتهم المستقبلية.
في ظل التحديات البيئية المتزايدة، قد تصبح مشاريع مثل برج بورش ديزاين نموذجًا للتحولات الكبرى في سوق العقارات الفاخرة على مستوى العالم.