قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن تنظيم النسل -الذي يعني المباعدة بين الولادات المختلفة- لا تأباه نصوص الشريعة وقواعدها؛ قياسًا على «العزل» الذي كان معمولًا به في عهد الرسول، ويجوز للزوجين كذلك أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة إلى أن تتهيَّأ لهم الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى في ظروف ملائمة لإخراج الذرية الطيبة التي تقرُّ بها أعين الأبوين، ويتقدم بها المجتمع، وتفخر بها أمة الإسلام.

تنظيم الإنجاب بصورة مؤقتة

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي مضيفًا أن بعض العلماء قديمًا لم ينظروا للعزل -الذي يشبه تنظيم النسل الآن- من منظور الفقر أو الحاجة، بل نظروا إليه من منظور تجميلي وتحسيني ورفاهية أو مراعاة لصحة الإنسان، فنجد مثلًا الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين يذهب إلى أنَّ العزل بسبب الخوف من حصول المشقة والحرج بكثرة الأولاد والتكاليف ليس منهيًّا عنه شرعًا؛ لأنه من باب النظر في العواقب والأخذ بالأسباب.

وأوضح  المفتي أن الإيمان بالقضاء والقدر لا يتعارض مطلقًا مع مسألة تنظيم النسل وهي المباعدة بين الولادات المختلفة وتنظيمها وليس المنع أو القطع المطلق للنسل والذي يرفضه الشرع الشريف ولا يجيزه إلا لضرورة قصوى تتعلق بحياة الأم.

وعن الاستشهاد ببعض النصوص الشرعيَّة المحرِّمة لقتل الأولاد من أجل الفقر والعجز عن الاكتساب؛ كما في قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ﴾ [الأنعام:151]، قال فضيلته: "إنه فهم مغلوط؛ لأن الغرض من وسائل تنظيم النسل المتنوعة هو منع تكوين الجنين أصلًا؛ فالجنين لا يتكون إذا ما تم استخدام وسيلة تنظيم النسل، وكل ذلك من قدَر الله تعالى، ولا ينطبق ذلك على التحذير من قتل الأولاد خشية الإملاق أو الفقر لأنهم لم يتكونوا بعدُ.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن هناك اتساقًا بين جميع النصوص الشرعية التي تدعو لرخاء الإنسان وتحقيق استقراره، ولا تتعارض مع التوازن بين عدد السكان وتحقيق التنمية، حتى لا تؤدي كثرة السكان إلى الفقر، كما استنبط الإمام الشافعي نحو ذلك من قوله عز وجل: {فإن خفتم ألا تعدلوا}. مؤكدًا أن تنظيم النسل بسبب الخوف من حصول المشقة والحرج بكثرة الأولاد والتكاليف ليس منهيًا عنه شرعًا؛ لأنه من باب النظر في العواقب والأخذ بالأسباب.

حكم طلب الطلاق بسبب الوسواس القهري.. الدين بيقول ايه؟ علام : على المفتي السكوت حال الضرر من جهره

ونبَّه فضيلة المفتي على خطورة الاعتقاد بضرورة التكاثر من غير قوة، مشيرًا إلى أنَّ ذلك داخل في الكثرة غير المطلوبة التي هي كغثاء السيل كما جاء في النصوص الشرعية؛ ولذا يجب فهمها في إطار متكامل وشامل كما أن تنظيم النسل لا يتعارض مع قوله صلى الله عليه وسلم: «تناكحوا تكاثروا فإني مُباهٍ بكم الأمم يوم القيامة»؛ فالحديث فيه الحض على الزواج والنهي عن العزوف عنه، ثم إن التباهي إنما يكون بالقوة والكيف الذي تتمتع به الذرية عن طريق توفير الرعاية والعناية الكافية.

وأوضح فضيلته أن دار الإفتاء المصرية استقرت في فتواها على أن تنظيم الأسرة من الأمور المشروعة والجائزة شرعًا، كما أنه يجوز شرعًا للزوجين البحث عن الوسائل الطبية لتمكينهم من الإنجاب إذا كانت هناك أسباب تمنعهم منه من الأصل، وهذه المنظومة التي نسير عليها هي رؤية متكاملة وشاملة ومتسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغنى وليس إلى الفقر، ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة.

وأما عن الإجهاض وعلاقته بتنظيم النسل فأكد مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء المصرية ترى أنه يَحرُمُ الإجهاضُ مطلقًا بعد نفخ الروح في الجنين، إلَّا لضرورةٍ شرعية؛ بأن يقرر الطبيبُ المتخصص أن بقاء الجنين في بطن أمه فيه خطرٌ على حياتها، فحينئذٍ يجوز إسقاطه؛ مراعاةً لحياة الأم وصحتها المستقرة، وتغليبًا لها على حياة الجنين غير المستقرة.

واختتم المفتي حواره قائلًا: "ولا مانع من اتِّخاذ الدولة ما تراه من وسائل وتدابير لتنظيم عملية النسل وترغيب الناس فيه؛ فإنه ليس منعًا من الإنجاب مطلقًا، فالمحظور هو المنع المطلق، وهذا ليس منه، وإنما هو طلبُ الدولة الحياةَ الكريمة لشعوبها، وحرصٌ منها على الموازنة بين المواردِ وعدد السكان الذين ينتفعون بهذه الموارد، حيث إن الوضع المعاصر تغيَّر؛ لأن الدولة أصبحت مسئولة عن توفير العديد من المهام والخدمات، ولو تُرك الأمر هكذا لأصبحت الدول في حرج شديد؛ ولذا فتنظيم النسل الآن لا يتعارض مع روح الشريعة التي تؤيد تغيُّر الفتوى بتغير الزمان والمكان تحقيقًا لمقاصد الشريعة".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتى الجمهورية الإفتاء الدكتور شوقي علام تنظيم النسل الإيمان بالقضاء والقدر تنظیم النسل إلى أن

إقرأ أيضاً:

«نجوان» تطلب الطلاق بعد طلبها إجراء عملية.. ماذا فعل الزوج بعد 20 عاما؟

وسط الحشد الذي يملأ المحكمة وقت الظهيرة، وقفت سيدة في نهاية منتصف العقد الرابع من عمرها، تنتظر دورها للمثول أمام القاضي، ويعلو وجهها مشاعر الحزن والخذلان؛ وتسأل كل من يمر بجوارها عما سيحدث معها بالداخل، وتحاول أن تخفي حزنها بابتسامة، ليتبين أنها جاءت لتخلص نفسها من الظلم الذي وقع عليها على مدار الـ20 عاما الماضية، بعد أن كشفت اللاعيب زوجها وحب حياتها على حد تعبيرها؛ ووالدته، فقررت أن تلجأ لمحكمة الأسرة وتقيم ضده دعوى طلاق لترد حق قهرتها التي تسببا فيها؛ فما القصة؟

ماذا حدث قبل 20 عاما؟

قبل 20 عاما جاء اليوم الذي انتظرته 3 سنوات، بعدما تزوجت من حبيبها الذي أوفى بوعده وخطبها بعد أن أوهمها بالحب والحياة المثالية، لتعتقد أن الحياة ضحكت لها ولم تعلم أن بعد العيش معه تحت سقف منزل واحد ستفهم أسباب عدم موافقة والدتها عليه، التي نصحتها مرارا وتكرارا بالتأني في اختيار شريك حياتها، لأنها صغيرة في السن وطباع الرجل تختلف بعد الزواج عن حالة الحب والهيام التي يعيشا بها اليوم، لكنها اعتقدت أن والدتها لا ترغب في زيجتها منه، وبدأ يلعب على عقلها ويبخ السم في حياتها وأن والدته لا تحبه، لذا عاندتها وسمعت له بحسب حديث «نجوان» لـ«الوطن».

أوهمها الزوج أن والدته ستكون والدتها بعد أن لعب في عقلها على مدار 3 سنوات بأنه سيعوضها عن أفعال عائلتها، وكان يشاركها في كل شيء، فأعتقدت أنها على دراية بكل كبيرة وصغيرة في حياته، ولم تعلم أن سيكون مصيرها طلب الطلاق «بعد حب 20 سنة استغنى عني في لحظة»، وبصوت غلب عليه البكاء، حكت نجوان تفاصيل زيجتها التي كسرت قلبها ودمرت حياتها بنفسها، بسبب أنها تحدت جميع العقبات وفعلت المستحيل حتي يجمعهما منزل واحد وساعدته كثيرا حتي يستعد للزواج وتجهيز الشقة، وخطبا لمدة أشهر قليلة، وبعد أول مشكلة بينهما كان يعايرها بتضحياتها؛ وفقا لتعبيرها.

وبعد مشكله كبيرة تغاضت عنها قرر أن يأجل الإنجاب حتى تتحسن أموره المادية، ووقتها اكتشفت بأنها حققت حلمها وتزوجت منه، وبعد فترة بدأ يعاملها بشكل سيئ وقاسٍ، وحاولت معه لمدة 9 سنوات بأن تتوقف عن أخذ موانع الحمل لكنه رفض بشكل قاطع، وحدثت مشكلات كبيرة كادت أن تصل للطلاق حتى وافق على رغبتها، لكن والدته تسببت في مشكلات عدة، وبالفعل بدأت تبحث عن حلم الإنجاب: «من يومها وأنا من دكتور للتاني، وكل واحد يقولي كلام غير التاني، وبعد فترة طلبت منه إني أعمل حقن مجهري بعد ما نصحني الدكتور عشان نخلف لكنه رفض ولما اتكلمت مع أهله رفضوا وقالوا لي إن العملية مكلفه»، وفقا لحديثها.

الزوج ووالدته دمرا حلم الأمومة

«أمه قالتلي العملية غاليه يتجوز أسهل».. حزنت نجوان عندما سمعت ردة فعل حماتها لكنها اعتقدت أنها تفتعل معها مشكلة، وعندمت اشتكت لزوجها رفض الحديث معها، فتركت المنزل على إثر تلك المنشكلة واتصلت بيه أكثر من مرة لكنها تخلى عنها، فعلمت أنه لا يرغب في إجراء عملية للإنجاب ولا يريد إنفاق أمواله في عملية غير مضمونه على الرغم من أنه هو الذي تسبب في مشكلاتها الصحية.

«من 20 سنة اتجوزت وأجبرني على عدم الإنجاب لحد ما ظروفة تتحسن، وسنة جابت سنة وهو بيجبرني على موانع الحمل، وأنا كان نفسي أخلف ومش ذنبي إن ربنا ما أنعمش عليا بالخلفة حتى بعد ما بطلت الموانع لأنها سببتلي مشكلات صحية كبيرة»، وخلال صدمتها من عدم إنجابها وتدهور حالتها الصحية صدمت أنه يجهز من زواجه من أخرى، بسبب عدم قدرتها على الإنجاب، ورغم ذلك يرفض إجرائها لعملية حقن مجهري، ووفقًا لتعبيرها وقف العالم من حولها عن الحركة وتسبب في إصابتها بجلطة مؤقتة ولم يفكر حتى في السؤال عنها.

ولم تتخيل أن الرجل الذي أحبته وأخلصت له لمدة 20 عاما، سيتخلى عنها بهذه الطريقة القاسية، وبدلا من أن يقف بجوارها ويكفر عن ذنبه زاد جرحها لتتفاجأ أنه يبحث عن عروس ليتزوج وهي على ذمته ليحقق حلم الإنجاب الذي حرمها منه، وعندما تحدثت معه برر ذلك بأنه من أجل الإنجاب، ورفض طلاقها بشكل قاطع.

واسترجعت «نجوان» لقطات من زواجها، بعدما عاشت معه بكل حب وكانت تزيف أنها سعيدة معه حتى لا تحمله فوق طاقته، وعاشت تقلباته المادية حتى أنها كانت تجعل عائلتها تنفق عليها، وكانت تكذب على الجميع بأنها أجلت فكرة الإنجاب حتى تستقر حياتهما، على حد حديثها.

زواج الزوج من أخرى ورفضه لطلاقها 

على الرغم من جرحها لكنها حاولت على مدار عامين و3 أشهر إقناعه بنسيان الماضي، وبدء صفحة جديدة معا، لكنه كان قرر أن يبدأ حياته مع شخص جديد متناسيا قصة حبهما، التي دمرت حياتها: «قولتله إني نفسي أخلف قالي ارضي باللي ربنا كاتبه ليكي وأنا مش هصرف فلوس على حاجة مش مضمونة، وإن الجواز هو الحل عشان ميدخلش نفسه في دوامة العمليات، ولما طلبت الطلاق عشان نفسي أكون أم، رفض بكل أنانية»، وفق لحديث «نجوان».

قالت الزوجة إنها جاءت بعد أن يأست من إقناع زوجها بتلبية رغبتها في أن تصبح أمًا، وزواجه من أخرى وحملها وهو لا يكترث لمشاعرها ويرفض طلاقها، فقررت الذهاب لمحكمة الأسرة بالدقي بعد زواج دام 20 عاما، لتقيم ضده دعوى حملت طلاق للضرر رقم 8644، وأرفقت في دعواها المستندات التي تثبت تضررها الجسدي والنفسي الذي تسبب فيه الزوج.

مقالات مشابهة

  • لميس الحديدي: الزيادة السكانية تلتهم معدلات التنمية
  • الصحة: هدف الإستراتيجية الوطنية للسكان كان الوصول بمعدل الإنجاب إلى 2.1% بحلول عام 2030
  • كوريا الشمالية تعلن استعدادها لاستخدام أي وسيلة دفاعية بعد وصول غواصة أمريكية إلى كوريا الجنوبية
  • الداخلية توضح بشأن إصدار اقامات مؤقتة لضباط وقادة الجيش السوري الفارين
  • مصدر دبلوماسي لـCNN: إسرائيل رفضت محاولات تسليم ملاجئ مؤقتة إلى سكان غزة
  • «نجوان» تطلب الطلاق بعد طلبها إجراء عملية.. ماذا فعل الزوج بعد 20 عاما؟
  • جهات التحقيق تستجوب متهم بغسل حصيلة تجارته بالعملة خلف أنشطة مشروعة
  • وزير الخارجية لنظيره الأمريكي: موقف مصر ثابت تجاه القضية الفلسطينية وحقوقهم مشروعة
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • اشتركا في تجارة الأسلحة.. جهات التحقيق تستجوب متهمين غسلا 100 مليون جنيه