هل يتصاعد التوتر بين إيران وباكستان؟
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
تسببت الضربات المتبادلة بين إيران وباكستان في أزمة كبيرة في العلاقات الثنائية بين البلدين وأثارت تساؤلات حول الدوافع الحقيقية الكامنة وراءها.
وشنت باكستان الخميس هجمات ضد من وصفتهم بـ"إرهابيين" داخل إيران، ردا على قصف طهران "قواعد لمسلحين"داخل الأراضي الباكستانية.
وأكد الجيش الباكستاني أنه وبناء على معلومات استخباراتية، استهدف قواعد لتنظيم جيش تحرير بلوشستان وجبهة تحرير بلوشستان داخل الأراضي الإيرانية، وهما تنظيمان متهمان بممارسة الإرهاب في باكستان.
وأضاف الجيش أنه استخدم مسيرات انتحارية، وصواريخ وأسلحة أخرى في غاراته التي تمت بدقة عالية لتفادي "الأضرار الجانبية".
وقلل مصدر سياسي إيراني رفيع المستوى من احتمال حدوث المزيد من التصعيد وحذر الجهات الفاعلة الأخرى من محاولة استغلال التوترات القائمة.
وفي معرض حديثه عن الديناميكيات الحالية، أكد مصدر رفيع المستوى ثانٍ في طهران أيضًا أن “كلا الجانبين سيبقيان الأمور تحت السيطرة. لا مزيد من التصعيد".
وقال المصدر الأول لموقع "أمواج ميديا" الإعلامي إن "وزير الخارجية [الإيراني] مستعد للسفر إلى باكستان".
وتابع "هذه مسألة ثنائية، وقد تم إصدار تحذير لأي طرف ثالث من أن يخطئ في حساباته، هذه مسألة بين إيران وباكستان وسيتم حلها في إطار علاقتنا".
ويأتي التحذير من التدخل الخارجي بشكل خاص في الوقت الذي ورد فيه أن كلاً من الصين والسعودية عرضتا بشكل منفصل التوسط بين إيران وباكستان.
التنسيق المسبق
وفي حديثه لموقع أمواج ميديا، قال مصدر إيراني ثالث مطلع إن الجيش الباكستاني تلقى إشعارًا مسبقًا بالهجوم الذي وقع في 16 يناير/كانون الثاني.
وفي هذا السياق، كتبت قناة على تليجرام، يُنظر إليها على أنها مقربة من الحرس الثوري الإيراني، الخميس "إن الهجوم على المواقع الإرهابية في باكستان تطلب التنسيق مع الحكومة الباكستانية".
وأضافت أن "هجوم باكستان اليوم يتماشى أيضًا مع الاتفاقية التي تم التوصل إليها، ونتيجة لتصميم البلدين على التعامل مع الإرهاب الحدودي وفي اتجاه إرساء الأمن المستدام على الحدود".
وأشار بعض الصحفيين الإيرانيين أيضًا إلى أن الرحلة الأخيرة التي قام بها المبعوث الرئاسي الإيراني لأفغانستان حسن كاظمي، إلى باكستان، ربما كان المقصود منها إبلاغ إسلام أباد بالهجوم الإيراني الوشيك مسبقًا.
وقالت مصادر إيرانية رفيعة المستوى، اتصلت بها أمواج ميديا للتعليق، إنها ليس لديها علم بالإخطار المسبق لباكستان. ومع ذلك فقد أعربوا عن تقبلهم لمثل هذا السيناريو.
ويبدو أن وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إيرنا" - التي يسيطر عليها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي - قد نشرت في البداية أخبارًا عن عملية 16 يناير/كانون الثاني داخل باكستان.
ومع ذلك، تراجعت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إيرنا) على الفور عن القصة دون أي تفسير، ولكن ليس قبل أن تكتشف وسائل الإعلام الأخرى القصة.
و,اعلنت وكالتي الأنباء التابعتين للحرس الثوري الإيراني، فارس وتسنيم، عن الغارة في وقت لاحق فقط.
في المقابل، أصدر الحرس الثوري الإيراني ثلاثة بيانات رسمية في تتابع سريع بعد فترة وجيزة من ضرب أهداف في العراق وسوريا في 15 يناير/كانون الثاني. علاوة على ذلك، لم يصدر حتى الآن أي إعلان رسمي من الحرس الثوري الإيراني بشأن الضربات داخل باكستان.
تهديد وشيك
ولا يتفق الجميع مع فكرة حدوث كارثة في العلاقات، وقال مصدر سياسي إيراني رفيع المستوى: "ليس لدي أي معرفة محددة عما حدث في الأيام الماضية، ولكن بناءً على حدسي النابع من خبرتي السابقة في الأمر - بما في ذلك الاتفاقيات مع باكستان - لم يكن هناك أي إخطار مسبق من طهران إلى إسلام آباد".
وأضاف المصدر أنه بينما جرت عمليات استخباراتية وأمنية إيرانية سابقًا داخل باكستان، فإن استخدام القوة العسكرية على شكل صواريخ يعد تحويلًا كبيرًا عن الماضي.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الهجوم على مواقع داخل باكستان حصل على الموافقة النهائية من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في أوائل يناير/كانون الثاني، في أعقاب حادث مميت بالقرب من الحدود مع باكستان.
وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول، هاجم جيش العدل مركزاً للشرطة في بلدة راسك، مما أسفر عن مقتل 11 ضابطاً على الأقل.
وشككت الجماعة السنية المسلحة في الرقم الرسمي للضحايا، وأصرت على مقتل وإصابة 50 من القوات الحكومية.
وبعد مرور شهر واحد فقط، في 10 يناير/كانون الثاني، قُتل ضابط شرطة آخر في "اشتباك دام ثلاث ساعات" خارج نفس المدينة.
وبشكل عام، ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن أكثر من 70 من أفراد إنفاذ القانون "استشهدوا" أثناء أداء واجبهم خلال الأشهر العشرة الماضية.
أعمال العنف المستمرة في إقليم سيستان بلوشستان، الذي يعتبر معقلاً لتهريب المخدرات من أفغانستان المجاورة فضلاً عن التشدد، تجري وسط مناخ أوسع نطاقاً من التحدي.
تهديد جديد
جيش العدل ليس الجماعة السنية المسلحة الوحيدة التي تنشط داخل إيران ذات الأغلبية الشيعية. كما نفذ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هجمات بوتيرة متزايدة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجوم على مزار شيعي كبير في مدينة شيراز، مما أسفر عن مقتل 13 شخصًا. وقُتل شخصان آخران عندما تم استهداف الضريح نفسه مرة أخرى في أغسطس/آب 2023.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أدى تفجيران انتحاريان مزدوجان إلى مقتل أكثر من 90 شخصاً في إقليم مجاور لسيستان وبلوشستان.
وسرعان ما أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الحادث، وهو الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في إيران منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.
وبعيداً عن الفشل الاستخباراتي الكبير الذي مكّن من إراقة الدماء في الثالث من يناير/كانون الثاني، هناك أسئلة أخرى لها إجابات قد تربط التفجيرات بالقرار الذي اتخذته إيران بقصف أهداف داخل باكستان.
وذكرت وزارة الاستخبارات الإيرانية أن العقل المدبر المزعوم للتفجيرين الانتحاريين هو مواطن طاجيكي دخل إيران بشكل غير قانوني في 19 ديسمبر/كانون الأول وغادر قبل يومين من الهجوم.
ومن الغريب أنه على الرغم من وصف أحد المفجرين بأنه تدرب في أفغانستان، إلا أنه لا يوجد ذكر محدد للمكان الذي أتى منه العقل المدبر المفترض أو ذهب إليه.
وأشارت وزارة الاستخبارات الإيرانية فقط إلى "الحدود الجنوبية الشرقية"، والتي يمكن أن تعني إما أفغانستان أو باكستان.
وبصرف النظر عن التوترات المتصاعدة في غرب آسيا - حيث تتورط إيران وحلفاؤها الإقليميون في مواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وربما تشعر بالحاجة إلى إظهار الردع - فإن جزءًا آخر من الصورة الأكبر هو أن العملية الإيرانية داخل باكستان تشير إلى التحول لـ"إدارة الأزمات بعد فشل "منع الأزمات".
المصدر | أمواج ميديا + الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيران باكستان ینایر کانون الثانی بین إیران وباکستان الثوری الإیرانی داخل باکستان
إقرأ أيضاً:
بعد اغتيال نصرالله وسقوط الأسد.. مفاجأة داخل إيران
نشرت مجلة "The Jewish Chronicle" تقريراً جديداً تحدثت فيه عن ظهور تصدّعات في الحرس الثوريّ الإيراني إثر سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد في سوريا يوم 8 كانون الأوّل الجاري.ويشير كاتب التقرير الذي ترجمه "لبنان24" إلى أنه تحدّث مع ضباط في الحرس الثوري والذين قالوا إن النظام الإيراني بات في ورطة كبيرة، وأضاف: "لقد بدأ خطوط الصدع تظهر داخل الحرس الثوري الإيراني في ما يتّصلُ بتعامله مع سوريا التي انهار نظامها. إن المتطرفين الأصغر سناً في إيران يشعرون بالغضب إزاء ما يرونه تخلياً من طهران عن سوريا".
وذكر التقرير أن "الحرس الثوري الإيراني يشهد انقسامات، ما يتسبب بمشاكل كبرى للمرشد الأعلى الإيراني آية الله على خامنئي"، ويتابع: "لقد تجاهل الغرب ردود الفعل العنيفة داخل الحرس الثوري الإيراني إزاء تعامل كبار القادة مع سوريا. مع ذلك، فإنَّ ما يتبين هو أنَّ هناك أزمة داخلية تلوح في الأفق داخل الحرس الثوري الإيراني".
ويقول التقرير أيضاً إنه خلال السنوات الأخيرة، اتسعت الانقسامات بين القادة الأكبر سناً والمحافظين في الحرس الثوري الإيراني وصفوفه الأصغر سناً والمتطرفة، وأردف: "كانت الطبقة الأوليغارشية الأكبر سناً تمارس عادة نفوذاً أكبر على خامنئي، لكن الأمور تتغير. بدأ الانقسام بين الأجيال يسخن بعد مقتل القادة المتعاقبين من الحرس الثوري الإيراني وشبكته من الجماعات الموالية له - بما في ذلك حزب الله وحماس - على يد إسرائيل. لقد دفع هذا الأمر الأجيال الأصغر سناً في الحرس الثوري إلى التشكيك في كفاءة والتزام كبارهم الإيديولوجي".
التقرير أشار إلى أنَّ اغتيال أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله أدى إلى قيام المتطرفين الأصغر سناً بمهاجمة كبار القادة في الحرس الثوري الإيراني علانية واتهامهم بالفساد وحتى التواطؤ مع الموساد الإسرائيلي، وأضاف: "كذلك، لقد كانت حسابات خامنئي للهجوم الصاروخي الباليستي على إسرائيل في الأوّل من تشرين الأول الماضي مدفوعة جزئياً لإرضاء الجيل الأصغر سناً في الحرس الثوري".
وأكمل: "في الواقع، فإنّ الهجوم المذكور لم ينجح في تهدئة الشباب المتطرفين. ومع انهيار نظام الأسد في سوريا، اشتعل غضب الجيل الأصغر سناً في الحرس الثوري مرة أخرى تجاه قيادة الحرس، ويقول جنود منه إنهم يرون سقوط سوريا بمثابة التخلي عن الأضرحة الشيعية المقدسة ودوس دماء الشهداء".
وينقل التقرير عن أحد الجنود الإيرانيين وتحديداً من جماعة "الباسيج" قوله: "لو كان الحاج قاسم سليماني على قيد الحياة لما سمح بسقوط الأضرحة الشيعية المقدسة في أيدي التكفيريين"، وذلك في إشارة إلى فصائل المعارضة السورية.
ويوضح التقرير أن "المتطرفين الشباب في الحرس الثوري يهاجمون أيضاً النخب الأكبر سناً ضمن الهيكل العسكري في الحرس"، وأردف: "تكمن المشكلة بالنسبة لخامنئي في أنه لا يستطيع تجاهل هذه الأصوات الأصغر سناً أو استبعادها، لأن هؤلاء هم الجنود المشاة الذين ينزلون إلى الشوارع لقمع المتظاهرين المناهضين للنظام في إيران".
وتابع:" بين نخبة النظام، لا يزال هناك خوف كبير من أن يؤدي سقوط الأسد إلى حصول اضطرابات في إيران. بالنسبة لخامنئي والحرس الثوري، فإن هذا يعني أن الحفاظ على رضا المتطرفين الشباب هو أكثر أهمية، إذ لا قدرة على تحمل خسارة هذه المجموعة أو رؤيتها محبطة". المصدر: خاص "لبنان 24"