أول مؤتمر في شمالي سوريا لجذب المستثمرين
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
حلب – عقدت فعاليات مدنية واقتصادية مؤتمر الاستثمار الأول في الشمال السوري بعنوان "الاستثمار.. استقرار.. تنمية وازدهار" في مدينة الراعي شمال حلب.
وحضر المؤتمر رئيس الحكومة السورية المؤقتة المعارضة عبد الرحمن مصطفى، والرئيس التنفيذي للمنتدى السوري غسان هيتو، والمدير التنفيذي لمركز "عمران" عمار قحف، وميساء قباني نائبة رئيس منظمة "غلوبال جستس" الأميركية السورية، إضافة إلى والي كلس التركية وغيرهم.
وقال وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المعارضة عبد الحكيم المصري إن عقد مؤتمر الاستثمار تم بحضور رجال أعمال من تركيا والولايات المتحدة ودول غربية، ومعظمهم يحملون الجنسية السورية.
وأضاف، في حديث للجزيرة نت، أن لدى المستثمرين نية بإقامة مشاريع استثمارية جديدة بالمنطقة، ويريدون الاطلاع على الواقع الاستثماري بهدف الارتقاء به خصوصا أن بالمنطقة بنية تحتية ومناطق صناعية قادرة على جذبهم.
وأوضح المصري أن لديهم ما يقارب من 30 ورقة بحثية وورقة عمل حول قصص نجاح في المنطقة، مؤكدا أن هناك مخرجات سيتم تحويلها إلى المعنيين لحل العقبات ومنح الثقة للمستثمرين.
ويهدف المؤتمر -بحسب القائمين عليه- إلى إنشاء بيئة استثمارية جاذبة، وتقييم وتحليل واقع الاستثمار في الشمال السوري وتحديد متطلباته، وإنشاء حاضنات أعمال لتنمية المشاريع الصغيرة وتعزيز الروح الريادية للشباب.
كما يعمل على تعزيز الشراكات الإستراتيجية على المستويين المحلي والدولي في قطاع الاستثمار، ووضع خارطة طريق للاستثمار من منظور التنمية المستدامة.
رئيس الحكومة السورية المؤقتة المعارضة عبد الرحمن مصطفى (الجزيرة) التعاون مع تركيابدورها، قالت ميساء قباني نائبة رئيس منظمة "غلوبال جستس" للجزيرة نت "نحن عازمون على الاستثمار في موارد سوريا التي كانت مسلوبة من النظام، وقادرون على أن نُري الغرب قدرتنا على الاستثمار وتذليل العقبات في مناطقنا المحررة".
وأضافت أن "الدول ليست جمعيات خيرية، بل لديها مصالح، وعلينا أن نعمل على تحقيق مصالح سوريا وتركيا معا، وأن نتعلم نحن الشعب كيف ننهض اقتصاديا".
وتابعت "تحدثنا مع الخارجية التركية بشأن المصلحة المشتركة بين البلدين، وأن السوريين سيعودون طوعا لبلدهم عند تنمية المناطق السورية المحررة، وعندما يتوفر للسوري الحياة الكريمة وفرص العمل".
واستطردت "إنْ لم تكن لدينا حكومة قوية فلن يكون لدينا اقتصاد قوي"، معبرة عن تفاؤلها بعد زيارتها المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وبعدما رأت المنتجات السورية في المعرض.
وأشارت قباني إلى المبادرة التي أطلقتها قوى سياسية سورية وأميركية مؤخرا، وحملت عنوان "مشروع توحيد سوريا عبر سيناريو ألمانيا الغربية" من خلال النهوض بالواقع الاقتصادي في الشمال السوري.
ميساء قباني: عازمون على الاستثمار في موارد سوريا التي سلبها نظام الأسد (الجزيرة) عوائق الاستثماروتوجد معيقات عديدة تواجه الاستثمار في مناطق شمالي سوريا، أبرزها عدم وجود دولة موحدة، وتقاسم السيطرة والنفوذ بين 4 جهات هي النظام السوري وقوات سورية الديمقراطية والحكومة السورية المؤقتة وحكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام.
وحول واقعية إقامة مشاريع في الشمال السوري، يرى عبد العظيم المغربل، مساعد باحث اقتصادي في "مركز جسور للدراسات"، أن على الحكومة السورية المؤقتة تعزيز دورها في توفير الأرضية اللازمة للمشاريع من أمن وبنية تحتية وتسهيلات جمركية وتوفير المواد الأولية بجانب الضمان والتأمين المالي.
وأضاف المغربل للجزيرة نت أن توفير الأساسيات المطلوبة للمستثمرين وتكامل الجهود مع الجانب التركي يمكن أن يساعدا على إقامة عدد مقبول من المشاريع حتى وإن لم تكن هناك دولة حقيقية في المنطقة، وهذا ما يبرهن عليه حضور مستثمرين دوليين من مختلف الدول يرون بصيص أمل في إمكانية قيام مثل هذه المشاريع.
وشدد الباحث على ضرورة ضمان الأمان وإصدار تشريعات لحماية المستثمرين وتفعيل مؤسسات التأمين لحماية الممتلكات والعمل على تقديم المساعدات اللازمة وتيسير عملية التصدير وتسهيل إصدار شهادات المنشأ.
جانب من المؤتمر (الجزيرة)
ويأتي مؤتمر الاستثمار في ظل انهيار اقتصادي تشهده مناطق شمالي غربي سوريا، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، وعدم قدرة المدنيين على تأمين احتياجاتهم اليومية ضمن الحد الأدنى، وتراجع القدرة الشرائية.
وبحسب فريق "منسقو استجابة سوريا"، أصبح أغلب العائلات في المنطقة بشكل عام ونازحو المخيمات بشكل خاص غير قادرين على تأمين الحاجيات الأساسية، وفي مقدمتها مواد التغذية والتدفئة.
يذكر أن الفقر المعترف به في الشمال السوري يبلغ 9.3 ليرات تركية (الدولار يساوي نحو 29 ليرة تركية)، وحدّ الفقر المدقع نحو 7 ليرات تركية في اليوم.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي أسامة الكامل أن المشاريع الاستثمارية في الشمال تتطلب وجود الأمن التامّ، وهذا الأمر يحتاج تفاهمات دولية لأنه ليس هناك ما يمنع روسيا أو إيران أو النظام السوري من قصف مناطق سيطرة المعارضة السورية في أي وقت، مما يتسبّب بتهديد ديمومة هذه المشاريع.
وأضاف، في حديث للجزيرة نت، أن التصدير ووجود سوق لتصريف المنتجات من الركائز الأساسية في بناء مشاريع استثمارية، وخصوصا أن الشمال السوري تحيط به مناطق سيطرة لجهات مختلفة.
ولفت إلى أن سوق ريف حلب الشمالي لا يحتمل كمية كبيرة من المشاريع لتصريفها إلا إذا تم شحن بضائع هذه المشاريع عبر تركيا نحو دول العالم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی الشمال السوری الاستثمار فی للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد السوري بين الواقع والمستقبل
جاء يوم الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024م ليسجل في التاريخ واقعا لم يكن أحد له القدرة على التنبؤ به، حيث انهار نظام حكم عائلة الأسد في عدة أيام، هذا النظام الذي حكم سوريا بالحديد والنار والظلم والطغيان والطائفية لأكثر من 53 عاما، وإن كان ذلك نتاجا حقيقيا وثمرة من ثمرات طوفان الأقصى الذي له ما بعده.
وفي ظل استلام الحكومة الجديدة دولة بنيت على إدارة الفساد المنظم واستئثار القلة بالسلطة والثروة، وانهيار البنية التحتية، وأنشطة النظام الاقتصادي من زراعة وصناعة وخدمات بما في ذلك البنية التحتية الاجتماعية من صحة وتعليم، فضلا عن تدني قيمة الليرة وارتفاع نسبة التضخم ونسبة البطالة وتضاءل التجارة الخارجية ومعدل نمو الناتج المحلي، تبدو أهمية التعامل مع تلك التحديات، وهو أمر صعب ولكنه ليس مستحيلا، بل مع الإرادة الصادقة والعمل الدؤوب يصبح الصعب سهلا.
إن الإصلاح الاقتصادي في سوريا يتطلب إصلاحا سياسيا قوامه الحرية والعدل، وبهما يمكن بناء إنسان صالح واقتصاد تنموي عادل وفق خطة اقتصادية استراتيجية واضحة المعالم، مع عمل خطة أزمات سريعة لمعالجة المتطلبات الضرورية القائمة حاليا.
الإصلاح الاقتصادي في سوريا يتطلب إصلاحا سياسيا قوامه الحرية والعدل، وبهما يمكن بناء إنسان صالح واقتصاد تنموي عادل وفق خطة اقتصادية استراتيجية واضحة المعالم، مع عمل خطة أزمات سريعة لمعالجة المتطلبات الضرورية القائمة حاليا
إن قوام أي اقتصاد هو الثقة، وهذه الثقة يمكن تحقيقها في ظل نظام سياسي واقتصادي عادل، وآن لسوريا أن تتخلص من بؤر الظلم والفساد الممثلة في أصحاب القرار وكل فاسد في النظام المخلوع، وتقديم المدان منهم لمحاكمات عادلة عاجلة، كما أن سوريا تمتلك عناصر الإنتاج بصورة مميزة من موارد بشرية وموارد طبيعية ورأس مال. وتبدو أهمية دمج هذه الموارد في اقتصاد حقيقي بعيدا عن الاقتصاد الريعي وسياسية الكمباوند في المشروعات العقارية التي باتت أصلا على حساب النشاط الزراعي والصناعي في العديد من الدول العربية، مع تحسين الخدمات التعليمية والصحية.
إن الحلول العاجلة للاقتصاد السوري تتطلب خطة وإدارة أزمات تعمل بصورة سريعة على ضبط النظام النقدي وتداول الليرة بصورة تجعل البنك المركزي قادرا على التحكم فيها؛ إلى أن يتم تشغيل عجلة الإنتاج وتحقيق توازن للكتلة النقدية مقابل الكتلة الإنتاجية، ومن ثم التأسيس لنظام نقدي إسلامي يتناسب مع طبيعة المرحلة.
كما أنه من المهم في النظام المالي في تلك المرحلة الاستمرار في فرض الضرائب على أن تكون ضرائب عادلة ذات شرائح منخفضة وبصورة تصاعدية، وهو ما يزيد من حصيلتها، مع توجيه الإنفاق بصورة رشيدة لمشروعات البنية التحية وفي مقدمتها البنية التحتية الاجتماعية من تعليم وصحة. ويمكن في هذا الإطار الاستفادة من الوقف بسن قانون لتوسيع نشاطه وتحقيق الأمان للواقفين واحترام شروطهم، مما يفتح المجال لرجال الأعمال والمقتدرين على إنشاء مؤسسات وقفية توجه مصارفها إلى تلك المجالات وغيرها من احتياجات المجتمع الضرورية.
يمكن كذلك علاج مشكلة البنية التحتية المتهالكة من خلال إصدار صكوك إسلامية، مقابل حق انتفاع الجهة المصدرة للصكوك بالمشروع لمدة معينة، وبهذا لن يكلف إنشاء مثل هذه المشروعات الدولة ليرة واحدة، بل يمكن للدولة كذلك أن تحصل على جزء من إيرادات هذه المشروعات جنبا إلى جنب مع مشروعات القطاع الخاص المسند لها الأمر
ومن الأهمية كذلك إحداث تغير هيكلي في الاقتصاد السوري في الأمد المتوسط والطويل، من خلال هيكلة النشاط الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وهيكلة النشاط الصناعي للاستفادة من الموارد الطبيعية في التصنيع لتلبية متطلبات الداخل وتعزيز الصادرات للخارج، وتعزيز النشاط السياحي، وتفعيل صناعة التكنولوجيا في كافة أنشطة النظام الاقتصادي.
ومن المهم كذلك الإسراع بتفعيل التمويل الأصغر لعلاج مشكلة البطالة وتوفير متطلبات المجتمع من السلع والخدمات ودعم ميزان المدفوعات، مع تيسير سبل التسويق لمنتجات المشروعات متناهية والصغيرة، والاستعانة في ذلك بمؤسسات متخصصة في التسويق، وإسناد الدور التمويلي لمؤسسات الزكاة والوقف بالتمويل الخيري من خلال التمويل التمليكي بالزكاة والوقف أو التمويل بالقرض الحسن من الوقف، فضلا عن المصارف من خلال صيغ التمويل الإسلامية على أن يكون ذلك بربحية متواضعة تمكن من استدامة التمويل.
ويمكن كذلك علاج مشكلة البنية التحتية المتهالكة من خلال إصدار صكوك إسلامية، مقابل حق انتفاع الجهة المصدرة للصكوك بالمشروع لمدة معينة، وبهذا لن يكلف إنشاء مثل هذه المشروعات الدولة ليرة واحدة، بل يمكن للدولة كذلك أن تحصل على جزء من إيرادات هذه المشروعات جنبا إلى جنب مع مشروعات القطاع الخاص المسند لها الأمر.
وأخيرا، فإن الامتداد الجغرافي والعلاقات الجيدة بين سوريا وتركيا يمثل نقطة قوة يمكن البناء عليها من خلال الاستفادة من التجربة الاقتصادية التنموية التركية، ببناء علاقات اقتصادية استراتيجية مع تركيا، وفي الوقت نفسه الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية وفقا للمصالح المتبادلة، وكذلك الاستفادة من الكفاءات البشرية السورية والعربية والإسلامية، وهم كثر.
x.com/drdawaba