عربي21:
2024-11-15@12:49:52 GMT

استعراض إيراني بنسبة صفر مخاطر

تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT

يثير قصف إيران لمواقع في أربيل العراقية والبادية السورية، بصواريخ بالستية بعيدة المدى، السؤال عن الهدف العملاني الذي سعت طهران لتحقيقه، ما دامت هذه الأهداف تقع بالأصل ضمن حديقتها الخلفية، وتحت مرمى نيران وكلائها في العراق وسوريا؛ الذين كان بإمكانهم تنفيذ هذه الضربات وبأسلحة أقل كلفة كثيرا وتحقّق إصابات أكثر دقّة من الصواريخ القادمة من صحاري إيران عبر مسار طوله 2000 كيلومتر.



ثم ما هذا العقل العسكري الذي يفكر بضرب أهداف متحركة، فرد أو بضعة أفراد على دراجات نارية ضمن مساحات مفتوحة، بصواريخ بالستية بعيدة المدى؟ أين الهياكل التي تم استهدافها وتدميرها بهذه الصواريخ؟ وحتى في حالة أربيل، حيث تصر طهران على وجود مكاتب او مواقع للموساد الإسرائيلي، وإن كان هذا أمر غير مستبعد، لكن من يتصوّر أن الموساد بالفعل يعمل ضمن أحياء سكنية في بيئة تخترقها إيران بواسطة عملائها؟

المؤكد أن هدف إيران من وراء ضرباتها في العراق وسوريا ليس الأماكن ولا الجهات المستهدفة، وإلا فإن إيران تكون قد أهدرت عشرات ملايين الدولات، ثمن الصواريخ البالستية، على أهداف كان يمكن أن تحقّقها بطلقات بندقية. والواضح أن النظام الإيراني، الذي يشعر بحرج بالغ من شعبه، نتيجة عملية كرمان التي شكّلت اختراقا فظيعا للأمن الإيراني، أراد استعراض قوته
المؤكد أن هدف إيران من وراء ضرباتها في العراق وسوريا ليس الأماكن ولا الجهات المستهدفة، وإلا فإن إيران تكون قد أهدرت عشرات ملايين الدولات، ثمن الصواريخ البالستية، على أهداف كان يمكن أن تحقّقها بطلقات بندقية. والواضح أن النظام الإيراني، الذي يشعر بحرج بالغ من شعبه، نتيجة عملية كرمان التي شكّلت اختراقا فظيعا للأمن الإيراني، أراد استعراض قوته لطمأنه الشارع المصدوم، ولإثبات له أن لدى إيران أوراقا قوية تستطيع الدفاع بها عن نفسها، وإلا ما الحاجة لكل هذه الميزانيات الدفاعية ما لم يستطع النظام حماية مقبرة في كرمان؟

ولعل أربيل والبادية السورية تتمتعان بميزة مهمة، كونهما مناطق تتبعان دولا فيها حكومات وأنظمة يمكن وصفها بالتابعة لإيران، وبالتالي ليست ثمة مخاطر قد تترتب على طهران جراء استهدافهما، ويمكن لإيران الإعلان بالفم الملآن أنها تقف خلف هذه الإستهدافات، ويمكنها اختراع ما تشاء من الأسباب، دون توقع محاسبتها أو رد أي من الأطراف المستهدفة عليها، فلا داعش لديه صواريخ بعيدة المدى، ولا حكومة أربيل، التي تركز على التنمية والتطوير ومحاولة تحويل منطقة الحكم الذاتي في شمال العرق إلى نموذج تنموي، قد تفكر في الدخول بصراعات مع إيران.

بالحسابات الإيرانية، قد تحقّق هذه الضربات أكثر من هدف، إذ عدا عن إرضاء وتطمين الشارع الإيراني، أرادت طهران إعلام دول المنطقة وواشنطن أن لديها منظومة صاروخية متطورة وأنها تستطيع ضرب أي هدف في إسرائيل وربما في أعالي البحار (الأحمر والمتوسط)، وبالتالي فهذه الضربات هي عرض لأوراق القوّة ودفع اللاعبين الآخرين إلى إعادة حساباتهم، ليس فقط الأمريكيين والإسرائيليين، بل ودول الخليج بالتحديد التي قد تفكر في التضييق على المصالح الإيرانية في البحر الأحمر والخليج العربي عبر المشاركة في التحالفات التي تقيمها واشنطن، أو ستقيمها مستقبلا في حال تطوّر الصراع في المنطقة، وهو بالفعل في طريقه إلى سلوك مسار خطر في حال استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.

تعشق إيران الأهداف السهلة، تلك التي تضمن ألا تداعيات خطيرة لها على منظومتها الداخلية، تخوض دائما في المياه الهادئة، والغريب أنها قادرة على التوفيق بين صبرها الاستراتيجي وتهوّر وكلائها أحيانا، عبر تقديم نفسها كقوّة إقليمية يمكنها الحفاظ على السلام الإقليمي وتهديده بنفس الوقت
لقد أثبتت إيران، في مراحل صراعها مع القوى الغربية، والتي خاضتها جميعها على الأرض العربية وبالدماء العربية، أنها جريئة عندما يتعلق الأمر بأذرعها، وتذهب أحيانا الى حد اللعب على حافة الهاوية، مستخدمة استراتيجية المساند، حيث يتلقى وكلاؤها الضربات بدلا عنها، وتظهر هي بصورة الطرف الداعم ولكن الذي ليس له مونة على وكلائه، الذين يصبحون حلفاء لديهم كامل الحرية في تقرير ما يريدونه، وهذا ما ينطبق على حزب الله والحوثيين والحشد الشعبي العراقي بدرجة كبيرة.

لكن إيران تحسبها بدقة عندما يتعلق الأمر بها مباشرة، وتتلطى خلف شعار الصبر الاستراتيجي، فكم من مرّة تم استهدافها في الداخل حتى أنها في أحيان كثيرة كانت تتعمّد الصمت وعدم الإعلان، ويصعب إحصاء عدد الضربات التي تلقتها مليشياتها ومصالحها في سوريا، ولطالما توعدت بالرد في المكان والزمان المناسبين، وذلك على مدار أكثر من عقد من الزمان، وهو ما يثبت حقيقة أن وكلاء إيران أكثر قوّة من إيران نفسها، وهذه مفارقة غريبة، طالما أن ايران هي من تدرب وتسلّح وتموّل وتغرس العقيدة في وكلائها!

تعشق إيران الأهداف السهلة، تلك التي تضمن ألا تداعيات خطيرة لها على منظومتها الداخلية، تخوض دائما في المياه الهادئة، والغريب أنها قادرة على التوفيق بين صبرها الاستراتيجي وتهوّر وكلائها أحيانا، عبر تقديم نفسها كقوّة إقليمية يمكنها الحفاظ على السلام الإقليمي وتهديده بنفس الوقت.

twitter.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران العراقية سوريا العراق إيران سوريا مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

ماعدد المنازل التي بيعت في أكتوبر الماضي بتركيا؟

أعلنت هيئة الإحصاء التركية، الأربعاء، عن عدد مبيعات المنازل خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

 

وقالت الإحصاء التركية، في بيان، أن مبيعات المساكن ارتفعت في جميع أنحاء تركيا بنسبة 76.1 بالمئة في أكتوبر مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، لتصل إلى 165 ألفًا و138.

 

وأضافت أنه انخفضت مبيعات المنازل للأجانب بنسبة 16.3% في تشرين الأول/أكتوبر الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق حيث بلغت المبيعات 2122 منزلا.

مقالات مشابهة

  • دراسة طبية تكشف أكثر العوامل المؤثرة على شيخوخة الدماغ
  • الجيش الأميركي يكشف عن طراز المقاتلات التي شاركت في الضربات الأخيرة على مواقع الحوثيين
  • إيران: لا تغيير على تواجد قواتنا في سوريا
  • غروسي يصل إيران لإجراء محادثات حول البرنامج النووي الإيراني
  • جروسي يصل إيران لإجراء محادثات حول البرنامج النووي الإيراني
  • ماعدد المنازل التي بيعت في أكتوبر الماضي بتركيا؟
  • الجيش الأمريكي: تنفيذ ضربات ضد ميليشيات مدعومة من إيران في سوريا
  • ما الذي نعرفه عن المقاتلات الأمريكية التي تقصف الحوثيين لأول مرة؟
  • نتنياهو: نظام خامنئي يخشى الشعب الإيراني أكثر من إسرائيل
  • نتنياهو للشعب الإيراني: نظام خامنئي يخشاكم أكثر من إسرائيل