الجزيرة:
2025-02-24@06:41:17 GMT

جنوب أفريقيا تسترجع تاريخها النضالي

تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT

جنوب أفريقيا تسترجع تاريخها النضالي

قامت دولة جنوب أفريقيا – في 29 ديسمبر 2023 وبعد 83 يومًا من تقاعُس العالم عن القيام يإجراءات تنفيذية تردع الكيان الصهيونيّ عن ارتكاب مجازرَ منقولة على الهواء مباشرة – برفع دعوى إلى محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة ضد الإنسانية عبر قصف الفلسطينيين وتجويعهم ومنع وصول الماء والدواء إليهم.

السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا انفردت جنوب أفريقيا برفع الدعوى ضد إسرائيل؟

للإجابة عن هذا السؤال، علينا استرجاع تاريخ جنوب أفريقيا النضالي الذي أفضى لانتزاع حقوق شعبها، رغم مناصرة الغرب ذلك النظام العنصري حينها.

قواسم مشتركة

تعتبر الدعوى المرفوعة في محكمة العدل الدولية بخصوص ارتكاب جريمة إبادة جماعية  (Genocide)، استرجاعًا لقضية الفصل العنصري (الأبارتايد)، الذي عانى منه شعب جنوب أفريقيا طويلًا، وناضل من أجل تحقيق أهدافه بإلغاء هذا النظام العنصري والذي تحقق عام 1994، أي بعد 66 عامًا من فرضه عليهم.

هناك قواسم مشتركة عديدة بين نضال شعب جنوب أفريقيا والشعب الفلسطيني لعبت دورًا رئيسًا في اضطلاع جنوب أفريقيا بهذا الدور الذي سيسجله التاريخ لها:

بدأ الأبارتايد في جنوب أفريقيا عام 1948، أي بالتزامن مع احتلال فلسطين واضطهاد شعبها وتهجيره. الأبارتايد فصل عنصري مبني على العِرق واللون، كذلك إسرائيل تمارس عنصرية بغيضة من منطلق ديني باعتبارها دولةَ يهود العالم. الأبارتايد تم عبر هجرة أوروبية إلى جنوب أفريقيا، وكذلك نشأت إسرائيل عبر هجرة اليهود من كافة أرجاء العالم إلى فلسطين؛ بدعاوى دينية مزيفة وتهجير سكانها الأصليين. حقوق شعب جنوب أفريقيا الأصلي، كانت غير معترف بها، وكذلك الحال اليوم، للفلسطينيين أصحاب الأرض، فهم بلا حقوق رغم توقيع اتفاقية أوسلو التي كانت مجرد حبر على ورق. أفرزت جنوب أفريقيا قيادات تاريخية عانت الأمرّين من قمع النظام العنصري، أهمها الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا الذي سجن لمدة 27 عامًا، وكذلك أفرز النضال الفلسطيني زعماء تاريخيين؛ أمثال الزعيم ياسر عرفات الذي حُوصر في المقاطعة ومات مسمومًا فيها، وأيضًا الشهيد أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي. ثمن الحرية كلتا الحالتين العنصريتين تم نشوؤهما عبر بريطانيا، ودعم غربي بعيدًا عن حق تقرير المصير للشعوب وحقوق الإنسان والديمقراطية. إن إلغاء نظام الأبارتايد تم بعد نضال مرير دفع ثمنه شعب جنوب أفريقيا غاليًا، ولم يقدم لهم على طبق من ذهب، كذلك الفلسطينيون يناضلون حتى اليوم، وهو حقّ كفلته كافة الشرائع الدولية؛ لإنشاء دولتهم المستقلة التي سُرقت منهم، ويدفعون ثمن هذا التحرير دمًا وهجرة وتشريدًا. إسرائيل كانت داعمة أساسية لنظام الفصل العنصري، مما يجعل الوقت مناسبًا لرد الدَّين لها من قبل السلطة الحالية.

هناك أسئلة عديدة أخرى هامة يطرحها الرأي العام أيضًا:

ألم يكن العربُ والمسلمون أولى برفع الدعوى والذين يرتبطون بالفلسطينيين بأواصر القربى والعِرق والدين والتاريخ المشترك؟. لماذا تغافلت الدول- التي تتشدّق باعتناقها قيمَ الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق الشعوب بتقرير المصير- عن أن تكون هي المطالبة بذلك؟ لماذا لم نشاهد روسيا والصين وحتى دول البريكست تقوم بذلك؟ لماذا أُسست الأمم المتحدة أساسًا، أليس لحماية البشرية والإنسانية؟، ثم ألا تعتبر جرائم الإبادة والتجويع وقصف المشافي ودور العبادة تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، أم لا يعلو صوت فوق صوت الدول صاحبة حق النقض في مجلس الأمن؟! هل انقلب السحر على الساحر؟

الحقيقة أن هذه الدعوى المرفوعة إلى محكمة العدل الدولية تخيف الأنظمة الاستبدادية القمعية التي ارتكبت ولا تزال جرائم شبيهة بجرائم غزة، وفي مقدمة تلك الأنظمة نظام الأسد الذي ارتكب جرائم حرب ضد الإنسانية وغيب قسريًا مئات الآلاف من السوريين.

وكذلك هذه الدعوى غير مرحب بها من الدول العظمى التي ارتكبت جرائم مشابهة، حيث يخشى الجميع من استفادة الشعوب المظلومة والمقهورة من تسليط الضوء على هذه الجرائم وتجرؤ الدول لاحقًا على رفع مثل تلك الدعاوى، وتحوّل دعوى جنوب أفريقيا إلى قضية معيارية قابلة للمقارنة بها، ومحاكمة من يرتكب جرائم مشابهة، فهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن على ارتكابها.

ما بعد هذه الدعوى ليس كما قبلها، فالكيان الصهيوني قام على سردية مظلومية الهولوكوست المرتكبة بحقهم ما جعل الآباء المؤسسين لكيانهم الصهيوني يعتبرون التوقيع على ميثاق المحكمة يصبّ في مصلحتهم، لكن هل انقلب السحر على الساحر؟ وتحولت جرائم الإبادة التي ارتكبتها النازية بحقهم قبل عقود، إلى جعلهم كيانًا ظالمًا يرتكب أسوأ الجرائم في نظر الرأي العام العالمي، ويعادون الفلسطينيين الساميّين أيضًا، خاصة جيل الشباب  واليافعين مواليد ما بعد 2000 جيل Z !!

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

أبو الغيط: المنطقة العربية تعيش اللحظة الأخطر في تاريخها بسببب القضية الفلسطينية

أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن المنطقة العربية تعيش لحظة قد تكون الأخطر في تاريخها الحديث، لأن القضية الفلسطينية بما لها من مكانة في قلب كل عربي، تتعرض لخطة تصفية عبر تهجير الشعب بعد تخريب الأرض في غزة وابتلاعها في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

و قال أبو الغيط خلال كلمته في أعمال المؤتمر السابع البرلمان العربي ورؤساء البرلمانات العربية بالتنسيق مع الاتحاد البرلماني العربي، إن طرح الترحيل ليس جديداً من جانب قوة الاحتلال، وإن كان يحزننا أن تنضم إليه قوة عالمية كبرى، بعد أن كان محصوراً في اليمين المتطرف الإسرائيلي، مؤكدا أن هذا الطرح مرفوض عربياً ودولياً لأسباب ثلاثة: فهو غير قانوني وغير أخلاقي وغير واقعي.

و شدد أن صوتنا العربي الجماعي له أهمية استثنائية في هذه المرحلة الحاسمة، معربا عن التطلع إلى القمة التي ستُعقد في القاهرة مطلع الشهر القادم للتعبير عن هذا الموقف الجماعي، واضحاً وحاسماً، و أن تطرح بدائل عملية وواقعية، وأيضاً إنسانية وتتفق والقانون الدولي، موضحا أن تكون بدائل لإعمار غزة بوجود أهلها وبجهود أهلها وبدعم عربي ودولي.

وأعرب أبو الغيط عن التطلع لموقف برلماني عربي موحد لدعم صمود الشعب الفلسطيني، ورفض مشروع التهجير، ودعم المبادرات البديلة، والعمل على الترويج لهذه الرؤية في المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية، و أكد على ثقته في أن خطة التحرك البرلمانية العربية الموحدة، التي ينتظر صدورها عن هذا المؤتمر ستشكل ركناً مهماً داعماً للموقف العربي من هذه القضية المركزية بالنسبة لدولنا وشعوبنا.

و قال، لقد تابعنا جميعاً تصاعد الغضب لدى الرأي العام العربي خلال ستة عشر شهراً من الحرب الوحشية، حرب الإبادة والتطهير العرقي على قطاع غزة، مضيفا أن ما فعله الاحتلال بهذا الإجرام غير مسبوق، وهذا التحدي السافر لأبسط معاني الإنسانية والقانون.

و أشار إلى أن ما فعله الاحتلال أدى من حيث لا يدري إلى تعميق الرفض والكراهية لدى أجيال جديدة عبر العالم العربي ربما لم تكن تعلم الكثير عن هذا الصراع الطويل، وأنه عبر الإمعان في البطش والإجرام، يقوض إمكانيات التعايش في المستقبل، ويضرب أساس السلام والاستقرار في المنطقة، ولا شك أن البرلمانات، باعتبارها صوت الشعوب، تعكس هذه الاتجاهات من الرأي العام العربي، لكي يدرك العالم أننا لا نقبل بسلام يؤسس على منطق القوة والترهيب، وإنما وحده السلام العادل هو ما يؤسس لتعايش واستقرار مستدام.

و أكد أن الجامعة العربية لازالت تتمسك برؤية الدولتين باعتبارها الطريق الوحيد لسلام شامل في المنطقة، مشددا لا سلام ولا أمن لطرف دون آخر من دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

مقالات مشابهة

  • جنوب أفريقيا تشهد أعلى مستوى في انقطاع التيار الكهربائي
  • المليشيا الإرهابية تركب التونسية!
  • حالات الإعفاء الجوازية والوجوبية من العقوبات في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات
  • الفاخري: نرفض العقوبات الأمريكية على جنوب أفريقيا
  • أبو الغيط: المنطقة العربية تعيش اللحظة الأخطر في تاريخها بسببب القضية الفلسطينية
  • وائل رياض يعلن قائمة منتخب المحليين استعدادًا للقاء جنوب أفريقيا
  • عطاف: علينا التعامل بجدية مع التحديات التي تمنع إستقرار إفريقيا وتنميتها
  • جنوب أفريقيا تتقرب من أوروبا وسط تراجع العلاقات مع أميركا
  • الهند تؤكد تأييدها لأولويات جنوب أفريقيا فى رئاستها لمجموعة العشرين
  • وزراء خارجية مجموعة الـ20 يجتمعون في جنوب أفريقيا