الجزيرة:
2024-10-05@14:41:12 GMT

جنوب أفريقيا تسترجع تاريخها النضالي

تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT

جنوب أفريقيا تسترجع تاريخها النضالي

قامت دولة جنوب أفريقيا – في 29 ديسمبر 2023 وبعد 83 يومًا من تقاعُس العالم عن القيام يإجراءات تنفيذية تردع الكيان الصهيونيّ عن ارتكاب مجازرَ منقولة على الهواء مباشرة – برفع دعوى إلى محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة ضد الإنسانية عبر قصف الفلسطينيين وتجويعهم ومنع وصول الماء والدواء إليهم.

السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا انفردت جنوب أفريقيا برفع الدعوى ضد إسرائيل؟

للإجابة عن هذا السؤال، علينا استرجاع تاريخ جنوب أفريقيا النضالي الذي أفضى لانتزاع حقوق شعبها، رغم مناصرة الغرب ذلك النظام العنصري حينها.

قواسم مشتركة

تعتبر الدعوى المرفوعة في محكمة العدل الدولية بخصوص ارتكاب جريمة إبادة جماعية  (Genocide)، استرجاعًا لقضية الفصل العنصري (الأبارتايد)، الذي عانى منه شعب جنوب أفريقيا طويلًا، وناضل من أجل تحقيق أهدافه بإلغاء هذا النظام العنصري والذي تحقق عام 1994، أي بعد 66 عامًا من فرضه عليهم.

هناك قواسم مشتركة عديدة بين نضال شعب جنوب أفريقيا والشعب الفلسطيني لعبت دورًا رئيسًا في اضطلاع جنوب أفريقيا بهذا الدور الذي سيسجله التاريخ لها:

بدأ الأبارتايد في جنوب أفريقيا عام 1948، أي بالتزامن مع احتلال فلسطين واضطهاد شعبها وتهجيره. الأبارتايد فصل عنصري مبني على العِرق واللون، كذلك إسرائيل تمارس عنصرية بغيضة من منطلق ديني باعتبارها دولةَ يهود العالم. الأبارتايد تم عبر هجرة أوروبية إلى جنوب أفريقيا، وكذلك نشأت إسرائيل عبر هجرة اليهود من كافة أرجاء العالم إلى فلسطين؛ بدعاوى دينية مزيفة وتهجير سكانها الأصليين. حقوق شعب جنوب أفريقيا الأصلي، كانت غير معترف بها، وكذلك الحال اليوم، للفلسطينيين أصحاب الأرض، فهم بلا حقوق رغم توقيع اتفاقية أوسلو التي كانت مجرد حبر على ورق. أفرزت جنوب أفريقيا قيادات تاريخية عانت الأمرّين من قمع النظام العنصري، أهمها الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا الذي سجن لمدة 27 عامًا، وكذلك أفرز النضال الفلسطيني زعماء تاريخيين؛ أمثال الزعيم ياسر عرفات الذي حُوصر في المقاطعة ومات مسمومًا فيها، وأيضًا الشهيد أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي. ثمن الحرية كلتا الحالتين العنصريتين تم نشوؤهما عبر بريطانيا، ودعم غربي بعيدًا عن حق تقرير المصير للشعوب وحقوق الإنسان والديمقراطية. إن إلغاء نظام الأبارتايد تم بعد نضال مرير دفع ثمنه شعب جنوب أفريقيا غاليًا، ولم يقدم لهم على طبق من ذهب، كذلك الفلسطينيون يناضلون حتى اليوم، وهو حقّ كفلته كافة الشرائع الدولية؛ لإنشاء دولتهم المستقلة التي سُرقت منهم، ويدفعون ثمن هذا التحرير دمًا وهجرة وتشريدًا. إسرائيل كانت داعمة أساسية لنظام الفصل العنصري، مما يجعل الوقت مناسبًا لرد الدَّين لها من قبل السلطة الحالية.

هناك أسئلة عديدة أخرى هامة يطرحها الرأي العام أيضًا:

ألم يكن العربُ والمسلمون أولى برفع الدعوى والذين يرتبطون بالفلسطينيين بأواصر القربى والعِرق والدين والتاريخ المشترك؟. لماذا تغافلت الدول- التي تتشدّق باعتناقها قيمَ الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق الشعوب بتقرير المصير- عن أن تكون هي المطالبة بذلك؟ لماذا لم نشاهد روسيا والصين وحتى دول البريكست تقوم بذلك؟ لماذا أُسست الأمم المتحدة أساسًا، أليس لحماية البشرية والإنسانية؟، ثم ألا تعتبر جرائم الإبادة والتجويع وقصف المشافي ودور العبادة تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، أم لا يعلو صوت فوق صوت الدول صاحبة حق النقض في مجلس الأمن؟! هل انقلب السحر على الساحر؟

الحقيقة أن هذه الدعوى المرفوعة إلى محكمة العدل الدولية تخيف الأنظمة الاستبدادية القمعية التي ارتكبت ولا تزال جرائم شبيهة بجرائم غزة، وفي مقدمة تلك الأنظمة نظام الأسد الذي ارتكب جرائم حرب ضد الإنسانية وغيب قسريًا مئات الآلاف من السوريين.

وكذلك هذه الدعوى غير مرحب بها من الدول العظمى التي ارتكبت جرائم مشابهة، حيث يخشى الجميع من استفادة الشعوب المظلومة والمقهورة من تسليط الضوء على هذه الجرائم وتجرؤ الدول لاحقًا على رفع مثل تلك الدعاوى، وتحوّل دعوى جنوب أفريقيا إلى قضية معيارية قابلة للمقارنة بها، ومحاكمة من يرتكب جرائم مشابهة، فهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن على ارتكابها.

ما بعد هذه الدعوى ليس كما قبلها، فالكيان الصهيوني قام على سردية مظلومية الهولوكوست المرتكبة بحقهم ما جعل الآباء المؤسسين لكيانهم الصهيوني يعتبرون التوقيع على ميثاق المحكمة يصبّ في مصلحتهم، لكن هل انقلب السحر على الساحر؟ وتحولت جرائم الإبادة التي ارتكبتها النازية بحقهم قبل عقود، إلى جعلهم كيانًا ظالمًا يرتكب أسوأ الجرائم في نظر الرأي العام العالمي، ويعادون الفلسطينيين الساميّين أيضًا، خاصة جيل الشباب  واليافعين مواليد ما بعد 2000 جيل Z !!

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

هل يلزم حضور الزوجين أمام مكتب التسوية قبل إجراءات الطلاق؟

تُعتبر مكاتب التسوية أولى خطوات عقد الخصومة بين الأزواج في بعض النزاعات الأسرية، مثل دعاوى الخُلع، والنفقات والأجور، والاعتراض على إنذار الطاعة، وحضانة الصغير ورؤيته وضمه والانتقال به، وكذلك دعوى المتعة. ولكن، هل يلزم حضور الزوجين أمام مكتب التسوية؟

وقال المحامي محمد أيوب إن حضور الزوجين أمام مكتب التسوية ليس إلزامياً لأيٍ منهما، ولا يؤثر في سير الدعوى المرفوعة، أيًّا كان نوعها، مضيفًا أن حضور أحد الزوجين دون الآخر لا يؤثر أيضاً على إتمام إجراءات الدعوى التي سيتم مباشرتها لاحقاً بعد هذه التسوية.

رفض التسوية من الزوجين 

وأشار «أيوب» في تصريح لـ«الوطن» إلى أنه يجب قبل رفع دعاوى النفقات أو الخُلع أو القضايا المماثلة أن تلجأ الزوجة إلى مكتب التسوية، حتى لا يكون هناك عيب شكلي في الدعوى، ويُعد عدم حضور أي من الزوجين أو كليهما لمكتب التسوية رفضاً لهذه التسوية وبدء انعقاد الخصومة.

حالة وحيدة يستفيد منها الزوجين من مكتب التسوية 

وأضاف المحامي أن الهدف من التسوية هو إصلاح ذات البين بين الزوجين، بحيث يتراضيا على حلٍ وسط في القضية المرفوعة، كأن يتفق الزوجان على مبلغ محدد من النفقة الشهرية يكون الزوج ملزماً به. ويُفرغ هذا الاتفاق في صيغة رسمية مكتوبة ويذيل بالصيغة التنفيذية ليكون بمثابة حُكم وحجة على الزوجين بما ورد فيه من التزامات.

مقالات مشابهة

  • 3 مستشفيات تخرج عن الخدمة في جنوب لبنان بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل
  • صناعة السجاد وتصنيع المراكب بالبحيرة تحافظ على تاريخها
  • هل يلزم حضور الزوجين أمام مكتب التسوية قبل إجراءات الطلاق؟
  • معظمهن طفلات.. السجن مدى الحياة لمدان بـ90 جريمة اغتصاب في جنوب أفريقيا
  • حكم تاريخي بعد 90 جريمة اغتصاب على البستاني المزيف في جنوب أفريقيا
  • تكساس تقاضي تيك توك لانتهاكها لقانون خصوصية الأطفال الجديد
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • غضب بجنوب أفريقيا بعد اتهام مزارعين بقتل امرأتين ورميهما طعاما للخنازير
  • جنوب أفريقيا والجنائية تفتتحان مسار الملاحقات القضائية لإسرائيل