مطالب واسعة بحظر حزب ألماني متشدد يخطط لطرد المهاجرين
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
برلين- أيام صعبة تلك التي يواجهها حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AFD) اليميني المتشدد، والذي يوصف محليا بـ"الشعبوي"، بعد مظاهرات واسعة ضده في عدة أجزاء من ألمانيا احتجاجا على "خطط سرية" دعمها قياديون داخله، تقضي بترحيل جماعي للمهاجرين من البلاد.
وكشف تحقيق للمنظمة الاستقصائية الصحفية "كوريكتيف"، أن قياديين من هذا الحزب اجتمعوا مع شخصيات يمينية متطرفة، بعضها من النمسا، في مدينة بوتسدام الألمانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وناقشوا خطة لطرد ما يقارب مليوني مهاجر من "غير المندمجين"، بمن فيهم النظاميون، وحتى الألمان من ذوي الأصول المهاجرة.
ويأتي هذا الاجتماع مع ارتفاع أسهم قياديين من الحزب، منهم يورن هوكه، الذي رشحه الحزب لأجل المنافسة على منصب رئاسة الوزراء في ولاية تورينغن شرق البلاد، في سابقة من هذا الحزب الذي كان يتموقع في المعارضة، خصوصا أنه بات حاليا ثاني قوة سياسية في استطلاعات الرأي.
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة الدكتور كارستن كوشميدر للجزيرة نت "حزب البديل يشكل تهديدا للديمقراطية الألمانية، وقد أقرّ الدستور الألماني -بعد فترة النازيين- إمكانية حظر مثل هذه الأحزاب"، موضحا أن حظر أحزاب مماثلة لا ينتهك الديمقراطية، وأن "النظام الديمقراطي الألماني بُني بطريقة تمكنه من الدفاع عن نفسه".
برلمانيون من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني، بما فيهم جيريت هوي (في الوسط) التي حضرت اجتماع "الهجرة العكسية" (غيتي) "إعادة التهجير"وخلال الاجتماع الذي حضره النمساوي مارتن سيلنر من حركة "الهوية" المتطرفة، تمت مناقشة فكرة "إعادة التهجير"، التي يطرحها اليمينيون المتطرفون لإلزام كل من لا يتلاءم مع مفهوم الاندماج اليميني على المغادرة، واقترح سيلنر ترحيل جميع ذوي الأصول المهاجرة وكذلك من يدافعون عنهم إلى بلد في شمال إفريقيا يتم اختياره لاحقا.
واختارت جامعة ماربورغ مصطلح "إعادة التهجير" أسوأ كلمة خلال عام 2023، وقالت المتحدثة باسمها كونستانتسه شبيس إن "الغرض من الكلمة الملطفة هو إخفاء النوايا الحقيقية، التي هي الترحيل الجماعي للسكان ذوي الأصول المهاجرة، لأجل تحقيق الهيمنة الثقافية والتجانس العرقي".
من جانبها تقول فالنتينا كيفالو -خبيرة قانونية في الجماعات اليمينية- للجزيرة نت، إن "الأحزاب التي تهدف، وفقا لخططها أو سلوك مؤيديها، إلى إضعاف النظام الأساسي للبلاد، تعدّ غير دستورية بموجب الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون الأساسي". وتضيف المتحدثة ذاتها أن البرلمان ملزم سياسيا وربما حتى قانونيا بالدفع نحو إمكانية حظر أحزاب مماثلة.
ورد حزب "البديل" في بلاغ له أن الاجتماع كان خاصا، وليس حدثا يرعاه الحزب تنظيميا أو ماليا، وأن من شاركوا من الحزب في الاجتماع، حضروا بصفتهم كأفراد وليسوا متحدثين باسمه، لافتا أنه غير مسؤول عن أقوال الأعضاء في مناسبات خاصة، وأنه يرفض أن يُنسب له ما قيل في الاجتماع.
غير أن الحزب مناوئ للهجرة، ورفع عدة مرات مطالب بالحد من المهاجرين، حيث يرى أن مجيئهم لألمانيا لأجل "الاستفادة من نظامها الاجتماعي"، وهو ليس وحيدا في هذا السياق، إذ تغيّرت كذلك سياسة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي (حزب المستشارة السابقة أنجيلا ميركل)، وأضحت رئاسته الجديدة مناوئة للمهاجرين بشكل كبير.
احتجاجات ضد "خطط" الحزبوبعد نشر التحقيق، خرجت عشرات المظاهرات في عدة مدن ضد الحزب، وشارك فيها سياسيون، من ضمنهم مستشار البلاد أولاف شولتس، ووزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، ودعت للمظاهرات أحزاب ومنظمات، خصوصا منظمات "جمعة لأجل المناخ" الداعمة للبيئة، ومنظمة "جدات ضد اليمين"، وفروع لنقابات.
ورفعت المظاهرات شعارات منها المطالبة بحظر الحزب، ووقع 400 ألف شخص عريضة لحظر 3 فروع للحزب، مصنفة رسميا أنها متطرفة، وتقول العريضة التي أطلقتها حركة "كومباكت"، الناشطة في العرائض، إنه "ما دام طلب حظر الحزب سيرفض، فإنه يمكن حظر هذه الفروع المعادية للديمقراطية".
ويوضّح أستاذ العلوم السياسية كوشميدر "يمكن للمحكمة العليا أن تحظر الأحزاب التي تحاول تدمير الديمقراطية الليبرالية، ولا شك أن حزب البديل يحاول تدمير أجزاء منها"، لكنه يستدرك أنه "ليس جميع الأحزاب مؤمنة بأن الخيار الأفضل هو محاولة حظر هذا الحزب، وبالتالي، ليس من المؤكد الشروع في العملية قانونيا".
التأكيد ذاته يأتي على لسان كيفالو، إذ تقول إن هذه المحكمة وحدها من يقرر الحظر، مما يجعل العقبات كبيرة. وتستشهد الباحثة بقرار للمحكمة، لم يحظر الحزب الوطني الديمقراطي (حزب صغير محسوب على النازيين) عام 2017 رغم الدعاوى ضده، بمبرر "غياب مؤشرات نجاحه في تحقيق أهدافه غير الدستورية"، مما يصعب كثيرا إمكانية حظر حزب "البديل".
قضت محكمة أن لقب "فاشي" يتطابق مع سلوكيات القيادي في "البديل من أجل ألمانيا" يورن هوكه (غيتي) هل يصل "البديل" للحكم؟عُرف القيادي في "البديل من أجل ألمانيا" يورن هوكه بتعاطفه مع النازيين الجدد، وصنفت المخابرات الداخلية الألمانية (مكتب حماية الدستور) فرع الحزب في ولاية تورينغن -حيث يريد هوكه منصب رئيس الوزراء- منظمة يمينية متطرفة، كما قضت محكمة أن لقب "فاشي" يتطابق مع سلوكيات هوكه.
وسبق لهذا المسؤول أن هاجم المسلمين، وطالب بمنع بناء المآذن في أوروبا، لدرجة أنه قال عام 2018 "لو صعد حزبه إلى السلطة، فعلى المسلمين في تركيا أن يخافوا منه"، وصرح حينها أنه "يجب أن يُنظر إلى الإسلام كتهديد ما دام المسلمون يحبون الحرب".
ووقع 1.3 مليون شخص (لغاية الخميس) على عريضة أخرى أطلقتها "كومبكات"، تطالب بحرمان يورن هوكه من حقوقه السياسية، تطبيقا للمادة 18 من القانون الأساسي، التي تتيح حرمان كل من يسيء استخدام حرية التعبير من حقوقه السياسية.
لكن طريقة تشكيل الحكومات الألمانية على المستوى الفدرالي غالبا ما تكون ائتلافية، ولم ينجح أيّ حزب لوحده في حصد أغلبية مقاعد البرلمان بعد الحرب العالمية الثانية، كما لم تتشكل أيّ حكومة من طيف سياسي وحيد، إلّا حكومة المسيحيين المحافظين بين 1960 و1961، بينما تكرّرت حكومات الحزب الواحد في بعض الولايات خصوصا بافاريا.
ويوضّح ذلك أستاذ العلوم السياسية كوشميدر "في بعض الولايات يستطيع حزب البديل الحصول على العدد الأكبر من الأصوات، لكن من غير المتوقع أن يحصل على الأغلبية المطلقة، فلتشكيل الحكومة سيحتاج إلى أكثر من 50% من مقاعد البرلمان المحلي، ولذلك يتم الاتجاه إلى الحكومات الائتلافية".
ويضيف كوشميدر أن "الحزب يمكنه أن يشارك كعضو في الحكومات، سواء على المستوى الفدرالي أو المحلي، لكن لا يوجد أيّ حزب مستعد للقيام بذلك".
لذلك وحسب القوانين الألمانية، وبسبب رفض بقية الأحزاب التعامل معه، تظهر إمكانية وصول حزب البديل لمنصب المستشارية (رئاسة الوزراء) مستبعدة للغاية، خصوصا أنه حتى ولو فاز بأغلبية مقاعد البرلمان، سيحتاج لتصويت آخر من أعضاء البرلمان، كما يمكن لرئيس الدولة التدخل وعدم تعيينه رغم التصويت عليه داخل البرلمان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: البدیل من أجل ألمانیا حزب البدیل
إقرأ أيضاً:
كشف إسرائيلي عن أهم مطالب نتنياهو لترامب في أول قمة بينهما
مع بدء العدّ التنازلي لتنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعتزم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن يقدم له سلسلة من المطالب الحاسمة، بدءا من عودة الأسرى من غزة، إلى تعزيز القدرات العسكرية ضد إيران والحوثيين، مما زاد من الشكوك الإسرائيلية من إمكانية استجابة ترامب لهذه المطالب.
دان أركين الكاتب في مجلة يسرائيل ديفينس، توقع أن "يطلب نتنياهو عقد لقاء عاجل مع ترامب، وربما من المستحسن أن يطلب ذلك، فالاثنان يعرفان بعضهما جيدا، ولديهما لغة مشتركة، ومن المؤكد أن الأول يستعد جيدا للاجتماع بالثاني، وسيتشاور مع وزيره المقرب رون ديرمر، ووزير الحرب، ورئيس الأركان ورؤساء الأجهزة الأمنية، ثم سيصعد على متن طائرته، وفي جيبه قائمة مشتريات يأخذها في رحلته الطويلة للولايات المتحدة، وسيكون لديه الوقت لحفظ العناصر الموجودة في القائمة جيدا".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "القائمة المقترحة التي سيقدمها نتنياهو لترامب ستتكون من عدة فصول: أقسام "الطلبات العاجلة"، وأقسام سياسية تتعلق بحاضر إسرائيل ومستقبلها في مواجهة جميع جيرانها، وأقسام التسوق الفعلي والعناصر المعدات اللازمة للجيش، بعضها أكثر إلحاحا، وأخرى أقلّ".
وأشار أنه "على رأس قائمة المطالب، وبمستوى من الإلحاح لا يمكن تجاوزه، تأتي قضية المختطفين في غزة، ولن نعرف ماذا سيحدث في القضية إلا بعد يوم من أداء ترامب اليمين، لكن سيُطلب من نتنياهو ممارسة كامل قدراته التفسيرية والسياسية والدبلوماسية حتى يغادر ترامب الاجتماع به مقتنعا بما قدمه من رواية، وهو الذي يعلم أن الأخير لا يمكن التنبؤ به".
وأوضح أن "المطلب الثاني الذي سيقدمه نتنياهو لترامب يتعلق بإيران وبرنامجها النووي والحوثيين، وسيستمع الأول باهتمام لتفاصيل رأي الثاني بهذا الشأن، وهو الذي انسحب في 2015 من الاتفاق النووي، فكيف سيكون رأيه اليوم، وماذا ينوي القيام به، رغم أن نتنياهو سيشرح لترامب القدرات العملياتية لإلحاق ضرر جسيم بالمشروع النووي الإيراني، مع طلبه بمشاركة العديد من الشركاء لمواجهته، وعلى رأسهم الولايات المتحدة".
وأشار إلى أن "نتنياهو سيقدم لترامب مهمة أخرى ليست إسرائيلية فحسب، بل عالمية، وتتعلق بمهاجمة الحوثيين للسفن التجارية، وما أسفر عنه من ارتفاع أسعار البضائع في جميع أنحاء العالم، بما فيها الولايات المتحدة، فيما يقضي مئات آلاف الإسرائيليين ساعات في الملاجئ ليلا بسبب الطائرات بدون طيار والصواريخ التي يطلقها الحوثيون، صحيح أن إسرائيل قادرة على التعامل بمفردها معهم، لكن هناك خطط بعيدة المدى لضربات جوية متقدمة، وفرض حصار بحري عليهم، واغتيال قادتهم".
وأضاف أن "نتنياهو سيشرح لترامب، أن مواجهة الحوثيين مهمة عالمية، فالأسطولان الخامس والسادس موجودان في المنطقة، ويهاجمانهم، ولكن بجرعات صغيرة، ليس إلى حدّ الحسم، ولدى واشنطن مئات الطائرات المقاتلة في المنطقة، وهي قوة عسكرية هائلة يجب تعبئتها لهذه المهمة، وإزالة التهديد الحوثي، صحيح أنه يمكن للقوات الجوية الإسرائيلية مهاجمة اليمن، وقد فعلت ذلك عدة مرات، لكن بسبب بعد المسافة سيكون من الصعب عليها تنفيذ هجوم قوي متواصل يستمر عدة أيام، أما الأميركيون فلديهم مثل هذه القدرات للقضاء على التهديد".
وأكد أن "القائمة التي سيقدمها نتنياهو إلى ترامب ستشمل "مواد بقالة" حقيقية، تتمثل بعناصر من المعدات التي يحتاجها جيش الاحتلال، بعضها بشكل عاجل، خاصة طائرات بوينغ KC-46 للتزود بالوقود، حيث تقوم طائرات إعادة التزود بالوقود التابعة لشركة HA بعمل جيد في إعادة تزويد الطائرات المقاتلة بالوقود في طريقها لليمن، والعودة إليها، لكنها أصبحت قديمة".
وأضاف أنه "بانتظار طائرات بوينغ المقاتلة المتطورة من طراز F-15IA، التي تعادل الطراز الأمريكي EX الأكثر تطورا، تصل طائرات الشبح المقاتلة التابعة لشركة لوكهيد مارتن من طراز F-35 لقاعدة نيفاتيم بوتيرة محددة وبانتظام، ويتوق سلاح الجو لطائرات هليكوبتر قتالية جديدة من طراز بوينغ، وصواريخ "باتان" التي فعلت العجائب في العالم، خاصة في الحرب على غزة".
وزعم أن "سلاح الجو يحتاج لقنابل وأسلحة أساسية بعيدة المدى، تزن طنا أو طنين، ولكن تم تجميد بعض هذه الأسلحة الحيوية في عهد إدارة جو بايدن، لكن القوات الجوية ستحتاج إليها لضرب إيران، وفي ظل تصريحات ترامب عدة مرات في الأشهر الأخيرة بأنه ملتزم بصنع السلام والقضاء على الحروب، وحلمه بجائزة نوبل للسلام، فإنه سيجد لغة مشتركة مع الجزء السياسي من قائمة المشتريات، وهنا أتمنى أن يضع نتنياهو على طاولة ترامب التقدم نحو اتفاقيات مستقبلية جديدة مع العالم العربي، وبداية التقدم في القضية الفلسطينية".
وأشار أن "التطبيع مع السعودية سيكون على أجندة نتنياهو في لقائه مع ترامب، صحيح أنه يبدو اليوم خياليا، لكن الأخير يسعى للسلام، ولتحقيقه لابد من عقبات ومراحل وسطية تتعاون فيها إسرائيل والولايات المتحدة لتطوير ورعاية اتفاقيات التطبيع، لإقناع الدول العربية بالتعاون مع دولة الاحتلال، خاصة السعودية، وغني عن القول أن مثل هذه الخطوات ستتطلب من حكومة الاحتلال تقديم تنازلات كبيرة، مما سيجعل تشكيلتها الحالية ترفض مثل هذه الخطوات، وبالتالي تصعّب المضي قدما في تطبيع العلاقات مع السعودية".
وأكد ان "الطلبات الإسرائيلية أعلاه سيحضرها نتنياهو للبيت الأبيض، تجعل أمامنا مثلث مركزي ثلاثي الأطراف: الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل، ومن المقرر أن يلعب هذا المثلث دورا مركزيا في المنطقة، صحيح أن أمامنا أحزابا إسرائيلية عنيدة، ترفض التنازلات، وتحيط بحكومة الاحتلال الضغوط السياسية والدينية من الداخل والخارج، لكننا نتعامل مع رئيس أميركي يحلم بإنهاء الحروب، وإحلال الهدوء في المنطقة".