لاجئة فلسطينية تروي الخيار المستحيل لعائلتها في غزة
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
تعلّق غادة عقيل -لاجئة فلسطينية من الجيل الثالث، وحاليا أستاذة زائرة في قسم العلوم السياسية بجامعة ألبرتا في كندا- على ما وصفته بالخيار المستحيل لعائلتها، بعد إجلائهم من مخيم اللاجئين في خان يونس، إلى الجنوب من قطاع غزة، حيث أصيب منزل عائلتها بأضرار بالغة، واستشهد جراء ذلك 36 من أقاربها في قصف إسرائيلي يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي مقالها بصحيفة "غارديان" البريطانية، تقول غادة إن بقية الناجين تشبثوا بقطعة الأمان الصغيرة التي شعروا بوجودها هناك، واستمروا في العيش في المنزل على أي حال. ثم في يوم عيد الميلاد سقطت الأخبار المرعبة من السماء مكتوبة في منشورات عن توجيهات بالإخلاء.
وحسب الكاتبة، يتبادر إلى ذهنها السؤال الأزلي للفلسطينيين: "أين يمكن أن نذهب؟"، فلم يكن لدى إخوتها وعائلاتهم وقت للتفكير. وبالنسبة لهم، لحظات كهذه ليست مجرد خيار واضح بين الحياة والموت. بل هي أسوأ من ذلك، ألا وهو الاختيار بين الموت في مكان واحد، أو في مكان آخر. ويتساءلون فيما بينهم: هل سنبقى في منازلنا ونواجه الموت المحتوم معا؛ أو الرحيل والموت في مكان غريب، ربما متفرقين؟
وأشارت غادة إلى أن كثيرين شهدوا الإبادة الجماعية تتكشف أمام أعينهم، وفضلوا البقاء في بيوتهم والموت مع أسرهم. وبهذه الطريقة قد يتم مساعدتهم أو إنقاذهم. أو قد يُتعرّف إلى جثثهم. أو يُدفنون -على الأقل- ولا يُتركون للقطط والكلاب الضالة لتنهش أجسادهم.
ونبهت إلى حال إخوتها وعائلاتهم مع التوجيهات بالإخلاء، حيث جمعوا الأساسيات من البطانيات والفرش والوسائد والملابس ومستلزمات المطبخ والطعام والماء والوثائق المهمة والأشياء الثمينة، لكن الكبار اتخذوا قرارات بشأن ما يجب أخذه وما يجب تركه، وهو ما تعارض مع ما كان يرغب الأطفال في أخذه معهم، كونها أشياء ثمينة بالنسبة لهم.
بيادق في صراع إقليمي
انهمرت دموع بنات وأبناء إخوتها عندما رفض آباؤهم معظم خياراتهم. وتساءلت أمل ابنة الـ16 عاما، التي تحلم بأن تصبح طبيبة يوما ما "هل سيكون هذا آخر يوم لنا في المنزل؟ هل سنعود يوما ما؟ هل سآخذ كتبي وحقيبتي المدرسية؟" لكن لم يكن هناك وقت، أو طريقة للشرح.
وانتقلت عائلة غادة إلى بلدة المواصي، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، التي أُعلنت منطقة آمنة، ومع ذلك كان خطر المسيّرات الإسرائيلية فوق رؤوسهم طوال الطريق، مستعدة لاستهداف أي شيء يتحرك. وأصبحت الرحلة التي تبدو يسيرة وتستغرق عادة 20 دقيقة سيرا على الأقدام رحلة مروعة.
وبعد أن كانت المواصي من أجمل المناطق الشاطئية في غزة المعروفة للعائلات؛ أصبحت اليوم مسرحا لليأس وليس للترفيه. وعندما وصلت العائلة إلى هناك لم تجد ملاذا يأويها ويقيها البرد القارس. واضطروا لبناء مأوى لهم من البطانيات التي كانت معهم، وأي كمية صغيرة من البلاستيك المتناثر الذي يمكن جمعها.
فلسطينيون يبكون أقاربهم الذين استشهدوا في قصف على رفح أمس الخميس (رويترز)وتتابع غادة، أنه مع ذلك كان النوم مستحيلا في الليل من شدة البرد والظلام الحالك، والقصف المقلق، وصوت الريح، وصياح الكبار على الأطفال في الخيام المجاورة، وهو ما خلق بيئة من الضيق الدائم.
وأفاضت غادة في ذكر معاناة عائلتها حتى وقت قريب، وذكرت أن ما مرّت به هو مجرد غيض من فيض من الفظائع التي يعيشها كل يوم سكان غزة البالغ عددهم مليونان و300 ألف نسمة. وقالت "لقد أصبحنا بيادق في صراع إقليمي على السلطة".
وأشارت في ختام مقالها إلى زعم بريطانيا والولايات المتحدة بالتزامهما بالقانون الدولي في مهاجمة الحوثيين في اليمن، لكنهما لا تفعلان ما يكفي لدعم القانون الدولي في غزة. وتخشى أن خوفها الأكبر هو أنه في المرة القادمة التي تسمع فيها أخبار عن أهلها في غزة، سيكون الأمر يتعلق بحلقة أخرى مفجعة من الخسارة داخل عائلتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
بعد 100 لقاء.. مخرجة تروي أسرار القتلة في السجون
في حالة غير مألوفة كامرأة، كشفت مخرجة بريطانية عن كواليس رحلتها الاستثنائية في مجال الإخراج، من خلال مقابلة 100 سجين في جرائم متنوعة، من بينهم 13 مداناً في جرائم قتل.
زوي هاينز، التي تعمل في مجال الأعمال الوثائقية، وتعمل كمخرجة ومنتجة للمسلسل الوثائقي "I Am a Killer" الذي يُعرض عبر منصة نتفليكس، تحدثت عن كواليس لقائها مع القتلة في أعمالها الوثائقية، ومقابلاتها مع المدانين في مختلف السجون ذات الإجراءات الأمنية المشددة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وعن شعورها أثناء تواجدها في غرفة واحدة مع المجرمين والقتلة المدانين، قالت زوي لـ "بيزنس إنسايدر" إن الأمر "مربك" للغاية، لدرجة أنها بمجرد أن تكون في غرفة الزيارة مع السجين، تشعر وكأن الفجوة تتلاشى بينهما، وفقاً لتعبيرها.
وأوضحت زوي أنه في كل حلقة من حلقات مسلسلها الوثائقي "I Am a Killer" تحصل هي وفريقها على جلستين مدة كل منهما ساعة واحدة مع النزلاء، لافتةً إلى أن الجزء الأصعب بالنسبة لها هو التأكد من حصول فريق العمل على المعلومات التي يحتاجون إليها من السجين في الوقت المحدود المتاح لهم.
وأشارت أيضاً إلى أن المقابلات تكون "صعبة ومعقدة" في بعض الأحيان لأنها تحتاج إلى جعل السجناء يتحدثون عن "أسوأ شيء فعلوه على الإطلاق"، وأصعب حدث في حياتهم" في ساعة واحدة فقط.
وواصلت حديثها قائلة: "نحن نبحث عن نقطة مثيرة للاهتمام، سواء كانت تلك النقطة هم السجناء أنفسهم ورحلتهم، وما إذا كانوا قد ندموا على ما فعلوه، أو الإجراءات القانونية، التي يمكن أن تكون في كثير من الأحيان موضوعاً في حد ذاتها".
في السياق ذاته، لفتت المخرجة إلى أن اختيار الأشخاص المناسبين لعرضهم في المسلسل هو أمر يتطلب فريق عمل كبير جدا، لأنه بعد الاطلاع على قواعد البيانات والعثور على شخص قد يكون لديه قصة مثيرة للاهتمام لمشاركتها، يتعين عليهم بعد ذلك إجراء عملية طويلة للحصول على إذن من إدارة السجن.
بعد ذلك، يتواصلون مع النزيل عبر الرسائل "لعدة أشهر" قبل أن يقوموا في النهاية بإجراء زيارة شخصية، مع حرص فريق الإعداد على عدم إبراز "القتلة الجماعيين والمعتدين" لمنع التقليد ومنع انتشار هذا النوع من الجرائم في المجتمع.
واختتمت زوي حديثها معربةً عن أملها في عرض "قصص إنسانية" في أعمالها، مشيرةً إلى أن الهدف من عملها هو إبراز الجانب الإنساني الآخر من شخصية المجرم، وربما سرد الرواية من منظور مختلف.