قبلان للقوى المسيحية الإسلامية: الحل في لبنان بتسوية رئاسية لا غالب ولا مغلوب
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن الحل في لبنان بتسوية رئاسية وطنية على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، تعكس المصالح الوطنية، وذلك خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة. وتوجه في خطبته إلى القوى المسيحية والإسلامية بالقول: "بلدنا اليوم في أشد تخبطه، وهو في قلب العاصفة، والحل بتسوية رئاسية وطنية على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، تعكس المصالح الوطنية.
المصدر: "الوكالة الوطنية للاعلام"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
قطط لجين غالب
في صباح يوم عادي من أيام الله استيقظت الشابة «نور» على صراخ من عاملة المنزل. هرعتْ إليها لتجد قطة تهاجم عصفورة بيضاء داخل قفص العصافير. حاولت الشابة إبعاد القطة، لكنها رأتْ في عينيها جوعًا ووحشية لم تستطع تجاهلهما، إلى درجة أنها شعرت للحظة بكراهية القطط كلها. كانت العصفورة لا تزال على قيد الحياة حين أمسكتها نور بيدها، لكن «قلبها ينبض بتسارع مرعب، والدماء متناثرة في أرجاء القفص». في النهاية ماتت العصفورة في يد «نور» التي تساءلت: «لماذا الآن؟ لماذا ظهرت هذه القطة فجأة، وكأنها تحمل رسالة ما؟» وحين سردتْ الحكاية لصديقتها علّقتْ: «ربما هجوم القطة كان إشارة إلى الاستعجال». وهنا تربط نور حكاية القصة بحكايتها الشخصية عن مشروعها المستعجل للزواج.
وردتْ هذه الحكاية في كتاب «يأتي بخلقٍ جديد» للكاتبة لجين غالب، الصادر مؤخرًا عن دار «بوك لاند» الكويتية، والذي يُمكن عَدُّه تحية إعجاب وتقدير من كاتبة عُمانية إلى كاتب التنمية الذاتية المكسيكي دون ميجيل رويز، وتحديدًا إلى كتابه «القواعد الأربع»، (له ترجمة بالعربية صدرتْ عن دار جرير بعنوان «الاتفاقيات الأربع»)، الذي لخّص فيه حكمة حضارة التولتيك المكسيكية القديمة في أربع قواعد هي: «كن صادقًا»، و«لا تأخذ الأمور بشكل شخصي»، و«تجنب الافتراضات»، و«افعل دائما أفضل ما لديك».
وإذن؛ تقدم لجين غالب في كتابها هذا «دعوةً لكل مَن يسعى لتغيير حياته، لبناء الثقة بالنفس، وتنمية الوعي الروحي، وتحقيق التوازن الداخلي»، كما جاء في غلاف الكتاب الخلفي. إنها كتابةٌ على الكتابة، إن جاز التعبير، إذْ استلتْ المؤلفة قواعد رويز الأربع، وبنتْ عليها كتابها الذي يشرح هذه القواعد ويفسرها، ولكن من منظور فتاة عُمانية متدينة. كل ذلك في قالب سردي اختارت له لجين حبكة بسيطة، هي عبارة عن محادثات افتراضية عن طريق برنامج «زوم» هدفها الأساس تعلّم اللغة الإنجليزية، بين الفتاة العُمانية «نور» ومعلمة اللغة الإنجليزية «تالي»؛ الأمريكية القاطنة في نيويورك، والتي اختارت الكاتبة أن تجعلها مسنة تبلغ من العمر ستًّا وستين سنة، لتكون مؤهلة لتقديم الحِكَم والنصائح لتلميذتها الشابة، وعلى رأس هذه الحكم قواعد رويز الأربع. لكن «نور» لا تكتفي بمجرد استقبال هذه الحِكَم، بل تعلق عليها من منظور اجتماعي وديني، وتستشهد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية لتثبت أن هذه القواعد/ الحِكَم موجودة أصلًا في ديننا الحنيف، وإن لم نكن منتبهين لها.
وكان كتاب «القواعد الأربع» قد نُشِرَ للمرة الأولى عام 1997 وحظي بشعبية كبيرة، بعد أن أشادت به الإعلامية الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفري. وعدا العربية؛ فقد تُرجم إلى أكثر من أربعين لغة أخرى، وبيع منه أكثر من ثمانية ملايين نسخة في الولايات المتحدة وحدها، كما تربع فترة غير قصيرة في قائمة صحيفة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعا.
وبالعودة إلى قطة «نور» التي قتلت العصفورة بوحشية، فإنها تظهر في فصل لاحق، لكنها لم تَبدُ هذه المرة شرسة أو جائعة، بل هادئة تمامًا، ما حدا بالشابة إلى معاتبتها (بتعبير أدقّ توبيخها) على وحشيتها تجاه العصفورة، بيد أن نور مع ذلك تُشفق على القطة، فتضع بعض الطعام أمامها، وقد استقبلت القطة هذا الكرم بهدوء لافت، وكأنها تجسيد لعبارة الشاعر رينيه شار: «فقط يتمثل الهدوء في قطّ جالس». تعلق الشابة على فعلها ذاك بالقول: «لم أكن أدرك أنني بترك الطعام لها، قد حررتُ نفسي من ألمٍ دفين، من كراهية عميقة كنتُ أحملها». وبعد عدة أيام لاحظت نور أن القطة لا تزال قابعة في مكانها وقد أخذ منها الهزال كل مأخذ، ثم ما لبثت أن رقدتْ بلا حراك، لتجد نور نفسها تحملها في يدها وتدفنها كما فعلت مع العصفورة، «وكأن القدر قد أعاد المشهد ولكن بأدوار معكوسة»، ليكون تعليق صديقتها هذه المرة: «شيء مات فيك منذ فترة طويلة، سيرجع ويحيا بأمر الله من جديد».
يحيلني هذا على القطط وتوظيف حكاياتها لدى مؤلفي كتب التنمية الذاتية، ولعلّ أبرع هؤلاء الكاتب الفرنسي ستيفان جارنييه في كتابه «فكر وتصرف كأنك قط» (تُرجِم إلى العربية عن طريق فالن بولس، وصدر عن دار «لغة» للنشر والتوزيع في القاهرة عام 2023)، إذ يستعرض جارنييه في هذا الكتاب الكثير من سلوكيات القطط مثل نزوعها للاستقلالية، والهدوء، والصمت، وقدرتها على الرفض والتمرد، وركونها للراحة بالنوم الكثير، حاثًّا القارئ على تبني هذه الصفات لتحسين جودة حياته الشخصية والمهنية، ودامجًا بين الملاحظة السلوكية للقطط وتطبيقاتها العملية في حياة الإنسان اليومية. غير أن أشهر حكايات القطط في التنمية الذاتية هي قصة «مَنْ ركل القطة؟» التي يستخدمها مدربو التنمية الذاتية كثيرًا في دورات الذكاء العاطفي وتدريبات القيادة الأخلاقية وبعض الندوات الأسرية وورش إدارة الغضب. تبدأ القصة بمدير يوبخ أحد موظفيه، فينفّس هذا الموظف عن توتره وغضبه في زميل له. يصاب هذا الزميل بالإحباط فيعود إلى بيته ويصرخ في وجه زوجته. تغضب الزوجة فلا تجد أمامها إلا طفلها لتنفّس عن هذا الغضب فتنهره. يحزن الطفل المسكين ويشعر بالضيق فيرى أمامه قطة نائمة فيركلها برجله. وهكذا نكتشف في النهاية أن القصة ليست عن القطة في الحقيقة، بل عن طريقة انتقال المشاعر السلبية من شخص إلى آخر لتنتشر انتشار النار في الهشيم، وكيف أن شحنة غضب واحدة، لم تُفَرَّغْ بشكل صحيح، يمكن أن تمتد وتتوسع لتؤذي مَنْ لا علاقة لهم بالحدث الأصلي.
ويبدو أن لجين غالب تُدرك أهمية رسائل القطط في كتاب تنمية ذاتية كهذا، فها هي تعود إليها مرة أخرى في فصل متقدم، إذْ تكتشف نور قطة أخرى في منزلها وهي ترقد مع صغارها المولودين حديثًا، فتفهم أن هذه رسالة جديدة، مفادها بأنها بدأتْ حياة جديدة، وأنها -أي نور- مثل هذه القطة، قد وُلِدتْ من جديد، بشكل أكثر قوةً وصفاء.
سليمان المعمري كاتب وروائي عماني