مقاومة غزة في مواجهة طغيان الصهيونية.. رأي من الجزائر
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
نحن في الشهر الرابع على جهاد الكتائب وحاضنتها غزة، وقد أرتنا غزة من نفسها ما حيّر العقول، فخلال كل تلك الأسابيع والعدو الصهيو ـ أمريكي يدمر غزة بكل ما يملك من أسلحة عصرية فتاكة، وهي صابرة محتسبة منتصرة للمقاومة ومتمسكة بالأرض لا تسمع من أبنائها الصغار والكبار والنساء والرجال إلاّ ما يقوي إيمانك بالله تعالى ويمتن يقينك بقدر الله عز وجل، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فعرفت بنفسها بهذه المواقف الخالدة.
فإذا رأينا من بعيد ما يصيبهم يوميا طيلة ساعات النهار والليل: حزنت قلوبنا ودمعت عيوننا، وإذا نظرنا لصبرهم وتمسكهم بحقهم واستمرار التفافهم حول المقاومة، وأثر ذلك في دفع عشرات الآلاف من غير المسلمين للبحث عن السبب؟! فأقبلوا على الإسلام يسألون عنه، ويحاولون التعرف على أسرار قوته وتأثيره، وعظيم صنعه في تربية أتباعه، وتقوية عزائمهم على العطاء بلا منّ، ونفوسهم على الصبر والاحتمال بلا حد: انشرحت صدورنا، وحمدنا الله تعالى على أن هيأ للمسلمين طليعة مجاهدة لها كل ذلك الصبر والثبات والاحتساب، وقد جعل الله تعالى من ذلك سبيلا لهداية الملايين من غير المسلمين للإسلام، تصب أجور اهتدائهم في حسابات أهل غزة والمقاومين من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيئا.
وكذلك إذا نظرنا إلى المقاومة واستمعنا لبياناتها العسكرية: حمدنا الله تعالى على تلك الأعمال الخالدة والبطولات المجيدة التي قام بها شباب المقاومة الثائر، فأحيا بها معاني الجهاد وشرائعه، وما تتركه في النفوس من معاني العزة والأمل في الفوز بنصر الله تعالى .
إن المقاومة قد سجلت بإنجازاتها الخارقة للعادة ـ فهم عشرات الآلاف لا يملكون إلاّ سلاحا معظمه يدوي، وصواريخ من صنعهم لا غناء فيه في مجرى العادة في وجه جيش يتكون من مئات الآلاف، يتفوق على المقاومة تفوقا هندسيا في العدد والعدة والسلاح، تسانده جميع الأسلحة الفتاكة لدى أمريكا والغرب من مئات طائرات والآلاف من الدبابات والمدافع، وعشرات الآلاف من القنابل التي تزن الواحدة منها ألفي 2000 رطل، وخبراء عسكريين وأجهزة المخابرات الكبرى في العالم، وقادة أمريكيين خبروا الحروب الاستدمارية وقادوها في عدة ميادين، وتمرنوا على أساليبها ومكائدها، ومن ورائهم مصانع الأسلحة وخزائن الأموال، فلا يرد للصهاينة طلب ولا يتأخر عنهم إمداد، ومع هذا استطاعت المقاومة أن تلحق بجيوش العدو الهزائم النكراء، فتعطل مئات الآليات الحربية وتقتل الآلاف من الجنود والعديد من القادة وتأسر غيرهم، ولم يستطع العدو لحد اليوم قتل الأبطال، وإنما يصب غضبه على الأهالي المدنيين العزل من أطفال ونساء وشيوخ .
إن المقاومة الإسلامية أعربت عن نفسها بتلك البطولات، وأثبتت بعشرات الشواهد أنها لا تواجه دولة الكيان الصهيوني وحدها، وإنما تواجه أمريكا وكل الأنظمة الغربية المساندة لها، وكل من يمدها بتأييد في الرأي والسياسة ويعينها بالمال والدبلوماسية، ويخذّل عنها غضبة الشعوب المسلمة في العالم العربي والإسلامي، فكفى بالمقاومة شرفا أنها مع قلة عددها وعدتها تحارب كل هؤلاء الأعداء الأقوياء المتناصرين، فتنتصر عليهم في ميدان المعركة وتلحق بعساكرهم وآلياتهم الحربية الهزيمة تلو الهزيمة، وكفى بأمريكا وابريطانيا وحلفائهم خزيا وعارا وخرقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني: أنهم يعينون دولة الاستدمار القوية بمعداتها على المقاومة وعلى حاضنتها الشعبية في غزة التي عاشت الحصار منذ سنوات طويلة من الزمن ولا تزال .
إن ملامح الجهاد الإسلامي المؤيد من الله تعالى واضحة لكل ذي عينين وبصيرة، وأن ذلك ليبشر بنصر قادم إن شاء الله تعالى، وإن كل فئة ستنال الجزاء عن عملها إن خيرا فخير وإن شرا فشر .
واستجابة منّي لبعض من اقترح علي المساهمة في تعرية أباطيل المخذّلين عن المقاومة في غزة، التي عدّوها فتنة وانتصروا لمواقف من يعتبرونهم بالباطل أولياء الأمر، فتنكروا بذلك لقومهم، وخانوا أمانة الإسلام في أعناقهم: أكتبُ موضوعا طويلا في بيان شذوذ فهومهم وانحراف سلوكاتهم وبخيانة مواقفهم، وسنشرع في نشره على حلقات، سائلا الله تعالى النصر للمقاومين الأبطال في غزة وعموم فلسطين، والشفاء لجرحاهم والرحمة الواسعة لشهدائهم .
شذوذ في الفهم وانحراف في السلوك وخيانة في المواقف
تعالت أصوات بعض المنتسبين إلى العلم بالإنكار على حماس وسائر الفصائل المقاومة في غزة والضفة وفلسطين المحتلة قيامهم بالثورة على المحتل الصهيوني لفلسطين يوم 07 أكتوبر وما تلاه من أيام، استطاعت كتائب القسام في ذلك اليوم الأغر إلحاق هزيمة مذلة بفرقة من الجيش الصهيوني، وتتابع القتال بين الكتائب المقاتلة ودولة الكيان الصهيوني ومعها حلفاؤها بقيادة أمريكا أياما مديدة وأسابيع ممتدة ارتكبت فيها دولة العدو من المجازر ما لا عد له ولا حصر على شعب غزة من الأطفال والنساء والشيوخ والعزل والمدنيين، ولم تميز في قصفها بين عمارة ومدرسة وجامعة ومستشفى ومستوصف.
وظل خلال كل هذه الأسابيع النظام الرسمي في العالم العربي والإسلامي يندد بالمجازر والحصار، ويناشد الأعداء السماح له بإدخال مساعدات إنسانية لأهل غزة .
وفي هذه الأجواء الملتهبة بنيران الأعداء وقنابلهم، خرجت بعض الأصوات تنكر باسم الإسلام: ما قامت به الفصائل المجاهدة وتعتبره: فتنة تتحمل تبعاتها الفصائل، وتثمّن: مواقف الخزي والخذلان التي تمسكت بها أنظمة العار في العالمين العربي والإسلامي!!
فرأيت من واجبي أن أعالج هذا الموضوع بكثير من الاختصار نزولا عند رغبة بعض الأحبة في المساهمة في واجب الدفاع عن الدين وعن المقاومين الأبطال، وأرجو من الله تعالى التوفيق والسداد والقبول، فالخير أردت ووجه الله تعالى أبتغي، وإليه وحده أسعى وأحفد.
إن هذا الموضوع كثير الذيول، وسأتناوله من خلال العناصر الآتية:
بيان فضل الجهاد في سبيل الله تعالى ـ بيان الفرق بين الجهاد والقتال.
1 ـ بيان فضل الجهاد في سبيل الله في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة .
ـ القرآن الكريم: لقد وردت آيات كثيرة في بيان وجوب الجهاد وفضله منها:
قال تعالى: (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)التوبة :36.
قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)البقرة: 216.
قال تعالى: (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (التوبة: 41)
إن المقاومة الإسلامية أعربت عن نفسها بتلك البطولات، وأثبتت بعشرات الشواهد أنها لا تواجه دولة الكيان الصهيوني وحدها، وإنما تواجه أمريكا وكل الأنظمة الغربية المساندة لها، وكل من يمدها بتأييد في الرأي والسياسة ويعينها بالمال والدبلوماسيةقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة: 11)
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) (سورة الصف: 7 ـ 13).
قال تعالى: (لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً * دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء: 95، 96).
الحديث الشريف:
إن الأحاديث في بيان فضل الجهاد كثيرة جدا منها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله"، قيل: ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور" متفق عليه.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: "الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا". قَالَ: ثمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ". قَالَ: ثمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، رواه البخاري.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها" متفق عليه.
وعن عثمان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل". رواه الترمذي والنسائي.
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان". رواه مسلم.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها". قالوا: أفلا نبشر الناس؟ قال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة". رواه البخاري.
عن زيد بن خالد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا في سَبيلِ اللهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازيًا في أهْلِهِ بِخَيرٍ فَقَدْ غَزَا". مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
هذه باقة من نصوص القرآن والسنة: في بيان واجب الجهاد وفضله عن سائر الطاعات الأخرى ما عدا الفرائض الكبرى؛ كالشهادتين والصلاة وبر الوالدين، فهل من عرف قيمة الجهاد وفضله وعلو منزلة أصحابه عند الله تعالى يقعد بعد ذلك عنه وهو قادر عليه؟
فكيف إذا كان الجهاد: جهاد دفع؛ كما هو الحال في غزة وعموم فلسطين المحتلة؟ لا شك أن القائمين به اليوم في غزة والضفة وسائر المدن الفلسطينية المحتلة من أبر الخلق وأصدقهم وأكثرهم سعيا في كسب مرضاة الله تعالى والفوز بجنته ورضاه، فأعانهم الله تعالى على ذلك وثبتهم وأجزل لهم الأجر والثواب .
2 ـ الجهاد غير القتال :
الجهاد: لفظ أعم من القتال لغة وشرعا. ففي اللغة: الجهاد: مصدر: جاهد، يجاهد، جهادا ومجاهدة، مشتق من: جَهَدَ يَجْهد جَهدًا، أي ارتكب المشقة، أو احتمل المشقة، أو بذل الجهد.
أما لفظة القتال، فهي: مصدر، على وزن: "فعال"، من: قاتَل، يُقاتِل، قِتالاً ومُقاتَلة، وهي مشتقة من كلمة: قَتَل، يَقْتُلُ، قَتلاً، أي أزهق روح غيره .
فالكلمتان مختلفتان لغة: اشتقاقا ودلالة، فالجهاد أوسع دائرة من القتال، أي هو أعم من القتال.
ومن الناحية الشرعية: فالجهاد أعم من القتال وأوسع، والقتال مجرد درجة من درجاته أو نوعا من أنواعه، فالقتال أعلى درجات الجهاد أو أعلى أنواعه، وإن غلب عند الفقهاء إطلاق لفظ الجهاد في سبيل الله على القتال في سبيل الله، أي أنهم عرّفوا العام بالخاص لأهميته وعظم أثره، فالقتال هو أعلى ـ كما أشرت ـ درجات الجهاد وأخطرها أثرا .
وقد اختلف الفقهاء في حكم الجهاد، وقد تناول ابن حجر هذا الموضوع في التحقيق الذي ذكره في شرح ما ذكره البخاري رحمه الله في باب وجوب النفير، وما يجب من الجهاد والنية، قال رحمه الله: "باب وجوب النفير"، أي الخروج إلى قتال الكفار .
وأصل النفير: مفارقة مكان إلى مكان، لأمر حرّك ذلك.
وقوله: "وما يجب من الجهاد والنية"؛ أي وبيان القدر الواجب من الجهاد، ومشروعية النية في ذلك .
قال: للناس في الجهاد حالات: إحداهما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، والأخرى بعده، ويهمنا هنا الحال الثانية، أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .
قال رحمه الله : الحال الثانية بعده صلى الله عليه وسلم، فهو فرض كفاية على المشهور، إلّا أن تدعو الحاجة إليه، كأن يدهم العدو ويتعين على من عينه الإمام، ويتأدى فرض الكفاية بفعله في السنة مرة عند الجمهور، ومن حججهم أن الجزية تجب بدلا عنه، ولا تجب في السنة أكثر من مرة اتفاقا .
وقيل يجب كلما أمكن، وهو قوي، والذي يظهر أنه استمر على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن تكاملت فتوح معظم البلاد، وانتشر الإسلام في أقطار الأرض، ثم صار إلى ما تقدم ذكره، والتحقيق أيضا أن جنس جهاد الكفار متعين على كل مسلم إمّا بيده وإما بلسانه وإما بماله وإما بقلبه والله أعلم : فتح الباري : 6/38 دار المعرفة- بيروت،1379ه.
وواضح من خلال تحقيق ابن حجر أن جهاد الكفار فرض عين على كل مسلم، فكيف يكون حكم الجهاد إذن إذا كان الكفار معتدين على دار الإسلام، وآخذين لجزء مهم من أجزائها، كما هو حال الصهاينة في استيلائهم على فلسطين وتدميرهم لها، وقتلهم لسكانها وتهجيرهم للملايين منهم، ونهبهم لخيراتها عقودا من الزمن.
*رئيس جبهة العدالة والتنمية ـ الجزائر
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير غزة المقاومة الرأي فلسطين احتلال فلسطين مقاومة غزة رأي أفكار أفكار أفكار سياسة من هنا وهناك أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رسول الله صلى الله علیه وسلم الجهاد فی سبیل الله رضی الله عنه الله تعالى الآلاف من من القتال قال تعالى ف ی س ب یل ب أ م وال فی غزة
إقرأ أيضاً:
3 يحبهم الله ويضحك لهم .. حاول أن تكون منهم
ثلاثة يحبهم الله ويضحك لهم يوم القيامة، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ، الَّذِي إِذَا انْكَشَفَتْ فِئَةٌ، قَاتَلَ وَرَاءَهَا بِنَفْسِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ، وَإِمَّا أَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَكْفِيهِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ صَبَّرَ لِي نَفْسَهُ، وَالَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ وَفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ، فَيَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَذَرُ شَهْوَتَهُ، فَيَذْكُرُنِي وَيُنَاجِينِي وَلَوْ شَاءَ لَرَقَدَ، وَالَّذِي يَكُونُ فِي سَفَرٍ وَكَانَ مَعَهُ رَكْبٌ، فَسَهَرُوا وَنَصَبُوا ثُمَّ هَجَعُوا، فَقَامَ فِي السَّحَرِ فِي سَرَّاءٍ أَوْ ضَرَّاءٍ»، رواه الحاكم فى المستدرك، حديث حسن.
الله يضحك لرجلينأَلَا إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَضْحَكُ إِلَى رَجُلَيْنِ : رَجُلٍ قَامَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مِنْ فِرَاشِهِ وَلِحَافِهِ وَدِثَارِهِ ، فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلَاةٍ، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ: مَا حَمَلَ عَبْدِي هَذَا عَلَى مَا صَنَعَ؟ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا رَجَاءَ مَا عِنْدَكَ، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدَكَ، فَيَقُولُ: فَإِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُهُ مَا رَجَا ، وَأَمَّنْتُهُ مِمَّا خَافَ ))
ثلاثة يحبهم الله ويضحك لهمذكر علماء الحديث فى شرح مستدرك الحاكم، أن المراد بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- « ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ» هو إخبار المسلمين بأن هؤلاء الثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم تعالى، فالأول: رجل قاتل في سبيل الله فإذا انهزمت فئة من أصحابه ثبت هو وقاتل من ورائها صابرا محتسبا يحمي المسلمين، ولم يفر أو يجبن أو يضعف؛ لأنه موقن بنصر الله أو الموت في سبيله.
وتابعوا: «ولذلك قال –صلى الله عليه وسلم- في الحديث:«وَإِمَّا أَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيَكْفِيهِ»، أى يكفيه عدوه ويحفظه ويكلؤه، فيقول الله عز وجل : « انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ صَبَّرَ لِي نَفْسَهُ» أي كيف حبسها لله وهيأها للقتل في سبيله» .
وأضاف العلماء أن قوله –صلى الله عليه وسلم-: « وَالَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ وَفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ، فَيَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ»، أى أن الثاني هو الرجل الذى له زوجة حسنة وفراش ناعم مريح فترك ذلك لله وقام للتهجد بالليل، فيقول الله تعالى: « فَيَذَرُ شَهْوَتَهُ، فَيَذْكُرُنِي وَيُنَاجِينِي وَلَوْ شَاءَ لَرَقَدَ»أى يدع شهوته وحاجة نفسه إلى النوم أو إلى امرأته من أجل مناجاتي وذكري ولو شاء نام ولم يقم .
وأوضح العلماء فى شرح المستدرك، أن الإمام الحافظ ابن رجب -رحمه الله- قال: "إن من فضائل التهجد: أن الله تعالى يحب أهله، ويباهي بهم الملائكة ويستجيب دعاءهم "، أما قوله –صلى الله عليه وسلم- « وَالَّذِي يَكُونُ فِي سَفَرٍ وَكَانَ مَعَهُ رَكْبٌ، فَسَهَرُوا وَنَصَبُوا ثُمَّ هَجَعُوا»، أى أن الثالث هو رجل سافر مع رفقة، فسهروا بالليل حتى تعبوا ثم هجعوا أي ناموا ولا شيء هو أحب وأشهى للمسافر من النوم بعد التعب والسهر.
وأشاروا أن قول رسول الله: « فَقَامَ فِي السَّحَرِ فِي سَرَّاءٍ أَوْ ضَرَّاءٍ »، أى فقام هو من دونهم يصلي بالسحر وهو جوف الليل الآخر وترك النوم لله تعالى وقام يناجيه بالسحر ويدعوه فى السراء والضراء وهذا القول يدل على أن حاله مع ربه لا يختلف يذكر الله على كل حال سواء كان في مسرة أو في مضرة .
وبينوا أن هؤلاء الثلاثة يحبهم الله تعالى، لأن كلا منهم آثر أمر الله على شهوته وحظ نفسه وأعظمهم درجة الأول الذي قاتل بعد انهزام أصحابه؛ لأنه آثر أمر الله على حظ نفسه من الحياة، ويليه الثاني؛ لأنه آثر أمر الله على حظ نفسه من الزوجة ومن النوم، ثم الثالث الذي آثر أمر الله على حظ واحد من حظوظ نفسه.
طرق التقرب إلى الله تعالىيسعى المسلم الحق إلى التقرب من الله- تعالى- واتباع أوامره، واجتناب نواهيه؛ فالتقرب من الله – سبحانه وتعالى- يجعلنا نفوز بجنّات النعيم ورضوان الله وتوفيقه في الدنيا والآخرة، ومن أبرز الطرق التي تقربك إلى المولى -عز وجل-:
1- أداء الصلاة في أوقاتها: تعتبر الصلاة الركن الأول من أركان الإسلام، وهي عمود الدين، كما أنّها أوّل ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، ومن أحب الأعمال إلى الله أداء الصلاة في وقتها، أي بعد الآذان مباشرة، كما أن الصلاة في المسجد مع الجماعة لها أجر مضاعف أكثرمن أجر صلاة الشخص بمفرده.
2- أداء صلاة التطوع: يقصد بها أداء الصلوات المشروعة وغير الواجبة، مثل صلاة: السنة، والتراويح، والضحى، والتهجّد، والوتر، وتحية المسجد، فينال من يؤدّي مثل هذه العبادات أجرًا عظيمًا، ويتقرّب إلى الله ويفوز برضوانه وجنته يوم القيامة.
3- الحرص على المداومة على الطاعات؛ فمن أحب الأعمال إلى الله هي أدومها، لذلك يجب على المسلم المداومة على طاعة الله، وفعل الخير، فهي السبيل للتقرّب إلى الله ونيل رضاه ومحبته.
4- بر الوالدين: ويقصد ببر الوالدين معاملتهما معاملة حسنة، وطاعتهما في الأمور التي ترضي الله، قال – تعالى-: « وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ»، [سورة لقمان: الآية 14].
5- الصيام: فقد جعل الله - سبحانه وتعالى- الصوم من الأعمال المحببة إليه، والتي تشفع لصاحبها يوم القيامة، فيتقرب المسلم إلى ربه عن طريق صيام شهر رمضان، وصيام التطوع كصيام يوم عرفة لغير الحاج، وصيام يومي الإثنين والخميس، وصيام الأيام البيض من كل شهر وهي يوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر.
6- التوبة عن المعاصي والآثام التي ارتكبها المسلم: ويجب أن تكون توبته صادقة وصحيحة، وأن يعاهد الله على عدم العودة إلى المعاصي.
7 - قراءة القرآن الكريم: لقوله -عليه السلام في الحديث الشريف: « من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها»، [صحيح الجامع].
8- الإكثار من الصلاة على النبي -عليه السلام-: تصديقًا لما جاء في الحديث الشريف التالي: «من صلّى عليّ صلاة، صلى الله عليه بها عشرًا»، [رواه مسلم].
9- لزوم الصحبة الصالحة: حيث إن الأصحاب الأخيار يعينون المسلم على طاعة الله، وترك المعاصي والآثام.
10- التصدق على الفقراء والمساكين.
11- الحرص على ذكر الله: فهو من أعظم الأفعال التي يتقرب بها العبد إلى الله -عز وجل-، ومن الأذكار التي جعل الله لها أجرًا عظيمًا التسبيحات الأربعة وهي: سبحان الله، والله أكبر، والحمد لله، ولا آله إلا الله، بالإضافة إلى قراءة الأذكار في الصباح والمساء، وقد جعل الله لمن ذكره الأجر العظيم، وأزال عنه الهموم، وأعانه على قضاء حوائجه، وخصّه الله بمحبته، ووسع له في رزقه، وجعله ممن يدخلون الجنة يوم القيامة، قال – تعالى-: « يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا»، [ سورة الاحزاب: 42،41].