لماذا لم تؤثر هجمات البحر الأحمر على أسواق الطاقة العالمية؟
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
بعد ما يقرب من شهرين على الهجمات الصاروخية التي تستهدف السفن التجارية في البحر الأحمر، أصبح سعر خام برنت القياسي أقل في الواقع مما كان عليه في أوائل ديسمبر.
وتراجعت أسعار النفط، الجمعة، إذ قوبلت التوترات الجيوسياسية والاضطرابات في إنتاج النفط الأميركي جراء موجة الطقس الباردة، بمخاوف حيال تباطؤ نمو الطلب في الصين وتوقعات بزيادة المعروض.
وأثارت الاضطرابات في البحر الأحمر مخاوف شركات الشحن، التي حولت مسار سفنها بعيدا إلى رأس الرجاء الصالح، لتجنب التوترات في الممر المائي المهم.
وسلطت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية في تقرير لها، الضوء على الاضطرابات في البحر الأحمر، وأسباب عدم زعزعتها لأسواق الطاقة، رغم أن المنطقة يمر من خلالها 12 بالمئة من إمدادات العالم من النفط المنقول بحرا.
وبحسب المجلة الأميركية المتخصصة في السياسات الخارجية، فإن مضيق باب المندب جنوبي البحر الأحمر يعد مختلفا عن نظيره هرمز في الخليج.
وذكرت أن مضيق باب المندب يمثل طريقا نحو قناة السويس ومنها إلى أوروبا، لكن هناك بدائل له في حال عدم القدرة على الإبحار من خلاله، بعكس هرمز الذي يمثل المنفذ الوحيد لمياه الخليج نحو العالم.
مخاوف من السيناريو الأسوأ .. كيف تؤثر هجمات الحوثيين على سوق الطاقة؟ أثارت الأعمال العسكرية التي يشهدها البحر الأحمر، أحد أكثر الممرات المائية ازدحاما في العالم، مخاوف من ارتفاع أسعار النفط والغاز، ما ستكون له تبعات على معدلات التضخم المرتفعة بالفعل حول العالمويعد مضيق هرمز ممرا استراتيجيا في الخليج، إذ يمر عبره ثلث النفط المنقول بحرا في العالم.
علاوة على ذلك، فإن هجمات الحوثيين، رغم أنها مدمرة لخطوط الشحن التجارية، مثل "ميرسك" التي تبحر الآن سفنها باتجاه جنوب أفريقيا لتجنب الصواريخ، فإنها لم تستهدف - حتى الآن - ناقلات النفط أو منشآت إنتاج النفط.
ووفق المجلة، فإن "جزءا من ذلك يرجع إلى الهدنة بين السعودية وإيران، التي أبقت بعض أهم المنشآت النفطية في العالم خارج خط النار، على عكس عام 2019، عندما ضربت طائرات بدون طيار منشأتين رئيسيتين في السعودية".
وقال كيفن بوك، المدير الإداري لشركة "كلير فيو إنيرجي بارتنرز"، وهي شركة استشارية بمجال الطاقة في واشنطن: "هذه تهديدات للنقل الإقليمي، وليس للإنتاج".
وأضاف أنه "كان من الممكن أن يكون الإنتاج في خطر" لولا "التقارب" السعودي الإيراني، مردفا: "لكننا في مكان مختلف، على الأقل في الوقت الحالي".
وفي حين أن بعض شركات الطاقة، مثل "شل" و"بي بي"، قامت بإعادة توجيه ناقلاتها لتجنب البحر الأحمر، فإن ذلك يزيد فقط من وقت التسليم وتكاليف الشحن، ولا يؤدي إلى إخراج النفط من السوق.
وقال بوك: "إن التأخر في التسليم يختلف عن عدم وجود تلك الطاقة".
وفي أقل من أسبوع، شن الجيش الأميركي 4 ضربات في اليمن على مواقع عسكرية للحوثيين المدعومين من إيران، آخرها استهدف، فجر الخميس، صواريخ كانت معدة لإطلاقها على خطوط الملاحة البحرية. وشاركت القوات البريطانية في الضربات الأولى فقط فجر الجمعة الماضي.
ويأتي ذلك ردا على عشرات الهجمات التي نفذها الحوثيون في الأسابيع الماضية على سفن تجارية في البحر الأحمر، يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إليها، دعما لقطاع غزة حيث تدور حرب بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر.
ويحرص المتمردون الحوثيون في اليمن - حتى الآن - على عدم مهاجمة ناقلات النفط، والتي في حال تعرضت لضربات، فإن ذلك قد يؤدي إلى كارثة بيئية ضخمة، وفقا لـ"فورين بوليسي".
أزمات الشرق الأوسط.. كيف ستؤثر على أسعار النفط في 2024؟ مع التصعيد العسكري الذي يشهده الشرق الأوسط يتخوف البعض من تأثر أسعار النفط بما يؤدي إلى زيادة مستويات الأسعار في وقت تكافح فيه الدول لضبط معدلات التضخم.وقال مات ريد، نائب رئيس "فورين ريبورتس"، وهي شركة استشارات بمجال الطاقة في واشنطن تركز على الشرق الأوسط، إن "معظم السفن المستهدفة هي ناقلات البضائع السائبة الجافة وسفن الشحن، وليست ناقلات النفط".
وتابع: "أعتقد أن هذا متعمد. إذا ضربوا ناقلة (نفط) وتسببوا في كارثة بيئية، فسيغضب العالم".
وبالإضافة إلى ذلك، أدى إنتاج النفط الأميركي المتزايد، الذي يبلغ حاليا أكثر من 13 مليون برميل يوميا، إلى "تغيير الأهمية النسبية لما كان في السابق شريان الحياة لأوروبا والولايات المتحدة، ومؤخرا آسيا".
وقال ريتشارد برونز، المؤسس الشريك في "إنيرجي أسبكيتس"، وهي شركة استشارية بحثية مقرها لندن: "إن القواعد الأساسية الموجودة لدينا منذ 30 عاما ليست أطرا مفيدة لكيفية استجابة السوق اليوم".
وأضاف: "هناك شعور أقل بالاعتماد على النفط المستورد".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر أسعار النفط
إقرأ أيضاً:
كيف تؤثر سياسة ترامب التجارية على اقتصاد العالم؟.. مخاوف من «إجراءات انتقامية»
قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن السياسة التجارية للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب المعتمدة على فرض تعريفات جمركية كبيرة، خاصة على الواردات القادمة من الصين والمكسيك وكندا، سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد الدولية، وقد يؤدي ذلك لتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، بل قد يزيد من حدة التوترات الجيوسياسية والصراع التجاري بين أمريكا والقوى الاقتصادية الكبرى بالعالم.
تبعات زيادة التعريفات الجمركيةوأوضح غراب، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن زيادة التعريفات الجمركية التي اقترحها ترامب قد تؤدي إلى زيادة تكلفة استيراد المواد الخام والسلع الوسيطة التي تستوردها أمريكا، ما يسهم في رفع تكاليف إنتاج الشركات الأمريكية، خاصة الشركات التي تعتمد على الصلب المستورد، موضحا أنه وفقا لدراسة صادرة عن معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن هذه التكاليف الزيادة في الإنتاج تمثِّل عائقا أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تفتقر للموارد المالية لتحمل هذه الأعباء، وهذا قد يدفعها لتقليص نشاطها أو رفع أسعار منتجاتها، موضحا أن زيادة تكلفة هذه السلع يضطر الشركات التي تستوردها إلى إضافة تلك الزيادة إلى المستهلكين ما يكلف الأسرة الأمريكية المتوسطة نحو 2600 دولار سنويا وفقا للدراسة.
إجراءات انتقاميةوأشار غراب إلى أن الشركاء التجاريين كالصين وغيرها سيضطرون إلى فرض تعريفات جمركية انتقامية على المنتجات الأمريكية أيضا، ما يقلل من مبيعات المصدرين الأمريكيين كما حدث في عام 2018 بعد تصاعد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، وهذا يضر بمبيعات المنتجات الأمريكية في السوق الصينية، ما يتسبب في خسائر كبيرة للشركات الأمريكية نتيجة انخفاض مبيعاتها، وهذا يتسبب في فقدان وظائف في قطاعات تعتمد على التجارة، وفي تحليل للفيدرالي الأمريكي جاء به أن هذه السياسة الجمركية تخفِّض التوظيف الصناعي بنسبة 1.4% نتيجة زيادة تكاليف الإنتاج، كما أظهرت دراسة معهد بيترسون أن سياسة ترامب التجارية أسفرت عن خسائر 245 ألف وظيفة في أمريكا خلال السنوات الأولى من تطبيق سياسته الجمركية .
فرض تعريفات جمركية لها تأثير سلبي على الأسواق الدوليةولفت غراب إلى أن سياسة ترامب التي تعتمد على فرض تعريفات جمركية لها تأثير سلبي على الأسواق الدولية والناشئة، منها اضطراب سلاسل التوريد العالمية وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتقليص حركة التجارة الدولية وارتفاع التضخم العالمي، وقد تضطر الشركات الأمريكية إلى البحث عن مواقع جديدة للإنتاج خارج السوق الأمريكي، إضافة لتقليل الجاذبية الاستثمارية للسوق الأمريكية بالنسبة للشركات الصينية وغيرها، موضحا أن سياسة ترامب التجارية قد تؤثر على دول الخليج لأن التأثير على الاقتصاد الصيني يقلل من طلبه على النفط لأن الصين ودول آسيا الناشئة الأكثر طلبا على النفط، موضحا أن الصين ستضطر إلى البحث عن أسواق بديلة لتصدير منتجاتها إليها، وهذا قد يؤدي لتوافر المنتجات الصينية بالدول الناشئة بأسعار أقل من السابق ما يعود بالفائدة على الدول الناشئة.
وتابع غراب أن هذه السياسة التجارية قد تدفع المستثمرين إلى التوجه نحو الأصول الأكثر أمانا مثل الدولار والسندات الأمريكية، ما ينعكس سلبا على تدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات للأسواق الناشئة، إضافة إلى أن ارتفاع قيمة الدولار عالميا نتيجة السياسة التجارية لترامب وفرض تعريفات جمركية على الأسواق الناشئة يخفض الطلب على منتجاتها وهذا يقابله ضعف في العملات المحلية، لأن تراجع الطلب على صادرات الأسواق الناشئة يخفض من قيمة عملتها مقابل الدولار، موضحا أن الدولار قد ارتفع خلال الأسابيع الماضية منذ فوز ترامب، وهذا راجع إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة، ما يعكس التوقعات بأن سياسات ترامب قد تزيد التضخم، رغم قوة الاقتصاد الأمريكي وهذا قد يغيِّر من سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن تخفيض سعر الفائدة.
وأكد غراب أن سياسة ترامب الجديدة من التهديد والعقوبات وزيادة الرسوم الجمركية تشكِّل خطرا وتهديدا للعملة الأمريكية أكبر من احتمال تخلي دول تجمع بريكس عن الدولار، رغم أن دول التجمع لم تطرح بالفعل عملة موحدة، وتهديد ترامب قد يجعل دول تجمع بريكس تتحرك بجدية لطرح عملة موحدة بديلة للدولار في التبادل التجاري بينهم، مضيفا أن استمرار استخدام ترامب سياسة الحرب الاقتصادية على بعض الدول يجعلها تتحرك لإيجاد عملة بديلة للدولار، موضحا أن زيادة الرسوم الجمركية قد جعل الدولار قوي لكنه يصبح مصدرا لعدم الاستقرار المالي العالمي لأنه سيسبب خسائر اقتصادية للاقتصادات الأخرى ومنها الدول الأوروبية الحليفة لأمريكا، وذلك بخفض نمو التجارة العالمية وإضعاف قدرة الدول النامية من الوصول للأسواق الدولية، وتأثيره على الدول التي ستضعف عملاتها من السيطرة على التضخم، وهذا يسرع من عملية إزالة الدولرة العالمية .