مفرج عنهم من مخيم طولكرم: شتموا أمهاتنا وعذبونا
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
طولكرم- في ساحة زراعية واسعة ظهر رجال يخرجون من بناية سكنية عالية على شكل مجموعات، فيما تظهر على عدد منهم آثار الضرب والتعذيب، إنهم ثلة من شباب مخيم طولكرم سمحت قوات الاحتلال الإسرائيلي لهم بمغادرة البناية التي احتجزتهم فيها لأكثر من 48 ساعة، للتحقيق معهم عقب مداهمة منازلهم واعتقالهم خلال العملية العسكرية الواسعة التي تنفذها على مخيمات مدينة طولكرم شمال غرب الضفة الغربية منذ فجر أول أمس الأربعاء.
يقول الشاب الثلاثيني هيثم غانم إن قوة من جنود الاحتلال داهمت منزله في مخيم طولكرم، واعتدت عليه بالضرب المبرح، قبل أن تكبل يديه وتعصب عينيه وتقتاده إلى بناية في ضاحية شويكة المحاذية للمخيم.
ويضيف "دخل عدد من جنود الاحتلال إلى منزلي وبدؤوا بسؤالي عن أحد المقاومين رغم نفيي معرفته، ضربوني بقوة وأعادوا السؤال مرات ومرات، قلت لهم: نحن لا نعرف أين يوجد هؤلاء المقاومون، ومع ذلك اعتقلوني أمام أسرتي وجروني إلى مركتبهم العسكرية، ونزعوا عني لباسي الشتوي، ثم أعطاني أحدهم كنزة حمراء وأمرني بارتدائها".
مجموعة كبيرة من الشباب الذين تم اعتقالهم والتحقيق معهم لساعات بعد السماح لهم بالخروج من نقطة التحقيق الميداني في طولكرم (الجزيرة)ومثل هيثم احتجزت قوات الاحتلال المئات من سكان المخيم في بناية سكنية بعد أن أفرغت سكانها منها وحولتها إلى نقطة احتجاز وتحقيق.
ويصف هيثم ساعات التحقيق القاسية التي عاشوها، والمعاملة الوحشية التي تعرضوا لها من جنود الاحتلال بالقول "عندها سمحوا لي بالمغادرة، كان يوجد في البناية قرابة 300 شخص لا يزالون رهن الاعتقال، حققوا مع الكل، والسؤال الأبرز كان عن شباب المقاومة وعن أي معلومة قد توصلهم إليهم، مرت ساعات طويلة علينا ونحن نتعرض للإهانة والشتائم، شتموا أمهاتنا بألفاظ نابية جدا، وضربونا بأرجلهم، تعرضت للكماتهم لأكثر من مرة على وجهي".
وبحسب تقديرات نادي الأسير الفلسطيني، فإن قرابة 500 شخص قد جرى اعتقالهم ونقلهم من داخل مخيم طولكرم إلى نقطة التحقيق الميداني في ضاحية شويكة بمدينة جنين.
وذكر النادي في بيان أن قوات الاحتلال احتجزت أهالي المخيم لساعات طويلة في ظروف مذلة وتمس الكرامة الإنسانية، وأنها اشترطت على من أفرج عنهم عدم العودة إلى المخيم حتى صباح الجمعة، فيما يؤكد شهود عيان أن عمليات التحقيق مستمرة في منازل الأهالي التي يقتحمها جنود الاحتلال.
أحد الشبان المفرج عنهم بعد تعرضه للضرب المبرح خلال اعتقاله حيث تضرر عنقه واحتاج للنقل إلى المستشفى (الجزيرة) ضرب وإهاناتبدوره، يقول محمود مصيلح (36 عاما) إن الجنود اقتحموا منزله بحدود الساعة العاشرة من مساء الأربعاء بطريقة أرعبت أطفاله، وجمعوا هويات الرجال في المنزل، وبعد أن دققوا في هويته وعلموا أنه يعمل في أحد الأجهزة الأمنية الفلسطينية سألوه عن سلاحه، فقال لهم إنه تركه داخل مقر عمله.
ويتابع مصيلح أن الجنود اعتقلوه معصوب العينين مع أشقائه، وفي نقطة التحقيق الميداني في البناية السكينة قاموا بفصل الشباب بحسب أعمارهم، حيث تم وضع من تقل أعمارهم عن 35 عاما في شقة ومن يزيدون على 35 عاما في شقة أخرى.
ويؤكد الشاهد ذاته أن قوات الاحتلال تشدد في التحقيق على الشبان الأقل عمرا، حيث يتم ضربهم بعنف وإهانتهم وإبقاؤهم رهن الاحتجاز لمدة أطول.
وكانت طواقم الإسعاف تقدم إسعافات أولية للمفرج عنهم ممن تعرضوا للضرب والتنكيل في الساحة، فيما احتاج شاب للنقل بواسطة حمالة الإسعاف بعد تضرر عنقه وأضلاع ظهره من شدة الضرب الذي تعرض له من قبل الجنود.
وقال شاب آخر ظهر جرح كبير على جبينه إن جنديا إسرائيليا استمر في ضرب رأسه بباب حديدي قبيل اعتقاله من منزله في إحدى حارات المخيم.
وأظهرت مقاطع مصورة اعتقال عدد كبير من الشبان في أحد شوارع المخيم واقتيادهم معصوبي الأعين إلى نقطة التحقيق الميداني.
أسلوب الإغراءمن جهته، أفاد أبو أحمد -وهو أحد المفرج عنهم- بأن قوات الاحتلال حاولت استخدام أسلوب الإغراء بتسهيل الحصول على عمل وتحسين الحياة للشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و20 عاما "حاولوا من خلال التحقيق إقناع الذين تقل أعمارهم عن 20 عاما بتوفير تصاريح عمل لهم، وتسهيل دخولهم إلى أراضي الـ48 للعمل وتقديم المساعدات لهم في حال تعاونوا مع الاحتلال وقدموا معلومات عن المقاومين".
وأضاف "كان نصيب أصحاب الأعمار الأكبر من سن 20 عاما الضرب الوحشي والإهانات الكبيرة، حيث كان جنود الاحتلال يعتدون علينا بالضرب بأعقاب البنادق والأرجل، وفي بعض الأحيان قام الجنود بالبصاق على وجه المعتقلين، وقبل الإفراج عنا قام الجنود برشنا بمسيل الدموع، ثم أخبرونا أنه لا يمكننا العودة إلى المخيم قبل انسحاب آليات الاحتلال منه".
ووصف أبو أحمد ساعات الاعتقال الطويلة بالصعبة، حيث تعرض جميع المعتقلين لتعصيب الأعين لفترة طويلة، فيما بقيت أيديهم مقيدة، ومنعوا من الشرب أو حتى دخول الحمام، واستمر احتجاز عدد كبير من الشبان لمدة تقارب الـ48 ساعة قبل الإفراج عنهم والاشتراط عليهم بعدم العودة إلى منازلهم في مخيم طولكرم حتى صباح الجمعة.
وتركز التحقيق مع الأهالي على أماكن وجود المقاومين وانتشارهم وأماكن زرع العبوات الناسفة في الشوارع.
وكانت قوات كبيرة من جنود وآليات الاحتلال الإسرائيلي مصحوبة بالجرافات العسكرية اقتحمت مخيم طولكرم فجر أول أمس الأربعاء في عملية عسكرية واسعة استمرت يومين قصفت خلالها طائرة مسيرة إسرائيلية 4 شبان فلسطينيين في عمق المخيم فاستشهدوا، وقتل قناص إسرائيلي شابا آخر ومنعت سيارات الإسعاف من الوصول إليه، وبعد تأكد الجنود من استشهاده تم ربطه بحبل والتنكيل بجثمانه.
ودمرت جرافات الاحتلال شوارع المخيم وأحدثت دمارا كبيرا في البنية التحتية والمباني والمنازل، قبل أن يعلن عن انسحابها فجر اليوم الجمعة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الاحتلال جنود الاحتلال مخیم طولکرم من جنود
إقرأ أيضاً:
الكوليرا قد تكون سبب الوفيات الغامضة في مدينة الهلالية المحاصرة .. مصدر طبي: رصد إصابات بين الفارين من الهلالية
قال مصدر طبي، لوكالة «رويترز»، إن عشرات السكان الهاربين من مدينة الهلالية المحاصرة في ولاية الجزيرة السودانية ثبتت إصابتهم بالكوليرا، في تطور يوفر تفسيراً محتملاً للوفيات المبلغ عنها بالمئات هناك، وفي حين يقول نشطاء محليون إن أكثر من 300 شخص لقوا حتفهم، قدمت مجموعة من سكان الهلالية في الشتات، لوكالة «رويترز»، قائمة بأكثر من 400 حالة وفاة، وهو رقم يقولون إنه يزداد كل ساعة.
وتحاصر «قوات الدعم السريع» المدينة، التي تُعد موطناً لعشرات الآلاف من السكان المحليين والنازحين، منذ 29 أكتوبر (تشرين الأول) ضمن حملة هجمات في شرق ولاية الجزيرة؛ ثأراً لانشقاق أحد كبار قادة القوة شبه العسكرية وانضمامه للجيش.
وقُتل ما لا يقل عن 15 شخصاً خلال هجوم «قوات الدعم السريع» الذي أدى لبدء الحصار، وفقاً لنشطاء.
ومع ورود تقارير عن وفيات جماعية، انتشرت شائعات حول سبب الوفيات وما إذا كان جنود قوات «الدعم السريع» سمموا الناس عمداً.
لكن المصدر الطبي قال إن عدداً متزايداً من الأشخاص الفارين من المدينة ثبتت إصابتهم بالكوليرا.
وذكر مسعفون آخرون من المدينة، لوكالة «رويترز»، أنه «بعد أن طرد الجنودُ الناس من منازلهم وسرقوا الأموال والسيارات والمواشي، لجأ معظم السكان إلى ساحات 3 مساجد».
واستولى الجنود أيضاً على الألواح الشمسية والأسلاك الكهربائية المستخدمة لاستخراج المياه الجوفية، مما أجبر بعض السكان على الاعتماد على بئر تقليدية ضحلة لم تُستخدم منذ عقود، وربما اختلطت مياهها بمياه الصرف الصحي، وفقاً لمسعفين وشاهد.
وطلب المسعفون والشهود عدم الكشف عن هوياتهم خشية التعرض للانتقام من أي من طرفي الصراع.
وقالت الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع إن هناك تفشياً مشتبهاً به للكوليرا بين الفارين من شرق ولاية الجزيرة، وهو واحد من بين عدد من بؤر التفشي في أنحاء البلاد، لكنها لم تذكر مدينة الهلالية تحديداً.
وقالت غرفة طوارئ شرق النيل إن الأطباء في مستشفى أم ضوابان استقبلوا ما لا يقل عن 200 حالة كوليرا من المنطقة.
ووسط عدم وضوح السبب الدقيق، راح العشرات في الهلالية يصابون بآلام في المعدة وإسهال وقيء. وقال أحد الأطباء إن الجنود نهبوا مستشفيات المدينة وعياداتها وصيدلياتها؛ لذلك لم يتمكن سوى عدد قليل من الناس من الحصول على المضادات الحيوية والتعافي. وبدأ الباقون الذين لم يتمكنوا من الحصول على الدواء يموتون.
وقال شهود وصلوا إلى مدينة شندي، التي يسيطر عليها الجيش، إن أولئك الذين أرادوا المغادرة دفعوا لجنود «قوات الدعم السريع» مبالغ ضخمة لنقلهم خارج الولاية، وبقي الآلاف.
وقال رجل يبلغ من العمر 70 عاماً: «نجونا بأعجوبة من الموت لأن عدداً من حولنا مات بسبب المرض».
ودمرت الحرب التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، البنية التحتية للسودان وأدت لانتشار الأمراض، مما أدى إلى أكبر أزمة جوع ونزوح في العالم.
القاهرة: «الشرق الأوسط»